كل مقالات Info

حسنا ، لتكن مشيئتك سيد جرينسبن

 

حسنا ، لتكن مشيئة السيد جرينسبن  1st  August 2004

 

الكلّ بانتظار البطل ، دقت ساعته ، وصل الى القاعة ، صعد الى المسرح ، أدلى بما في دلوه ، عزف سمفونية التفاؤل ، المشاهدون بطبعهم يفضلون الكوميديا على التراجيديا ، يحبون الضحك ، يميلون الى التصفيق ، صعوبات الحياة تكفيهم ، لماذا التشاؤم اذن ، ان كان لا بدّ من مسرحية فلتكن كوميدية . البطل عرف ما يسر الناس ، إنتزع منهم البهجة انتزاعا ، صفق له الحضور ، فرح من فرح ، أسدلت الستارة ، ولكن ، الآن أو بعد آن ، ستاتي ساعة الحقيقة ، لا بد لذلك أن يكون . 

كثرة كثيرة من العاملين على الذهب يعتمدون في تقدير وجهة المعدن الاخضر على شارتين . اولهما شارت الذهب وهذا امر طبيعي ، وثانيهما شارت الدولار وهذا أمر قد يثير استغراب البعض من الوافدين على هذه المهنة .
نعم هم أحيانا على حق في ما يعملون ، فلكي تعرف ما سيكون عليه الامر في كابول أو في بغداد أو في غيرها وغيرها من العواصم ، فلا بد لك ان تعرف ما هو عليه الامر اليوم في واشنطن . ويخطئ من يظن ان فصل الامرين هو من السهولة بمكان .
انه من دواعي المنطق ان يرتبط سعر الذهب بسعر الدولار الى حد معين ، فيرتفع الاول ، او يميل الى الارتفاع ، ان انخفض الثاني . وينخفض الاول ، او يميل الى الانخفاض ، ان ارتفع الثاني . هذه حقيقة عايشناها في فترات كثيرة يكون السوق فيها فريسة للمضاربات ، ولتنقل الرساميل من مكان الى مكان ، تبعا لقوة تصريح سياسي أو اقتصادي ، أو تبعا لتطرف في نتائج بيان يقيس قوة الاقتصاد ، فيستقرأ منه وجهة قرار قادم سيتخذه الفدرالي الاميركي رفعا للفائدة او خفضا لها .
وفي أيامنا هذه نحن نعيش هذه الحالة . فمنذ مارس الفائت والى اليوم ، والذهب يتفاعل ايجابيا او سلبيا بشكل دقيق مع الهبات الساخنة او الباردة الصادرة عن كلام السيد جرينسبن او عن البيانات التي تستبق وجهة كلامه . والفترة التي سبقت مارس الماضي بماذا تميزت ؟
أمر سهل للغاية . لقد عرفت تراجعا دراماتيكيا للدولار وصل الى حد التطرف بحيث ان قلة من المحللين كانوا قد توقعوا حصوله . الذهب عرف في هذه الحقبة عهده الذهبي اللامع . هذا امر يسير مع منطق الامور . نسبة الى اليورو تراجع الدولار الى حدود ال 1.3000 . الذهب دقّ ابواب ال 430.00 دولار اللاونصة الواحدة . معادلة مقبولة .
لماذا كان الدولار يتراجع ؟ ببساطة السبب الظاهري والمباشر هو : لان الفائدة عليه كانت تنخفض . وهذا من مسلمات الامور ، أن تراجع الفائدة على عملة ما تنفر الرساميل منها ، فتشير بوجهها عنها ، وتنصرف باحثة لنفسها عن مردود أكثر انتاجا .
لماذا كان الذهب يرتفع ؟ ببساطة السبب الواقعي هو : لأن بعضا من هذه الرساميل التي سئمت رائحة عفنة تنبثق من الورقة الخضراء الذابلة ، يممت نحو المعدن الاصفر مشغوفة بلمعانه ، ولو لوقت .
والآن لماذا يتراجع الذهب ؟ ببساطة لان السيد جرينسبن بشر بعصر ذهبي قادم على الاقتصاد الاميركي ، وبالتالي على انتعاش لا بد ان يصيب الدولار بعضا منه ، فيعود الى ورقته شيء من اخضرارها .
ولكن هل سيبقى الامر على هذا النحو ؟
هل يُعقل ان يستمرّ الحال على هذا النحو ؟
هل يمكن ان تستمرّ الورقة الخضراء متحكمة بوجهة المعدن الاصفر الذي طالما رفع راسه مختالا متكابرا ؟
توقعاتنا بأن الذهب سيدكّ اسوار ال 500.00 دولار ومن بعدها سيهدد ال 800.00 بالسقوط ، أتراها مجرد أوهام وبقية من احلام ؟
لا لا لا !
هي توقع لا بدّ ان يصير واقعا .
ولكن متى ؟
مهلا ، مهلا ، مهلا .
سيحصل هذا ، نعم سيحصل  .
ولكن متى ؟  قلها بربك ! 
عندما ،  تبدأ الفائدة على الدولار بالارتفاع ، وستزداد ارتفاعا ، وسترتفع ايضا وايضا ، والدولار ، الدولار لن يبالي بذلك ، بل ، سيتابع  التراجع  !
هل يمكن ان يحصل هذا ؟
نعم يمكن ان يحصل .
عندها سيضرب السيد جرينسبن اخماسا باسداس ، وسيعرف انه راهن على ما هو صعب المنال .
عندها سيكتشف السيد العجوز إنه خلط بين الممكن والتمني ، وآثر الثاني على الاول ، فقط لكونه يابى مغادرة الفدرالي إلا وقد أعاد الى الاقتصاد الاميركي بعضا من عنفوانه ، ولكن السفن لم تستطع يوما التحكم بوجهة الريح ، وللتاريخ حتمية لا بد من الاعتراف بها والتنبه لها . 
وإني والله ، لقارئ هذه الكلمات منذ اليوم في عينيه ، ولسامعها في نبرات صوته !
غلطة الجاهل بغلطة ، وغلطة الشاطر بالف غلطة .
 
 
 

 

قراءة هادئة للآتي

 

قراءة هادئة للآتي . 13th July 2004
 
ان كلّ مدقق في واقع الحال الاقتصادي الاميركي يقع على جقيقة لا مفرّ من الاعتراف بها ولا مهرب من الوقوف عندها . إنّ أكبر اقتصاد في العالم يمر في حقبة استثنائية لم يعرفها منذ وقت غير قريب . هو من الحساسية والهشاشة بحيث يصعب عليه تحمّل أي زيادة في الفائدة ، وهو كذلك من الضعف والسقم بحيث يستحيل عليه تقبل فكرة أي تراجع في تدفق الرساميل الاجنبية على البلاد . الامران لا بد منهما ، ولسؤ الحظ لا يمكن باي حال ان يتمّ الامران دون أن يلحق واحدهما الضرر بمسيرة النمو الذي تتراءى بوادره الوهمية للكثيرين .
الكثيرون من المتتبعين لمسيرة النمو المخادع هذه يؤكدون على ان رفع الفائدة لن تنعكس ضررا على الاقتصاد ، ويصرون على ضرورة حدوثها بعد أربع سنوات من فائدة قاربت الصفر . هم يؤكدون على ذلك ولكنّ ثمة أرقام توحي بغير ذلك .
إن إتحاد البنوك المتخصصة في قروض العقارات سجل في المدة الاخيرة تراجعا واضحا في هذا المجال ، كما سجل تراجعا في الطلب السابق على تملك البيوت والشقق السكنية . إن هذا لأمر ملفت للنظر في فترة بالغة الحساسية كالتي نمر بها .
الاتحاد نفسه هذا سجل ارتفاعا كبيرا بنسبة القروض المتحركة فوائدها بحيث ان هذه النسبة قد بلغت 30% من القروض جملة ، وهي نسبة مقلقة ولا شك ، تعبر عن انعدام قدرتهم على متابعة تحملهم للقروض الاقل خطرا ، فحولوا قسما لا يستهان به الى قروض تتحرك فوائدها رغم الخطر الذي قد يتعرضون له من جراء ذلك .
الاتحاد نفسه سجل ايضا تراجعا واضحا بالنسبة لتملك المساكن المنتمية الى الفئة المتوسطة، اذ تبين ان 20% فقط من السكان باتوا قادرين على تملك مثل هذا النوع من المساكن . أمور مقلقة لا شك في ذلك .
نأتي الان الى تقارير أخرى .
إئتمان المستهلك بلغ ارتفاعا ملحوظا لم يبلغه من فترة طويلة . الارتفاع هذا يترجم ولا شك استهلاكا ملحوظا ، وينعكس ايضا انتاجا ملحوظا .
ولآئتمان المستهلك هذا وجهه القاتم ايضا ولكنه لا يبدو الا بعد فترة من البحبوحة الكذابة المخادعة : نسبة الإفلاس الفردي زادت 50% من 10 سنوات الى الان . إحصاءاات العام الفائت تظهر ان ميزانية عائلة من كل 73 عائلة انتهى بها الامر الى الافلاس . هذا في فترة بحبوحة تظهر وجها كذابا للمستهلك وتخفي عنه وجه الغدر المقيت .
وان زيدت الفائدة فماذا سيحصل على هذه الجبهة ؟
لا شك أن زيادة الفائدة ستنعكس تقلصا سريعا في نسبة القروض المكونة لإتمان المستهلك ، كما أنها ستنعكس مباشرة ميلا الى الادخارعوضا عن الاستهلاك ، بالنسبة لمن هو قادر على الادخارطبعا . وفي الحالتين تراجع في الاستهلاك ، زيادة في التخزين من قبل المصنعين ، تراجع في التصريف ، وفي آخر المطاف تراجع في الانتاج .
وهل نسينا ان 70% من الانتاج الاميركي هو مخصص للاستهلاك الداخلي و 30% فقط يصنع للتصدير ؟
وهل لا زلنا نراهن على كون الاقتصاد الاميركي في طريقه الى التعافي ؟
وهل لا زلنا عاجزين عن قراءة ملامح القلق التي تختفي وراء بسمة مخادعة يبديها السيد جرينسبان بين الفينة والفينة ؟
الاقتصاد الاميركي يتعافى . هذا مجرد وهم ! وهم يقارب الجنون !
لكل عصر نهاية . هذا معروف على الصعيد السياسي ، وهو ينطبق ايضا على الصعيد الاقتصادي . عصر النمو الاقتصادي الاميركي قد انتهى . بدأ في أوائل الثمانينات ، وها هو في هذه الفترة يلفظ أنفاسه الاخيرة . الرسم البياني الاقتصادي سيطالعنا الان بترند تراجعي قد يطول أمده ، وقد يطول الى حين يصعب تقديره ، وقد يطول الى حيث تشاء الحتمية التاريخية بحسب ما رآها ابن خلدون  ، وقد يطول الى عصر تتغير فيه كل مفاهيم السياسة الاميركية :  سياسة خارجية ، إنفاقا حربيا  ،  صدقا داخليا ، مفهوما جديدا لتقليص العجز ..
والى أن يحين الوقت ، لا بد لنا من الترداد : إن رفع معدل الفائدة ينطوي على مخاطر لا بد من الاعتراف بها . هو يقلل من استهلاك المستهلك ، وهذا يودي بنا الى تراجع في ربح الشركات ، وهذه ستقلل من كميات انتاجها ، وستتراجع ارباحها ، وستستغني عن قسم من العاملين لديها ، وما ادراك ماذا بعد  .
البعد معروف وهو بيت القصيد : أسهم هذه الشركات ستتراجع ، حركة سوق العقارات سيصاب بالسقم ، الاسعار ستتراجع  . السبب واضح : ليس هناك من يشتري .القادرون على الدفع قلّة قليلة .
والدولار ، ما الذي سيصيبه ؟
طبعا من الصعب تصور مصير وردي له على المدى المتوسط ، رغم ارتفاع معدلات الفائدة ، وإن كانت إمكانية محافظته على ما يتمتع به من ثقة أمرا ممكنا مرحليا .
وأسعار الأسهم والسندات ؟
هي الى تراجع .
وأسعار المعدن الاصفر ؟
الى ارتفاع أكيد ، ال 450$ للاونصة هي هدف قد لا يكون بعيد المنال .
 

