الذهب

توقعات صعود سعر الذهب مهددة.. ومراقبون: حان الوقت لتوخي الحذر

تفوق ارتفاع أسعار الذهب هذا الشهر على فئات الأصول الأخرى، لدرجة أن البعض شبهه بوتيرة صعود “بتكوين”، وجاء هذا الارتفاع وسط الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب والتي تعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة.

لكن تحركات عقود الخيارات حالياً حثت عدداً من مراقبي السوق على الإشارة إلى أن الوقت قد حان لتوخي الحذر. فمع ارتفاع سعر الذهب إلى مستوى قياسي الأسبوع الماضي، تجاوز حجم تداول عقود الخيارات في صندوق “إس بي دي آر غولد شيرز إي تي إف” (SPDR Gold Shares ETF) المتداول 1.3 مليون عقد، ما يمثل مستوى غير مسبوق. وفي الوقت نفسه، استقرت تكلفة التحوط من انخفاض الأسعار في الصندوق قرب أدنى مستوى لها منذ أغسطس، بينما ارتفع معدل التقلب الضمني، ما يعد نمطاً غير معتاد.

قال تانفير ساندو، كبير المحللين الاستراتيجيين لعقود المشتقات العالمية لدى “بلومبرغ إنتليجنس”: “أظهر الذهب و(بتكوين) ديناميكيات ارتفاع الأسعار الفورية والتقلبات على نحو مشابه لما شهدته أسهم شركات (العظماء السبعة) في الأعوام الماضية”. وأشار إلى أن الطلب على عقود شراء المعدن زاد، بينما أدى تراجع سعر الأصل في الآونة الأخيرة إلى أن يصبح التقلب الضمني على مستوى أسعار التنفيذ المختلفة أكثر توازناً.

لماذا تتقلب أسعار الذهب بشدة الآن؟

تراجع سعر الذهب بأكثر من 6% عن أعلى مستوى له خلال يوم تداول واحد سجله الأسبوع الماضي، إثر ظهور إشارات على احتمال تراجع حدة التوترات التجارية. وفي هذه الأثناء، خفض مديرو صناديق التحوط صافي مراكز عقود الشراء المستقبلية وعقود الخيارات للمعدن النفيس إلى أقل مستوى منذ أكثر من عام، وفق أحدث بيانات تصدر عن لجنة تداول السلع الآجلة.

أسهمت فترة العزوف عن المخاطرة في الآونة الأخيرة، التي سببتها الرسوم الجمركية وفكرة أن “الاستثنائية الأميركية” توشك على الانتهاء، في تفوق أداء الذهب بشكل كبير على فئات الأصول الأخرى هذا الشهر، بما يشمل سندات الخزانة والأسهم الأميركية.

أما المحللين الاستراتيجيين لدى “باركليز” فيرون أن ارتفاع سعر الذهب يتجاوز المعطيات الأساسية، وأشاروا في مذكرة صدرت الأسبوع الماضي أن سلسلة عمليات شراء الذهب الشهرية ليست خارجة عن المألوف مقارنةً بالاتجاه طويل الأجل للبنوك المركزية لشراء الأصل.

أشار ستيفانو باسكال من “باركليز” إلى أن تفوق المعدن النفيس في الأداء أدى أيضاً إلى موجة كبيرة من المضاربات، حيث شهد الطلب على عقود الشراء في صندوق الذهب المتداول ارتفاعاً كبيراً، بعد “يوم التحرير” الذي أعلنه ترمب، ما أدى إلى انعكاس الانحراف (أي ارتفاع التقلب الضمني). ولفت المحللون الاستراتيجيون إلى أن ذلك الانعكاس، إلى جانب خفض صناديق التحوط المراكز الاستثمارية وتراجع أسعار المعدن النفيس، كلها عوامل تدعو إلى توخي الحذر، على الأقل في المدى القصير.

هل هناك مبالغة في سعر الذهب؟

أضاف باسكال في مقابلة: “نتوقع أن تتراجع أسعار الذهب”، وأن هناك “اختلالاً” في سعر السلعة مقارنة “بالمحركات الرئيسية” المتمثلة في الدولار الأميركي وأسعار الفائدة الحقيقية، وأن “العوامل الفنية بدأت تنطوي على قدر من المبالغة”.

من جهته يري غاريت دي سيمون، كبير المحللين الكميين لدى “أوبشن متريكس” (Option Metrics)، أوجه تشابه بين الذهب و”بتكوين”، فمن وجهة نظره قد يشهد سعرا الأصلين مزيداً من الارتفاع طالما استمر التقلب الضمني والانحراف بين النطاق التاريخي طويل الأجل لكل منهما. وأضاف: “من منظور سوق عقود الخيارات، توقعات الارتفاع والانخفاض متقاربة للغاية”.

فيما يوضح مؤشر “باركليز” الخاص استمرار التفاؤل تجاه أسعار الذهب، يوصي المحللون الاستراتيجيون ببيع عقود الشراء لشهر يونيو بهدف شراء عقود البيع لعكس المخاطر دون أي تكلفة.

واختتم باسكال: “واضح أن عمليات التداول تعتمد على الاتجاه بشكل رئيسي، بالتالي يجب أن ينخفض سعر الذهب لتحقق عمليات التداول جدواها”.