بعد مضي عام على التوصيات والتعليم 9th August 2004
|
بعد مضي عام على التوصيات والتعليم .
واحد من العتاق العتاق ، واحد ممن عجنتهم السنون في معاجن الكرّ والفرّ ، ثم خبزتهم على نار المقاومة والدفاع ، لتقدمهم فيما بعد خبز معرفة على مائدة الالتزام المعنوي العنيد والصدق الاخلاقي الشريف .
عرفناه من زمن بعيد ، شربنا معه كؤوس الأيام حلوة ومرة ، خضنا سوية جولات وجولات ، سجلنا في الكثير منها انتصارات وانتصارات ، ورضينا بما كان لنا من هزائم ، مستعينين بما أوتي الرجل من حكمة ، ومن واقعية ، ومن موضوعية ، ومن قدرة سحرية في استثمار أي انكساروفي استغلال أية هزيمة ، بتحويلها مباشرة الى عبرة وأمثولة ، تكون له وتكون لنا سلاح المستقبل الأمضى .
أخذ على نفسه عهدا بأن يكون عونا لكل من شاء الافادة من خبراته في مجال تجارتنا هذه ، فرافق المتعاملين يوميا منذ ما يقارب السنة ، ولا يزال . أطلعهم على أسرار وخفايا ، ولا يزال ، يحملهم الترس قبل السيف ، والدرع قبل الرمح ، وإن هو آنس في نفوسهم عزما ، وفي قلوبهم شجاعة ، وفي فرائصهم شدة ، وفي زنودهم قوة ، أطلقهم الى الحلبة يناضلون عليها ويدللون على ما يستطيعون .
الاستاذ أيمن بارود ، نحاوره اليوم ، آملين أن يكون في الكلام بعضا من إفادة ، لكل من يعمل في ما نعمل ، ولكل من تسوّل له نفسه الدخول في عالم السحرالواقعي الخلاب ، عالم المقارعة والتحدي .
س : استاذ ايمن نبدأ بالسؤال عن خلاصة انطباعك بعد مضي سنة على قبولك المشكور لهذا التحدي . ج : انا في حالة من الرضى والشكر الكثير لرب العالمين ، على ما حققناه بعونه خلال هذه الفترة من تذليل لمصاعب ، ومن ازالة لمعوقات كانت تقف في طريقنا . المصاعب هذه لم تفاجئني ، كنت احسب لها حسابا . ولعلّ أكثر ما يثلج الصدرهو ما كنا نعرفه ، وما راهننا عليه ، وما تأكد لنا الآن ، من كون العقل العربي غير قاصر عن مماشاة العقل الغربي وعن التقدم عليه أيضا ، إن هو توفرت له الارضية الصالحة والمناخ المؤاتي لذلك . إن جملة من الذين يرافقونني يوميا في عملنا اليومي أثبتوا هذا القول بالفعل . أثبتوا قدرتهم على النجاح وعلى تحويل التعامل من هواية ، أو من تجربة مؤقتة ، إلى مهنة رئيسية يداومون فيها يوميا ، ويحصّلون ما قسم لهم من رزق منها .
هذا ما هدفنا اليه ، وهذا ما حققنا حتى الان خطوات مقبولة ولا نزال في طريقنا الى تحقيق المزيد ، ان قدّرنا الله .
س : الذين حققوا الهدف وباتوا متعاملين مداومين ، هل يجمعهم عامل مشترك ، هل يتميزون بما يفتقده غيرهم ؟ ج : لا شكّ في ذلك على الإطلاق . هناك صفات طالما لفتنا النظر اليها في مناسبات عدة تجمع بين هذه الفئة من المتعاملين . هم يتميزون بامتلاكهم للروح العلمية الموضوعية ، بقدرتهم على التحليل والمقارنة والاستنتاج ، برغبتهم في التعلّم وقناعتهم بان التعلّم أهم من تحقيق الربح بكثير . هذه الفئة سرعان ما تتنبه الى واقع لا يمكن نكرانه وهو : ان امتلاك فنّ العمل يمكن أن يكون منطلقا ووسيلة لتحقيق الربح ، بينما لا يمكن لتحقيق الربح أن يكون هو الوسيلة للتعلم . الربح بدون العلم هو ربح حظ ، الربح عن طريق العلم هو ربح عمل . هذا ولا يخفى على احد أيّهما أبقى واضمن ، ولا يخفى على احد في أيّهما حلت بركة الله ونعمته .
س : وهل يعني ذلك أن لا مكان للحظ في عملنا هذا ؟ ج : لا ، لا يمكنني أن ادّعي ذلك . الحظ موجود في كلّ مجال من مجالات حياتنا ، هو يرافقنا في كلّ ما نقوم به ، فيكون باسما او عثرا . لكنني أصرّ على التفريق بين حظ البارع وحظ الفاشل ، بين الحظ بمفهومه الايجابي ومفهومه السلبي . من يعتمد على الحظ لتحقيق مكسب في عملنا هذا ، لا يمكن أن يكتب له نجاح دائم . قد يحقق بعض المكاسب الظرفية ولكنها غير دائمة .