 

أصدام – أو ، غلطان يا معاند بحر

 

 صدام – أو ، غلطان يا معاند بحر   . 5th july 2004
لا لا لا !!
لا تذهب بخيالك الى البعيد . المقال ليس سياسيا ، بل هو يتناول شؤون السوق .
صاد ِصدام مكسورة ، ودالها ليّنة غير مشددة ، والمرمي إليه ليس حدث الساعة . بل حدث كل ساعة !
أخي المتعامل .
السوق بحر صاخبة أمواجُه ، عميقة لججُه ، خطيرة مجاهلُه ، عديدة ألغازُه ، وفيرة خيراتُه ، كثيرة كنوزُه ، معلومة مكارمُه ..
السوق هذا أكرم الكثيرين ممن هادنوه ، وأذلّ العديدين ممن عاندوه ..
لا تصادم السوق ، وإلا صدمك ..
لا تعلن الحرب عليه ، فأنت خاسر حكما . .
لا تبحث عن ثأر عنده إن غدر بك مرّة ، إذ لن تلقى عنده قلبَ الأب المحب ، ولا  لسانَ الاخ المرشد ، ولا حكمة الصديق المتسامح . 
وان فعلت فلن تستيقظ من صدمة  لتغفوَ على صدمة ، ولن تشفى من لطمة  لتبلى بلطمة . ثمّ ، لا يعود اليك وعيُك ، إلا وقد انتهى أمرُك .
وإني لأراك ، أخي القارئ ، تنظر اليّ بعينين ملأهما العجب ، وتهمّ بنطق كلمتين صاغتهما الدهشة .
وما العمل إذن ؟  وما وسيلة التعامل الفضلى ؟
مارس عملك كتاجر، ولا تنزلق الى غياهب الرهانات السوداء  . 
كن تاجرا مناورا مرنا، ولا تكن ممّن قتّر الله عليهم في الرزق ، فحمّلوا ظهورهم حقيبة ، وداروا في القرى النائية أو الأحياء الفقيرة ، ينادون على بضاعة لا تريدها الا قلّة من نسوة ضاقت بهنّ سبل العيش .
هادن السوق وقت المهادنة ، صادقه إن هلّ عليك زمن المصادقة ، رافقه في مسيرة شاك دربها ، ثمّ ، إن بدت لك مواضع ضعف في جنب من جنباته ، لا تتمهّل ولا تتردد . سدّد طعنة يومك ، والق ثمرة جهدك .
مواطن الضعف في السوق قد تبين كلّ ساعة في يوم ، وقد لا تبين إلا في ساعة من يوم . المهمّ ان يكون سهمُك مبريا ، وفأسُك مشحوذا . والمهمّ المهمّ أن تكون متيقظا بكلّ ما وُهبت من همّة ، وكلّ ما أوتيت من إرادة .
أخي المتعامل .
شيمة السوق الغدرُ ، لتكن شيمتك الحنكة .
وماذا غير الحنكة ؟
الكثير الكثير !
وفي أخبار العرب مآثرُ  . وفي أقوالهم حكم .
روي عن شيخ قبيلة حلمُه ، ونقلت عنه رويّته . كان شيخَ قبيلته ، وكان حكيمَها وخادمَها .
وصل الى مجلسه يوما شابٌ غريرٌ من شباب القبيلة وما سلّم ، بل اقترب منه وسدد الى وجهه صفعة ، صُعق لها كلّ من جالس الشيخ .
وبكل ما أوتي الشيخ من وقار، و رويّة ، وهدوء ، واتزان  قال : لِمَ تصفعُني يا أخي ؟
وبكل ما أوتي الشاب من غرور، واعتداد ، وجهل ، وغباء  قال : رهان بيني وبين شلة من أقراني . الرهانُ على من يجرؤ على صفعك . وها أنا قد ربحت الرهان .
وبمثل ما سأل الشيخ أجاب : لقد خسرت الرهان يا أخي وما ربحته . فما عدتُ شيخَ قبيلتك . إنّ فلانا قد تولّى امور القبيلة وهو الان شيخُها المطاع ، فاذهب إليه واصفعه .
وكان فلان هذا رجلا ممّن لا يردون الصفعة إلا بطعنة ، فكان ان لقي الشابُ حتفه على يده .
وفي واقع الحال وحقيقة الامر من طعن الشاب الغرير ؟ أفلانٌ أم شيخُ قبيلته ؟
لا يختلف اثنان على أنّ شيخ القبيلة أخذ منه ما هو دين له .
بحلمه ، ورويّته ، وحكمته ، استحق أن يكون ما هو عليه .
وانت أخي المتعامل .
انت ، إيّاك أن تعاند السوق ، ولا تنسى المثل : غلطان يا معاند بحر !
أوصيك بالمرونة ، والرويّة ،  والحنكة ، والحكمة .
أوصيك بالمنهجية الموضوعية ، وبالروح العلمية .
وقبل كل شيء .
 أوصيك بالحلم  !!
الحلم ، بكسر الحاء لا بضمها .
الحلم هذا ، فيه أسرارُ الربح ، ومنه إكسيرُ النجاح .
عليك به .
وأنت ، بإذن الله وعونه ، من الظافرين الرابحين .
  

 

أخطأ جرينسبن هذه المرة؟ا

 

الفائدة الى ارتفاع : الدولار  سيرتفع ؟ الذهب  سينخفض ؟   . 19th june 2004

من حيث المبدأ ، وبحسب القاعدة الاقتصادية المعمول بها ، وبحسب المعادلة العلمية المقبولة : نعم . ولكن .

هذه المرة ستصح هذه المعادلة ايضا ؟ لا قد لا تصح .

ان ارتفاع الفائدة هو امر يبدو حتميا كنتيجة للعجز الهائل في الخزينة ولكن هذا الارتفاع لن يكون من التاثير بحيث انه قادر على إعطاء الدولار الحقنة المقوية الكافية ليصمد على مستويات عالية قد توصله اليها تلك القرارات المتلاحقة المنتظرة في رفع الفائدة عليه . بالعكس ، هو قد يرتفع كردة فعل هوجاء غير محسوبة من السوق نتيجة سوء تقدير أولي ، ونتيجة الاقبال المتزايد على السوق لمستثمرين لا يقيمون وزنا للمعطيات العلمية المتغيرة بحسب المستجدات الاقتصادية الطارئة ، ونتيجة موقف استغلالي ناتج عن مضاربات عنيفة تصدر عن بيوت المال العملاقة . ولكن ماذا بعد ؟ستذهب السكرة ، ستأتي الفكرة .

العجز في ميزان الخزينة لا بد ان يغطى . أسعار السندات لا بد ان تكون قد بلغت اعلى درجاتها والان يجب ان تتراجع . الفائدة  ترتفع . المشكلة  والسبب ليس التضخم القادم والمهدد لعجلة الاقتصاد . السبب الاكبر هو تغطية العجز الخطير: خمسمئة مليار من الدولارات .

هل ان اجتذاب 500 مليار دولار من التوظيفات الاجنبية الى اميركا سيكون ممكنا ؟ هذا هو السؤال المعضلة . سوق الاسهم اليابانية عاد ليكتسب بعضا من بريقه  ألن يكون المنافس الجدي لهذه الرساميل ؟

رفع الفائدة لا بد ان ينعكس سلبا على سوق الاسهم الاميركية   ، سيحدّ من النمو ، سيؤثر على أسعار العقارات ، سينعكس على مستوى مدخول الخزينة بشكل ضرائب ، سيزيد من مستوى العجز فيها .  المشكلة تتفاقم . المستثمرون الاجانب سيطرحون الكثير من الاسئلة . ما توقعوه من رفع الفائدة لم يؤتيهم ما تمنوه ، خسروا بتوظيفات الاسهم ، خسروا بتوظيفات السندات . ثقتهم بالدولار ستنعدم .

الرهان على رفع الفائدة من اجل اجتذاب الرساميل الاجنبية الى داخل الولايات المتحدة ، في حين ان هذه الفائدة تهدد الاقتصاد وتعيق نموه ، هذا الرهان هو أمر من الخطورة بحيث قد يجعلنا نكتشف ، وفي وقت ليس ببعيد ، أنّ ذلك الكهل القابع على رأس الفدرالي منذ ما لا يحصى من السنين ، والذي يحضر نفسه لولاية جديدة ، رغم بلوغه الثامنة والسبعين ، والذي لم يسبق له أن اخطأ الا قليلا ،  قد أخطأ هذه المرة ، وقد لا يترك ذلك الكرسي إلا وقد خلّف وراءه أسوأ ذكرى في أذهان الاميركيين .

