المراسلة على:
khibrat-omr@boursa.info
المراسلة على:
khibrat-omr@boursa.info
**** هذه الاسطر تشكل صرخة من القلب وردتنا من شخص يعترض على واقع مرير لا يراه مجديا. ننشر هذه الكلمة كما وردتنا راجين تعميم الافادة من تجربة لم ترَ في بيع التوصيات الا تجارة قد تفيد ممتهنها مرحليا ولكنها لا تحقق نتيجة تذكر بالنسبة لمن يبحث عن الربح.
———————————
يا أصحاب التوصيات . . تمهلوا . .
أصحاب التوصيات كثرٌ … بل قد يكونون أكثر مما تتصور . . إنهم موجودون في كل مكان . . في كل موقع ومنتدى ومحفل يجمع المبتدئ كما الخبير . . مدججين بالأكاذيب والأقاويل التي تدغدغ مشاعر الضعفاء والمبتدئين . .
” لقد اكتشفت المفتاح السحري” .. “لقد اكتشفت ترياق الخسائر وإكسير الأرباح الأبدية” . .” لقد اكتشفت طريقة لن أفصح لكم بها ! لكن سوف أفصح عن توصياتها ونتائجها العمياء لتتبوعها” . .
هكذا يستمرون بتغذية مشاعر الضعف والجهل لدى متبعيها حتى يتسنى لهم توجيههم كما يشاؤون و يريدون. أن يكتسبوا الشهرة والثقة ليستغلوا الضعفاء نحو نتائج لا تحمد عقباها . .
لكن مهلاً . . تمهلوا يا أصحاب التوصيات !!! هل اكتشفت أكسير الحياة ومفتاح النجاح الأبدي ؟؟؟ إذن لماذا لا تحتفظ به لنفسك وتجني الملايين ؟ لا بل المليارات من وراءها ؟؟ ما دام أنك اكتشفت طريقة الربح الدائم ؟ فلماذا لا تحتفظ بها لنفسك؟ وتصنع بها ثروة طائلة ؟ أم أنك تريد أن تخدع بها ثلة من المبتدئين الضعفاء ذوي العهد الحديث بهذا السوق ؟ أم أنك تريد الشهرة والصيت وما هو أبعد من ذلك ؟ هل تريد أن تثبت أنك ناجح بعد أن كسرتك ضربات الفشل ودمرت نفسيتك المتعبة لتحاول أن تثبت بأنك ناجح ومتمكن من خلال التوصيات ؟؟
وأنت يا متبع التوصية العمياء : لماذا لا تتعلم بنفسك وتتعلم أن تجني رزقك بعرق جبينك فيطيب لك حصاده وقطفه . . لا أن تجني جهد الآخرين وتآكل من عرقهم . . لماذا لا تتعلم بنفسك .. فتكبر بنظر نفسك كما بنظر الآخرون . . لماذا لا تكدح وتقرأ وتتعلم وتستكشف وتحاول … وبعدها تكلم بما يطيب لك به … لا أن تعمل متكلاً وخانعاً لغيرك . .
متى أخرج ؟ متى أدخل الصفقة ؟ ماذا أفعل الآن ؟ هل أشتري ؟ هل أبيع ؟ هل أنتظر أم أكتفي بالربح الحالي ؟؟ هل أكتفي بخسارة معينة أم أصبر ؟؟؟
لا يا أخي تمهل قليلاً ! بل توقف نهائياً للحظة . . هو ليس صحيحاً ولا قويماً أصلاً. بل هو ليس مقبولاً !! تعلم يا أخي .. أقرأ .. أجتهد . . أسأل . . وسوف تنجح . . بما أنك متبع لهذه التوصيات المعلبة والمجردة . . فأنت مما لا شك فيه بأنك تسير بقدميك إلى تصفير حسابك . . انت في عملك . . في دراستك . . في أي مجال تبذل مجهوداً فيه … هل تحبذ أن يعمل شخص آخر عنك وأنت تجني جهده وعرقه . . لا أظن بأنك مقتنع بهذا المبدأ … لذا فهذا المضمار هو نفسه هنا . . لم يختلف عنه بشيء . . إن تسعى . . تنجح . . وإن تجتهد تتقدم . . وإن تقرأ وتتميز وتتمحص تتميز . . بالنهاية لا بد من أن تضع هذا المثل نصب عينيك حتى لا تتوه عن طريق الصواب . . ” لا تحسب المجد تمراً أنت آكله … لن تحصد المجد حتى تلعق الصبرا “.
هل قرأت جيداً . . المجد . . إذن هو المجد. ولن تحصله إلا بتعبك وجهدك وهو كما شبهه الشاعر بـ ” الصبر “
نعم . . هي نتيجة منطقية . . من جد وجد ومن سار على الدرب وصل . .
برابرة يعبرون السوق، أبطالٌ نستوطن فيه (4) |
أخنق البربريّ الذي يتغذى من دمك، ترقَ درجة في سلّم البطولة! لعلّ هذه الوسيلة هي الأجدى والأرقى. البطولة تبدأ في النقطة التي تنتهي عندها البربرية. أخنق ذلك المخلوقَ الكريهَ الذي ينمو فيك، أقتله دونما رحمةٍ أو شفقة. إن القتل على بشاعته يبقى أملَُك الأوحد بالارتقاء في بدايات سلّم البطولة الذي يودي بك في النهاية الى تحقيق الربح والفوز بالنجاح.
أعرف الكثير من المتحمسين – ومن مختلف الاعمار والأجناس – الذين دخلوا معنا في تجارة مشمرين عن سواعدهم، مستعدين لقهر الصعاب وتحقيق المعجزات. خاضوا المعاركَ على طريقة “جنكيز خان”، ناضلوا واستبسلوا، تحملوا ألم الجراح وما اشتكوا في أول عهدهم. ناؤوا تحت أحمالِهم في أواخر عهدِهم، ذابت حساباتهم وذابوا معها. دخلوا الى السوق برابرة، وخرجوا منه كما دخلوا. نُصحوا فما انتصحوا، ولو فعلوا لكان أمرهم على غير مما هو عليه.
