بعد مضي عام على التوصيات والتعليم . الجزء الثالث – 7th September 2004
|
س : غربلة الصفقات ! الثعالب العتاق ! الارانب البسطاء ! صيد الستوبات ! ……
كلام رمزي شديد التعبير وبعيد المرامي ، ولكن ! يبقى السؤال الكبير : ماذا يمكننا فعله لتنبيه المبتدئين الى شراك الصيادين ؟
كيف يمكننا تحويل الارانب البسطاء الى محنكين حكماء ؟
هل من قاعدة محسوسة ، أو هل من نصيحة ملموسة ، يمكن هنا شرحها ؟
ج : أنا لا اتعمد الرمز في كلامي للتعتيم على الفكرة بل للتنوير عليها ، والتنبيه اليها . ما من شيء قد يفيد الساقط في الفخّ ، او الواقع في الشرك ، او العالق في الشبكة ، بقدر ما يفيده الفخ ذاته ، والشرك ذاته ، والشبكة ذاتها .
ما من معلم يستطيع أن يعلمنا درسا بقدر ما تستطيع أخطاؤنا نفسها . كلّ متعامل سبق له أن سقط في مثل هذه الشراك ، ولا يستطيع واحد الادعاء انه نجا منها بشكل دائم . حتى ناصبها لا بد ان يكون فريسة لصياد آخر في موضع ما ، وفي وقت ما .
ان نحن وقعنا في الفخ ، ثم نهضنا منه واكملنا الطريق ، ثم عدنا لنقع فيه ثانية في طريق عودتنا ، فيه هو ، هو نفسه ، بنفس الموضع ، ونفس الظروف ، ونفس المخاطر . ان حصل هذا فلا يمكنني الا ان اقول ، تبا لمتعامل لا يعرف من قواعد الحساب سوى ان يقول : واحد زائد واحد تساوي اثنان .
في عملنا هناك حسابات اخرى لا بد من تعلمها ، ولا بد من قبولها ، ومن ملاحظتها . علي ان اقبل ان واحدا يزاد عليه واحد قد يصح احيانا ان يساويا احد عشر . وعلي ان اعرف بان واحدا يزاد عليه واحد يساوي ايضا وقبل كل شيء ثلاثة محذوف منها واحد ، وهو نادرا ما قد يساوي مباشرة اثنان .
ان استطعت التسليم بان الاحد عشر هي نتيجة لجمع واحدين فانت قادر على تقدير الموضع الذي نصب فيه الشرك ، والزاوية التي حفر فيها الفخّ .
س : ولكننا لم نتعدّ إطار الرمز بعد .
ج : قائدا فرقة ، في وسط المعركة ، نجح الواحد في تخليص فرقته من مصيدة ، ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز الواحد عن الآخر ؟
ولأبسط من هذا . سائقا سيارة . طالعتهما حفرة في الطريق . نجح الواحد في تحاشيها ووقع الآخر فيها . ما الذي يميّز بينهما ؟
ولأوضح من هذين . لاعبا كرة . نجا الواحد من كل مكائد خصمه ونفذ بالطابة حتى بلوغ الهدف ، بينما وقع الاخر في أول فخ نصب له . ما الذي يفرّق بينهما ؟
لا شكّ في انّ سوقا تراوح لفترة ساعات بين حدين قريبين ، وعرف حجم تبادل هزيل ، يكون مناسبا أكثر من غيره لنصب شراك الصيادين ، لان تحريكه صعودا ونزولا ليس من الصعوبة بمكان ، ولأن كمية وافرة من الستوبات تكون قد أخذت مكانها مطمئنة فوق الحد الاعلى لهذه المساحة الافقية أو تحت حدّها الاسفل .
ولا شك ايضا ان هناك خطوط مقاومة ودفاع معينة يستلذ الصيادون ممارسة رياضتهم في محيطها أكثر من غيرها ، وهي تحدد بحسب حركة السوق وشدة اندفاعه تجاهها وتوقيت هذا الاندفاع وسببه .
ولا شك ايضا – ولعلّ هذا هو الأهم – بان خط مقاومة منيع لا يجب ان يعني بالضرورة وجود عرض كثيف يمنع السوق من اجتياز هذا الخط ، ولكنه قد يعني ايضا طلبا ضئيلا ناتج عن انعدام الشهية للجلوس الى المائدة في هذا الموضع ، وهذا التوقيت . وهذا موضع نصب الشباك وحفر الفخوخ بامتياز .
