المستثمرون يندفعون إلى الدولار الأميركي كملاذ آمن بعد رسوم ترمب الجمركية

ترى بنوك في وول ستريت، بما في ذلك “غولدمان ساكس” و”جيه بي مورغان تشيس”، أن هناك فرصة كبيرة لجني الأرباح من شراء الدولار، حتى بعد أن أدت سياسة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى ارتفاع قيمة العملة الخضراء.

من بين الصفقات التي يتوقعها المصرفان، يرى “غولدمان ساكس” تجاوز الدولار مستوى التعادل مع اليورو، بينما يتوقع “جيه بي مورغان” أن يصل سعر العملة الأميركية إلى نحو 1.5 دولار كندي لأول مرة منذ جيل.

شهدت معظم فئات الأصول انخفاضاً بعد إعلان ترمب عن فرض رسوم جمركية على كندا والصين والمكسيك بدءاً من الثلاثاء، مما جعل الدولار المستفيد الأكبر. على الرغم من أن العديد من المتداولين كانوا قد استعدوا مسبقاً لهذه الرسوم منذ تنصيب ترمب، إلا أن اللهجة المخففة الأولية التي أبداها تجاه الصين عززت التوقعات بأنه قد يمتنع عن التصعيد، ما أدى إلى تراجع قوة الدولار لفترة وجيزة. لكن هذه التوقعات سرعان ما تبددت.

قال استراتيجيون في “غولدمان ساكس”، من بينهم دومينيك ويلسون، في مذكرة بحثية: “الرسوم الجمركية لها تأثير واضح ومباشر على أسعار الصرف، على عكس فئات الأصول الأخرى”، مشيرين إلى مخاطر انخفاض اليورو بنسبة تتراوح بين 8% و10% في حال فرض رسوم جمركية عالمية.

الدولار والتضخم الأميركي

تزداد جاذبية الدولار دعماً من توقعات بأن الحرب التجارية ستعزز التضخم الأميركي، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، فضلاً عن الإضرار بالاقتصادات الأجنبية أكثر من الولايات المتحدة، ما يعزز مكانته كملاذ آمن في أوقات المخاطر.

دفع ارتفاع الدولار يوم الاثنين الدولار الكندي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقدين، بينما تراجع البيسو المكسيكي واليورو والدولار الأسترالي إلى مستويات متدنية لم تُسجَّل منذ سنوات.

قال فالنتين مارينوف، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشر في “كريدي أغريكول”: “قد يكون التأثير الرئيسي على سوق الصرف الأجنبي ناتجاً عن تصاعد تجنب المخاطر وسط تنامي القلق بشأن النمو العالمي”، مضيفاً أن ذلك سيعزز من قوة الدولار. قال: “بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الحرب التجارية العالمية إلى اتساع الفجوة في النمو بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، ما يدعم ارتفاع الدولار”.

أصبح الاحتفاظ لفترة طويلة بالدولار أحد أكثر الصفقات شعبية في الأسواق العالمية مؤخراً. ووفقاً لبيانات لجنة تداول السلع الآجلة التي جمعتها “بلومبرغ”، فإن الصناديق ذات الرافعة المالية أكثر تفاؤلاً بشأن العملة مما كانت عليه منذ سبتمبر 2018.

صفقات الملاذ الآمن

يوصي “جيه بي مورغان” أيضاً بالتفاؤل تجاه مراكز الدولار والين مقابل عملات الاقتصادات المستهدفة بالرسوم الجمركية، مثل الدولار الكندي واليورو. قال البنك إن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% قد يدفع الدولار الكندي إلى 1.58 للدولار الأميركي، بينما قد يصل الدولار إلى 23.5 مقابل البيسو المكسيكي، و7.37 مقابل اليوان الخارجي.

على الرغم من أن منطقة اليورو نجت من إعلانات ترمب الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية، إلا أنه أكد أن الرسوم ضد الاتحاد الأوروبي “ستحدث بالتأكيد”.

يرى “غولدمان ساكس” أن الدولار سيواصل قوته أمام العملات الأخرى، مثل اليوان الصيني، حيث تعزز مكانته كعملة ملاذ آمن من جاذبيته. يتوقع البنك أن يهبط اليوان المحلي إلى مستوى 7.5 أمام الدولار.

أما استراتيجيو “سيتي غروب”، فيبدون أكثر حذراً، إذ يتوقعون ارتفاع الدولار على المدى القصير، لكنهم أشاروا إلى احتمال انعكاس هذا الاتجاه مع بدء الأسواق في تقييم تأثير الرسوم الجمركية على أكبر اقتصاد في العالم.

رأي استراتيجيي “بلومبرغ”

نظراً لوجود بعض المؤشرات على أن المتداولين ما زالوا يرون إمكانية أن تكون رسوم ترمب الجمركية تكتيكات تفاوضية قصيرة الأجل، فإن الدولار لديه مجال كبير للارتفاع كلما طالت المواجهات التجارية.

 

من جانبه، قال كين بينغ، رئيس استراتيجية الاستثمار لآسيا في قسم الثروة بـ”سيتي غروب” في هونغ كونغ: “عندما تبدأ العواقب الاقتصادية في التأثير على الولايات المتحدة، عندها قد تبدأ الأمور في الانعكاس. أفضل أن أكون مشترياً للتقلبات في الوقت الحالي بدلاً من المراهنة على اتجاه محدد”.

ردّت كندا بالفعل بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الولايات المتحدة بعد خطوة ترمب الأولى، بينما تعهدت المكسيك والصين بالرد. في الوقت نفسه، وعد الاتحاد الأوروبي بـ”الرد بحزم” إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية.

قال إيريك نيلسون، استراتيجي ماكرو في “ويلز فارغو”، إن الأسواق لا تزال تقلل من شأن احتمالية فرض الرسوم الجمركية بشكل “جاد”، مشيراً إلى أن مؤشر “بلومبرغ” للدولار قد يرتفع بنسبة 3% أخرى، متجاوزاً أعلى مستوياته المسجلة في عام 2022 إذا واصل ترمب تصعيد التهديدات. أضاف أن فرض قيود دائمة بنسبة 25% على الواردات الكندية قد يدفع سعر الصرف إلى 1.7 دولار كندي أمام الدولار الأميركي، بينما يُتوقع استمرار تراجع البيسو المكسيكي واليوان.