أعرف الكثيرين من هؤلاء، وأرثي لما آلت اليه حالهُم. ودِدت لو أن بعضَهم – من الذين ربطتني بهم مشاعرُ الودّ فانقطعوا، عن ندمِ أو عن خجلِ مما اقترفت أيديهم – ، يُعيدون ربط َما انقطع فنواسي ونطمئنّ.
هؤلاء كلّهم رفضوا إلا أن يكونوا برابرة في تعاملهم مع السوق، همجا في ممارسة عملٍ يستوجبُ رقّة ورهافة. هؤلاء كلّهم استسهلوا درب البطولة، فخرجوا من الحلبة مخذولين، ومن المجمع مطرودين.
أقتل البربريّ الذي يعيش في ذاتك قتلا، أخنقه خنقا، إطعنه طعنا، أبقر بطنه وتلذذ بالتشنيع به. إيّاك أن تكون معه رحوما. ثقْ إنه سيبادر الى فعل كلّ ذلك بك، إن لم تكن سباقا.
أقتله ولا تظنّنّ أنه ميت إذا استموت. أقتله كلّ يومٍ ، في كلّ صباحٍٍ وكلّ ظهرٍ وكلّ عصرٍ، وعند كلّ مساء.
أقتله وهاك الوسيلة والأداة!
أقتل الإستكبار فيك وامنعه من بلوغ حد التكذيب على النفس، والإبتزاز الصّفق للذات. هذا يلجأ اليه الفاشلُ في كل مرة يحقق خسارة، تسلية لأنانيته وتبريرا لحماقات بربريّه الذي يتعايش معه ويربيه بين ضلوعه. إنه يفعل ذلك دغدغة لغرورِه واقناعا لمحيطِه بأنه بطلُ الابطال و ( ملك الملوك ) و (إمام الأئمة )، وما فشلُه هذه المرة (كما في المرات السابقة ) إلا صدفة مباغِتة وحظا عثيرا. أقتل الإستكبارَ تدنُ من البطولة.
لا تنزع الى الأحلام فهي من عالم الخيال، ولا مكان للخيال في عملنا هذا . أقتلْ الإغراق في الأحلام والإكثار منها تدنُ خطوة أخرى من عالم الأبطال وتقلّص نفوذ بربريّك فيك وتسلطه عليك. لا تكثرْ من الأحلام وإلا ستستيقظ قابضاً على الريح، فتنتقلَ من اللاشيء الى اللاشيء، وتبقى في الفراغ، ويبقى الربحُ والنجاحُ أمامك على الشاشة، في الرسم البيانيّ، دون أن يتحول الى حقيقة رقمية ملموسة في حسابك. كلّ هذا لكونك ائتمرت لبربريّك اللعين، وانطلقت من الحلم، وابتعدت عن الواقع. إنطلقت في عملك من رغبة في امتلاك أفخم القصور وأحدث السيارات. إنطلقت من كون الخمسة آلاف دولار ستكون في الشهر القادم عشرين ألفا وفي الشهر الذي يليه مئة الف و و و …
كلّ الفاشلين الذين أصغوا الى بربريتهم ولم يتحرروا منها سلكوا هذا الدرب الخياليّ الجامح. كلّهم خُيّل إليهم في فترةٍ أنهم امتلكوا الثروات بومضة بصر. كلّهم تكشفت لهم الحقائق، فإذا هي أحلام بإحلام . كلّهم شكّوا بالوجود ورأوه عدما وعاشوا الصدمة. كلّهم عَبَروا من الفشل الأول الى الفشل الثاني، وصار الفشلُ عالمَهم المتكامل . كلّهم انجرّوا الى الخيبة انجرارا، واجترّوا المرارة اجترارا. ألخيبة ليس لها كيان، هي العدم، هي النهاية.
أقتل البربريّ في ذاتك توفرْ على نفسك التجارب الصعبة. أقتله يتعززْ أملُ فوزِك بالبطولة.
ألبربريّ الذي في داخلِك لا يمنعك من معرفة الطريق، ورسم الخطة التي تؤدي الى الربح. هو يمنعك من تنفيذ الخطة التي رسمت، وتحقيق النتيجة التي تمنيت. المشكلة أكبرُ بكثير من أن نعرفَ الطريق أو لا نعرف. المشكلة في القدرة على سلوك الطريق أو في عدم القدرة. ألبربريّ الذي في داخلك يجعلك تفتح العمليات حيث كان يجب أن تقفلها، ويجعلك تقفلها حيث كان يجب أن تفتحها.
هو يوسوس في أذنيك ليلا، ويوسوس في أذنيك نهارا أن أنت بطلُ الأبطال وملكُ الملوك، أقدِم وبإقدامك النجاح. هو لا يقول لك أبدا اعتدلْ، أو تعقلْ، أو تروّ، أو إقنعْ، أو تفكّرْ.
ألبطولة تكون بالإدراك أن هناك من قد يقهرُك في كل لحظة مهما بلغت من القوة والقدرة. مهما ترسّخت في الخبرة والعلم تكون بطلا إن تذكرت دوما أنك طفلٌ فيه. تذكّر دوما أن الملايين مرّوا على هذا الدرب. كلّهم اكتشفوا أسرارا ظنوها حكرا عليهم. معظمهم تحدثوا عن قبضهم على لغز ألغاز البورصة فما قبضوا إلا على الريح. بعضُهم – وبعضُهم فقط – عملوا على خلق البطل في نفوسهم، وخنق البربريّ في ذواتهم، فكان لهم ما رسموا، وهنيئا لهم بما كان.