والى كل ذلك ، يبقى ان نقول ما يبدو الأعمق أهمية ، والأكثر صوابية ، والأدق حكما ، والأشد افادة . لم ينفعنا يوما في هذه المواضع حكم ، كما نفعنا حسّ التاجر الذي لا يوصف بكلام ، وبصيرته التي لا ترى بعين ، وحدسه الذي فاق كل تحليل وسما فوق كل اختبار .
وهو ذاته ، هذا الحسّ ، وهذا الحدس ، وهذه البصيرة ، هي التي ميزت قائد الفرقة وسائق السيارة ولاعب الكرة ، كلّ عن مثيله .
س : هل من حكمة من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملين . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
ج : وهنا وصلنا الى نقطة تجاذب مهمة بين الآراء لا بد من الوقوف عندها .
إنه لمن السذاجة الاعتقاد ، أو القول ، أو الادعاء ، بأن شخصا ما يمكنه ان يحدّد نقطة معينة تكون هي نقطة تحول الترند من تراجعي الى تصاعدي ، او من تصاعدي الى تراجعي . ومن أصاب بذلك مرة أو مرات فانما يكون ذلك نتيجة صدفة ، ترافقت لا شك مع حسن تقدير، ولكنها احتفظت بمعظم الفضل في الاصابة .
وان نحن سلمنا بهذا المبدأ ، فعلام الفرض على مجموعة من المتعاملين نقطة معينة ، إن اصابت وفقوا بها جميعا ، وإن اخفقت أخفقوا بها جميعا ؟ نحن لا نريد تحويل العمل الذي نقوم به الى امتحان مدرسي يخفق فيه الترايدر أوينجح ، ويتحوّل التلامذة فيه الى لجنة فاحصة . وأرجو أن يحمّل كلامي هنا القدر الذي يتحمّله من المرامي وليس أكثر .
أنا في العمل الذي اتابعه لا ارمي الى حملة او موجة دعائية . أنا لا يهمني ان يقال : التوصيات حققت في الشهر الفا أو الفين أو ثلاثة آلاف أو أكثر أو أقل من النقاط . أنا لا أسعى الى جائزة يعتمد في منحها لي على عدد نقاط أحققها على الورقة . هذا كلام ، ووسيلة دعائيةلا تخلو برأيي من اللاواقعية .
ما أراه أنا وما أتمنى ان يراه كلّ متعامل يتابعني في العمل هو التالي : لا يمكن اعتبار المتعامل عنصرا ثانويا في هذه اللعبة . لا يمكن ولا يجوز اعتباره جهة متلقية لتعليمات فحسب . ومنفذة لتوصية دونما اية مشاركة في القرار. ان شاء ان يتمتع فقط بهذه الصفة فهو لن يكون مؤهلا لتحقيق ربح ، أي ربح . ومن الخير له ان يودع حسابه في صندوق توظيف يتولى إدارته شخص ذو كفاءة ويكون قد وفر على نفسه العناء الكثير .
المتعامل هو العنصر الفعال الاول والاهم في هذه المعادلة . على كاهله يقع الجزء الاكبر من القرار ، ومن التنفيذ ، ومن تحقيق النتيجة ، معتمدا طبعا على توصية قائمة بحد ذاتها على تحليل لسوق من الاسواق . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع ، أن يتخذ قرار فتح صفقته في محيط لا تتجاوز مساحته النقاط العشر، فالأولى ان يعيد النظر في كلّ ما أقدم عليه من قرارات . وان كان المتعامل هذا لا يريد ، أو لا يستطيع فعل ذلك الان ، فكيف سيكون قادرا مستقبلا على حمل المسؤولية ، كلّ المسؤولية ، بحيث انه يكون قادرا على التصرف باستقلالية تامة ، من حيث التقرير والتنفيذ ؟
انا أعرف تماما ان هناك من المتعاملين من يعتمدعلى خلاصة تجربته في الحكم على اي توصية بحيث يستبق النقطة المحددة لفتح الصفقة ، أو بحيث يؤجلها ان رأى في السوق حركة توحي بامكانية تجاوزه لهذه النقطة ، بحيث يكون فتح الصفقة ممكنا بمستوى اكثر امانا واكثر ضمانة ، واقل مخاطرة . وأعرف ايضا ان هناك منهم من يتسرع في الحكم ، ويعجل في فتح صفقته في موضع يسبق النقطة المحددة ، مدفوعا بمشاعر تخوف من ألا يبلغ السوق النقطة المحددة وتضيع صفقة يمكن ان تحقق له الوفير من الربح . واعرف كما يعرف الكثير من المتعاملين أن كلا الطرفين ، قصدت المتروي والمتعجل ، قد يصيبا في مرة ويخفقا في أخرى ، وهذه صفة ملازمة لعملنا ولا يمكن لاحد ان يتجاوزها .
