ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية وتراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية مع انخفاض الدولار، وذلك في ظل مخاوف متزايدة بشأن الدين العام الأميركي وارتفاع العجز، بعدما خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة مساء الجمعة.
ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً بأكثر من 10 نقاط أساس ليصل إلى 5.021%. كما ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أيضاً بمقدار 10 نقاط أساس ليصل إلى 4.542%. في الوقت نفسه، ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل عامين بأكثر من نقطتين أساس، ليصل إلى 4%.
نقطة الأساس الواحدة تعادل 0.01%، وتتحرك العوائد والأسعار في اتجاهين متعاكسين.
كما تراجعت الأسهم الأوروبية والآسيوية، في وقت أظهرت فيه بيانات متباينة من الصين أن اقتصادها يواجه صعوبات، بينما واصلت الإدارة الأميركية ضغوطها الخطابية على الشركاء التجاريين والشركات الأميركية.
وتزايد القلق بشأن الدين الأميركي البالغ 36 تريليون دولار، مع اقتراب الجمهوريين من تمرير حزمة واسعة من التخفيضات الضريبية، يُقدّر بعض الخبراء أنها قد تضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار إلى الدين خلال العقد المقبل.
قال جورج لاغارياس، كبير الاقتصاديين في شركة «فورفيس مازارز»: «ما تراه وكالة موديز، ببساطة، هو أن تفاقم الدين لا يُعالَج». وأضاف: «مشروع القانون الجمهوري الضخم يساهم أيضاً في ارتفاع العوائد».
ومن جانبه، قلّل وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أهمية خفض التصنيف الائتماني من قبل موديز خلال مقابلات تلفزيونية يوم الأحد، لكنه في الوقت نفسه وجّه تحذيراً للشركاء التجاريين، ملوّحاً بفرض أقصى الرسوم الجمركية إذا لم يقدموا عروضاً تجارية «بحسن نية».
يتوجه وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت هذا الأسبوع إلى اجتماع مجموعة السبع (G7) لمواصلة المحادثات، في حين اجتمع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين يوم الأحد لمناقشة ملف التجارة.
غموض بشأن الرسوم الجمركية
قال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في «جي بي مورغان»: «لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت نسبة 10% للرسوم الجمركية المتبادلة –باستثناء كندا والمكسيك– ستبقى على حالها، أم ستُعدّل صعوداً أو هبوطاً لبعض الدول»، مشيراً إلى أن متوسط الرسوم الحالي، الذي يقدَّر بنحو 13%، يعادل زيادة ضريبية تُقدَّر بـ1.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف فيرولي: «إلى جانب الاضطرابات الناجمة عن الرسوم المرتفعة نفسها، فإن حالة الغموض في السياسات يجب أن تُلقي بظلالها على النمو الاقتصادي».
وقد أثّرت الحرب التجارية سلباً على ثقة المستهلكين، ويترقّب المحللون هذا الأسبوع نتائج أرباح شركات مثل «هوم ديبو» و«تارغت» للحصول على مؤشرات حول اتجاهات الإنفاق.
وكان الرئيس ترامب قد صرّح يوم السبت بأن على شركة «وولمارت» أن «تتحمل تكلفة الرسوم»، وذلك بعدما أعلنت أكبر سلسلة متاجر في العالم أنها ستضطر إلى رفع الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية.
قال جورج لاغارياس، كبير الاقتصاديين في شركة «فورفيس مازارز»: «إذا أجبر الرئيس شركة وولمارت على تحمّل كلفة الرسوم، فإن ذلك سيؤثر على هوامش أرباحها، وسيطال التأثير أيضاً هوامش أرباح الكثير من الشركات الأخرى»، مضيفاً: «لو كنتُ في سوق الأسهم، فهذا ما سأركز عليه، وليس على تخفيض التصنيف الائتماني من موديز».
ضعف في الأسواق العالمية
تراجعت الأسهم العالمية بشكل عام، حيث انخفض مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.5%، كما تراجعت مؤشرات فرانكفورت وباريس ولندن بنسب تراوحت بين 0.1% و0.6%.
أما في آسيا، فقد هبط مؤشر «MSCI» الأوسع نطاقاً لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.4%، بينما انخفض مؤشر نيكاي الياباني 0.7%.
وتراجعت الأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.3% بعد أن جاءت مبيعات التجزئة لشهر أبريل نيسان أقل من التوقعات، في حين تباطأ الإنتاج الصناعي ولكن بأقل مما كان متوقعاً.
كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.2%، و«ناسداك» بنسبة 1.4%، رغم أن هذه التراجعات جاءت بعد موجة ارتفاع قوية الأسبوع الماضي، إثر قرار الرئيس ترامب خفض الرسوم على الصين.
أسعار الفائدة الأميركية لا تنخفض بسرعة
لا تزال الأسواق تتوقع خفضاً محدوداً لمعدلات الفائدة من قبل الفدرالي هذا العام، حيث تبلغ التوقعات الحالية 52 نقطة أساس فقط، مقارنة بأكثر من 100 نقطة أساس قبل شهر. تعكس العقود الآجلة احتمالية 40% فقط لخفض المعدلات بحلول يوليو تموز، وترتفع إلى أكثر من 95% بحلول سبتمبر أيلول.
يتضمن جدول هذا الأسبوع عدة كلمات لمتحدثين من الفدرالي، من بينهم رئيس الفدرالي في نيويورك جون ويليامز ونائب الرئيس فيليب جيفرسون يوم الاثنين، بينما من المقرر أن يتحدث رئيس الفدرالي جيروم باول يوم الأحد.
على الرغم من ارتفاع العوائد، لم يقدم ذلك دعماً كبيراً للدولار الذي تراجع مع استمرار قلق المستثمرين من تقلبات السياسة التجارية الأميركية.
ارتفع اليورو بنسبة 0.7% ليصل إلى 1.1224 دولار، بينما انخفض الدولار بنسبة 0.6% إلى 144.85 ين ياباني.
وفي مقابلة نُشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن تراجع الدولار الأخير يعكس فقدان الثقة في السياسات الأميركية.
ساعد الشعور الإيجابي تجاه اليورو فوز مفاجئ للمرشح الوسطي في الانتخابات الرئاسية في رومانيا على منافس يميني متطرف معارض للاتحاد الأوروبي. كما حقق الوسط نسب نجاح جيدة نسبياً في انتخابات بولندا والبرتغال.
وأعلنت مسؤولة في الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد وبريطانيا توصلا إلى اتفاق مبدئي بشأن الدفاع والأمن وحقوق الصيد وتنقل الشباب قبيل قمة يوم الاثنين.
في أسواق السلع، عاد الذهب للارتفاع بعد خسارة تقارب 4% الأسبوع الماضي، حيث ارتفع بنسبة 0.9% ليصل إلى 3231 دولاراً للأونصة.
أما أسعار النفط فواجهت ضغوطاً بسبب المخاوف من زيادة محتملة في الإنتاج من قبل أوبك وإيران، حيث تراجع خام برنت بنسبة 0.6% إلى 65.04 دولاراً للبرميل، وتراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.5% إلى 62.15 دولاراً للبرميل.