موجبات تغيير أسعار الفائدة

موجبات تغيير أسعار الفائدة

 

عندما تقوم المصارف المركزية بخفض أسعار الفائدة

interest rate،

فإن المراد من هذه السياسة النقدية

monetary policy

هو تحفيز الاقتراض بشكليه المعروفين. فالنوع الاول هو الاقتراض لأغراض الاستهلاك الخاص

personal consumption،

وذلك للإنفاق الفردي أو الاسري او الاثنين معا. أما النوع الثاني من الاقتراض، فهو الذي يستخدم لأغراض استثمار الاعمال

business demand

كي يتسنى للشركات او المستثمرين الانفاق على المشاريع التوسعية او الاستثمارية

business investments or expansion projects

. فاذا ما تم الاقتراض بالقدر اللازم وتوافرت السيولة المالية المطلوبة لتحريك عجلة الاقتصاد بفعل الطلب على السلع والخدمات وتفعيل البرامج الاستثمارية، فلا شك في أن ذلك سيؤدي بالنتيجة الى حزمة من الايجابيات الاقتصادية كزيادة نسبة النمو الاقتصادي

economic growth

ورفع معدل الناتج المحلي الاجمالي

GDP

وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم والتخفيف من حدة معدلات البطالة والفقر unemployment and poverty.

ولكن اذا ما أخذنا في الاعتبار ان خفض هامش الفائدة سيساهم كثيرا في تغذية التضخم

Inflation

، وبالتالي رفع المستوى العام للاسعار

general level of prices

، كأسعارالمواد والسلع الاولية (كالارز والذرة والفحم والاسمنت والبوتاس والبترول والزيوت والذهب والحديد والنحاس والفضة… الخ) والسلع الغذائية والاستهلاكية والدواء والخدمات بكل اشكالها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل خفض اسعار الفائدة يؤدي بالضرورة الى تحفيز استثمار الاعمال على النحو الكافي الذي يضمن تشغيل العمالة بالكامل، اي الوصول بحال تشغيل الطاقة الى أقصى حد

full capacity or full employment؟
بحسب مبادئ العالم الاقتصادي المعروف جون مينارد كينز

John Maynard Keynes

، فإن الجواب طبعا لا، اذ لا توجد علاقة عكسية ايجابية مباشرة ووشيكة بين خفض معدلات الفائدة وبين زيادة نسبة استثمارات الاعمال، وخصوصا في الحالات التي يعاني فيها الاقتصاد تباطؤا في النمو أو ركودا أو كساد

ا economic recession/depression/slack

فواقع الامر، انه في مثل هذه الحالات الاقتصادية الرديئة، فان كينز يعتقد أن الخطط الاستثمارية للشركات عادة ما تتأثر بالتوقعات المستقبلية لمجمل النشاط الاقتصادي العام، وان معظم قياديّي عالم الاعمال

business leaders

يميلون الى التعامل مع أي وضع اقتصادي سيئ بنظرة متشائمة، الى الحد الذي يجعلهم لا يقدمون على الاقتراض من المصارف او الاقدام على اي مغامرة في حقل الاعمال

business venture

حتى وان كانت اسعار الفائدة في ادنى مستوياتها.
اما اذا كان الاقتصاد في حال جيدة بحيث لا يمكن القول أنه يعاني ركودا او كسادا او تباطؤا او انكماشا، فإن السياسة النقدية المتمثلة في عدم خفض اسعار الفائدة هي سياسة سليمة بكل المقاييس والمعايير، اذ تعمل على ابقاء العملة المحلية قوية، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار النقدي للدولة، وتوفير حالة من التوازن في سعر صرف العملة الوطنية في مقابل العملات الرئيسة الاخرى، وتعمل ايضا على توفير السيولة المالية على نحو اكثر توازنا من شأنه ان يكبح عجلة الاقتصاد من الانزلاق في منعطفات نقدية/ مالية خطرة، كإضعاف العملة المحلية او انهيار في وضع السيولة المالية. كذلك، تعمل على الحد من تفاقم الضغوط التضخمية التي قد تنتج من سهولة الاقتراض والتوسع في الانفاق الاستهلاكي او الاستثماري او كليهما معا.
اما اذا كان لا بد من خفض اسعار الفائدة، فإنه يمكن المصارف المركزية ان تتخذ حزمة من الاجراءات الوقائية المضادة counter preventive measures

، وذلك لتشديد القيود المفروضة على الإقراض المصرفي او على حجم السيولة المالية المتاحة، كأن تقوم مثلا بزيادة معدلات الاحتياطات الإلزامية للمصارف التجارية

reserve requirements

، او اصدار سندات او اذونات خزينة

treasury bonds or notes

لهذه المصارف، اما لارغامها على ابقاء قدر اكبر من اموالها في خزائنها او لتقليص كمية هذه الاموال، وذلك بغية التقليل من حجم السيولة المالية الممكن تدفقها الى الاسواق عبر منح قروض او اي تسهيلات مصرفية اخرى للمستهلكين او الشركات. ويمكن المصارف المركزية ايضا ان تقوم بشراء كميات معينة من العملات الصعبة التي ترتبط بها عملاتها المحلية وذلك بغية الحفاظ على قيمها من الانخفاض او الانهيار، الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى منع المزيد من التراكمات التضخمية او تصاعدات اكبر في المؤشرات الاقتصادية المهمة والحساسة كمؤشر اسعار المستهلكين

consumer price index

ومؤشر اسعار الصناعيين

producer price index.