تدفع زيادة صادرات الخام الأمريكي في 2023 أسعار النفط في أوروبا وآسيا للانخفاض، مما يثبت أهميتها بين مصادر الإمدادات، وذلك في وقت يقلص فيه منتجون إنتاجهم وتتأثر التدفقات التجارية بعقوبات تستهدف الخام الروسي.
وقال متعاملون ومحللون إن إدخال خام غرب تكساس الوسيط ميدلاند الأمريكي في يونيو حزيران في تحديد سعر برنت المؤرخ، الذي تقدره ستاندرد اند بورز جلوبال كوموديتي إنسايتس، لم يؤد إلى زيادة الصادرات فحسب، وإنما ساعد أيضا على انخفاض أسعار برنت والنفط الأوروبي والأفريقي والبرازيلي والآسيوي الذي يجري تسعيره بخلاف خام القياس. كما تعوض صادرات الخام الأمريكي الفاقد في الإمدادات بعد أن زادت السعودية تخفيضات الإنتاج من يوليو تموز لأكثر مما اتفقت عليه دول منتجة كبرى في يونيو حزيران.
وتوضح زيادة الصادرات تنامي تأثير النفط الخام من الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، في السوق العالمية. وهي تزيد من رسوخ دور الإمدادات الأمريكية في توازن السوق، خاصة وأن منافذ الخام الروسي الخاضع للعقوبات محدودة.
وتشير بيانات إدارة معلومات الطاقة إلى بلوغ متوسط صادرات الخام الأمريكي 4.08 مليون برميل يوميا منذ بداية 2023، ارتفاعا من متوسط 3.53 مليون برميل يوميا في 2022.
وقال جويل هانلي المدير العالمي لأسواق الخام وزيت الوقود في ستاندرد اند بورز جلوبال إنه من بين 61 تقييما لبرنت المؤرخ حتى 27 يوليو تموز دخل فيها غرب تكساس الوسيط ميدلاند، كان الخام الأمريكي من بين الأكثر تنافسية في ستين منها، في حين كان الأكثر تنافسية في نصف تلك الأيام. ويعني هذا أن غرب تكساس الوسيط ميدلاند هو في الواقع الذي يحدد سعر خام القياس.
وتتسبب الإمدادات الأمريكية في ضغط على خامات أخرى. فقد أشارت بيانات رفينيتيف أيكون إلى أن فرق السعر بين شحنات خام فورتيس، التي يتم تحميلها في بحر الشمال، وبرنت المؤرخ عند خصم 2.9 سنت للبرميل في يوليو تموز تحدد بانخفاض عن علاوة 12.4 سنت في يونيو حزيران و24.5 سنت في مايو أيار.
وقال روهيت راثود محلل الأسواق في فورتكسا لأبحاث الطاقة “لأن أهمية ميدلاند تزداد في تقييم برنت المؤرخ، بات يؤثر على خامات أخرى اقتضت الضرورة خفض أسعارها للتنافس مع غرب تكساس الوسيط ميدلاند”.
* تنامي الضغط
يمتد الضغط الناجم عن صادرات غرب تكساس الوسيط الأمريكي ميدلاند إلى خام الشرق الأوسط في الأسواق الآسيوية.
ويقترب خام مربان الإماراتي من درجة كثافة غرب تكساس الوسيط ميدلاند، لكنه يحتوي على نسبة أكبر من الكبريت ويستخدمه المتعاملون في المقارنة بين اقتصاديات شحن خام غرب تكساس الوسيط إلى الشرق.
وخلصت حسابات أجرتها رويترز استنادا إلى بيانات تجارية في السوق إلى أن متوسط علاوة عقود مربان الآجلة فوق الأسعار المعروضة لخام دبي بلغت 1.90 دولار للبرميل دون تغيير عن الشهر السابق، بينما ارتفعت الأسعار النقدية لخام دبي 43 سنتا إلى 1.57 دولار للبرميل خلال الشهر.
ومن المقرر شحن كمية تقترب من أن تكون غير مسبوقة من غرب تكساس الوسيط الأمريكي ميدلاند إلى الشرق في أغسطس آب.
وقال أدي إمسيروفيتش عضو مجلس إدارة سوراي كلين إنرجي، والذي رأس سابقا وحدة تجارة النفط العالمية في جازبروم للتسويق والتجارة “هناك المزيد والمزيد من إنتاج غرب تكساس الوسيط يغزو الأسواق العالمية”.
وأضاف أنه على عكس الخام من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تخفض الإنتاج حاليا لدعم الأسعار “يجري تداول خام غرب تكساس الوسيط بحرية ودون قيود على الوجهة أو الإنتاج، وأصبحت قيمته من أسس التسعير العالمي”.
وأدت زيادة تدفق غرب تكساس الوسيط لأوروبا إلى انخفاض العقود الآجلة لخام برنت بالنسبة لخام دبي، غير أن خام دبي تدعم أيضا بعد إعلان السعودية في يونيو حزيران عن تخفيضات إضافية للإنتاج تجاوزت ما اتفقت عليه أوبك وحلفاؤها، مما قلص كمية الخام مرتفع الكبريت من منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الدرجات المتوسطة والثقيلة، المتاحة لشركات التكرير الآسيوية.
وبلغ متوسط علاوة برنت فوق خام دبي 78 سنتا للبرميل في يوليو تموز، وهو أقل فارق في أكثر من عامين.
ويجعل هذا التأثير خامات حوض الأطلسي منخفض الكبريت مثل تلك من أوروبا وأفريقيا والبرازيل أقل تكلفة للمشترين الآسيويين ويرفع الطلب على غرب تكساس الوسيط ميدلاند في المنطقة، فيما يقول متعامل في النفط مقره سنغافورة إن هذا الخام جعل أسعار مربان تحت ضغط في يوليو تموز.
وقال جون إيفانز من بي.في.إم أويل للسمسرة في النفط إنه حتى مع انخفاض الطلب على الخام في آسيا في الوقت الذي تجري فيه بعض شركات التكرير أعمال صيانة قبل حلول فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، هناك اهتمام كبير بجلب غرب تكساس الوسيط إلى آسيا. وأشار إلى أن الخصم على هذا الخام مقارنة بخام دبي وخام السعودية باهظ الثمن، إضافة إلى انخفاض أسعار الشحن، من الأمور التي تجعل غرب تكساس الوسيط جذابا.
وقال إن تدفق غرب تكساس الوسيط إلى آسيا في أغسطس آب مرتفع لكنه لم يصل إلى الرقم القياسي السابق، وهذا أمر “مثير للإعجاب بما يكفي للحفاظ على اهتمام المستثمرين المتفائلين”.