س : والذين فشلوا في الوصول الى غايتهم . ما الذي يجمع بينهم ؟ ج : صفات ما حلّت واحدة منها بامرئ إلا اهلكت فكره ، وحطمت فؤاده ، وكسرت نفسه . كلّ هؤلاء قدموا إليّ بنهم على الربح قلّ مثيله وندر قرينه . كلّهم اقبلوا على المائدة وكأن الطعام سيهرب عنها . كلّهم راقبتهم وهم يأكلون فأشفقت عليهم ، كانوا جميعا يلتهمون ولا ياكلون ، لا تكاد اليد اليمنى ترتد عن افواههم مفرغة فيها ما حملته ، حتى تتبعها اليسرى ، فتفرغ بدورها حمولة اختارتها من أدسم ما وجد على المائدة . وهم ان أصيبوا بعسر في ابتلاع الممضوغ فلهم بالشراب على ذلك عونا ، لا للتمهل والتاني ، مما يعني مداواة العلّة بعلّة لا تقلّ خطرا عنها .
وأنا ؟
أنا أحذردونما ملل أو كلل ، أنصح بالتروي ، أدعو الى الهدوء ، أذكّر بالتعقل ، منتظرا النهاية المحتومة ، فإذا هي مشهد من أسوأ ما يكون ، ونهاية من أصعب ما يكون .
آداب المائدة لم يحترمها واحد منهم ، ربح الجظ ذاق طعمه معظمهم ، الربح الذكي المتنامي الواقعيّ الصحيّ الدائم لم يكتب لهم .
س : ومن بين هؤلاء ، هل هناك من عاد واستوعب الدرس ؟ ج : لا شكّ في ذلك . هناك منهم فئة من الميسورين القادرين على البدء من جديد . لا شكّ في انهم اقتنعوا بعد ان جربوا بانفسهم . النصيحة لم تكن كافية لهم . كان لا بد من حرق الاصابع للاحساس بوجود اللهيب . والان هناك منهم من انسحب عن الساحة مؤثرا البحث عن عمل آخر ، كما هناك من يعاود الكرّة بمنهجية جديدة أكثر تعقلا ، وأكثر تفهما لواقع الحال .
س : واقع الحال . أي واقع حال ؟ هل لنا من ايضاح ؟ ج : بالطبع . واقع الحال يقول : السوق لا تمكن مصارعته . لا مجال لمعاندته . يستحيل الثأر منه . هو دوما الرابح . هو دوما على حق .
لا بدّ من مهادنته ، من مصادقته ، من مماشاته . وان بدا لك منه لينا ، او بانت رقة ، فخذ منه ، لن يبخل عليك إن لم تكن طماعا .
س : مصادقة السوق ! مصارعة السوق ! ما زلت اطمع بايضاح ما .
ج : بربك ! أما سمعت عن لبوة أرضعت غزالا صغيرا واعتنت به ؟ اما سمعت عن لبوة ارضعت طفلا من بني البشر ؟ أما تآخى أبدا كائنان ينتميان الى فصيلين يقفان على طرفي نقيض ؟
أنت ، انا ، نستطيع إن شئنا جعل السوق وحشا يأكل ولا يشبع ، يفترس ولا يشفق ، كما اننا نستطيع ان نجعله كائنا مسالما يعطي فلا يندم ، ويهب فلا يستعيد .
س : وكيف ؟ ألا تبوح لنا ؟ ج : بأن تكون الطير الصغير الذي لا مهرب لوحيد القرن منه ، ولا حلّ له سواه ، لتنقية جلده من حشرات تمتصّ بعضا من دمه .
لا سرّ لأخفيه ، ولا خفايا لاكتنزها ، أنا اعلّم مريدي التعلّم بالمثل ، وانببهم بالرمز ، ومتى كان اللبيب بحاجة لغير الاشارة ليفهم ؟
والحق يقال ، ما نفذ أحد في هذا السوق ، وما أثبت جدارة ، وما اظهر تفوقا ، وما استحق تهنئة ، بقدر ما فعل اللبيب المؤهل على التقاط الاشارة من الاشارة ، واستخراج العبرة من الخطأ .
س : وحيد القرن يستمتع بالطير الصغيرينقر بمنقاره الدائرة المحيطة بعينه . الطرفان لهما مصلحة في ذلك . الواحد يتغذى ، الآخر يتنظف . وهل يعقل ان يكون السوق صديق المتعامل ليغدق عليه الربح ؟ ج : بالطبع . السوق يموت ان لم يكن فيه رابحون . السوق ، قصدت البورصة كائن حيّ كباقي الكائنات . عائلة السوق هم المتعاملون الأوفياء القادرون على التعامل مع السوق دون الحاق الضرر فيه . هؤلاء هم اصدقاؤه وأولاده . هؤلاء هم الذين يبرّون به ويبرّ بهم . هؤلاء تراهم إن ظلموا من قبل السوق مرة ، يسارع اليهم ليعوض الصفعة بلمسة ، والعثرة بفاتحة خير .
