تعززت هيمنة الدولار الأميركي على التجارة العالمية خلال يناير الماضي، إذ شكلت المعاملات المقومة بالعملة الخضراء أكثر من نصف عمليات صرف النقد الأجنبي الدولية التي تمر عبر نظام التحويلات المالية العالمية “سويفت”.
أفاد نظام “سويفت”، أو “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك”، في بيان أن نسبة المدفوعات العالمية التي تمت باستخدام الدولار الأميركي زادت إلى 50.2% في يناير الماضي مقارنة مع 49.1% في الشهر السابق، ما يُعد أعلى مستوى منذ أن عدلت الجمعية التي يقع مقرها في بلجيكا، طريقة جمع بيانات المعاملات في منتصف 2023.
الدولار العملة الاحتياطية الرئيسية
بصفته العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، ما زال الدولار يمثل الحصة الأكبر من عمليات “سويفت”، إذ بلغ متوسط استخدامه نحو 48% من إجمالي المعاملات الدولية خلال الأشهر الـ 18 الماضية، تليها من حيث الحجم، عملة اليورو، بحصة تبلغ نحو 23% في المتوسط، بينما يأتي في المرتبة الثالثة الجنيه الإسترليني بنسبة 7.1%.
تعكس بيانات سوق الصرف الأجنبي الحقائق الاقتصادية التي تكرس الدور المحوري الذي يضطلع به الدولار الأميركي في التجارة الدولية، وذلك في وقت تتزايد فيه النقاشات حول إيجاد بدائل لاستخدام العملة الأميركية.
أوضح مارك تشاندلر، كبير الخبراء الاستراتيجيين المعني بالأسواق في شركة “بانوكبيرن غلوبال فوركس” (Bannockburn Global Forex) والمتمرس في أسواق العملات، خلال مؤتمر خاص بالقطاع في ميامي الأسبوع الماضي: “إذا كان هناك بديل للدولار الأميركي، فلا يكفي أن يكون جيداً مثله، بل يجب أن يكون أفضل”.
تُعد “سويفت” أشبه بشبكة اتصالات ضخمة أكثر من كونها منظومة مدفوعات، إذ تعتمد عليها البنوك العالمية في إرسال الرسائل المتعلقة بصفقات العملات. بدأ النظام في تجميع البيانات عام 2010، لكن الأرقام منذ يوليو 2023، تعكس تعديلات تقنية في طريقة تتبع المعاملات بناء على معايير الإبلاغ التجاري التي جرى تحديثها مؤخراً.
العقوبات على روسيا
لكن قطعاً ليس كل المعاملات تُجري في سوق الصرف الأجنبي، الذي تصل قيمته إلى 7.5 تريليون دولار يومياً، تمر عبر “سويفت”، إذ استبعد النظام عدة بنوك روسية كبرى من خدماته في 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. رغم ذلك، تسلط البيانات الضوء على التدفقات المالية الهائلة التي تدفع حركة التجارة على المدى الطويل. ووفقاً لأحدث مراجعة سنوية أصدرتها “سويفت” خلال يونيو 2024، فقد أُرسل 11.9 مليار أمر تجاري عبر النظام خلال 2023، مقارنة مع 11.2 مليار خلال العام السابق.
في السنوات الأخيرة، برزت مجموعة متزايدة من المنافسين الذين يسعون لإيجاد طرق للتبادل دون استخدام الدولار الأميركي أو المؤسسات المالية الأميركية، مدفوعة جزئياً برغبة روسيا في تطوير اقتصادها في مواجهة العقوبات الصارمة.
مجموعة “بريكس”
يدور هذا النقاش بشكل أساسي حول مجموعة دول “بريكس” (BRICS)، التي تضم اقتصادات ناشئة مثل روسيا والصين إلى جانب البرازيل والهند وجنوب أفريقيا. أفادت جمعية “سويفت” اليوم بأن اليوان يحتل حالياً المرتبة الرابعة من حيث حصته بحركة المدفوعات الإجمالية عبر النظام، بنسبة تقارب 3.8%، أي ضعف مستواه قبل عقد. أما الراند الجنوب أفريقي، فقد استحوذ على نحو 0.3% من إجمالي المدفوعات الشهر الماضي. ولم تُدرج عملتا البرازيل والهند ضمن قائمة أكبر 20 عملة متداولة، وفق تقرير “سويفت”.
ركز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصورة متزايدة على دور الدولار الأميركي في الأسواق الدولية، مكرراً تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على مجموعة “بريكس” في حال انتقلت إلى اعتماد عملة خاصة بها. بينما أصبحت الرسوم الجمركية محور سياسات الإدارة الأميركية الجديدة، لم تُنفذ أي إجراءات كبرى إلى حد الآن.