تشهد أسعار العقود المستقبلية للنحاس والفضة في نيويورك ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالأسعار المرجعية العالمية، فيما تتزايد رهانات المتعاملين على فرض دونالد ترمب رسوماً جمركية باهظة على واردات المعدنين ضمن التصعيد الكبير في حربه التجارية العالمية.
يتزامن الارتفاع الجديد في العلاوات السعرية مع تزايد الضبابية والقلق في الأسواق المالية إزاء النطاق المحتمل لسياسات ترمب التجارية قبيل تنصيبه في 20 يناير. وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن فريقه الرئاسي يخطط لفرض تعريفات جمركية أقل على واردات السلع الحيوية، والمحتمل أن تتضمن النحاس، رغم نفي ترمب الخبر.
كما نقلت قناة “سي إن إن” الأربعاء عن أشخاص مطلعين على الأمر أن ترمب يدرس إعلان حالة طوارئ اقتصادية وطنية لتوفير الأساس القانوني لفرض الرسوم الجمركية الشاملة.
استعداد لرسوم ترمب الجمركية
قال أولي هانسن، مدير استراتيجية السلع الأولية لدى “ساكسو بنك” (Saxo Bank): “بدأ المستثمرون العام الجديد في جميع أنحاء العالم بالسعي إلى التحوط من التضخم المستمر والمحتمل ارتفاعه، ومخاوف تزايد الديون الحكومية، وعدم القدرة على توقع تصرفات ترمب”، ويرتبط الارتفاع الكبير في أسعار عقود “كومكس” المستقبلية بالتأكيد بعدم القدرة على توقع إجراءات ترمب.
جرى تداول عقود النحاس المستقبلية تسليم أقرب أجل ببورصة “كومكس” بعلاوة سعرية 623 دولاراً للطن عن أسعار العقود المماثلة المحددة في بورصة لندن للمعادن، قرب مستويات قياسية جرى تسجيلها خلال ضائقة المراكز المكشوفة التاريخية التي هزت سوق النحاس العالمية العام الماضي.
يسارع المتعاملون إلى شحن النحاس إلى المخازن في الولايات المتحدة للاستفادة من ارتفاع الأسعار منذ العام الماضي، وتجري محاولات مشابهة في الفضة منذ بدأت أسعارها في الارتفاع ببورصة نيويورك.
فرص ومخاطر أمام مستثمري المعادن
بينما يوفر اختلال الأسعار فرص مكاسب كبيرة للمتعاملين الذين توجد لديهم مخزونات متاحة للتسليم إلى “كومكس”، فإنه يشكل مصدراً لمخاطر كبرى على المستثمرين الذين لا يتوفر لديهم أي مخزون.
وتتحرك الأسعار في بورصتي نيويورك ولندن للمعادن بوتيرة شبه متماثلة عادةً، ويسعى عدد من المتعاملين المعتمدين على الخوارزميات وصناديق التحوط إلى تحقيق المكاسب عبر الرهانات على أن أي فروق تظهر في الأسعار سرعان ما ستجري معادلتها مجدداً.
وقد ينطوي ذلك في سوق النحاس على شراء عقود المعدن في بورصة لندن وبيع العقود المستقبلية في “كومكس” في نفس الوقت، وسرعان ما تعيد هذه العملية التي يطلق عليها اسم “المراجحة” اتساق الأسعار. وقد يتكبد المستثمرون خسائر فادحة إذا استمر فرق السعر في الازدياد.
مثلت هذه الآلية العامل الأساسي وراء أزمة النحاس العام الماضي، عندما تكبد متداولو المراجحة خسائر هائلة في رهاناتهم على أن أسعار عقود “كومكس” ستنخفض مقارنة بالعقود المستقبلية في بورصة لندن. وحالياً، يشير بعض المتعاملين والمحللين إلى خطر تكرر الأزمة نفسها في سوق الفضة، نتيجة قلة إمدادات المعدن المتاحة للتسليم الفوري مقابل عقود “كومكس” المستقبلية.