الدولار.. الضحية الأحدث لفوضى الرسوم الجمركية

يُعد الدولار أحدث ضحية لاضطرابات الأسواق هذا الأسبوع، في ظل تصاعد الحرب التجارية العالمية التي تنذر بتقويض النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

هوى مؤشر “بلومبرغ” لقياس أداء العملة الخضراء يوم الجمعة إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر، في إطار موجة تخارجات أوسع من الأصول الأميركية بعد تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. استفادت الملاذات الآمنة مثل الين والفرنك السويسري والذهب من هذه التدفقات الخارجة.

قال كريستوفر وونغ، خبير استراتيجيات العملات في “أوفرسي-تشاينيز بانكنغ كورب” (.Oversea-Chinese Banking Corp): “الثقة في الدولار باتت مهددة”، مشيراً إلى تصاعد الشكوك بشأن مكانته كعملة احتياطية في ظل تلاشي الاستثنائية الأميركية وارتفاع الديون الأميركية.

تحركات يوم الجمعة جاءت لتختتم أسبوعاً آخر مضطرباً في الأسواق العالمية مع استمرار تغيرات سياسة ترمب التجارية بشكل سريع، ما جعل المستثمرين عاجزين عن تحديد خطوتهم التالية. سجل الدولار يوم الخميس أكبر تراجع له في أكثر من عامين، وسط توقعات متزايدة بأن يضطر مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة للتصدي للتأثير الانكماشي الناتج عن الرسوم الجمركية الأميركية.

الأصول الأميركية الأخرى تعرضت أيضاً لضغوط قوية. فقد أغلق مؤشر “إس آند بي 500” جلسة الخميس متراجعاً بنسبة 3.5%، بينما هوت سندات الخزانة طويلة الأجل. كما أظهرت مقايضات المؤشر لليلة واحدة توقعات بخفض الفائدة بنحو 90 نقطة أساس خلال العام الحالي.

الملاذات الآمنة أمام الدولار

ارتفع الطلب على الملاذات الآمنة في ظل اندفاع المستثمرين نحو الأصول عالية الجودة. قفز الين بنسبة تجاوزت 1% إلى 142.89 مقابل الدولار يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر الماضي.

أما الفرنك السويسري فقد صعد إلى 0.8141 أمام الدولار، وهو مستوى لم يُسجل منذ أوائل عام 2015، في حين ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد. كما استفاد اليورو من ضعف الدولار ليصل إلى 1.1383 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2022.

التدهور السريع في آفاق الاقتصاد الأميركي يمثل تحولاً جذرياً مقارنة مع التوقعات السابقة بأن عودة ترمب إلى البيت الأبيض ستؤدي إلى خفض الضرائب، وتسريع النمو وتعزيز قوة الدولار.

يترقب المتداولون الآن رد بكين بعد أن أوضحت الإدارة الأميركية أن الرسوم الجمركية على الصين ارتفعت إلى 145%. لا يزال الغموض يكتنف ما سيحدث بعد انتهاء فترة التوقف البالغة 90 يوماً على رفع الرسوم الجمركية على عشرات الدول الأخرى.

قال رودريغو كاتريل، استراتيجي في بنك أستراليا الوطني (.National Australia Bank Ltd) في سيدني: “ما لم تكن هناك قناعة بأن التوصل إلى حل بات وشيكاً، فإن السوق على الأرجح ستبقى على مسارها الحالي، أي التخارج من الدولار”. وأضاف: “السردية الحالية التي تروج للتخارج من الأصول الأميركية وبيع الدولار ستظل قائمةً طالما استمرت التوترات التجارية في التصاعد”.