ارتفاع الدولار يدخل “أجواء متقلبة” مع عودة التداول في الاتجاهين

تظهر بعض المؤشرات الأساسية في السوق أن الارتفاع الذي شهده الدولار الأميركي متأثراً بعودة دونالد ترمب للبيت الأبيض ربما يكون بلغ ذروته، مع انحسار التفاؤل الذي عززته الانتخابات الرئاسية الأميركية.

انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار لليوم الثالث على التوالي أمس، بعد أن وصل الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى له منذ عامين. تُبين مؤشرات الزخم أن احتمالات تحقيق مكاسب إضافية ربما تكون محدودة على المدى القصير. بحسب المتداولين، أصبحت تدفقات أموال المستثمرين أقل انحيازاً لاتجاه واحد وبدأت توقعات العملة الأميركية تصبح أكثر حذراً.

فوز ترمب بالانتخابات يدعم الدولار الأميركي

أوضح أنتوني فوستر، رئيس التداول الفوري لمجموعة العملات العشر الكبرى في شركة “نومورا إنترناشيونال” (Nomura International) التي يقع مقرها في لندن: “يشهد اتجاه الدولار القوي بعد الانتخابات الأميركية مرحلة أكثر اضطراباً”.

شهدت عملة احتياطيات العالم ارتفاعاً منذ أواخر سبتمبر الماضي مدعومة جزئياً بخطط ترمب لرفع الرسوم الجمركية، والمخاوف من أن جدول أعماله سيقود لارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ما سيثني بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن خفض أسعار الفائدة. صعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 5.3% العام الجاري.

من الناحية الفنية، يظهر “مؤشر الزخم” (ستوكاستيكس البطيء) الخاص بالدولار الأميركي أن العملة الخضراء بلغت ما يُعرف بمستوى الشراء المفرط. في الوقت نفسه، أطلق مؤشر شهية المخاطرة في العملات الأجنبية للأسواق الناشئة التابع لبنك “جيه بي مورغان تشيس” إشارة لبيع الدولار عند إغلاق 15 نوفمبر الحالي، وفق ما ذكره نيراج أثافلي، رئيس قسم المبيعات والتسويق في البنك في سنغافورة.

تخفيض الرهان على صعود العملة الأميركية

حتى صناديق الاستثمار التي تمول تداولاتها بالديون، التي زادت في البداية رهاناتها على ارتفاع الدولار الأميركي مقابل عملات مثل اليورو واليوان الخارجي والين الياباني بعد الانتخابات الأميركية، يبدو الآن أنها تقلل رهاناتها على استمرار مكاسب الدولار الأميركي.

ذكر أثافلي من “جيه بي مورغان”: “على مدى الأسبوع الماضي، تجاوزت عمليات بيع الدولار الأميركي عالمياً صفقات الشراء. اشترى مديرو الأصول الدولار الأميركي بصورة طفيفة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، لكن هذا التأثير تم تعويضه ببيع صناديق الاستثمار التي تتحرك بناء على توقعات الاقتصاد الكلي للدولار الأميركي وشراء اليورو”.

ما زالت فكرة قوة الدولار الأميركي رائجةً لدى الكثيرين في أوساط “وول ستريت”. كانت صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول والمضاربون الآخرون يعيدون توزيع مراكزهم الاستثمارية بهدف تحقيق مزيد من المكاسب. ووفق أحدث بيانات لجنة تداول السلع الآجلة للأسبوع المنتهي في 12 نوفمبر الحالي، كانوا يحتفظون بعقود تبلغ قيمتها حوالي 17.7 مليار دولار والتي تستفيد من ارتفاع الدولار الأميركي.

توقعات استمرار الأداء القوي

تخلى خبراء استراتيجيون في “غولدمان ساكس” الشهر الحالي عن توقعاتهم طويلة الأمد بشأن انخفاض الدولار؛ إذ يرون أن هناك أسباباً لاستمرار قوة العملة الأميركية “لفترة أطول”. أشاروا إلى أن سياسات ترمب الحمائية قد تعيد تأجيج التضخم في الولايات المتحدة وتجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يقلص وتيرة تخفيض أسعار الفائدة، ما سيدفع مؤشر تجارة الدولار الأميركي المرجح للارتفاع بنحو 3% خلال العام المقبل.

بينما يعتقد خبراء “مورغان ستانلي” أن الدولار الأميركي سيظل متذبذباً في نطاق محدود خلال 2025، فإنه يتوقع استمرار صعوده في العام الحالي.

اختتمت هيلين جيفن، مسؤولة وحدة تداول العملات الأجنبية في شركة “مونيكس” (Monex)”: “من المرجح أن تحافظ سياسات الإدارة الجديدة الداخلية على نشاط الاقتصاد، وستواصل السياسة التجارية قدراً من الضغط الصعودي على الدولار الأميركي”. يوجد مجال لبعض التراجع إذا لم تُنفذ هذه السياسات، أو لم تحقق نتائجها المنتظرة، لكن المخاطر بالنسبة للدولار الأميركي ما تزال تميل نحو اتجاه الصعود”.