ألبطولة ليست بتحقيق النصر ولا شيء غير النصر، وتحقيق الربح ولا شيء غير الربح. الخسارة جزء من العمل. ألبطولة ليست عدم الهزيمة بالمطلق ولكنها تحويل الهزيمة إلى أمثولة . ألهزيمة تحييك وتجعلك تولد من جديد. تكون بطلا ان تجدّدت بعد كلّ هزيمة.
ألبربريّ السّاكن في ذاتك يحول دونك ودون البطولة، هويقتل كلّ وعيِ فيك. أقتله تبدأ بسلوك الخط الصواب والمسلك السليم.
بربريّ أنت إن بحثت في السوق عن الإثارة. هل تريدُ إثارة؟ الكازينو أمامك. أسلك طريقه وتمتع إن شئت بأوحاله.
ألإثارة جَلدٌ للنفس . السوق لا يكون أبدا مُضجرا، هو يكون هادئا، وهنا فرصٌ هائلة ومريحة.. إن أحسست بالضجر فأنت تعِب مرهَق. لا تجلِد ذاتك، فجَلدُ الذات من أخصّ صفات البرابرة.
برابرة أم أبطال؟
هل البطولة أن تكون روبرت موغابي مثلا؟ أو جورج بوش السيء الذكر هو الآخر ؟ ( حتى نبقى على الحياد فلا نسيء لأحد من برابرة أمتنا الميامين، وما أكثرهم ).
ألاول لا يخشى شيئا، ولا يخشى أحدا. كلّهم رؤساء ولكن جبناء. هو وحده بطل ( هكذا يقول )، بلادُه لم تنجبْه! هو أنجبها! سيدافع عنها على طريقته، ولو هلك الجميع، ولو فرّ الجميع.
بطلٌ أم بربريٌ؟
ألثاني فشل وفشل وفشل… فشل واستمرّ بالفشل …فشل وادعى النجاح، الى حدّ صدق هو نفسه ما ادعاه…
بطلٌ أم بربريٌ؟
عمر المختار ( رجل ليبيا الكبير) يعود الآن الى ذاكرتي ولا أعرف السبب. قد تكون المقارنة الفاقعة بين شهامته ونذالة بعض الممثلين الفاشلين على مسرح أمتنا. أو قد يكون الفارق الكبير بين تمدنه وبطولته من جهة وبربرية وبشاعة غيره ممن نعاصر.
برابرةٌ لا أمل بهم. لا تكنْ واحدا بينهم.
أبطالٌ كلّ الأملِ فيهم. كنْ واحدا منهم.
وأخيرا، في الأساس !
أنت هو المحور. تقرأ، تسأل، تسمع، كل هذا من القشور!
أنت هو المحور. لا تستجدي!
كل شيء يجب أن ينبعَ من داخلك، فتستوطنَ السوق ولا تمرّ فيه!
كل شيء يجب ان ينبعَ من داخلك، فتكونَ بطلا أو لا تكون!
|
شهداء السوق كُثر، أبطاله أيضا (3) |
ألبطولة أريدها لنفسي، ولكن ما السبيل؟
في تقديم لما أبغي إيراده من خواطرلا بدّ لي من الإعتراف أن اهتماماتي أقلّ بكثير من ان أعطي درسا في البطولة وقواعدها، وطموحاتي أضيق من أن أظهرَ نفسي واحدا من روادِها الكبار، وانشغالاتي أصغر من تقديم صورة المُنتدَب لمهمة إنقاذ مستعجلة . إنّ كلّ ما أبغيه من ملحوظاتي هو التنبيه الى أن السوق يحتاج دوما الى الدم ويبحث دوما عن الضحايا – هو لا يمانع في تسميتهم شهداء – . هو يحتاج اليهم حاجة السمك الى الماء ، لا يقوى ابدا على الاستمرار إن هم تمنعوا عنه.
هدفي أن أحذر وأنبه، ومن كان له في التنبيه درسٌ وفي التحذير موعظةٌ، فهنيئا له بما وجد.
شهداءُ السوق يسقطون كل يوم ، نصف البطولة ألا تكونَ واحدا منهم فتنجوَ، نصفها الآخر أن تتمّم بطولتك فتغنمَ .
ملاحظاتي التي أوردها كانت وليدة تأملات تحليلية غاص البحث فيها الى طبقات نواتية من التفكّر الواقعي تتبعا لعلاقة جوهرية بين البطولة والعمل الذي نحن بصدده، فإذا النتيجة واحدة في كل غوصة، ثابتة في كل جولة : تكون نصف بطلٍ إن أنت نجوتَ، وتكون بطلاً إن انت حققت ربحا.
إنه سوقٌ لذيذٌ، لكنه أكولٌ شرِه .
حذارِ من الغرور وادعاء الذكاء المفرط. هذا يوازي التهوّر – بمفهومي لسير الأمور – في أقاليم لغاباتها مجاهل لا يمكن لأحد استكشاف كلّ أسرارها، ولا يمكن لأحد تحاشي مخاطر كلّ ذئابها. ألإعتدال سيّد الأحكام والتواضع في الحكم على الذات ضرورة ماسة.
في حكمي على ما جرى في بلاد القوقاز، منذ فترة غير بعيدة، أرى أن روسيا كانت شرهة جدا، وجورجيا متهورة جدا. شراهة روسيا عادت عليها بلذة نصر ساحق، ولكنها أفقدتها استقرارا للروبل دام سنوات، فكان بدء انهيار، استتبعه انهيار حاد آخر في البورصة، جراء انسحاب رؤوس الامول الغربية – بحركة مبرمجة ومخططة أو غير مبرمجة وغير مخططة – . جورجيا كانت متهورة جدا، وكلنا يعرف ما تكبدته ثمنا لاختيارها منصة الشهادة شرفا تريد عدم تفويته على حاضرها قصد تكليل تاريخها به. في حكمي الشخصي على ما جرى أرى أن صفة البطولة لا تنطبق على احد من الطرفين، وهي لا تنطبق على كل من يتبع مثالهما إن كان مضاربا أو متاجرا أو مستثمرا في أسواق المال العالمية.
