تُعد الأحجام القياسية لتداول اليورو في سوق خيارات العملات الأجنبية، التي تتجاوز 300 مليار دولار، دليلاً إضافياً على رهان المستثمرين بأن العملة الأوروبية ما زالت تمتلك هامشاً لمزيد من الصعود.
بلغ حجم التداول أكثر من 56 مليار دولار يوم الخميس، بحسب بيانات “ديبوزيتوري ترست آند كليرينغ كوربوريشن” (Depository Trust & Clearing Corporation)، التي جمعتها “بلومبرغ”. وهذا يزيد بأكثر من أربعة أضعاف حجم تداول الين، الذي جاء في المرتبة الثانية عند 13 مليار دولار، ونحو خمسة أضعاف حجم تداول الدولار الكندي الذي حل بعد العملة اليابانية مباشرة.
هل يصل اليورو إلى 1.2 دولار؟
أظهرت البيانات أن متداولي العملات يركزون على خيارات شراء اليورو التي تزداد قيمتها عندما ترتفع العملة مقابل الدولار، وأن حجم العقود التي تراهن على تجاوز مستوى 1.20 دولار قد ارتفع خلال الأسبوع الماضي. هذا يشير إلى تدفق أموال جديدة نحو استراتيجيات تراهن على صعود اليورو، في حين يتراجع الطلب على الدولار بسبب الحرب التجارية الأميركية وتزايد المخاوف المالية.
قال شوكي أوموري كبير الاستراتيجيين لدى “ميزوهو سيكيوريتيز” (Mizuho Securities): “المستثمرون الذين يراهنون على صعود اليورو يواصلون شراء العقود بقوة وبحماس شديد، وهذا واضح في حجم تداول خيارات اليورو هذا الأسبوع. وإذا أقدم ترمب فعلًا على فرض قيود كبيرة جداً على التجارة الدولية، فستصبح منطقة اليورو أكبر كتلة اقتصادية في العالم بعد أميركا، وسيرغب المستثمرون في تداول عملتها”.
اليورو عند أقوى مستوى منذ 2021
تجاوز اليورو مستوى 1.17 دولار يوم الخميس، ليصل إلى أقوى مستوى له مقابل الدولار منذ سبتمبر 2021، في ظل الهدنة بين إيران وإسرائيل وتوقعات أن يخفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، مما زاد الضغوط على العملة الخضراء.
كما تعزز خطط الإنفاق المالي التاريخية في ألمانيا ثقة المستثمرين بأن أوروبا بدأت أخيراً في تجاوز سنوات الركود، مما يزيد من جاذبية الاحتفاظ باليورو.
وعزز اليورو مكاسبه أمام معظم عملات مجموعة العشر خلال الشهر الماضي ويتداول حالياً قرب أعلى مستوى له منذ عقد مقابل عملات مثل اليوان. كما قد يشكّل خطاب رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في مدينة سينترا الأسبوع المقبل محفزاً جديداً للمتداولين.
تشاؤم تجاه الدولار يدعم اليورو
قال أنطونيو روجييرو الاستراتيجي لدى شركة “كونفيرا” (Convera) المتخصصة في الصرف الأجنبي والمدفوعات العالمية: “لقد تلاشى تقريباً الدعم المؤقت الذي حظي به الدولار بسبب التوترات الجيوسياسية وجاذبيته التقليدية كملاذ آمن. وسيواصل اليورو الاستفادة من حالة التشاؤم المستمرة تجاه الدولار”.
تداول اليورو دون تغير يُذكر عند 1.1688 دولار في آسيا يوم الجمعة، بعدما صعد بأكثر من 15% مقارنةً بأدنى مستوياته في فبراير. وكانت آخر مرة سجّل فيها مستوى 1.20 دولار خلال يونيو 2021.
مع ذلك، يحذر بعض الخبراء من أن مكاسب اليورو قد تكون معرضة لفقدان الزخم. وكتب فرانشيسكو بيسولي الاستراتيجي لدى مجموعة “آي إن جي غروب” (ING Groep) بلندن، في مذكرة بحثية “القيمة العادلة لزوج اليورو-الدولار على المدى القصير ارتفعت بشكل كبير، ونحتاج إلى حدوث تطورات على صعيد الرسوم الجمركية أو سوق السندات الأميركية، أو قرارات الاحتياطي الفيدرالي، حتى يتمكن اليورو من الوصول إلى مستوى 1.20 دولار”.
بيانات الاستثمار تدعم الصعود
مع ذلك، تُظهر بيانات خيارات التداول وتوجهات الاستثمار أن لدى السوق أسباباً مقنعة للاعتقاد بإمكانية أن يحقق اليورو مزيداً من المكاسب. وتُظهر بيانات لجنة تداول السلع الآجلة أن مديري الأصول هم الأكثر تفاؤلاً تجاه العملة الموحدة منذ مطلع عام 2024. كما أن صناديق التحوط هي الأقل تشاؤماً بشأن اليورو منذ أبريل.
كتب استراتيجيون في بنك “أوفرسي-تشاينيز بانكنغ كورب” (Oversea-Chinese Banking Corp)، من بينهم فرانسيس تشيونغ وكريستوفر وونغ، في مذكرة بحثية: “العوامل التي تشمل اقتراب البنك المركزي الأوروبي من إنهاء دورة التيسير النقدي، بالتزامن مع تخارج المحافظ الاستثمارية من الدولار وتنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار، قد تدعم العملات الاحتياطية البديلة مثل اليورو”.