سيرتفع الدولار ، نعم ، في المدى المنظور ، وكردة فعل عفوية ، غبية ، جاهلة ،عمياء ، على خطوات لا تخلو من المغامرة . ولكنه لا بد أن يعاود التراجع في فترة لن يطول أمدها الكثير . ومع تراجعه هذا سيكون الذهب الرابح الاكبر  .

الافادة اذن من القول نعم للدولار ! ولكن لفترة وجيزة . ومن عدم نسيان الفترة المناسبة للقفز الى الذهب  !

 . والى اليورو ايضا ؟ نعم . لا شيء يمنع .

 ولكن ! في الوقت المناسب .

 

المقاومة والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟ ا

المقاومة  والدفاع ، خطوط محسوبة أم محسوسة ؟  . 7th june 2004
 
 
يتبين لنا  مما سبق من ابحاث وتحاليل ، وبما لا يقبل الشك ، انّ خطوط المقاومة والدفاع  المحددة على حركة معينة ، منطلقة من نقطة ما  ومنتهية بنقطة ما  في الرسم البياني – الشارت – ، هي من الكثرة بحيث يختلف المحللون التقنيون ، ويحارالمبتدئون منهم بشكل خاص ، في تحديد الخط الذي سينجح في كبح جماح السوق ووقف تقدمه .  ومن هنا ينتج التضارب في التوقعات والاختلاف في التوصيات الصادرة من بيوت الابحاث المختلفة . ففي حين يرى الواحد أن خط الدفاع المكوّن من ال 50% تصحيحا للحركة المذكورة هو خط له من المتانة والصلابة ما يؤهله لوقف تراجع السوق ورده على أعقابه ، ينبري غيره من المنظرين ليقلل من أهمية هذا الخط مبشرا بدنو انهياره واستمرار التراجع الى حين بلوغه خطا آخر ، قد يكون خطّ الترند المتراجع ، أو غيره من الخطوط الذي يقلّ بعدا عن الخط المذكور أو يكثر .
فمن يصدّق المتعامل إذن ؟ وعلى تحليل أي محلّل يرتكز ؟ ومن تباشير أي مبشر ينطلق ؟
في الحقيقة إنّ المحللين المذكورين هما خبيران متمرسان ، وقد يصيب الاول في تحليل ارتكز فيه على معطيات عقلية موضوعية معينة ، بينما يخطئ الثاني الذي ارتكز في تحليله أيضا على معطيات لا تقل موضوعية عما تسلح به صاحبه . وقد تنقلب النتيجة فيصحّ توقع الثاني ويخطئ الاول .
فما السرّ إذن ؟ ومن نصدّق ؟ وعلى من نعتمد ؟
لا شكّ في ان مقاومة – او دفاعا  – تشكلت منذ فترة طويلة تصل الى حد السنتين مثلا ، تزيد اهمية على مقاومة حديثة العهد تشكلت لتوها قبل يومين مثلا أو ما يقاربهما .
لا شكّ أيضا في كون المقاومة – أو الدفاع – متميزة في مركزها ، بعيدة عمّا سواها من قمم مقاومة أخرى ، تشكل قوة جذب للسوق يلحظها المتعامل المتمرس في نبضه وسعيه لبلوغها .
لا شكّ في أن ازدياد عدد محاولات السوق في كسر مقاومة ما ، يزيد تلك المقاومة أهمية ويجعل من النجاح في كسرها بابا لحركة عنيفة آتية قد تكسب المراهن عليها وفيرا .
لا شكّ أن النجاح في كسر مقاومة بعد محاولات عديدة ، يعني النجاح في تفعيل كميات هائلة من أوامر الوقف ، نتجت عن تتابع صفقات كثيرة ، نتجت عن رهانات خاطئة – أو بالاصحّ ، تبيّن الآن انها كانت خاطئة –  في كل مرة كان السعر يقترب من هذه المقامة ويفشل أمام أسوارها .
لا شكّ ايضا أن دكّ أسوار مقاومة ما ، أو دفاع ما ، قد يدوم طويلا ، وقد يتكرر كثيرا ، ولا يتحقق النجاح في الاقتحام ، فيعود السوق مهزوما فيربح فريق ويخسر آخر .
لا شكّ في أنّ المتحركات المتوسطة الناتجة عن الوحدات ال 10 او 20 او 25 او 50 او 100 او 200 السابقة للوحدة الحالية ، سواء كانت أياما أو ساعات أو أنصاف ساعات أو أرباعها ، هي أيضا خطوط مقاومة او دفاع بحسب حكم وقوعها ، فوق أو تحت السعر الحالي لسوق ما .
لا شكّ في أن الخطوط الناتجة عن التصحيح بحسب حسابات الفيبوناكسي ، هي خطوط مقاومة ودفاع لا تقلّ أهمية عن غيرها من الخطوط  –  وهي التصحيح لحركة ما بالنسب التالية : 0.2140  /  0.3820  /  0.5000  /  0.6180  /  0.7860  بالمئة – .
لا شكّ في أن كسر السوق لمقاومة ما يحولها مباشرة الى دفاع – وكسره لاي دفاع يحوله الى مقاومة – تتركز عليه  الانظار ، وتعلّق عليه الآمال في أن يكون الحاجزالمتين  الذي يمنع السوق من العودة الى ما كان عليه من قيمة في ما سلف .
ولا شكّ  أن خط الترند المنطلق من أعلى قمة في الترند الحالي المتراجع ، والمار في القمة التي تتلي الاولى ، هو اشد خطوط المقاومة صلابة ، واكثرها اهمية واحتراما بين جمهور المحللين . ولكن !
لا شكّ ايضا في أن هذا الخط المميز عن غيره – خط الترند – ، هذا الخط الذي يسلب عقول المتعاملين ، هذا الخط الذي يشهد كلما اقترب السوق منه أعدادا هائلة من الصفقات المراهنة على صموده ؛ هذا الخط ، قد يتجاوزه السوق بسهولة لا يمكن تخيلها ، بينما يصمد غيره من الخطوط الذي يبعد عنه  او يقترب منه ، ويكون  خطا ثانويا عاديا لا يحتلّ آلا اهمية ثانوية في كتب الكاتبين وتحاليل المحللين .
ما السرّ إذن ؟
من هو مالكه ؟
كيف يربح الرابحون ؟
وخط المقاومة الصامد ، كيف تراهم يحسبون ؟
لعمري ، ما ظننتهم حسبوها ، بل قل أحسوها 
إن الخطوط هذه ، على كثرتها ، تتساوى بالأهمية ، من حيث المبدأ . تتميز بالتاثير من حيث الواقع .
الفتيات كلّهنّ على جمال ، واحدة منهنّ ستفوز باللقب . الاختيار ، غالبا ما يكون نتيجة آحاسيس تتقدم الحسابات ، وترجح الدفة .
 
لا يجوز ان ينظر لخطوط المقاومة بنفس المنظار . لا يجوز ان تطبق عليها كلها نفس المقاييس . لا يجوز ان تكون حصيلة ترجمة لشروحات وتحديدات درسناها في كتاب . لا يجوز لنا أن ننظر اليها بالجملة .
بصر ثاقب  وبصيرة  لطيفة ، لا بد من تعاونهما ، من اجل هدف واحد : إماطة الحجب عن خط واحد بين خطوط كثيرة ، يبحث عنه الجميع ويظفر به القلّة .
ريشة الرسّام يمكن لكلّ ان يمتلكها . القيثارة يمكن لكلّ ان يقتنيها .
ربّنا ، هب قلبنا نورا ، كحّل ريشتنا بألوان الصدق والخير والنبل ، أنطق قيثارتنا نغم البذل والعطاء والحسّ الانساني الشريف .
وأعطنا ، اعطنا  قوة  وصبرا  وجلدا  ، على التمرّن والتمرّس ، والتمرّن والتمرّس ، مرّات ومرات ، مرات ومرّات . فنبلغ منانا ، ونفتح الباب : باب الاحساس المرهف . إحساس الفنّان ، إحساس الرسام ، إحساس العازف ، إحساس الشاعر ، إحساس المحلل التقني الناجح  الذي ، ما عوّل على عقله قيراطا ، حتى عوّل على حسّه مئة قيراط ، فكانت له الغلبة . وكان له النصر .
 إحساس يمكن اكتسابه ، ويمكن تطويره ، ويمكن صقله ، عبر التمرّن والتمرّن والتمرّن .
وهل المحلل التقني غير فنان يرى بعين قلبه ويستنيربنبض مشاعره ؟
وهل خطوط المقاومة محسوبة ؟ 
لا ، بل قل  محسوسة .
وهل خطوط الدفاع محسوبة ؟
لا ، بل قل  محسوسة .
الكلمة الاولى في تحديدها ، للعقل ؛ ولكنّ الكلمة الفصل تبقى ، للاحساس .
 
 
 
 

 

