الذهب

الحرب في المنطقة تعزز الارتفاع القياسي لأسعار الذهب

مساهمة التوترات الجيوسياسية بارتفاع أسعار المعدن الأصفر تُقدّر بـ7% منذ بداية العام

قدّر مجلس الذهب العالمي مساهمة التوترات الجيوسياسية بارتفاع أسعار المعدن الأصفر بنحو 2% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، و7% منذ بداية العام، كما أفاد خوان كارلوس أرتيغاس، رئيس الأبحاث لدى المجلس، الذي رجّح أن يسهم تفاقم الأمور في المنطقة بمزيد من ارتفاع سعر الذهب.

أرتيغاس أوضح بمقابلة مع الشرق أنه من بين المحفزات الثلاثة الأساسية لأسعار الذهب، وهي الطلب على السبائك من البنوك المركزية، وخفض أسعار الفائدة وتراجع قيمة الدولار، والتوترات الجيوسياسية، كان لخفض الفائدة والطلب من البنوك المركزية الأثر الأكبر، إذ ساهم كل من هذين العاملين برفع أسعار الذهب بنحو 6% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في حين أن تراجع الدولار بحدّ ذاته ساهم بـ2%.

ارتفعت أسعار الذهب بما يناهز 15.5% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إذ قفز سعر الأونصة منذ مطلع يوليو من 2323 دولاراً ليصل مطلع أكتوبر الجاري إلى نحو 2684 دولاراً للأونصة، وهو قريب جداً من أعلى مستوى سجله على الإطلاق عندما تجاوز سعر الأونصة 2685 دولاراً بقليل في إغلاق تداولات يوم 26 سبتمبر.

الاتجاه المستقبلي لأسعار الذهب

يرجّح أرتيغاس أن تشهد أسعار الذهب ارتفاعاً إضافياً بالمدى المنظور، مدعومةً بخفض الفائدة في أميركا وأوروبا وبالتوترات الجيوسياسية.

ارتفع سعر الذهب بنحو 30% منذ بداية العام، ويتوقع خبراء أن يستمر في مساره الصعودي، فبنك “سيتي غروب” مثلاً توقع وصول سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة خلال مدّة أقصاها 18 شهراً، بفضل ارتفاع مستوى شراء المستثمرين للمعدن النفيس، وسط توقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة مجدداً.

وينوّه بنك “غولدمان ساكس” بأن المعدن النفيس يتسم بأنه “سوق صاعدة لا تتزعزع”، ورفع توقعاته لسعر الأونصة بنهاية العام إلى 2700 دولار. فيما كان “جيه بي مورغان” توقع وصول سعر الأونصة إلى 2500 هذا العام، وهو المستوى الذي تمّ تخطيه خلال الشهر الماضي.

الانتخابات الأميركية والذهب

“تأثير الانتخابات في الولايات المتحدة بحد ذاتها على الذهب محدود، إذ إنه تاريخياً، لم تحرك الانتخابات سعر المعدن الأصفر كثيراً”، وفق أرتيغاس، الذي رأى أن “ما يهم ليس الانتخابات، بل السياسات التي ستُطبّق بعدها، كالضرائب وأسعار الفائدة، وهي أمور تستغرق وقتاً حتى تتبلور”.

كان استطلاع رأي أجرته “بلومبرغ” قبل أسابيع وجد أن الذهب سيكون أفضل وسيلة تحوط في المحافظ الاستثمارية حال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. شمل الاستطلاع 480 مشاركاً، رأى 53% منهم أن الذهب يضمن أفضل أداء كملاذٍ آمن إذا فاز ترمب بالسباق الرئاسي، فيما اختار 26% منهم الدولار، و21% اختاروا الفرنك السويسري.

ارتفع الذهب بأكثر من 50% خلال فترة رئاسة ترمب الماضية، بينما تراجع مؤشر “بلومبرغ” للدولار بأكثر من 10%، وذلك في ضوء برنامجه الانتخابي الذي يرتكز على خفض الضرائب والرسوم وتقليل التنظيمات والتشريعات.

وكان توقع أكثر من 60% من المشاركين باستطلاع “بلومبرغ” أن قيمة العملة الأميركية ستتراجع في حالة فوز مرشح الحزب الجمهوري بولاية رئاسية جديدة.

واعتبر أرتيغاس، بمقابلته مع “الشرق”، أن “الضبابية حيال فوز هاريس أم ترمب بالسباق الرئاسي، تدفع باتجاه التحوط وشراء الذهب حالياً”.

الطلب الصيني

ينقسم الطلب الصيني إلى جانبين، بحسب أرتيغاس، هما الطلب على المجوهرات والطلب الاستثماري. مضيفاً أن “الطلب على المجوهرات تراجع مع ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو” في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، لكن ذلك “عوّضه الاهتمام بالذهب كأصل استثماري سواء من قِبل الصناديق أو عبر الشراء في السوق خارج البورصة”.

شهد طلب الصين على الذهب تراجعاً كبيراً وسط ارتفاع أسعار المعدن النفيس بشكل قياسي، حيث تدهورت المبيعات في محلات المجوهرات في البلاد مع تردد المشترين في الشراء.

كما انخفض الطلب الإجمالي على السبائك بنحو 6% في النصف الأول من العام الجاري عن العام السابق ليصل إلى 524 طناً، وفق تقرير صدر عن مجلس الذهب الصيني. وتشير البيانات إلى تراجع حاد بنسبة 52% في مشتريات المجوهرات خلال الربع الثاني، وفقاً لحسابات “بلومبرغ”.

يشكّل ذلك تحولاً حاداً عن الأشهر الثلاثة الأولى من العام، عندما ساعد شراء البنك المركزي الصيني والمستهلكين في البلاد للمعدن النفيس، باعتباره ملاذاً ضد الانخفاض الطويل الأمد في قطاع العقارات والأسهم المتقلبة، في دفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية متتالية. وتوقف بنك الشعب الصيني عن الشراء في مايو ويونيو بعد فترة شراء دامت 18 شهراً.