يُظهر بنك الشعب الصيني استعداداً أكبر لشراء الذهب، ولو بأسعارٍ مرتفعة، باعتباره زيادة في الاحتياطيات وأداة تحوُّط سياسية وليس اقتصادية فحسب، بحسب بنك “جوليوس باير”.
كارستين مينكي، رئيس قسم الأبحاث المستقبلية في البنك، تساءل بمذكرة عن هوية الجهة المستعدة لدفع أعلى سعر مقابل الحصول على الذهب، ورأى أن الإجابة تنحصر بين البنك المركزي الصيني، بشكلٍ أساسي، ومستثمرين في “العالم الغربي” بدأوا تدريجياً في البحث عن ملاذ آمن في ظل عودة الحديث عن إمكانية مواجهة الاقتصاد الأميركي خطر الركود.
أحجم بنك الشعب الصيني عن شراء الذهب خلال الفترة الماضية، إذ لم يضف أي كمية إلى احتياطياته للشهر الرابع على التوالي في أغسطس، بعد أن وصلت أسعار المعدن النفيس إلى مستويات قياسية.
لكن مينكي ركز على الجانب السياسي لتوجه الصين نحو زيادة احتياطيات الذهب، درءاً لمنهجية “استخدام الدولار كسلاح”، التي اعتُمدت ضد روسيا بعد غزوها أوكرانيا.
عوامل غير تقليدية
عزت مذكرة “جوليوس باير” الارتفاع في أسعار الذهب منذ بداية 2024 لعوامل غير تقليدية، على رأسها الطلب على الذهب في الاقتصادات الناشئة وأبرزها الصين. في حين أن العوامل التي كانت تهيمن على سوق الذهب لأكثر من 10 سنوات، وهي قوة الدولار وعائدات السندات الأميركية والطلب الاستثماري في العالم الغربي، لم يكن لها أي حضور في السوق خلال معظم فترات العام الجاري.
ويوضح مينكي أن “الدولار حافظ على قيمته، وبقيت عائدات سندات الخزانة مرتفعة، ما دفع المستثمرين في العالم الغربي إلى الابتعاد عن سوق الذهب، والتوجه نحو بدائل أفضل مثل السندات الأميركية من الفئة الممتازة”.
ارتفع سعر الذهب بنحو 30% منذ بداية العام، ويتوقع خبراء أن يستمر في مساره الصعودي، فبنك “سيتي غروب” مثلاً توقع وصول سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة خلال مدّة أقصاها 18 شهراً، بفضل ارتفاع مستوى شراء المستثمرين للمعدن النفيس، وسط توقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة مجدداً.
ينوّه بنك “غولدمان ساكس” بأن المعدن النفيس يتسم بأنه “سوق صاعدة لا تتزعزع”، ورفع توقعاته لسعر الأونصة بنهاية العام إلى 2700 دولار. فيما كان “جيه بي مورغان” توقع وصول سعر أونصة الذهب إلى 2500 هذا العام، وهو المستوى الذي تمّ تخطيه خلال الشهر الماضي.