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟ا

خطوط المقاومة وخطوط الدفاع ، وهما أم حقيقة ؟

  . 11.05.2004

 
يخطئ من يعلّم ، ويخطئ من يعتقد ، ويخطئ من يتوهم ، ويخطئ من يبشر ان خطوط الدعم والمقاومة هي خطوط نفسية وهمية بحتة ، لا تحمل أية قيمة وضعية مادية علمية .
يخطئ من يعلّم إن ارتفاع السوق عند خط دعم هو نتيجة لوهم يتوهمه الناس بأن السوق سيرتفع فيقبلون على الشراء .
يخطئ من يبشر بأن تراجع السوق على خط مقاومة هو نتيجة ظن وتخمين من قبل الناس بان السوق سيتراجع فيقبلون على البيع .
إنّ الأمر لأعمق من الوهم ، والظن ، والاعتقاد ، والتخمين ، والتقدير .
إنّ الأمر لأبعد من مجرد الاقبال على الشراء ظنا من ان السوق سيرتد صعودا أو هبوطا أمام حاجز نفسي وهمي لا وجود له إلا في مخيلة المتعاملين .
إنّ الأمر لمرتكز يا أصدقائي على قاعدة تعامل استراتيجية تعوّد على اعتمادها ، وتعوّد على احترامها ، وتعوّد على قبولها ، وتعوّد على التسليم بصوابيتها كلّ – أو أكثر- المتعاملين الذين تصلهم ملاحظاتنا اليومية بالنسبة للتعامل الفعلي بالسوق .
إنّ كلّ ارتداد للسوق هبوطا أو صعودا إنما هو نتيجة مباشرة وحصرية ومنطقية ، لفعل حقيقي واقعي مادي عقلي ، يتمثل باصطدامه بحاجز ما أجبره على التراجع بالاتجاه المعاكس .
أن كل ارتداد للسوق ، في أيّة نقطة من نقاط الرسم البياني ، أنما كان سببه وجود خط مقاومة أو خط دعم متخفيا وراء معوّقات كثيرة ، تحجب رؤيته عن الكثيرين من المتعاملين ، بينما تظهرها جليّة واضحة لمتعاملين آخرين .
لا يمكن للسوق أن يرتدّ في اتجاه معاكس إلا إن هو اصطدم بقوة تجبره على الارتداد . وهذه القوة لا بد أن تكون واحدة من اثنين : قوة مقاومة لارتفاعه صعودا ، أو قوة دفاع لتراجعه هبوطا .
الحاجز الذي يحجب هذه القوة عن الأنظار ، هو ما يسعى الجميع إلى أزالته لتبدو القوة هذه بكل تفاصيلها ، بعدّتها وعديدها ، بكمّها ونوعها ، بقوّتها وضعفها .
إماطة الحجب هي إذن مهمة المحلل التقني . هي مهمة القادر. سمّه ما شئت . جنرالا ، أو رائدا ، أو عقيدا ، أو نقيبا ، أو قائد فرقة ، الى ما هنالك من تسميات تختلف بالشكل وتلتقي بالجوهلر .
إنّ من يظنّ بأنّ خطوط المقاومة هي فقط خطوط وهمية نفسية ، إنما هو كمن يبشر بأنّ العدوّ اندحر من بلد ما ، أو من أرض ما ، أو من منطقة ما ، فقط ، وفقط ظنا منه بأن مقاومة ما تقف له بالمرصاد . أو فقط ، وفقط وهما من رؤساء فيالقه ، ومن أفراد جيشه ،  بأن من سيتصدى سيكون خطيرا ، ومن سيقاوم سيكون عنيدا .
إنّ من يظنّ ذلك لهو كمن يقول بأنّ المقاومة  ….  كانت وهمية ، وأنّ فرار العدو كان خوفا من سراب ، وأنّ كلّ تلك التضحيات المبذولة لم تكن سوى نتاجا لمخيلة البعض وتمنياتهم .
لا يا أصدقائي .
لا وألف لا . لا يتراجع مهاجم إلا إن آلمته ضربة المتصدي ، ضربة المقاوم ، وأصابت منه مقتلا . فهل يعقل لقوة وهمية نفسية أن توجه ضربات قاتلة لعدو يقضم حقوقها حقا بعد حق ؟
قد يحصل ان يخترق المحتلّ خط دفاع أولا ، وثانيا ، وعاشرا ؛ ولكنّ خطا ما ، ذا رقم ما ، وذا قوة ما ، وذا ثقل ما ، لا بدّ أن يلقنه الدرس .
هذا الخط ليس وهما أو خيالا . هو حقيقة تتمثل برجال أشداء على العدو في ساحة الوغى ، وتتمثل بقوة عرض أو قوة طلب في ساحة تجارتنا هذه .
أنّ كل متر ، بل قل ، كلّ فتر من افتار الارض التي تقضم هو خط مقاومة ، أنّ خطا واحدا من هذه الخطوط سينجح في وقف التقدم . مهمتنا أن نحدّد وجوده قبل أن تبلغه طلائع الزاحفين ، وان ننزل نحن ايضا في معركة التصدي ، وان نساهم في وقف تقدم السوق  . مهمتنا هذه ليست بالمستحيلة ، لأنّ الخط الذي نبحث عنه ليس خطا وهميا نفسيا بحت . هو خط موجود تتخفى وراءه قوة هائلة من المستبسلين الجاهزين لوقف تقدم غير مرغوب فيه .
ولكن ، كيف ؟ أنا أسمع آلافا من الألسنة تتمتم بهذا السؤال . أحسّ بآلاف من الأفئدة تنبض بهذه المشاعر المحتارة . ولكن كيف ؟ هل انّ ذلك ممكن؟
نعم ، إنّ ذلك لممكن . إنّ الحرب لضروس . إن الغلبة فيها لا تكون بالتمني . 
  

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى

التحليل التقني وسيلة تعامل المستقبل المثلى . 27.03.04
 
التحليل التقني ليس اذن هدفا ، بل وسيلة موصلة لهدف . الهدف هو الربح ، التحليل التقني الوسيلة .
الهدف يتحقق ، ان وفق المتعامل في تحديد اللحظة المناسبة لدخوله السوق ، كما في تحديده اللحظة المثالية لخروجه منه . هذه هي قوة التحليل التقني وميزته .
اكتساب هذا العلم لا بد ان يتمّ على مراحل . تبدأ الاولى بالتعرف عليه كمبادئ اساسية عن طريق الاطلاع والتعلّم ، وتتلوها مراحل أخرى لا بدّ فيها من تطبيق المعلومات على السوق من خلال دراسة دقيقة للرسم البياني ، ونقل الدراسة الى صفقات حية ، سواء على برنامج تعامل وهميّ تجريبيّ ، أو على برنامج تعامل حقيقيّ حي ّ .
ان التعرّف على هذا العلم – خاصة باللغة العربية – لا يمكن ان يتمّ عن طريق مناهج أكاديمية تعليمية منتظمة في إطار تعليميّ رسميّ واضح . لذلك لا بد من اللجوء الى المقالات الصادرة في وسائل إعلامية مختلفة ، أو المشاركة في دورات تدريبية تحصل بين الحين والحين عبر الانترنت أو في أماكن مختلفة من الوطن العربي .
 وهنا لا بد من توضيح أمر لكل من شاء الدخول الى هذا العالم : إنه لمن الطبيعي ، ولا بدّ أن يكون واضحا : إن دراسة كتاب ، أو المشاركة في دورة لا يمكن أن يكون عاملا كافيا لتحقيق نجاح في عالم البورصة . إن نحن درسنا مبادئ التعامل بموجب خطوط الدفاع والمقاومة مثلا ، وحدّدنا ماهية هذه الخطوط ، وسبل التعرف عليها ، فلا يمكن أن تكون هذه الخطوة وحدها كافية لتحقيق النجاح ، وإلا فان كلّ من شارك في دورة بدائية مماثلة ، أو قرأ كتابا مشابها ، كان له أن يمتلك السرّ ويحقق الربح . ولو كان ذلك صحيحا أيضا لتمكن كل من تعرّف الى هذه الخطوط ان يكون على حق ، ولكان الجميع على حق ، ولتمكن الجميع من تحقيق الربح ، وهذا هو المستحيل الأكبر في عالم البورصة ، إذ لا بد من أن يقف مقابل كلّ رابح يطرب لربحه ، خاسرا يتحسّر على خسارته .
نعم ، لا بدّ أن يكون في البورصة  متعاملين ناجحين ، وآخرين أقلّ نجاحا ، وغيرهم فاشلين ، وآخرين شديدي الفشل  ، فتستقيم الامور ، وتسير عجلة التعامل ، كما قًدّر لها أن تسير .
وليتمّ هذا ، وتستقيم أمور العمل ، لا بدّ من التعرّف على التحليل التقنيّ كمرحلة أولية  تتلوها مراحل أخرى ، تفوقها في الأهمية ، وتتقدم عليها في الفضل  .
الكتاب يعرّفنا على العدة التي يجب ان نستعملها في عملية التحليل التقني ، كما يطلعنا على قواعد اللعبة المعتمدة لنكون على بيّنة من امرنا . الكتاب موضوعي في ما يقدم ، يثير الإعجاب كوسيلة تعريف وشرح ، ولكنّ تلك المساحة من الحرية اللازمة في مجال التطبيق ، فهو يتجاهلها ويبقى بعيدا عنها .
على سبيل المثال ، يقول لنا الكتاب ، أو يقول لنا الشارح في الدورة : إن وصل المؤشر المعتمد  في التحليل الى حدود الحقل العلويّ فالسوق متخم شراء . ويتوقف الكتاب عند هذا التحديد . وهنا تختلف الآراء ، ففي حين يرى الواحد من المحللين المذكورين ، بناء على هذه المعطيات ، ان السوق  متخم شراء ، ولا بد أن يعرف ارتدادا تنازليا بترند معاكس للذي دفعه إلى الأعلى ، ويسارع إلى اقفال مراكزه أو يفتح إخرى معاكسة ؛ يرى متعامل آخر أن هذه المعطيات التي يعطيها المؤشر المذكور لن تصحّ هذه المرة ، لكون الترند شديد النبض ، خفيف الحركة ، بحيث يصعب عليه الارتداد ، ولا بد من أن يتابع مسيرته التصاعدية ؛ فيحافظ على مراكز الشراء التي يحملها ، أو يفتح مراكز إضافية أيضا .
المحللان قرأا نفس النظرية في الكتاب المشهور، واطلعا على نفس التحديد للمؤشر المذكور ، وتعرفا على نفس الشرح للمبدأ المطروح ، واستوعبا نفس المعلومات ، وأعجبا بنفس المبادئ ، وكوّنا نفس القناعات .  ولكن ، ما ان جاء وقت التطبيق حتى تحول شرح الكتاب ، واستحالت المعرفة المكتسبة ، ترجمة شعورية نفسية داخلية ، عبّر عنها الواحد بما يتناسب مع أمانته لما درس من فصول في كتاب ، أو مع رغبته في جني ما تيسر من مال ، فسعى الى اقفال صفقاته وفتح أخرى معاكسة . وعبّر عنها الآخر بما يتناسب مع ما يجول في نفسه  ويجيش في قلبه ، من مشاعر طمع بآلاف أخرى ، واحاسيس رغبة بربح إضافي ، فسعى إلى المحافظة على صفقاته ، وربما الى دعمها بصفقات اخرى .
المحللان اعتمدا نفس المرجع إذن ، ولكنهما وصلا الى نتيجتين مختلفتين ، فربح واحدهما ، وخسر الآخر .
فهل التحليل التقني هو اذن تحليل موضوعيّ علميّ ، أم تراه تحليل شخصيّ شعوريّ ؟  وما العمل ليجوز التعويل عليه ؟
هذا ما سنتناوله في بحثنا القادم إن شاء الله وأذن .
 
 

البورصة كائن حيّ كما سائر الكائنات

البورصة كائن حيّ كما سائر الكائنات –  8.03.2004
 
نعم إن المحلل التقني هو عالم النفس في عالم البورصة الشاسع  ، وستبقى له هذه الاهمية ، طالما ان العاملين في السوق بشر كما غيرهم في ميادين الحياة الاخرى . إن تصرفاتهم واحدة . تروح وتجيء . تموت لتحيا . وهي أبدا في حركة دائرية لا تنتهي .
والبورصة ، ما البورصة ؟ إن هي إلا كائنا حيّا كما كلّ الكائنات .
 
