حديث الاسبوع – المارجن بين ال 50 وال 130 دولار ! رُبّ ضارة نافعة . ؟ 30.12.2003 |
المارجن بين ال 50 وال 130 دولار ! رُبّ ضارة نافعة . عندما تبلغت خبر ارتفاع المارجن من الخمسين دولارا الى المئة دولار على العقد الواحد في الحسابات المصغرة ، أحسست أول ما أحسست بالامتعاض ، وراودني شعور بأن حدثا سيئا قد استجد وهو لا بد أن يحمل معه عواقب سلبية . ومضى يوم أو يومان كان لي خلالهما ان أعيد قراءة الحدث هذا قراءة موضوعية تحليلية هادئة ، وأن أعيد تقييم نتائجه ، وما قد يترتب عليه ، تقييما علميا واعيا راشدا ، مبنيا على الارقام والثوابت ، فتبين لي بما لا يقبل الشك أن للحدث ايجابية لا تقل عن سلبيته بل هي تفوقها بكثير . عدت الى الاشهر الاربعة السابقة ، وتفحصت أوضاع الذين اشتركوا معنا في التداول بحسابات مصغرة ، ودققت النظر في ما مرّ عليهم في تعاملهم فكانت لي القناعة بان رفع المارجن بهذه النسبة إنما جاء ليخدم توجهاتهم من حيث لا يدرون . عند دخول متعامل جديد مبتدئ معنا في حساب مصغر ، كان يطلب منا النصح ، وكنا لا نبخل عليه به ، فنقول : لك عندنا نصيحتان . اختر واحدة منهما ، واعمل بموجبها ، بحسب ما يوحي لك به قلبك وعقلك . النصيحة الاولى تقول : اعقد في اليوم الواحد صفقات كثيرة ، ولتكن كل صفقة مكونة من عقود كثيرة بقدر ما يتحمل حسابك ، فالخوف للجبان ، والربح هنا للشجعان . وان عملت هكذا يكون العائد الذي يجنيه البروكر عائدا دسما وربحه ربحا وفيرا . نصيحتنا هذه هي اذن لنا وليست لك . النصيحة الثانية تقول : لا تكثر من صفقاتك في بداية أمرك . ولا تكثر من عقودك في الصفقة الواحدة . بحيث ان حسابك المكون من الف او الفين من الدولارات يكون كفيلا بالصمود معك مدة شهرين او ثلاثة تتعلم خلالها كل ما يجب ان تتعلمه ، وتخبر فيها كل ما يجب أن تخبره من خفايا السوق وأسراره . نصيحتنا هذه هي إذن لك وليست لنا . كنا نعطي النصيحة ، ونأمل أن يعمل المبتدئ هذا بما يفيده . فما الذي كان يستجد ؟ ان نسبة ثمانين بالمئة من المبتدئين بحسابات تتراوح بين ال 300 وال 500 دولار كانوا يبدأون صفقتهم الاولى بخمسة أو ثمانية عقود . طبعا الامر مغر . هو يحق له ذلك . المارجن يبلغ للعقد الواحد 50 دولارا فقط . وكان لا يمر يوم أو يومان حتى يتصل المتعامل المبتدئ مجددا طالبا المساعدة لتحويل مبلغ جديد الى حسابه . وبعد التحويل الجديد بعضهم من اتعظ من التجربة الاولى وانتصح بما نصحنا . والبعض الآخر علقت الحفرة بدولاب سيارته ولازمته . ان نسبة العشرين بالمئة المتبقية كان أصحابها يلتزمون بما وجهناهم اليه فيكتفون بصفقات مكونة من عقد واحد او عقدين ، ويتعاملون مع السوق بحيلة المجرب المكار . هؤلاء وصلوا وهم لم يلاقوا صعوبة في وصولهم . بعضهم من رفع قيمة حسابه المصغر وما زال يؤثر العمل به . وبعضهم من حوله الى حساب عادي وأكمل طريقه بأمان . ان نحن عدنا الى هذه الحقيقة الدامغة يتكشف لنا الوجه الايجابي الذي ينطوي عليه قرار رفع نسبة المارجن بالنسبة للمتعامل المبتدئ بشكل لا يقبل الشك ولا النقاش . ان هذا الرفع جاء ليثني المتعامل بحساب صغير ، بل ليرغمه ، على إجراء صفقات مكونة من عقود قليلة ، فيتمكن بذلك من الصمود فترة تسمح له بالتعلم والتدرب ، ويخرج من هذه الفترة التدريبية ليزيد حسابه ، وبالتالي عقوده اذ يكون قد صار قادرا على مواجهة المفاجآات غير المحسوبة . ان من كان يعمل بحساب مكون من الف دولار ويشتري فيها خمسة عشر عقدا كان يخسر ثلاثمئة نقطة ان تراجع السوق عشرين نقطة – وهذا قد يحصل في اية لحظة – . اما من يعمل بمثل هذا الحساب اليوم فهو ان اشترى بنفس المنهجية المتهورة خمسة عقود فهو لن يخسر أكثر من مئة نقطة ان تراجع السوق عشرين نقطة . وهكذا سيكون حظه بالعودة الى الربح اكثر بكثير من حظه في حالة المارجن المكون من خمسين دولارا للعقد الواحد . رفع المارجن من خمسين الى ما بين مئة ومئة وثمانين دولارا هو قرار يحمل في طياته إيجابيات لا بد ان يقطف ثمارها المتعامل بحساب مصغر من حيث يدري أو لا يدري . وسيستلذ طعم هذه الثمار إن هو دقق النظر في الامر وأمعن في تحليله ، قبل التسرع بالحكم عليه . رفع المارجن من خمسين الى ما بين مئة ومئة وثمانين دولارا هو السور الذي سيحمي الطفل من الاسراف في الابتعاد في مخاطر المجهول ، حتى إن آنس في نفسه قوة ، تحرّر منه وخرج الى حيث لا أسوار سوى سور العقل والتجربة والخبرة . وهكذا يمكننا ان نردد معا وبكل ثقة وإصرار : رُبّ ضارّة نافعة . |