قال محللون وتجار إن تخفيضات الإنتاج الجديدة المفاجئة في أهداف مجموعة أوبك+ قد تدفع أسعار النفط نحو 100 دولار للبرميل، مما يمهد المجال لصدام آخر مع الغرب الذي يصارع رفع أسعار الفائدة.
ويشير القرار إلى وحدة داخل أوبك+ على الرغم من ضغوط واشنطن على حلفائها الخليجيين لإضعاف علاقاتهم مع موسكو، وفي الوقت نفسه يقوض جهود الغرب الرامية لتقييد إيرادات روسيا النفطية.
وقفزت أسعار النفط أكثر من ستة بالمئة يوم الاثنين بعد أن فاجأت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا، الأسواق بإعلان تخفيضات في الإنتاج بنحو 1.16 مليون برميل يوميا من مايو أيار حتى نهاية العام.
وستؤدي التعهدات إلى رفع الحجم الإجمالي لتخفيضات أوبك+ منذ نوفمبر تشرين الثاني إلى 3.66 مليون برميل يوميا وفقا لحسابات رويترز، بما يعادل 3.7 بالمئة من الطلب العالمي.
وكان من المتوقع أن تبقي أوبك+ الإنتاج مستقرا حتى نهاية هذا العام، بعد أن خفضت الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
وقالت السعودية إن تخفيضاتها الطوعية في الإنتاج هي تدبير احترازي يهدف لدعم استقرار السوق.
وذكر ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي يوم الاثنين أن التدخل في متغيرات السوق أحد أسباب التخفيضات الجديدة.
وقال بارني شيلدروب المحلل في إس.إي.بي “التخفيضات الجديدة تظهر أن مجموعة أوبك+ قوية وأن روسيا ما زالت جزءا مهما ولا يتجزأ منها”.
وقالت ريستاد إنرجي إنها تعتقد أن التخفيضات ستزيد شح المعروض في سوق النفط وسترفع الأسعار إلى أعلى من 100 دولار للبرميل لبقية العام، وقد تدفع خام برنت إلى تسجيل 110 دولارات للبرميل هذا الصيف.
ويتوقع يو.بي.إس أن يصل خام برنت إلى 100 دولار بحلول يونيو حزيران، بينما رفع جولدمان ساكس (NYSE:GS) توقعاته لشهر ديسمبر كانون الأول خمسة دولارات إلى 95 دولارا.
وقال جولدمان ساكس إن السحب من احتياطي البترول الاستراتيجي في الولايات المتحدة وفرنسا، بسبب الإضرابات الراهنة، وكذلك رفض واشنطن إعادة ملء الاحتياطي الخاص بها في السنة المالية 2023 ربما يكون لعب دورا في اتخاذ أوبك+ قرارها.
وقال شيلدروب إن ارتفاع الأسعار سيجلب على الأرجح المزيد من الإيرادات لموسكو من أجل تمويل حربها باهظة الثمن في أوكرانيا، كما سيزيد توتر العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة.
وأضاف “قد تحتج الولايات المتحدة بأن ارتفاع أسعار النفط سيعرقل جهودها الرامية للسيطرة على التضخم”.
وقال مسؤول في شركة تكرير كورية جنوبية إن الخفض “نبأ سيء” لمشتري النفط وإن أوبك تسعى “لحماية أرباحها” في مواجهة مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.
وذكر مسؤول التكرير الكوري الجنوبي وتاجر صيني أن خفض الإمدادات سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخام في الوقت الذي يؤدي فيه ضعف الاقتصادات إلى انخفاض الطلب على الوقود والأسعار، مما يضغط على أرباح المصافي (TADAWUL:2030). ورفض كلاهما الكشف عن هويته لأنهما غير مخولين بالحديث إلى الإعلام.
وقال تاكايوكي هونما، كبير الاقتصاديين في شركة سوميتومو كوربوريشن جلوبال ريسيرش، إن خفض المعروض من النفط الخام من أوبك+ سيكون سلبيا بالنسبة لليابان لأنه قد يزيد التضخم ويضعف اقتصادها.
وأضاف “تريد الدول المنتجة على ما يبدو أن ترى أسعار النفط ترتفع إلى 90-100 دولار للبرميل، لكن ارتفاع أسعار النفط يعني أيضا زيادة مخاطر التباطؤ الاقتصادي وتباطؤ الطلب”.
وقال متعاملون إن تخفيضات إنتاج أوبك+ تأتي في وقت من المتوقع أن تسجل فيه مشتريات الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، رقما قياسيا في 2023 مع تعافيها من جائحة كوفيد-19، بينما يظل الاستهلاك قويا من الهند، المستورد الثالث عالميا.
وذكر مسؤول تكرير هندي، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أنه مع ارتفاع الأسعار وقلة المعروض من خام الشرق الأوسط عالي الكبريت، قد تضطر الصين والهند لشراء المزيد من النفط الروسي، مما يعزز إيرادات موسكو.
وأضاف أن ارتفاع أسعار خام برنت قد يرفع سعر خام الأورال وغيره من منتجات النفط الروسية أعلى من السقف السعري الذي حددته مجموعة دول السبع الكبرى بهدف تقليص إيرادات موسكو من النفط.
* البدائل
ذكرت شركات التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية أنها لا تفكر في الحصول على براميل نفط روسية بسبب مخاوف جيوسياسية، وقد تبحث عن إمدادات بديلة من أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وقال هونما من سوميتومو “يمكن لليابان أن تسعى للحصول على مزيد من الإمدادات من الولايات المتحدة لكن نقل النفط الأمريكي عبر قناة بنما مكلف”.
ويراقب التجار أيضا ردود فعل الولايات المتحدة، التي وصفت تحرك أوبك+ بأنه غير حكيم.
وقال التاجر الصيني “خلاصة القول هي أن الغرض من هذا التخفيض الهائل في الإنتاج هو بشكل أساسي استعادة قوة السوق التسعيرية”.