هو سوق لذيذ، لكنه شره . شراهته تنحسر وعدائيته تضمُر إن انت أحسنت التعايش معه – على الطريقة اللبنانية في التعايش مثلا – . تتحداه، تنعته بأقسى النعوت، تكون جاهزا للهروب، تهرب منه، يلحق بك، ترتد نحوه، تجد نفسك في حضرته، تلجأ اليه، تظن أنه بريء ساذج، يتكشّف لك لؤمه، تراوغ معه، تستسلم اليه، تحاول المهادنة وتبدأ نسج حميميّة لذيذة معه.
ألم أقل إنه سوق لذيذ ؟ الحميميّة معه أبهى مظاهر البطولة التي يمكن لإنسان أن يتحلى بها ويتباهى بامتلاكها . إنها حميمية لذيذة مع سوق لذيذ. هنيئا لمن نجحوا في نسج روابطها وتلذذوا بنِعَمِها. إنهم أبطالٌ حقيقيون.
إنه سوق لذيذ ولا أملَ لك معه طالما إن العداوة رابطك الوحيد به .
الحميميّة! الحميميّة! الحميميّة!
سرّ أسرار ! نور أنوار !
إنجحْ في نسج حميميّة بينك وبينه تبلغْ، تستشعرْ انه يناغشك، لا يؤذيك. يصفعُك أحيانا، ينبّهك الى حدودك، لا يؤلمك. الحميميّة التي نسجتها هي وراء هذا التحول السرّي وعلّة وجوده.
الحميميّة هذه تمتلك سحرا غير موصوف. تجعلك ذا ارادة واثقة. تجعل السوق لك مِطواعا.
الحميميّة هذه لو استطعت توطيد أواصرها معه (هو ذلك الجبّار العنيد)، فأنت قد حققت بطولة ما بعدها بطولة. وأنت قد بلغت طابق السهل الممتنع، حاوي زبدة الزبَد.
الحميميّة هذه إن نجحت في نسجها مع ذلك الجبار العنيد تؤمّن لنفسك السهولة في التعاطي. تحوّل السوق الى صفحة مقروءة بالغة الشفافية. تحوّل الخصم الى متعاون في حيلته مزاح وفي حليته وفاء.
أنا لا أنظّر في الماورائيات، ولا أنسج خيالا أو أحلاما بكلمات رنّانة مخادعة. ما أرمي اليه قد لا يبلغُ مداركَ أكثريةٍ من المطلعين عليه، ولكن الأقلية هي دوما النخبة، وهي منجم الأبطال. إليكم أتوجه، وأنتم من يعنيني نجاحهم في تحويل النظرية الى تطبيق ناجح.
انا لا أبالغ البتة إن قلت : لا يغيبنّ عن فكرك أبدا انه سوق لذيذ. أنسج معه حميميّة شفافة صادقة، تنجح في جعله مُهرَك الحنون.
أنت في قمة البطولة إن نجحت في جعل السوق مُهرك الحنون .
السوق في قمة النشوة إن نجح في جعلك فارسَه الحنون.
حقا انه يبحث دوما عن الشهداء ولا يعيش الا بدمائهم، ولكنه أيضا يبحث عن الأبطال، عن الفرسان، ولا يعيش إلا بعزائمهم.
السوق لذيذ، لذيذ، لذيذ. هو يطرب، ينتشي، كلما اكتشف فارسا بطلا، فتراه يحتفل به ويقدّمه.
مهمة على شيء من الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة.
الفرسان الأبطال موجودون في السوق، هو لا يعيش بدونهم.
كن واحدا منهم.
يتبع.
|
بل بطلا أريد لك أن تكون (2) |
بل بطلا أريد لك أن تكون ! لم ترُق لي فلسفة صاحبي الجديدة ( أو ما ارتأى تسميته فلسفة )، وطال تفكّري بالوسيلة التي يمكن ان تكون ناجعة لإقناعه بعدم صوابيتها، الى ان شاءت الصُدف أن أرقب على الشاشة مشهدا كان هو الملهم لجوابي، وكان منه الأمل بقوة الإقناع .
كان المشهد جزءا مقتطعا من قصة نضالٍ لبطل عربي مقدام ناضل ضد المستعمرين الايطاليين، وقاد مقاومة في وجههم أواسط القرن الماضي بهدف إجبارهم على الجلاء عن بلاده وتحقيق حلم تحريرها . كان اسم البطل عُمَر المختار، وكان اسم وطنه ليبيا.
كنت قد سمعت عن عمر المختار في ما مضى، ولكن معلوماتي بقيت في العموميات، إلى أن جاء اطلاعي على أيامه بتفاصيلها، وعلى نزالاته ببطولاتها، فعشت بالدقائق قوة ايمانه، وتابعت بالثواني شدة استبساله في سبيل قضيته التي قدمها وقدسها واستمر حاملا لواءها الى يوم الاستشهاد.
كان عمر المختار بطلا متميزا. تشبث بالخير. سعى من اجل الحق. قاوم الظلم. أحب العدل.. ولعل أبرز ما ميّزه إيمانه الراسخ بالنصر. ناضل من أجل بلوغه. تحدى الممتنع فحوله الى سهل. بلغ حدّ الإفلاس ( فقدان الرفاق ) أكثر من مرة. عاود الانتفاض والنهوض. أكمل الطريق في سبيل الهدف. بلغه، حتى ولو بعد تنفيذ الحكم فيه.
كان المختار شجاعا مقداما، وهذا أكثر ما يعنيني في سردي الآن، وهذا أكثر ما يمكن أن يفيدني في نقل الصورة التي أريدها. أستفيدُ منها وأفيد صاحبي وكل من تسوّل له نفسه الدخول الى ناد ينتسب اليه الكثيرون ولم يبقَ فيه سوى قلة !..
