في سوق لم يشهد استقرار لأكثر من شهر واحد، دائم التقلب ومخاطره عالية، ولكن بحسب قوانين العلوم المالية والاقتصاد فإن المخاطر المرتفعة تقابلها عوائد مالية أو خسائر مرتفعة أيضاً. وهذا ما يتحقق في سوق العملات المشفرة فدرجة المخاطرة تعتبر الأكبر في عالم الاستثمار خلال السنوات الأخيرة.
العديد من المستثمرين حققوا ملايين الدولارات من الاستثمار في عالم العملات المشفرة وآخرون تكبدوا خسائر قياسية أوصلتهم إلى حد الإفلاس.
الآراء تنقسم حول تصنيف العملات المشفرة كأداة استثمارية، عدة مستثمرين من الطراز الرفيع قاموا بانتقاد العملات المشفرة إضافة للتشديد على أهمية الابتعاد عن الاستثمار في هكذا نوع من الأصول وعلى رأس القائمة وارن بافيت وتشارلي مانغر.
وعلى الرغم من تقديم معظم البنوك الكبرى العالمية خدمات استثمارية للعملاء في سوق العملات المشفرة إلا أن ذلك لم يمنع جيمي دايمون رئيس JPMorgan أحد أكبر البنوك حول العالم بالتصريح أن العملات المشفرة “احتيال ومضيعة للوقت” علماً أن البنك نفسه كان قد توقع خلال 2021 أن تصل عملة البتكوين إلى مستويات 146 ألف دولار.
على الصعيد الأخر، فإن بعض المستثمرين يتوقعون مستقبلاً مزدهراً للعملات المشفرة خلال السنوات القادمة مثل تيم درابر المستثمر الأميركي ومؤسس Draper Assosiates يرى أن العملة ستصل إلى 250 ألف دولار خلال 2024 أما كاثي وود وهي الرئيسة التنفيذية لـ ARK Invest فإن توقعاتها تعتبر الأعلى في السوق حيث ترى وود أن عملة البتكوين قد تصل إلى مليون دولار خلال 2030.
أحدث التوقعات حول أسعار البتكوين جاءت من بنك Standard Chartered حيث يرى المصرف أن “شتاء” العملات المشفرة قد انتهى، بمعنى أن السوق الهابط والمتغيرات التي قد تضغط على السوق لم تعد متواجدة، الأمر الذي جعل البنك يتوقع في مذكرة له وصول عملة البتكوين إلى مستويات 100 ألف دولار بنهاية 2024.
بعض المحللين يرون أن أزمة البنوك الأخيرة من Silicon Valley Bank وSignature قد ساهمت في تعزيز الثقة بعالم العملات المشفرة والأصول اللامركزية إضافة إلى استفادة العملات المستقرة من هذه المحنة التي يمر بها القطاع المصرفي. قضية سياسة الفدرالي واقترابه من إنهاء سياسة التشديد النقدي بدورها تعطي بنك Standard Chartered مزيد من الأسباب لاعتقاده أن الطريق إلى 100 ألف دولار للبتكوين الواحدة أصبحت أكثر وضوحاً.
نظرية المعروض المحدود من عملة البتكوين عند 21 مليون عملة فقط بدورها تفسر بعض التحليلات بأن الأسعار سترتفع نظراً لارتفاع الطلب في ظل حد أقصى من المعروض خاصة في ظل مستويات التضخم المرتفعة حول العالم والتي قد تستمر إلى سنوات.
المستويات الحالية لعملة البتكوين المشفرة ما زالت بعيدة بشكل كبير عن مستويات 100 ألف دولار فما زالت العملة تتداول عند نطاق 30 ألف دولار ولم تقطع البتكوين نصف الطريق نحو أعلى مستوياتها المسجلة تاريخياً خلال نوفمبر 2021 عندما وصلت إلى مستويات 69 ألف دولار قبل الانهيار نحو مستويات قاربت 15 ألف دولار في نوفمبر 2022. القيمة السوقية أيضاً لسوق العملات المشفرة وعلى الرغم من اقترابه من حاجز 3 تريليونات دولار في 2021 فإنه يتماسك مؤخراً فوق مستويات تريليون دولار بدعم من ارتفاعات الأسعار خلال الشهر الأخير.
التكهنات حول العملات المشفرة ومستقبل الأسعار هو أمر سيبقى على طاولة النقاشات وفي جميع المؤتمرات المالية التي تركز على المستقبل المالي وكيف سيكون عليه شكل الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة. الإجماع على أهمية تقنية البلوكتشين والتي تعمل من خلالها العملات المشفرة هو أمر لا يختلف عليه إلا قلة ولكن تبقى تقلبات أسعار العملات المشفرة بحد ذاتها الهاجس الأكبر حول تصنيفها كأصل استثماري خاصة بعد أن انهارت العملة في عدة مرات سابقة إضافة إلى عدم اتخاذها رسماً بيانياً واضحاً بالنسبة لتحركاتها مقابل أصول متنوعة مثل الذهب أو مؤشر ناسداك مما ترك تحليل تحركات العملة دون هوية واضحة للمستثمر وفشلها في أن تكون أداء للتحوط من التضخم خلال العام المنصرم.
100 ألف دولار للعملة الواحدة من البتكوين سيناريو غير مستبعد واختفاء العملة بشكل كلي أيضاً ليس بالأمر المستبعد بحسب عدة مستثمرين كبار، الأمر المؤكد من خلال السنوات الأخيرة أن التقلبات على أسعار البتكوين والعملات المشفرة بشكل عام هي كبيرة جداً لذلك على المتداول الحذر ثم الحذر من الاستثمار في هكذا نوع من الأصول.