يُستخدم الاعلام كأحد الأسلحة الفتاكة نفسياً في الحرب الباردة الدائرة بين محوري أميركا من جهة وروسيا – الصين من جهة أخرى. في الحرب هذه، الهجوم مكثّف على العملة الأميركية، من تراجع الى تضخّم وعجز وانحسار استخدام… كلّ ذلك مقابل تمدّد استخدام اليوان وتوسّعه عالميا.
وما يعزّز الثقة بهذه الأخبار “المصالحة” السعودية – الايرانيّة والتي حصلت وبرعاية صينية وتمدد استثمارات بكين لتطال المزيد من الاسواق العالمية، فماذا يقول الخبراء وهل فعلا نحن امام تراجع للدولار عالميا أم ان ما يُبث مجرد تخمينات او تمنيات من قبل البعض تدحضها الارقام؟
الخبير الاقتصادي باتريك مارديني يؤكّد أنّ المقارنة بين الدولار والعملة الصينيّة غير وارد، فالدولار يشكّل حتّى اليوم حوالى 60 في المئة من احتياطي العملات الأجنبية التي تحملها المصارف العالمية من حول العالم، يليه اليورو بنسبة 20 في المئة، ومن ثمّ الين فالاسترليني ليحلّ اليوان الصينيّ في المرتبة الخامسة وبنسبة تقلّ عن 5 في المئة. وعليه، لا يمكن وضع الدولار واليوان في التصنيف نفسه. مع الاشارة الى أنّ هناك اليوم بعض التنويع في الاحتياطات، وبعض الانخفاضات في احتياطي الدولار، لكنها لا تزال بنسبة قليلة.
ويلاحظ مارديني، أنّ هذه الانخفاضات مرتبطة بعاملين أساسيين، الأوّل وهو التضخّم الكبير في الولايات المتحدّة جرّاء جائحة كورونا، والثاني استخدام الدولار كوسيلة للعقوبات، وتاليا فإنّ الدول الخاضعة للعقوبات كروسيا مثلا وايران، تحاول ايجاد بدائل عن الدولار، وقد بدأت التداول بعملات أخرى، مشيرا الى ان هذين الحافزين دفعا عددا من الدول للتداول بعملة غير الدولار، ولكن هذا لا يعني أنّ استخدام الدولار بدأ بالانحسار عالميا.
ولكن، هل يمكن للدولار أنّ يتأثر جرّاء تعثّر عدد من المصارف الأميركية؟
يشير مارديني في هذا السياق، الى أنّ تعثّر المصارف لن يكون العامل الذي سيؤثّر على الدولار، إنّما ما يؤثّر على حاملي الأوراق الدولارية هو “التضخّم” الناتج عن طباعة الدولار بشكل كبير، لكن من الواضح أننا الآن في مرحلة الخروج من التضخم العالميّ، والأولويّة الأميركيّة اليوم هي لرفع الفوائد، وحين يرفع المصرف الفيديرالي الأميركي الفوائد ينعكس ذلك انخفاضا في التضخم، حتّى لو كلّفهم ذلك ركودا اقتصاديا أو أزمة مصرفية، لأن المعادلة واضحة في هذا الاطار، وهي أن الاصرار على تخفيض التضخّم سيعيد للدولار رونقه فيعود “جذّابا” من جديد.
اذا، وباختصار رفع الفوائد مع توقعات بانخفاض التضخم يصبح من مصلحة الجميع شراء أصول بالدولار الأميركيّ.
الأخبار عن الدولار تركت آثارا في السوق المحليّة، وهو ما برر الى حدّ كبير “الهجمة” على محال الذهب والمصانع من مالكي العملة الخضراء. كما أنّ البعض الآخر يستبدل دولاراته بالليرة اللّبنانية مع ثبات الدولار لمدّة باتت تعدّ نسبيا طويلة، وهنا يشير مارديني الى أن لا داعي للخوف على الدولار فهو حكما أكثر أمانا من اللّيرة اللّبنانية المهددة بالانهيار أكثر فأكثر في أيّ لحظة، لأنه وبكل بساطة نهج طباعة اللّيرة مستمر من أجل تمويل عجز الموازنة العامة ومن أجل سداد متوجبات المصرف المركزي للمصارف بالليرة اللبنانية.
سمر الخوري