هم من يطيب لي تسميتهم الابطال.
آمن الرجل بقضية وحدد لنفسه هدفا . إختار درب البطولة لبلوغ الهدف وتحقيق المراد . حقّ اعتباره مثالا لكل ساعٍ الى نجاح . كل نصر يكون بالبطولة وبغيرها يستحيل أن يكون.
برع مخرج الفيلم في نقل الصورة الحقيقية للبطل الى الشاشة، وأكثر ما استوقفني من مشاهد البطولة تلك التي كانت تنقل المأزق الذي تعرض له البطل عندما وقع في كمين نصبه له المستعمرون الذين يطاردونه، فتخلص منه بتحركات تثير دهشة في النفس واعجابا في الوجدان.
بدا الرجل وكأن بينه وبين الرصاص وثيقة تفاهم، أو عقد اتفاق، بحيث ان اطلاق النار يصيب كل شيء حوله الا هو. كان يركض بطريقة مثيرة وكأنه ابتدعها، وطور وسائلها بشكل جعلها تلائم قامته العملاقة، ولا يمكن لسواه ان يقلده بها او يقتبسها منه. كان الرصاص ينطلق من بنادق كثيرة ومن نواحي عدة فيصيب الصخر وليس القامة، والشجر وليس الهامة، وكان للبطل أن يخرج من المأزق في هذه المرة ( كما في كل مرة ) بما لا يُذكر من الخسائر، وبما لا يُحصى من الأرباح .
حملني تفكري الى ساحة أخرى لا تقل دموية عن الساحات التي خاض فيها المختار معاركه. ساحات تجذبنا ، نحن معشر التجار، فإذا بنا نخوض فيها نزالات يومية ملأى بالتحديات، حُبلى بالصعوبات، في دروبها الكثير من المكائد، وفي دروسها ما لا يُحصى من الفوائد. منا من لا يخرج الا مثخنا بالجراح، ومنا من ينجو وفي جعبته كماً من الارباح المِلاح …
لَعمري، ما نجا من هذه المكائد إلا من استحق بجدارة ان يُسمى بطلا !..
سردت لصاحبي قصة المختار ، وجهدت – قدر المستطاع – في نقل مشهد الجنود المحتمين بالدروع والخوذ، مشهد العيون الكثيرة المتربصة برجل واحد، مشهد البنادق على الأكتاف جاهزة للإطباق على الضحية، ثم مشهد المختار يجري، متوكلا واثقا …..
سردت كل هذا لصاحبي ولم يفتني ان أذكّره بأمر طاب لنا التأكيد عليه في ما مضى. ذكّرته بالتقائنا على كون البطولة هي الشرط الاساسي الذي يجب ان يتوفر في كل من رغب العمل في هذا السوق، وعلى أن كل من آنس في نفسه بذرة منها فله ان ينميَها ويسهرَ على العناية بها، والا فمن الافضل له الا يتعب في البحث عما رُصد لغيره .
قلت لصاحبي: بطلا أريد لك أن تكون .. وبغير البطولة لن يكون انتصار في معركة ولا ربح في سوق ……. بطلا أريد لك أن تكون وإلا فان كمّاً يزيد على الف محلل تقني او اساسي، مضاف الى ألف ألف تحليل وتحليل ، لن يستطيعوا جميعا – ولو متحدين مع آلاف من الاخبار الحية، ومثلها من التوصيات المحبوكة بإحكام – أن ينتجوا لك شيئا.
إبحث عن فيلم عمر المختار. راقب شخصيته وحلّلها . قلّد كلّ تحركاته، او بتعبير أصحّ تقمّص أسلوبه في التفكير وطريقته في الحياة. قد يسعفك ذلك في تقليد الابطال، إن لم تلدك أمك لتكون بطلا.
أنت الذي بمقدورك أن تنتج .. أن تنجح .. أن تربح .. ولبلوغ كل هذا، لا مهرب من أن تكون بطلا – لا نشالا – .
|
نشالاً أريدُ أن أكونَ (1) |
جمعتني به الصّدف، وكان قد باعد بيننا القدر. هو عندي في منزلة تعلو على الصحبة، ويطيب له أن يناديني بكلمة المانية تعني بالعربية صاحبي. جاريته بذلك وناديته بما يحب أن يناديني.
كنا في ما مضى قد تشاركنا في التجارة، فتساعدنا على المتاعب وتشاورنا في المصاعب. واجهنا المشاكل وفرحنا بالحلول. تحملنا مرارة الخسارة ونعمنا بحلاوة الربح، بعد أن توزعناه. بالتساوي.
باعدت الأيام بيني وبين السيد ” كلاوس ” ، فاستمر الواحد حافظا طيب الذكرى ومعللا النفس بلقاء جديد، في حين استمر الآخر حافظا طيب الذكرى ومؤملا النفس بشراكة جديدة. كانت الصّدف، وكان اللقاء، فإذا صاحبي متعبا، وكان في ملامحه حزنٌ جعلني أقدّر أن شؤون العمل على غير ما يسرّ النفس ويفرح الفؤاد. خشيت أن تكون تقلبات السوق الجنونية في الأشهر المنصرمة قد أصابت من صاحبي مقتلا، فسألت عن الأحوال. ما كان ” كلاوس ” بحاجة لأكثر من سؤال ليبوح بمكنون نفسه، فيزيح عنها ضيقا كان عليها ثقيلا. قال ما معناه : يا صاحبي طالت الأزمة وبلغت عمقا لم أخله لها. هي مرحلة صعبة تعدى السوق بتطيره وتقلبه كلّ حدود، الى أن صحّ وصفه بالجنون. حتى العملات التي كانت تتميز بالهدوء في حركتها والاعتدال في تطيرها بات العمل عليها متعِبا وباتت دروبها مزروعة بالألغام وأدراجها مليئة بالأفخاخ؛ تدخل اليها باغيا صيدا فلا تخرج إلا وقد أصابتك السهام وأثخنت نفسك الجراح.