وإن نحن سلّمنا بصوابية ما تقدّم من تحليل ، ومن شرح ، ومن استنتاج ، واستقراء ؛ فلا بد من القبول إذن بأنّ الاشكال التي نراها اليوم تتشكل امامنا على الشاشة وتؤلف مجتمعة ما نسميه الرسم البياني او الشارت ، ان هي الا استرجاعا لاشكال مشابهة سبق وعايشنا ظهورها في مناسبات سابقة . وان هي الا ترجمة لردات فعل نفسية وشعورية ، تنتج الان عن حالة تعيشها تلك الكتلة البشرية الهائلة التي نسميها بورصيين ، أو متعاملي البورصة . حالة ، حصل لها ايضا ان عاشتها فيما سبق ، ونتجت عنها رسوم واشكال هي نفسها تتردد اليوم .  
ولكن !
كيف يمكننا الإفادة من كل ما تقدم ؟
كيف يمكننا الولوج الى المرحلة القادمة ، فنحوّل النظرية الى تطبيق ، والعلم الى تعامل نشط وناجح ، ينتج عنه ربحا في صورة مال يزيد الحساب ولا ينقصه ؟
كيف يمكننا تحويل امتلاكنا رموز علم التحليل التقني  وإقرارنا بصوابيته ، إلى ربح ملموس ينتج عن صفقات حبلى باسرار العلم ، وثملى بانوار نهاره ؟
وما تراه يكون هذا التحليل التقني ؟
ولماذا تراه يصح أن يكون مادة بحث وركيزة مخططات ؟
كلّ هذا سيأتي البحث الى خفاياه إن قدّر الله له ان يكون .
الحليل التقنيّ هذا لا قيمة له البتة ان كان هدفا . لا بدّ له ان يكون وسيلة لهدف . لا بدّ من ربح يتحقق بواسطته .
والربح المزعوم هذا ، كيف له أن يتحقق ؟ من اشترى عملة ، لا سبيل له الى الربح إلا إن ارتفعت هذه العملة . ومن باع عملة ، لا سبيل له الى الربح إلا ان انخفضت قيمة هذه العملة . وكذلك القول عن سلعة ما ، او سهم ما .
والشرط لتحقيق الربح ان ارتفعت العملة اوان ارتفع السهم ، ان يكون الارتفاع منتظما في ” ترند ” تصاعدي او تنازلي ، لتنتظم بذلك عملية الشراء والبيع في نقاط حساسة من هذا الترند ، نقاط يسميها المتعامل مفاتيح ، وهي وحدها تملك سرّ اللعبة بكاملها .
أما ان كان الارتفاع أو الانخفاض ناجما عن حركات فوضوية ، طيّارة ، مترددة ، متوترة ؛ فهي تكون تحركات خطيرة لا ينتج عنها ربح ، الا وكان وليد الصدفة لا غير .
والترند هذا ، ساحر جمهور البورصة وسالب عقولهم ؛ الكل يترقب  قدومه ترقب العاشق للمعشوق ، الكلّ يتطلع اليه تطلع أمل وصل حدّ الولع في شدته ، ورغبة ثارت لتتاخم الشهوة في عنفها. 
والترند هذا ، مضت الأيام التي كان يُظنّ فيها إنه وليد الصدفة فقط . وبتنا اليوم نعيش عصرا وضعت فيه الاصول لكل علم ، والقواعد لكل فنّ ، والحدود لكلّ مبدأ . بتنا نعيش عصرا تأكد فيه إن الترند هذا يمكن تحديده ، واستباق حصوله ، والاستفادة من جريه ، تصاعديا كان أم تراجعيا ؛ إنطلاقا من نقطة ما ، بها قوة دفع  ما ؛ وصولا الى هدف ما ، به قوة جذب ما . وكل من شاء ان يأخذ حصة من ربح ، لا بد له من عبور محطات ثلاث وصولا الى الهدف :
1 –  تحديد بداية الترند ، في وقت مبكر بقدر ما تسمح به العوامل المتحكمة ببدايته .
2 –  ان يبقى متواجدا فيه ، بقدر ما تسمح به العوامل المتحكمة باستمراريته .
3 – ان يتعرف الى نهاية الترند وبداية تصحيح معاكس ، فيسارع الى جني ربحه بالسرعة التي تسمح بها العوامل الموحية بنهايته .
هنا تكمن قوة التحليل التقني ، والسرّ الذي امتلكه الكثيرون ممن سبروا أغواره ،  وتمنى الكثيرون  من الواردين على هذه التجارة امتلاكه .
مساعدتهم على ذلك ، نعدهم بها . خطوة بخطوة ، إن شاء الله وأعان .
  

قراءة المستقبل في مرآة الماضي

 4 – قراءة المستقبل في مرآة الماضي   –  1.03.2004
 
ولكن ، هل يمكن أن نفهم الماضي من خلال خطوط صمّاء ، تتلوى على صفحة شاشة خرساء ؟
وإن نحن فهمنا هذه الخطوط ، وأحسننا قراءتها ، وأتقننا فكّ رموزها ، فهل يعقل أن نحسن توقع أشكال خطوط الغد ، من خلال فهمنا لمعاني خطوط الأمس ورموزها ؟
أيعقل ترى ، أن نستقرئ المستقبل ، إنطلاقا من فهمنا لأحداث الماضي ؟
 
نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ .
 
إنّ قرار كلّ عملية من عمليات البيع والشراء التي أجريت في سوق من الاسواق أسهما كان أم عملات ، إنما اتخذه إنسان ما ، في مكان ما ، وفي وقت ما ، ولسبب ما قد يكون مرتكزا على أصول عقلية منطقية ، أو على أخرى نفسية إنفعالية بحتة ، كما إنه قد يكون – كما هو الحال غالبا – نتيجة تفاعل وتداخل بين عوامل عقلية ونفسية معا .
 
نعم إنّ كلّ هذه القرارات إنما صدرت عن أناس ، بل قل : عن فيض من التحليلات والافكارالتي انتجتها عقول هؤلاء الاشخاص ؛ فاختلطت بفيض من مشاعر ضاقت بها صدورهم ، وانفعالات عبقت بها نفوسهم ، واضطرابات جاشت بها قلوبهم ، لتترجم فيما بعد صفقات بيع وشراء ، نرى انعكاساتها على الشاشة أمامنا ، عبر رموز تتزاحم  لتنقل الينا رسما يبيّن ترجمة لها ، رسما يسميه الخبراء : الشارت . 
 
فالشارت ، عزيزي القارئ ، إن هو إلا ترجمة مباشرة لتصرفات المتعاملين واللاعبين على هذه الحلبة ، كبارا كانوا أم صغارا . أن هو إلا تخطيطا دقيقا لدقات قلب يضخ الدم في  جسم هائل ، وإشارات دماغ يسّير هذا الجسم ويتحكم بحركاته كلها . ومن أجل فهم هذه التحركات الظاهرة على الشاشة ، لا بدّ أن  نرى – أو نتخيل على الأقل – اليد القوية المحركة لها ، وان نفقه – أو نتصور على الأقل – القوة الخفية الكامنة وراءها . 
 
وإن نحن فهمنا ما يجري أمامنا اليوم ، وما جرى أمامنا بالامس ، وما قبل الامس ، فهل يصحّ ان ننقل هذه الاحداث الى الغد ؟ هل يصحّ ان نستنبط منها ما قد يكون عليه المستقبل ،  وأن نحوّل استنباطنا ، إن هو أصاب ، الى صفقات كثرت الرابحة بينها وندرت الخاسرة ؟ 
 
 نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ . 
أما البرهان على ذلك ، فانما يتمّ بالمعادلة التالية .
 
إنّ ردات فعل الانسان حيال ظروف أو أحداث متشابهة ، تكون غالبا متقاربة ، إن لم نقل متشابهة كلّ التشابه . وهذا ما يمكن لكل واحد منا أن يستنتجه من حياتنا اليومية إن هو دقق الملاحظة ، وركّز الانتباه . 
إن كثرة معايشتنا لشخص من الأشخاص ، سواء انتمى الى أفراد العائلة ، أو الى دائرة الاصدقاء ، تجعلنا قادرين على تصور ما قد يصدر عنه حيال حدث معين من تصرف بناء على ما راينا منه في مناسبات مشابهة سابقة . نحن نعرف انه قد يثور ويصرخ ويشتم في حالة ما ، لانه ثار وشتم وصرخ في السابق في حالة مشابهة . ونحن نعرف انه سوف يصمت ويطأطئ الرأس ويحزن أمام خبر ما ، لأنه صمت وحزن وطأطأ الرأس أمام حدث مشابه .
وما يصحّ قوله في الانسان الفرد ، يصحّ كذلك في الجماعة ، قليل كان عددها أو كثير . فتصرّف الجماعة حيال حدث ما،لا يختلف عن تصرّف الفرد ، ويمكن استباقه وتخيله وتقديره ، من قبل الفلاسفة ، وعلماء النفس ، وعلماء الاجتماع . وهو يكاد يكون واحدا حيال خبر مفرح كاكتساب النصر في المعارك ، والغلبة في الحروب ، كما حيال خبر محزن كالخسارة الوطنية العامة ، أو الزلازل والكوارث .
وأن كان يصحّ أن يكون هذا التصرف واحدا في حالات معروفة من قبل العامة ، ومشهود بها من قبل الاختصاصيين من علماء النفس والاجتماع ، فلماذا لا يكون واحدا ايضا ، في حالات مشابهة تعيشها هذه الجماعة في سوق البورصة ، بحيث أنها تتعرض لنفس الانفعالات النفسية ، فرحا وحزنا ، فتنتج عنها تصرفات مشابهة لتلك الناتجة عن النصر أو الكارثة ، وتترجم فورا  الى قرارات ، وتتحول هذه الى أفعال ، وترتسم الافعال رسما بيانيا ، يسمونه شارت ؛ فينكبّ عليه المحلل التقني دارسا ، مستنطقا ، مستقرئا ، مقارنا ، مشبّها ؛ ولا يزال به الى ان تتكشف له أسرار ، وتتفتح له أبواب ، وتتقشع له دروب ، فيخرج على الملأ بنظريات ، تكوّن ركائز علم جديد فيه الغثّ وفيه الثمين . تماما كما في كل علم وتماما كما في كل فنّ .
وهل المحلل التقنيّ سوى عالم نفس واجتماع ؟  
أليس العاملون في البورصة أناسا كما غيرهم من الذين يشكلون حقل تجارب ، أو مادة دراسة لعلماء النفس المعروفين ؟
ألا يخافون من خسارة ويحزنون لها ؟
الا يهللون لنصر ويفرحون له ؟
ألا يحبون ، ويكرهون ، ويطمعون ، ويحسدون ، ويغيرون ، ويخشون ، ويياسون ؟
فلماذا اذن لا يكون لهم علماء خبراء ، يهتمون بتحليل انفعالاتهم هذه وتسجيلها ؟
لماذا لا يكون المحلل التقني ، هو عالم النفس هذا ؟
ولماذا لا يكون التحليل التقني وسيلة مثلى لاستباق أحداث المستقبل ، انطلاقا من أحداث سابقة حصلت في الماضي وفي ظروف مشابهة ؟
نعم إنه لكذلك ، وستبقى له هذه الاهمية طالما ان العاملين في السوق بشر كما غيرهم في ميادين الحياة الاخرى . فتصرفاتهم واحدة . تروح وتجيء . تموت لتحيا . وهي أبدا في حركة دائرية لا تنتهي .
والبورصة ، ما البورصة ؟ إن هي إلا كائنا حيّا كما كلّ الكائنات .
 