الخاسرون هم أعداء السوق ، هم الذين يحاربونه محاربة الندّ للندّ ، هؤلاء تراهم لا يربحون صفقة ليخسروا صفقات . هؤلاء استجلبوا هم اللعنة على أنفسهم . بطمعهم ، بتسرعهم ، بتعجلهم ، بنهمهم . هؤلاء يريدون أن يأخذوا ما ليس لهم ، هؤلاء هم الخاسرون الدائمون .
وان شئت أن اكون أكثر وضوحا ، حتى لا تتهمني بتعمّد الغموض ، تراني أقول : إن أولئك الذين يعدون الناس بتحويل ثلاثمائة من الدولارات بشهرين الى خمسة عشر الفا ، وبأربعة شهور الى خمسين الفا ، هم إما مخادعون أو جاهلون . واعلم تمام العلم ، إن أنت انتزعت من السوق مبلغا خياليا خلال فترة قصيرة ، فإنّ السوق سيسارع الى استرجاع هذا المبلغ منك مضاعفا في فرصة قريبة جدا .
س : هل تعني ان تحقيق ربح يساوي خمسين الف من الدولارات أمر مستحيل في شهور قليلة ؟
ج : لا لم اقصد هذا . إن تحقيق خمسين ألف دولار في شهور قليلة هو امر ممكن وسهل التحقيق ، ولكن ، ليس برأسمال لا يتعدى الثلاثمائة دولار .
س : وكم يجب ان يكون المبلغ إذا ؟
ج : لا يسعني إلا أن انحني باحترام امام من انطلق من عشرة آلاف من الدولارات ، وتمكن من تحويلها الى خمسين ألفا في مهلة تقارب الخمسة شهور .
ولا شك أن من انطلق من العشرة وحولها الى خمسين ، يستطيع ان ينطلق الان من الخمسين ويحولها الى مئتين . هذا منطقي . ولكن عليه ان يستمر باحترام آداب المائدة . حذار وكثرة الطعام !
س : وحساب ال 300 وال 500 دولار ، الا ترى من حظ له ؟
ج : له حظه طبعا ، ولكن عليه ان يتحلى بالصبر ، عليه أن يحول حسابه في السنة الاولى الى 2500 دولار ا ، وفي السنة الثانية يقارب ال 10.000 ويصير بامكانه ان ينطلق لارباح اكبر .
وكلمة اخرى عن هذه الحسابات . أن من يفتح حسابا ب 500 دولار ليجرب ويتمرن ويتعود على اسلوب العمل هو مختلف تماما عمن يعتمد هذا الحساب لانه لا يملك من الدنيا الا ال 500 دولارا . هذه الفئة من المتعاملين أدعوهم للتفكير مليا قبل الاقدام على الخطوة ، خاصة إن كانوا أرباب اسر ومن مواطني بلدان يصعب تحصيل المال فيها . هذا لا يعني ان الربح عليهم مستحيل ، لا طبعا ، ولكن اصابتهم باول خسارة سينعكس عليهم قلقا ، وتوترا ، فتنعدم قدرتهم على التخطيط والتركيز ، ويتحول فكرهم الى طاقة سلبية تهدف الى الانتقام من السوق واسترداد ما سلبه منهم بمثل ما فعل ، وتكون النتيجة الخروج من السوق بخفي حنين .
س : من المعروف عن طريقتك في العمل انك لا تعمد الى تحديد ستوب للصفقة المفتوحة الا بحالات معينة . هل نطمع بتوضيح لهذا الامر ؟
س : وكيف يكون الستوب عدو المتعامل ، ومن المتعارف عليه انه وسيلة امان ؟
س : يشكو بعض المتاملين من تحديد محيط للشراء او البيع ، وليست نقطة معينة يلتزم بها كل المتعاملون . هل لك أن توضح إيجابية الطريقة المعتمدة والافادة التي يمكن للمتعامل ان يجنيها منها ؟
س : على ماذا تعتمد في قرارك لفتح الصفقات ؟
س : هل تقصد أن امتلاك أسرار التحليل التقني غير كاف للنجاح في تحقيق الربح ؟
س : لا شك انك لاحظت من تصرفات المتعاملين أمورا إيجابية واخرى سلبية تجمع بين البعض منهم . هل لك أن تحدثنا عن أكثر ما لفت نظرك في هذا المجال ؟
هذه الاسئلة وغيرها ستلقى جوابا في الاجزاء المتبقية من الحوار والتي ستنشر تباعا .
|