قلت: ألهذا الحدّ متعبٌ أنت يا صاحبي؟
تابع ما مفاده: استراتيجية عملي التي اعتمدتها لسنوات عديدة وفرت لي نتائج جيدة، ولكني تأخرت في اكتشاف انها لم تعد صالحة في ظروف السوق المستجدة، فكانت النتيجة مؤلمة.
لم أعلّق. خشيت من كلمة أنطق بها، يكون وقعها صعبا ومفعولها زيادة في الإيلام.
تابع: ثقتي راسخة الآن ومعرفتي أكيدة بأن اسلوبا جديدا في العمل يجب ابتداعه، وفلسفة مختلفة في الأداء يجب ابتكارها. لقد قطعت شوطا بعيدا في هذا الإتجاه، ولم تبقَ لي سوى خطوات معدودات…
قلت: وهل تضنّ على صاحبك بعنوان فلسفتك الجديدة؟
قال: هي عبارة واحدة توجز كلّ ما تحتاج الى معرفته”. حتى تحقق ربحا في مرحلة صعبة وسوق غدّارٍ ، يجب أن تكون نشالاً “.
عهدت صاحبي رجل فكر ومبدأ. عرفته ذهنا صافيا مخططا مبرمجا ومؤمنا بقدرة العقل، مقدما اياه على كل ما سواه. استغربت اسلوبه الجديد في التفكير. قلت : نشالا ؟ أنت ؟
قال: أنا.. نعم.. نشالا.. وإلا فالخسارة مصيري ثانية، والافلاس قدري أخيرا. لقد دربت يُمناي على حركة استعرت سرعتها من البرق، بحيث انها لا تكاد تبلغ جيب غريمي ( السوق ) حتى تخرج منه ممسكة بغنيمة، أية غنيمة. لا يهمني ما يعلق بين أصابعي من قطع نقد صغيرة أو كبيرة، كلّ ما يهمّني أن يعلق بينها شيئ فلا تقع على جيب فارغ. ثم إني دربت ساقاي على الجري أولا، فالركض السريع ثانيا. الهربُ شرط أساسي من شروط فلسفتي، ولا بدّ من إتقانه لإنجاح عملية النشل. ثق يا صاحبي ان تحقيقي الربح وتعويضي الخسارة رهن بنجاحي في أن أكون نشالا. سامح تحولي هذا. لا بد لي من أن أكون نشالا… سأنجح في مهنتي.. سأنجح..
رأى الرجل قطبة بين حاجبي( لطالما تمنى ان يكون لذوي الشعر الاشقر والعيون الزرق مثلها)، فأدرك عدم رضاي عما يقول، ولحظ لا موافقتي على شذوذ يحاول اضفاء صفة الفلسفة عليه.
قال ما معناه: ألا تعلق بشيء يا “أيمن” ؟ ( وهو يلفظ الاسم بلهجة طريفة)
قلت: بل سأفعل. أرى غير ما ترى. لن أرتضي لصاحبي أن يكون نشالا.. شاء الله أن يجمعنا بعد فراق. دعنا الآن نتذوق لذة اللقاء. سأفصّل لك خواطري في لقائنا التالي وهو بإذن الله لن يكون بعيدا.
|
حول عمليات ما يسمى بال ” كاري ترايد ” وتأثيراتها |
لم يعد خفيا ان من الأسباب المؤثرة في تراجع اسواق الاسهم العالمية هي عمليات التنازل عن عقود القروض المستدانة بالعملات المنخفضة الفائدة – كالين الياباني – والمعروفة بال كاري ترايد. بموجب قواعد ال ” كاري ترايد ” فقد أقدم كبار المضاربين على الاستدانة بعملة تتدنى فائدتها الى ما دون ال 1% ليشتروا بهذه المبالغ أسهما وسندات حيثما وجدوا حظا متوفرا على مستوى السوق العالمي.
هذا الامر يجلب فقط ربحا طالما ان :
– الاصول المشتراة تستمر بالارتفاع أو
– ان الين لا ترتفع قيمته تجاه بقية العملات .
في الظروف الراهنة العاملان هذان يتغيران ، ولهذا تتم اعادة المبالغ المستدانة بعد بيع ما كان قد تم شراؤه بها.
ولأعطاء المزيد من الايضاحات ثمة ارقام تتكلم :
الاستثمارات ( من منظور ياباني ) المودعة بعملات اجنبية اعتمادا على قروض بالين الياباني تراجعت من 38 مليار في اوكتوبر 2007 الى 30 مليارا في اوكتوبر 2008.
المنظمة الاميركية الحكومية CFTC أعلنت مؤخرا انه لم تعد هناك اية عقود ” شورت ” فعلية على ال ” ين فيوتشر” تعود الى المضاربين الكبار ( ما قد يعني ان هؤلاء يبيعون الين ويوظفون ما يبيعونه في عملات أخرى ) – ولكن الظاهرة تعني في الحقيقة تمركز في الين الياباني ( اي ان هؤلاء يشترون الين ولكي يشتروه تراهم يبيعون العملات الاخرى ) .
ان هذه الارقام والمعطيات تبرهن على ان ظاهرة إعادة ال قروض بالين الى مصدرها ( ال كاري ترايد ) لم تبلغ خاتمتها بعد . هذا يعني ايضا انه من هذه الزاوية لم تصدر بعد صفارة الأمان بالنسبة للبورصات العالمية .
|
هذا الضجيج حول مواضع العرض والطلب في السوق |
هل من معنى لكل هذا الصخب حول مواضع العرض والطلب في السوق ؟ وهل من افادة ترجى في حال الاعتماد عليها للبيع او الشراء مع سائر البائعين او الشارين؟
كلمة حق تقال : المخاطر التي تهدد الاعتماد كليا على مثل هذه البلاغات كثيرة ، والاستسلام لها بصورة عمياء من اجل اتخاذ قرار بفتح الصفقات دونه مزالق قد لا تحمد عقباها .