 

التحليل التقني ارضية صلبة لاستراتيجية ناجحة ؟ا

حديث الاسبوع –  التحليل التقني ارضية صلبة لاستراتيجية ناجحة ؟  –  21.02.2004

 
وبعد ان اقتنعت انت ، صديقي القارئ  ، بما كنت قد اقتنعت به انا من قبلك . وبعد ان سلّمت معي بان الدخول في السوق بطريقة عشوائية ، غريزية ، فوضوية ، لا يمكن أن يؤدي الى نجاح ، يستحق التهنئة والمباركة . وبعد ان أثارت كلماتي بك الفضول اللازم ، والحشرية الكافية ، لطرح السؤال والبحث له عن جواب  .
وبعد كل هذا ، لا بدّ ان تسألني ، ولا بدّ أن تكون ملحاحا في السؤال : وهل انّ التحليل التقني المزعوم يمكن ان يشكل أرضية صالحة ، وقاعدة ثابتة ، تبنى عليها استراتيجية العمل العقلانية الموضوعية المزعومة ؟
وبعد كل هذا ، لا بدّ أن أجيبك ، ولا بدّ أن أكون مصرارا في الجواب : نعم إن التحليل التقني ، يمكن أن يكون تلك القاعدة الصلبة التي يحق لكل راغب بامتهان هذه المهنة أن يبني عليها استراتيجية عمله ، إ ن هو رغب سلوك الدرب ،  كما يفعل المهرة من المتخصصين الذين سبقوه .
 
وما تراه يكون التحليل التقنيّ هذا ؟ ولماذا يمكن الانطلاق منه والاعتماد عليه .
 
نلاحظ في السنوات الاخيرة ان التحليل التقني يكتسب أهمية متزايدة من المقبلين على العمل بالبورصة ، وإقبالا ملحوظا من المهتمين بشؤونها ، ليس لسهولة في فهم خفاياه ، ولا لضمانة في نجاح وسائله ، إنما اقتناعا بانه الطريقة المثلى الى فهم سيكولوجية السوق ، واستباق ما يخفيه المستقبل القريب والبعيد ، من تحركات يصعب تقديرها او التنبؤ بها .
 
هنا لا مجال للحديث عن أرقام تفضح خسارة وقعت فيها شركة من الشركات ، أو ربح حققته ، بحيث أن سهمها ، أو ينخفض تبعا لذلك .  كما انه لا مجال للبحث أو لترقب  مستوى معين تراجعت اليه ، أو ارتفعت عنه معدلات البطالة في بلد من البلدان ، بحيث أن هذا الحدث يؤثر على مستوى التضخم فيه ، وبالتالي ينعكس على وضع السوق .
  .  ان التحليل التقني انما هو تحليل لفترة زمنية سابقة ، مرّ  بها  سوق من الأسواق ، أو عملة من العملات ، أو سهم من الأسهم ، أو مؤشر من المؤشرات ،  بهدف الوصول الى قراءة لمستقبل هذا السوق ، أو هذه العملة ، أو هذا السهم ، على المدى القريب والبعيد . أما أهم ما في عدّة المحلل التقني ، فهو الشارت . أي ذلك الخط الذي يترجم تحركات السوق في الفترة الماضية معتمدا على ، ورابطا بين ، حقبات زمنية تتراوح بين الدقيقة والسنة .
 
ولكن ، هل يمكن أن نفهم الماضي من خلال خطوط صمّاء ، تتلوى على صفحة شاشة خرساء ؟
وإن نحن فهمنا هذه الخطوط وأحسننا قراءتها ، وأتقننا فكّ رموزها ، فهل يعقل أن نحسن توقع أشكال خطوط الغد من خلال فهمنا لمعاني خطوط الأمس ورموزها ؟
أيعقل ترى ، أن نستقرئ المستقبل ، إنطلاقا من فهمنا لأحداث الماضي ؟
 
نعم ، إنّ هذا لممكنٌ . إنّ هذا لممكنٌ .
 

إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة

حديث الاسبوع –  إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة –  10.02.2004

 
إعمل ، ولكن باستراتيجية سليمة .
 
 
اجل ، ان كل ربح تحقق في تجارة البورصة ، انما جاء نتيجة اتباع استراتيجية علمية موضوعية يقبل بها المنطق ، ويقرها العقل السليم ؛ وان هو كان على غير ذلك ، فما هو الا ربحا سريعا ، قائما على الصدفة والحظ ، وعلى الصدفة والحظ فقط ؛ إذ سرعان ما ينجح السوق غدا في استرجاع ما يكون قد وفره لك الحظ اليوم ، وقد ينجح في استرجاعه مضاعفا مرة ومرات .
وما تراها عزيزي القارئ تكون هذه الستراتيجية السليمة ؟ وما تراها تكون ركائزها المتينة المحققة لربح مستمر ومتنام ؟ وكيف السبيل لبلوغ  كنه أسرارها و جوهر خفاياها ؟
 
 
لطالما سمعنا قول قائل : انا اقدّر ان الفرنك الى صعود لذلك ساشتريه مقابل الدولار . ولطالما وصل الى مسمعنا سؤال سائل : ماذا تقدّر لليورو مقابل الدولار ؟ أصعود ام تراجع ؟
 
أنا أقدّر . أنت ماذا تقدّر . تقديرات . تقديرات . تقديرات .
 
الوعاء ينضح بما فيه . الكلمة توحي بما تحتويه .
 
هو تقديرٌ ، منك ومني . تقديرٌ يعني تخمينٌ . تخمينٌ إن هو إلا ظنٌ . والظنٌ عكس اليقين . وفيه مغامرة ، ورهانٌ ، بل قل فيه مقامرة .
 
ماذا يعني أن تقدّر صديقي القارئ  ؟ ما الدافع الذي جعلك تقدّر ؟  ولماذا قدّرت أنّ الفرنك الى ارتفاع ؟
 
طبعا انت لا تعرف لسؤالي جوابا . او انك تعرفه وتخجل من البوح به .
 
تخجل ؟  نعم تخجل بكل تاكيد . لا ، لا ، أنا لم أخطئ الكلمة . أنا لا أقصد إهانة ، ولكنني أعني ما أقول .
انت تخجل بشرح المعطيات التي تدفعك لان تعتقد بأن الفرنك أو غيره من العملات يسير الى ارتفاع او انخفاض . انت تخجل لانك ،لا تعتقد ، بل تتمنى ، نعم تتمنى ان يرتفع الفرنك . انت تحب ان يحصل ما تتمناه . أنت لا تستطيع التقدير . أنت لست في وضع يسمح لك بالتقدير . لأن معلوماتك قليلة ، هزيلة ، لا يمكن لاي تقدير مبني عليها ان يكون صائبا وصحيحا . لذلك بنيت تقديرك على ظن باهت اللون ، وظنك على تمن شاحب المرأى  ، وأمنيتك على سراب ، لا بد ان يزول أمام أول شعاع شمس .
 
لقد خالجك شعور ناعم بالربح . ومن لم يخالجه هذا الشعور ؟  لقد دغدغت أحاسيسك نبضات حريرية ناعمة ، نبضات فرح ناتج عن الحصول على مال سهل . نبضات الفرح هذه حولتها انانيتك الى حقيقة . وترجمتها محبة ذاتك الى واقع ، دون ان تعرف ، ودون ان تحسّ ، بأنها مبنية على ظنّ ، وعلى ظنّ ليس الا .
أنت تريد أن تربح ، عزيزي القارئ . بل قل تتمنى لو أنك تربح . ولكي يتمّ لك هذا لا بدّ أن تفعل شيئا . لا بد أن تشتري شيئا ما . ولا بدّ أن يرتفع هذا الشيء . إذن فليكن الفرنك . أنت تقدر أنه سيرتفع ، لأنك تريد له أن يرتفع . لأن عقلك الباطني المتآمر مع مخيلتك ، المترجمة لأحاسيسك ، والناقلة لأمانيك أوحى لك بأن ترفع الفرنك ليتم الربح . وها أنت تأتمر له ، إئتمار الاعمى للمبصر ؛ وترتهن له ، ارتهان التابع للمتبوع .
هذه الأحاسيس صارت جزءا منك . أمست تملأ عليك حياتك . هي ترافقك في كل لحظة . هي انيسك في وحدتك ، وجليسك في وحشتك . انت تخاف ان تفقدها . تفتقدها ان لم تحسّها . تخاف عليها . تريدها حقيقة . تتمنى لو تستطيع ملامستها . تحولها الى واقع ، الى قناعة  . بمخيلتك ، بظنك ، باعتقادك ، بتقديرك ، وها نحن قد وصلنا . بتقديرك ، اذن لا بد لك ان تقدّر ، لا بد لك ان تنحت صنما ، لتعجب بشكله الى حد العبادة . لقد وقعت في الفخ .
 
