دعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد صُنّاع السياسات إلى اغتنام اللحظة وتعزيز مكانة اليورو على الساحة العالمية، في حين تقوّض سياسات دونالد ترمب الثقة بالدولار الأميركي.
“التحولات الراهنة تمثل فرصة لأوروبا، لتعزيز مكانة اليورو على الساحة العالمية”، بحسب ما كتبته لاغارد في مقال رأي نُشر الثلاثاء في صحيفة “فاينانشال تايمز”. و”لاغتنام هذه الفرصة وتعزيز دور اليورو في النظام النقدي الدولي، ينبغي على أوروبا أن تتحرك بحسم وبوحدة، متولّيةً زمام مصيرها بشكل أكبر”.
جدّدت لاغارد تأكيدها، في تكرار لتصريحات سابقة، “على أوروبا أن تعزز ثلاث ركائز أساسية وهي المصداقية الجيوسياسية والمرونة الاقتصادية والنزاهة القانونية والمؤسسية”.
فرصة لمنافسة الدولار
يرى صناع القرار الأوروبيون، بمن فيهم لاغارد، أن هناك فرصة لمواجهة الهيمنة الطويلة للدولار وتعزيز دور اليورو، بما يتيح لمنطقة العملة الموحدة الاستفادة من مزايا طالما كانت حكراً على العملة الأميركية، مثل انخفاض تكاليف الاقتراض للحكومات والشركات، واقتصاد يتمتع بقدر أكبر من الحماية ضد تقلبات أسعار الصرف.
سجّل العام الجاري موجة تخارج للمستثمرين من الدولار الأميركي، بفعل السياسات المتقلبة للرئيس ترمب لا سيما في ما يتعلق بالتجارة.
ازدادت شهية المستثمرين تجاه أوروبا في ظل توجّه نحو تعزيز الإنفاق العام، لا سيما في ألمانيا. وفي المقابل، يبدي المسؤولون حذرهم من حدوث تحوّل مفاجئ بعيداً عن الدولار، لما قد ينطوي عليه من تهديد لاستقرار النظام المالي العالمي.
تحديات أمام اليورو
أظهر تقرير حديث للبنك المركزي الأوروبي أن استخدام اليورو على الصعيد الدولي بقي مستقراً دون نمو خلال عام 2024، ما يسلّط الضوء على عمق التحديات التي تواجه العملة في سعيها لمنافسة الدولار على المسرح العالمي.
في مقالها، قالت لاغارد إنه “إذا أرادت أوروبا أن يصبح اليورو عملة عالمية مؤثرة أكثر، فهذا لن يحدث بشكل تلقائي، بل يجب أن تعمل أوروبا بجد وتبذل الجهد اللازم لتحقيق ذلك”.
قالت لاغارد: “كما حدث في فترات سابقة، فإن المخاوف الراهنة بشأن العملة المهيمنة ( الدولار) لم تُفضِ بعد إلى تحوّل كبير نحو عملات بديلة أخرى، بل تظهر في شكل طلب متزايد على الذهب”. أكدت لاغارد أن العملة الاحتياطية الدولية “لا تقتصر على الامتيازات بل تستوجب تحمّل مسؤوليات كبرى”.
آليات دعم السيولة
كتبت لاغارد: “لتفادي حدوث نقص في السيولة باليورو خارج منطقة اليورو، يوفر البنك المركزي الأوروبي آليات مثل خطوط المبادلة (التبادل العملات) وإعادة الشراء إلى شركاء رئيسيين، لضمان انتقال سلس لسياسته النقدية”.
جدّدت لاغارد تأكيدها على ضرورة تعزيز استخدام التصويت بالأغلبية المؤهلة (أي اتخاذ قرارات دون الحاجة إلى إجماع جميع الدول) بشأن القضايا الجوهرية، وزيادة إصدار الديون المشتركة على مستوى الاتحاد الأوروبي. واختتمت: “إن تمويل السلع العامة بشكل مشترك مثل الدفاع يمكن أن يؤدي إلى إصدار أدوات مالية موحدة تُعتبر آمنة وموثوقة في الأسواق”.