س : بهذه الحالة لا يمكن للمتعاملين ان يحققوا بالضبط النتيجة النهائية التي تحققها انت في التوصيات .
ج : انا لا اطلب منهم ذلك ، ولا اتوقع ذلك ، خاصة من المبتدئين منهم . ان تحقيق نتيجة تساوي نصف ما تحققه التوصيات بالنسبة لمبتدئ في هذا العمل ، اعتبره إنجاز مهم من قبله في الطريق الى الهدف ، وأهنئه عليه . ولنكن اكثر واقعية واكثر وضوحا . ان ععمل مبتدئ بتنفيذ توصيات يومية بيعا وشراء وأمضى فترة شهر او شهرين في السوق دون ان يقع بخسارة كبيرة أو ان هو حقق ربحا متواضعا ، فانا اعتبره قد حقق إنجازا مهما في سعيه الى النجاح يستحق عليه الشكر .
هدف المبتدئ يجب ان يكون قبل كل شيء التمرن والتدرب وامتلاك آلية العمل وتنمية حس التاجر وتطوير نفسية المتعامل القادر على التاقلم مع كل الظروف المستجدة ، وتمتين اعصاب الكارّ والفارّ ، وقبل كل شيء تطوير استراتيجية العمل المبنية على التوصيات التي يتلقاها بقصد ترجمتها الى عمل فعلي .
س : اذن انّ تلقي التوصية لا يصح اعتباره ضمانة لتحقيق الربح !
ج : لا بالطبع ، ان تلقي التوصية لا يعني بالضرورة تحقيق الربح . تلقي التوصية هو مرحلة اولى تسبق المرحلة الاهم التي تتمثل بتحويل هذه التوصية الى قناعة باجرائها ، وتحويل هذه القناعة الى تنفيذ ، واعتبار هذا التنفيذ محاولة لتحقيق الربح ، مع الاحتفاظ بنسبة معينة من التشكك بامكانية حصوله .
هذا التشكك هو الحصانة المستقبلية لي من اية صدمة نفسية قد تحملها لي خسارة مفاجئة كنت أتوقع منها ربحا .
الربح يجب أن يوضع دوما في دائرة الاحتمال ، ولا يجوز ان ينتقل باي شكل من الاشكال الى دائرة التاكيد ، حتى ولو صدرت التوصية عن خبير متمرس في أمور السوق واحواله .
التوصية بحد ذاتها يمكن ان تكون ناتجة عن حكم خاطئ حتى ولو صدرت عن أكثر الخبراء تمرسا .
التوصية الصائبة لا بد أن تنفذ لينتج عنها ربحا .
التنفيذ لهذه التوصية هو العنصر الاهم الذي يتطلب تمرنا وتدربا بقصد التغلب على كل المعوقات النفسية التي تعتبر من الموانع لحصول الربح .
من هنا القول : الاشهر الاولى يجب ان تكون اشهر تدرب وتعلم ، مرحلة ترويض لطباع التسرع والاندفاع ، وليست أشهر او مرحلة تحقيق ربح . الربح ياتي لاحقا ، ويأتي وفيرا ، ويأتي مريحا ، وياتي ممتعا ؛ هذا إن انت نجحت في ترويض ما يجب ان يروّض من طباع ، وفلحت في شحذ ما يجب أن يشحذ من همم ، والتزمت بما يجب ان يلتزم به من آداب .
آداب !!!!
نعم للبورصة آداب ، كما لكل ناحية من نواحي الحياة ، ولنا في ذلك يوما كلام !
س : على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
س : هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
س : لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
|