قل لي ما هي الستراتيجية التي جعلتك تقدر ان الفرنك او غيره الى ارتفاع ؟ 
لماذا اسرعت الى جهاز الكمبيوتر وسجلت أمر شراء الفرنك ؟  
قل لي ما هي المعطيات العقلية ، العلمية ، الموضوعية ، المنطقية ، المقنعة ، التي جعلتك تقدر ما قدرت ، وتنسج ما نسجت ، وتفعل ما فعلت ؟
قل لي لماذا اخترت الفرنك دون غيره من العملات لترفعه وترتفع معه ؟
ألم يكن اختيارك له مبنيا على خبر سمعته في قناة فضائية – وما أكثر ما تنقل من اخبار – ، أو قرأته في صحيفة محلية ؟
ألم تكن مستعدا لرفع الدولار ايضا لو ان الصدفة حملتك الى سماع خبر ما ، أو تصريح ما ، أو تقرير ما غير الذي سمعته ؟
 
لا ، انت لن تستطيع الكثير لإقناعي . انت لم تتصرف انطلاقا من استراتيجية ، ولكن من رغبة . انت لن تربح صديقي ، وان ربحت فلن أهنئك على ما حققت ، لأن ربحك وليد صدفة ولا يد لك في تحقيقه البتتة .
 
وعلى أي ربح سأهنئك إذن ان لم يكن على هذا ؟
 
سرٌ لا بدّ أن أفشيه لك في يوم ، أرجو ألا يكون بعيدا .
 
 

حظ المبتدئ

حديث الاسبوع –   حظ المبتدئ –  18.1.2004

وما أدراك ما حظ المبتدئ !
 
ومضة في لحظة !
شمعة لكن الى نهاية !
أمل لا يعيش الا لقليل !
حظ المبتدئ بارقة تنجلي لتزول ! 
حظ المبتدئ ليس القاعدة بل الشواذ عليها .!
فلا تركننّ اليه .
 
يعقد الواحد منا العزم على ممارسة تجارة طالما حلم بتعلم أسرارها والتعرف على خفاياها ، يسارع اليها كما الحبيب الملهوف الى محبوبه ، يثق بالمستقبل الواعد المشرق المنير .
يفتح حسابا ، يودع فيه مبلغا من المال ، يتاجر ، يبيع ويشتري ، يربح في صفقته الاولى ، تزداد ثقته بنفسه ، يربح في صفقاته الاولى ، يصير الظنّ عنده يقينا .
يقول : ها أنذا قد وصلت . الحمد لله على ما أنا فيه . لقد فتحت لي أبواب الثروة . وبعدها الشهرة . لن تطول بي المدة لأحصى بين الموثرين الاغنياء . وأعدّ بين المستهابين الأقوياء .
ويمضي في الطريق . ويرى أنّ ما أصاب من نجاح في صفقاته الاولى ، كان وليد حظ بسم له يوما ليعود فيعبس في يوم آخر .
ويمضي ضاربا في سراديب الدجى ، ضائعا بين ما يقول هذا ويقول ذاك ،حائرا بين ما يتوقع هذا ويتوقع ذاك ، هائما في عالم لا يبسم فيه الحظ إلا لمن عرف ما يريد ، وخطط لتحقيق مبتغاه .
 
نعم صديقي القارئ .أنّ الأمر لهو كذلك . واليك مزيدا من التوضيح .
 
لنفرض أنّ أربعين شخصا دخلوا عالم التجارة في البورصة سوية في يوم واحد . ولنسلّم جدلا أنّ هؤلاء الأشخاص الاربعين اجتمعوا على كونهم جددا على هذا العالم . أحبوه ، إفتتنوا به ، رغبوا ولوج بابه . أبصروا بابين ، واحدهما عريض له أبّهة وجلال ، الآخر ضيق فيه ملامح البرودة والتعب . ولجوا الباب الواسع . تعجّلوا في المسير . باشروا عقد الصفقات . ماذا حلصل معهم ؟ 
لنفرض صديقي القارئ ان هؤلاء الاربعين عقدوا صفقتهم الاولى افتتانا بالعمل وتعجلا بالمباشرة به ، فمن البديهي أن يقرّر عشرون منهم شراء اليورو ، وأن يفضّل العشرون الآخرون بيعه . هذا ما يفرضه قانون النسبية على الاقل .
اليورو لا يمكن أن يبقى على حاله ، لا بدّ له من حركة ما ، تحمله الى أعلى أو الى أسفل . إذن لا بدّ لعشرين من هؤلاء الاربعين أن يربحوا ، ولا بدّ للعشرين الآخرين أن يصنفوا في عداد الخاسرين .
ان ما يهمنا اليوم في بحثنا هو تتبع خطوات العشرين الأولين ، وتحليل ما سيكون عليه امرهم .
كان الحظّ حليف هؤلاء العشرين اذا في صفقاتهم الأولى ، فظنّ الواحد منهم كما ظنّ الآخر أنه عبقري لا يحاكيه مخلوق في قدراته الخارقة ، وأن البورصة هي طريق ذات اتجاه واحد لا يمكن أن يصيب فيها المرء الا نجاحا تلو نجاح وربحا تلو ربح .
من الطبيعيّ ان تكون تصرفات هؤلاء العشرين التالية متشابهة ، نظرا لكونهم يعيشون ظروفا متشابهة ويحسّون أحاسيس متشابهة . وكانت صفقاتهم التالية .
وتكرّر معهم ما حصل في الجولة الاولى . اشترى عشرة منهم اليورو بثقة تامة أن الربح آت لا محال ، فيما باع العشرة الآخرون اليورو بثقة تامة أن الربح آت لا محال . ولكن اليورو لا يمكن ان يصعد وينزل في آن ليكون الربح من نصيب الفريقين . لا بدّ ان يربح عشرة منهم ويخسر عشرة تمشيا مع قانون النسبية ايضا .
الخاسرون أدركوا الآن ان حساباتهم القديمة لم تكن دقيقة . بدأ الشك يتسرب الى نفوسهم . بقوة تتناسب مع عدد العقود التي أجروا صفقاتهم بها .
الرابحون منهم لم يتلقنوا الدرس بعد . لكن الدرس آت لا محال . أكملوا . وتتابعت نفس الأحداث . وتكررت نفس النتائج .
ولكن الدرس الذي تعلمه هؤلاء المبتدؤون كان واحدا ، وكان ثمنه غاليا على البعض منهم . فما تراه يكون ؟
هو يختصر بقليل من الكلام ، ويفصل بكثير من الصفحات . سأوجزه اليوم ، على أن أعود اليه لاحقا فأفصل ما لا بدّ للتفصيل فيه .
إن كلّ ربح يحقق في تجارة البورصة ، لا بدّ أن يكون مرتكزا على استراتيجية علمية ، موضوعية ، يقبل بها المنطق ، ويقرّها العقل السليم . وإن هو كان على غير ذلك ، فلن يكون إلا ربحا سريعا قائما على الصدفة والحظّ ، وعلى الصدفة والحظّ فقط ، إذ سرعان ما يسترجع السوق غدا ما يكون الحظ قد حققه اليوم .
وما تراها تكون هذه الاستراتيجية السليمة ؟ وما تراها تكون ركائزها المتينة المحققة لربح مستمر ومتنام ؟ وكيف السبيل لبلوغ أسرارها ؟
هذا ما سنخوض فيه في الجزء التالي من هذا البحث . ونأمل ان يكون ذلك في يوم قريب إن أذن الله وشاء .
 
 
 
 

المارجن بين ال 50 وال 130 دولار ! رُبّ ضارة نافعة

حديث الاسبوع –   المارجن بين ال 50 وال 130 دولار ! رُبّ ضارة نافعة . ؟  30.12.2003

 
 
 المارجن بين ال 50 وال 130 دولار ! رُبّ ضارة نافعة .
 
 عندما تبلغت خبر ارتفاع المارجن  من الخمسين دولارا الى المئة دولار على العقد الواحد في الحسابات المصغرة ، أحسست أول ما أحسست بالامتعاض ، وراودني شعور بأن
 حدثا سيئا قد استجد وهو لا بد أن يحمل معه عواقب سلبية . ومضى يوم أو يومان كان لي خلالهما ان أعيد قراءة الحدث هذا قراءة موضوعية تحليلية هادئة ، وأن أعيد
 تقييم نتائجه ، وما قد يترتب عليه ، تقييما علميا واعيا راشدا ، مبنيا على الارقام والثوابت ، فتبين لي بما لا يقبل الشك أن للحدث ايجابية لا تقل عن سلبيته بل هي تفوقها بكثير .
 
 عدت الى الاشهر الاربعة السابقة ، وتفحصت أوضاع الذين اشتركوا معنا في التداول بحسابات مصغرة ، ودققت النظر في ما مرّ عليهم في تعاملهم فكانت لي القناعة بان
 رفع المارجن بهذه النسبة إنما جاء ليخدم توجهاتهم من حيث لا يدرون .
 
 عند دخول متعامل جديد مبتدئ معنا في حساب مصغر ، كان يطلب منا النصح ، وكنا لا نبخل عليه به ، فنقول : لك عندنا نصيحتان . اختر واحدة منهما ، واعمل بموجبها ،
 بحسب ما يوحي لك به قلبك وعقلك .
 
 النصيحة الاولى تقول : اعقد في اليوم الواحد صفقات كثيرة ، ولتكن كل صفقة مكونة من عقود كثيرة بقدر ما يتحمل حسابك ، فالخوف للجبان ، والربح هنا للشجعان . وان
 عملت هكذا يكون العائد الذي يجنيه البروكر عائدا دسما وربحه ربحا وفيرا .
 نصيحتنا هذه هي اذن لنا وليست لك .
 
 النصيحة الثانية تقول : لا تكثر من صفقاتك في بداية أمرك . ولا تكثر من عقودك في الصفقة الواحدة . بحيث ان حسابك المكون من الف او الفين من الدولارات يكون
 كفيلا بالصمود معك مدة شهرين او ثلاثة تتعلم خلالها كل ما يجب ان تتعلمه ، وتخبر فيها كل ما يجب أن تخبره  من خفايا السوق وأسراره . نصيحتنا هذه هي إذن
 لك وليست لنا .
 
 كنا نعطي النصيحة ، ونأمل أن يعمل المبتدئ هذا بما يفيده . فما الذي كان يستجد ؟
 
 ان نسبة ثمانين بالمئة من المبتدئين بحسابات تتراوح بين ال 300 وال 500 دولار كانوا يبدأون صفقتهم الاولى بخمسة أو ثمانية عقود . طبعا الامر مغر . هو يحق له
 ذلك . المارجن يبلغ للعقد الواحد 50 دولارا فقط . وكان لا يمر يوم أو يومان حتى يتصل المتعامل المبتدئ مجددا طالبا المساعدة لتحويل مبلغ جديد الى حسابه . وبعد
 التحويل الجديد بعضهم من اتعظ من التجربة الاولى وانتصح بما نصحنا . والبعض الآخر علقت الحفرة بدولاب سيارته ولازمته .
 