ان اسئلة مشروعة اكتفي بطرحها تاركا للقارئ استخلاص العبر منها:
هل يمكن الوثوق بغلبة أوامر معينة في سوق هائل كمثل هذا الذي نحن فيه؟ وان صير الى الوثوق بغلبتها، فهل يُعقل الوثوق بجديتها؟
من يستطيع توفير الضمانة على كون هذه الاوامر مستمرة بالمواجهة في حال دنت ساعة المواجهة وبات تنفيذها أمرا محتوما؟
ألن تحذف من دفتر الاوامر بحركة سريعة بارقة، يُتركُ بعدها مَن وثق بدعمها او مقاومتها ليواجه مصيره منفردا؟
من يستطيع البرهان على أن جزءا ( واحيانا كبيرا ) من هذه الاوامر لم يُصَر الى استعماله عن قصد، خديعة من أجل بلوغ هدف آخر كامن في نفس من خطط له؟
من يستطيع البرهان على كون المبلّغ – أيا كان – عن وجود أوامر باحجام مختلفة، هنا او هناك، على هذه العملة أو على تلك، صادق في ما يبلّغ وهادف فعلا الى إفادة من يتوجه اليه ببلاغه؟
هذه أسئلة مشروعة لا بد من التوقف عندها بجدية، وقد يمتلك البعض أجوبة عليها، او على بعضها، تهدف الى الدفاع عن مثل هذه التبليغات، ولكن ذلك لن يجعلني اتردد في التحذير من الاستسلام لكلام من هذا النوع دونما درس او تحليل.
كما انه ليس كلّ موضع يسمى مقاومة او دفاعا صالح لاعتماده كمحطة لعملية ناجحة، كذلك فليس كل موضع يتواجد عليه طلب أو يتواجد عليه عرض يعتبر صالحا لاجراء عملية شراء او بيع مضمونة.
الحذر واجب والانتقاء ضروري جدا .
لعله من الصواب الاهتمام بعروض تكون متواجدة على مقاومة ذات قيمة تقنية عالية، تعاونت مجموعة من المعطيات لجعلها كذلك، ولإعطائها صفة الصلابة الممتنعة.
لعله من الصواب الاهتمام بعروض من هذا القبيل والاعتماد على حجمها، ولكن من قال ان صلابة اية مقاومة مميزة تتأتى من غير العروض المتواجدة عليها؟
مقاومة صلبة أو دفاع صلب من حيث الحكم التقني يعنيان: العروض والطلبات عليهما هي – أو يجب ان تكون – من القوة بحيث يصعب – او يستحيل – اختراقها.
ان استطعنا الحكم على مقاومة ما بالصلابة، فمن المسلمات ان تكون العروض عليها عالية الحجم، عصية نسبيا على الامتصاص؛ دونما حاجة الى بلاغ من هنا او كلام من هناك بان هذا الموضع يتميز بضخامة عروض أو طلبات.
من الأفضل ان يصار الى الحكم على صلابة موضع ما على الرسم البياني من خلال استخلاص العبرة من التقنيات الموحية بالثقة من جهة، مقرونة بدراسة الاساسيات التي تدعم هذا التوجه في إصدار الحكم، فتجعله أكثر موثوقية، أو تصرف الانظار عنه وتضعف من قيمته الى حد الإنكار.
إستسهال القرار بالبيع حيث عروض عالية الحجم ، او الشراء حيث طلبات مشابهة ، قد يصيب حينا ولكنه سيخيب حتما حينا آخر . ألإستعانة بهذه المعلومات من الافضل ان تبقى في دائرة العموميات، اما الرئيسيات فالبحث عنها في مكان آخر!
|
موجبات تغيير أسعار الفائدة |
عندما تقوم المصارف المركزية بخفض أسعار الفائدة interest rate، فإن المراد من هذه السياسة النقدية monetary policy هو تحفيز الاقتراض بشكليه المعروفين. فالنوع الاول هو الاقتراض لأغراض الاستهلاك الخاص personal consumption، وذلك للإنفاق الفردي أو الاسري او الاثنين معا. أما النوع الثاني من الاقتراض، فهو الذي يستخدم لأغراض استثمار الاعمال business demand كي يتسنى للشركات او المستثمرين الانفاق على المشاريع التوسعية او الاستثمارية business investments or expansion projects . فاذا ما تم الاقتراض بالقدر اللازم وتوافرت السيولة المالية المطلوبة لتحريك عجلة الاقتصاد بفعل الطلب على السلع والخدمات وتفعيل البرامج الاستثمارية، فلا شك في أن ذلك سيؤدي بالنتيجة الى حزمة من الايجابيات الاقتصادية كزيادة نسبة النمو الاقتصادي economic growth ورفع معدل الناتج المحلي الاجمالي GDP وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم والتخفيف من حدة معدلات البطالة والفقر unemployment and poverty.