 ان نسبة العشرين بالمئة المتبقية كان أصحابها يلتزمون بما وجهناهم اليه فيكتفون بصفقات مكونة من عقد واحد او عقدين ، ويتعاملون مع السوق بحيلة المجرب المكار .
 هؤلاء وصلوا وهم لم يلاقوا صعوبة في وصولهم . بعضهم من رفع قيمة حسابه المصغر وما زال يؤثر العمل به . وبعضهم من حوله الى حساب عادي وأكمل طريقه بأمان .
 
 ان نحن عدنا الى هذه الحقيقة الدامغة يتكشف لنا الوجه الايجابي الذي ينطوي عليه قرار رفع نسبة المارجن بالنسبة للمتعامل المبتدئ بشكل لا يقبل الشك ولا النقاش
 . ان هذا الرفع جاء ليثني المتعامل بحساب صغير ، بل ليرغمه ، على إجراء صفقات مكونة من عقود قليلة ، فيتمكن بذلك من الصمود فترة  تسمح له بالتعلم والتدرب ،
 ويخرج من هذه الفترة التدريبية  ليزيد حسابه ، وبالتالي عقوده اذ يكون قد صار قادرا على مواجهة المفاجآات غير المحسوبة .
 
 ان من كان يعمل بحساب مكون من الف دولار ويشتري فيها خمسة عشر عقدا كان يخسر ثلاثمئة نقطة ان تراجع السوق عشرين نقطة – وهذا قد يحصل في اية لحظة – . اما من
 يعمل بمثل هذا الحساب اليوم فهو ان اشترى بنفس المنهجية المتهورة خمسة عقود فهو لن يخسر أكثر من مئة نقطة ان تراجع السوق عشرين نقطة . وهكذا سيكون حظه بالعودة
 الى الربح اكثر بكثير من حظه في حالة المارجن المكون من خمسين دولارا للعقد الواحد .
 
 رفع المارجن من خمسين الى ما بين مئة ومئة وثمانين دولارا هو قرار يحمل في طياته إيجابيات لا بد ان يقطف ثمارها المتعامل بحساب مصغر من حيث يدري أو لا
 يدري . وسيستلذ طعم هذه الثمار إن هو دقق النظر في الامر وأمعن في تحليله ، قبل التسرع بالحكم عليه .
 
 رفع المارجن من خمسين الى ما بين مئة ومئة وثمانين دولارا هو السور الذي سيحمي الطفل من الاسراف في الابتعاد في مخاطر المجهول ، حتى إن آنس في نفسه قوة ،
 تحرّر منه وخرج الى حيث لا أسوار سوى سور العقل والتجربة والخبرة .
 
 وهكذا يمكننا ان نردد معا وبكل ثقة وإصرار : رُبّ ضارّة نافعة .
 

ماذا أفعل الآن ؟ أأشتري أم أبيع ؟ا

حديث الاسبوع –  ماذا أفعل الآن ؟ أأشتري أم أبيع ؟  23.12.2003

 
 
انا لا اعرف شيئا عن الصدفة التي حملته الى موقعنا – ” بورصة انفو ” – ولا أعرف السبب الذي جعله يصر على متابعة ما يرد عليها . إن كلّ ما أعرفه هو ان الشاب تعرف الينا ، وصار مدمنا علينا . أرجو أن يكون ذلك فاتحة خير له ، كما لغيره من الشبان العرب القلقين على مستقبلهم ، الباحثين عن الطريق ،الطريق الحامل طمأنينة الى نفوسهم ، وراحة الى قلوبهم . أرجو ذلك له ، ولهم . ولنا أرجو أن يوفقنا المولى ، عزّ وجلّ ، لنأخذ بيدهم ، ونقدم لهم ما تيسر من نصيحة ومن إرشاد .
أنا لا أعرف الكثير عنه ، لا أعرف سوى أنه أنهى دراسته الجامعية ، ووقف مذهولا امام نافذة لا فجر لها ولا صباح . نافذة اليأس والحيرة هي . نافذة الخوف على المصير ، والقلق على المستقبل . أكاد ان أقول نافذة الجزع والتردد والضياع .
لقد أفنى صاحبي سنوات من عمره يدرس التقنيات ، ولما انتهى منها ، جاء يعرض خبراته على سوق العمل ، فاذا به يفاجأ بان بلده غارق في بحر من النور، فلا حاجة به لمن ينير دروبه بمصابيح ، ولا شأن له بمن يحرك آلات مصانعه بسحر فكره الخلاق .
فكر صاحبي بعمل آخر ، أي عمل يجني منه ما يكفيه فما وجده .
فكّر بالهجرة الى بلاد الدولار او اليورو ، لعله يصيب فيها رزقا ضنّت به عليه بلاده .
فكر بكل ما يفكر به كل شاب من شباب وطني !
فكر بكل صغيرة ، وفكر بكل كبيرة !
ولكنّ السبل ، كلّ السبل سُدّت في وجهه ، فحار!
أسفي عليك موطني ، تستهين بشبانك وتجعل منهم جوّالين باحثين عن الشمس في اوطان ليست لهم !
أطلت عليك يا أخي القا رئ بسرد ممل قد لا يعنيك ، ولكنني قصدت خيرا من كل ما سردت ، فسامحني . .
وقع صاحبي على موقعنا ، ومنه تعرّف الينا ، فبرقت في ذهنه بارقة ، وعنّت في فكره عنّة . قال اعمل في تجارة العملات برصيدي المتواضع ، وأتكل على الله ، وعلى ما يمنّ به عليّ أهل الخير من إرشاد .
 
 
كان اسمه ” لبيب ” ، وكان له من اللبابة ، ومن اللباقة ، ومن سرعة الخاطر، ودقة الملاحظة ، ورقة البديهة ، وشعلة الذكاء ، ونعمة الفهم ، ما يؤهله لولوج حلبة الكرّ والفرّ هذه .
كان لبيبٌ لبيبا ، ولكنّه كان ، كغيره من المبتدئين في هذه المهنة ، جاهلا أسرارا لا تُفضّ خواتمُها إلا بالتمرّس والحيلة والخبرة ، ولا يتمّ التغلّب عليها إلا بارتكاب الخطأ لتصحيحه ، وإتيان المخالفة للعودة عنها .
كان لبيبٌ كثير السؤال ، وكنا لا نبخل عليه بجواب . كان سريع الحفظ ، ولكنّ الذاكرة قد تخون .
علّمته مرّة أن شرطا أساسيا من شروط النجاح في هذه المهنة ، يفرض على المتعلّم التحلي بشدة الصبر وقلّة التسرّع ، ويحتم سرعة في الحركة المدروسة وبطئا في ردة الفعل العفوية . علّمته ذلك يوما ، وفوجئت اليوم بانه يخالف هذه القاعدة من خلال سؤال طرحه عليّ بعفوية من شاء ان يكون مقداما ، في وقت ، فرضت العاصفة فيه الإنحناء أمامها ، فعرّض نفسه لمخاطر قد لا تحمد عقباها .
كانت الساعة قد جاوزت الثانية عشرة والنصف بقليل ، وكانت حلبة الأسواق تشهد أشدّ جولاتها قسوة ، وأكثرها شراسة ، بحيث ان سعر اليورو مقابل الدولار شهد خسارة تزيد على الخمسين نقطة في أقلّ من خمسين ثانية ، ثم عاد ليستعيد منها ثلاثين نقطة في ما يزيد عن ثلاثين ثانية بقليل ، وها هو الآن يقف لاهثا بين رغبة الهرب الى الخلف ، أو الأندفاع في هجوم تصاعدي مقدام .
كان لبيبٌ يشهد كل ذلك حائرا في ما عليه فعله ، حاسبا لما كان قد ربحه لو أنه باع في أعلى الهرم واشترى في أسفله ، آسفا على ضياع فرصة لا تسنح كلّ يوم . فما كان منه إلا ان اسرع الى محادثتي ، مبادرا بسؤال عفوي يفضح ما يجيش في نفسه من مشاعر . قال : السوق ! السوق ! ما الذي يجري ؟ ماذا علينا أن نفعل الآن ؟ أأشتري أم أبيع ؟
لم يفاجئني سؤال لبيب ، ولكنه أطربني ، لما ينطوي عليه من فطرة تكاد تطبع كلّ مبتدئ في هذه المهنة الغريبة . أطربني سؤال لبيب كما تطربني مثيلاته من الأسئلة الكثيرة التي ينهال بها كلّ يوم أقرانه من المشغوفين بهذه المهنة ، المبهورين بوسوساتها الطريفة ، المفتونين بتبرّجها الواعد .
أطربني سؤال لبيب ، بعد أن أضحكني ، فاندفعت الى صياغة الجواب .
 
قلت ، باختصار المقلّ ، الآن عليك ان تتفرج .
أدركت من إحجام محدّثي عن الجواب أنه لم يفقه مرمى جوابي فأردفت :
المعركة الجارية الآن ، تدورفي البحر بين حيتان كبار ، وعلى اليابسة بين فيلة ذوي جلود سميكة يصعب التأثير بها . إنأى بنفسك عنها كي لا تكون واحدا من ضحاياها الكثر . مُر لنفسك الآن فنجانا من القهوة ، إرتشفها بتؤدة وهدوء ، تلذذ بطعمها ، خصّ الشاشة أمامك بلفتات قليلة بين الحين والحين ؛ فإن بدا لك أن العاصفة قد هدأت ، ونار المعركة قد خمدت ، عُد إذذاك الى سلاحك ، إشحذه من جديد وابحث لنفسك عن مكان على حلبة الصراع .
اجل أيها الأخوة ، هناك ساعات وعلى كلّ عامل في هذا المجال أن يعرفها يستحيل العمل فيها على ذوي الارصدة المتواضعة ، حتى ولو خيّل لكم ان أرباحا طائلة كان لها أن تحقق لو انكم دخلتم السوق بائعين أو شارين .
نصيحتي لكم : في مثل هذه الحالات ، ان كنت في السوق وبصفقة رابحة ، لك ان تبقى فيه على ألا تدعها تخسر ان باغتك السوق ، أو ان تجني ربحك منها وتكتفي بالتفرج على ما يجري . وان كنت خارج السوق فلا تدخل اليه ، لانه ان أكرمك مرة فهو لن يتردد في إذلالك مرات …