ولكن اذا ما أخذنا في الاعتبار ان خفض هامش الفائدة سيساهم كثيرا في تغذية التضخم Inflation ، وبالتالي رفع المستوى العام للاسعار general level of prices ، كأسعارالمواد والسلع الاولية (كالارز والذرة والفحم والاسمنت والبوتاس والبترول والزيوت والذهب والحديد والنحاس والفضة… الخ) والسلع الغذائية والاستهلاكية والدواء والخدمات بكل اشكالها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل خفض اسعار الفائدة يؤدي بالضرورة الى تحفيز استثمار الاعمال على النحو الكافي الذي يضمن تشغيل العمالة بالكامل، اي الوصول بحال تشغيل الطاقة الى أقصى حد full capacity or full employment؟ John Maynard Keynes ، فإن الجواب طبعا لا، اذ لا توجد علاقة عكسية ايجابية مباشرة ووشيكة بين خفض معدلات الفائدة وبين زيادة نسبة استثمارات الاعمال، وخصوصا في الحالات التي يعاني فيها الاقتصاد تباطؤا في النمو أو ركودا أو كساد ا economic recession/depression/slack فواقع الامر، انه في مثل هذه الحالات الاقتصادية الرديئة، فان كينز يعتقد أن الخطط الاستثمارية للشركات عادة ما تتأثر بالتوقعات المستقبلية لمجمل النشاط الاقتصادي العام، وان معظم قياديّي عالم الاعمال business leaders يميلون الى التعامل مع أي وضع اقتصادي سيئ بنظرة متشائمة، الى الحد الذي يجعلهم لا يقدمون على الاقتراض من المصارف او الاقدام على اي مغامرة في حقل الاعمال business venture حتى وان كانت اسعار الفائدة في ادنى مستوياتها. ، وذلك لتشديد القيود المفروضة على الإقراض المصرفي او على حجم السيولة المالية المتاحة، كأن تقوم مثلا بزيادة معدلات الاحتياطات الإلزامية للمصارف التجارية reserve requirements ، او اصدار سندات او اذونات خزينة treasury bonds or notes لهذه المصارف، اما لارغامها على ابقاء قدر اكبر من اموالها في خزائنها او لتقليص كمية هذه الاموال، وذلك بغية التقليل من حجم السيولة المالية الممكن تدفقها الى الاسواق عبر منح قروض او اي تسهيلات مصرفية اخرى للمستهلكين او الشركات. ويمكن المصارف المركزية ايضا ان تقوم بشراء كميات معينة من العملات الصعبة التي ترتبط بها عملاتها المحلية وذلك بغية الحفاظ على قيمها من الانخفاض او الانهيار، الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى منع المزيد من التراكمات التضخمية او تصاعدات اكبر في المؤشرات الاقتصادية المهمة والحساسة كمؤشر اسعار المستهلكين consumer price index ومؤشر اسعار الصناعيين producer price index.
|
إسمع ما أقول، إفعل ما تريد. |
إسمع ما أقول، إفعل ما تريد. حادثتني نفسي فحادثتها. قالت فأصغيت. قلت فأنصتت …!
– أنا أملكُ ذهبا، سأشتري المزيدَ من الذهب… كم أملك ذهبا؟ كم سأشتري ذهبا؟ لا تسأليني عن سرّي . لن أبوحَ به. هو بكل الأحوال لن يفيدَكِ بشيء… سأشتري المزيدَ من الذهب إن هَوَت أسعارُه. سأشتري أيضا وأيضا ان ارتفعت أسعارُه… أسعارُ الذهب سترتفعُ ( يوما ) ( برأيي) فتبلغَ ال 2000$ للأونصة الواحدة.
– متى سنشتري الذهبَ ؟ بالأسعار الحالية ؟ 750$ للأونصة؟ أم ننتظرُأسعارا على حدود ال 500$ ؟
– نشتري؟ ننتظر؟ أحمقاءُ لهذه الدرجة؟ أنا سأشتري. سأشتري لي. لي وحدي.
– وهل انخفاضُه الى 500$ ممكن؟ مرجح؟
– هو ممكن، ولن أقول مرجح. أودّ تحاشي لعناتِ من قد يفوتهم القطار… طالما اني سأحتفظ بالذهب لكونه ( في يوم ما ) سيعانق ال 2000$، فالفارق زهيد بين سعرَي ال 750 و 500 $ للأونصة . ( برأيي طبعا ) … أرجو أن أكونَ من الذكاءِ، ومن الشجاعةِ، ومن القدرةِ، ومن اليقظةِ بحيثُ أقوى على شراءِ ما يرضي جشعي، إن رأيتُ ال 500$ سعرا للأونصة .
– وإلا ؟
– وإلا، سأجدُ نفسي مضطرا، ولو حزينا، لشرائه لاحقا بأسعار تفوق ال 1000 دولار.
– وهل ستشتري بكل أموالي ذهبا؟
– أموالكِ؟ بل هي أموالي أنا… سيكون ضربا من الجنون لو فعلت. أنصح نفسي بشراء ما لا يزيد عن 10 او 15 % ، من أموالي أنا. أنا.
– تنصحُ نفسَكَ؟ يعني انت تنصحُني أنا . أنا نفسُكَ.
– أنت ِ نفسي دوما … إلا إن تعلّق الأمر بالذهب… حينها أصيرُ أنا نفسي. أو تصيرُ نفسي أناي… – أو لم تقل يوما إن الذهبَ هو الملجأ الآمن هروبا من التضخم وليس من الإنكماش؟ أليست عساكرُ التضخم حاليا الى تراجع، وجحافلُ الإنكماش الى تقدم؟
– قلتها. ولا زلت أعتقدُها . ولكن، هَبِ أني على حق. من قال إن التضخمَ سيتأخرُ كثيرا في عودته؟
وحارت نفسي من ألغاز نفسي. أو هي تعبت من أنانيتي… فكفّت عن السؤال، ولم يعُدْ من شيء يستوجبُ الجواب.
أما أنا، فرجوتُ أن تدفعَ الظروفُ المعدنَ الاصفر اللماعَ الى أعتابِ ال 500$ . وعندها، أجمّعَ كلّ ما أمكنني من شجاعةٍ، وإقدامٍ، وتصميمٍ، ( وكل ما قدّرني الله من رأسمال ) فأشتريَ منهُ ما شاء الله لي أن أشتري.
أحبّ أن أحادثَ نفسي.
هي أفضلُ مَن يؤنسُني في وحشتي.
هي دوما تسكتُ في نهاية المطاف، فأكونُ أنا على حق. هذا يُرضي أنايَ ، يريحُني.
أنا أحادث نفسي. أنتَ غيرُ معني بالحديث… إلا إذا شئت.
إقرأ ما أراه، إفعل ما تراه.
|