متهمون بالتحايل، دافعوا عن أنفسكم…
عندما يتعلق الأمر بالحقيقة، فأنا أحب أن أعريَها. عِري الحقيقة شرف، بخلاف كلّ عري آخر قد يكون مَجلبا للعار.
ترامى إلى مِسمعي منذ فترة نبأ عروض تطرح في السوق إغراء للوافدين الجدد الى الفوركس وجذبا لهم. العروض تهدف الى إقناع الراغبين بالعمل في السوق بفتح حساب بأية وسيلة – حتى على حساب شرف المهنة الذي من المفترض أن يبقى مصانا – .
العرض يقول: إفتح حسابا ب100 دولار وستجد فيه مئتين من الدولارات الخضراء …
ماذا يعني هذا الأمر؟
من أين ستأتي المئة دولار الأخرى؟ ومن ذا الذي يهبها للعميل المفخخة دربُه؟ لماذا هذا الإغراء المشبوه، وهل إن طريقة التسويق لأية سلعة عادية تنطبق على البورصة أيضا؟
كثُرت الأسئلة والجواب واحدٌ.
هذه العملية مبعثٌ لرائحة تزكم الأنوف. إنها نتنة نتنة، بل تكاد أن تحتكر نتانة لا مثيل لها…
سألني أحد الأخوة عن رأيي في هذا الأمر مرة. إعتذرت عن الرد الصريح، لان ردي لن يكون الا تشهيرا مؤذيا، وموقفي لن يكون إلا رفضا قاطعا لمثل هذه التصرفات.
هنا تعود بي الذكرى الى ما يزيد عن السنتين أو يقلّ عنهما بقليل. حينها كتبت مقالة عنونتها ” حصبة الفوركس ” وأبديت فيها خشيتي من أن تصل الأمور بمسوقي الفوركس الى حد بيعه على طبق، وبواسطة بائعين جوّالين يدورون في الأزقة منادين على بضاعة كسدت عندهم، أو هي كادت…
اليوم أراني وقد بلغنا هذا الدرك المنحدر الذي خشيته ونبّهت منه، أراني مضطرا للتفكر والتحليل والتنبيه والشرح والتعرية من جديد. إنه لمن الصعب الإقناع بأن الهدف شريف ومصلحة العميل مصانة، مهما تمّ توسيع الرداء الذي يغطون به الواقع ويموهونه…
أخي القارئ.
يجب عليك أن تعرف حقيقة أساسية لا يتقدمها شيْ بالأهمية. الحقيقة هي أن العمل بالفوركس ممكن وتحقيق الربح ميسور، لكن بعد جهد يكون للتمرن، وبعد سعي يكون للتدرب، وبعد صبر يكون للتعلم. إن تحقيق الربح يكون ميسورا بعد فترة الدربة وهو صعب – بل صعب جدا – في مرحلة التدرب والتعلم.
أخي القارئ.
الحقيقة هذه توضح السر الذي يسمح لكل شركة تعرض عليك العمل معها بالفوركس أن تقول لك افتح حسابا بمئة أو مئتين أو خمس مئة دولار وستجد في حسابك مبلغا مضاعفا عن المبلغ الذي أودعته. الحقيقة هذه توضح كل شيء، فلعلك – أخي القارئ – أدركت مرمى الحديث وأبعاد اللعبة المشبوهة!
أخي القارئ.
أنا أذهب الى أبعد مما ذهب اليه البعض. لو ارتضيت لنفسي أن أكون مسوقا للفوركس ( وما أشد رفضي لهذا السلوك)، لو كنت كذلك لقلت لك : إفتح حسابا إسميا معي، وستجد فيه خمسمئة عند فتحه، أو حتى الفا من الدولارات. أي انني أودع لك في حسابك من جيبي ألمبلغ كله وستكون حلالا زلالا لك.
هل تكون فعلا حلالا زلالا لك؟
بالطبع لا فاللعبة مكشوفة والهدف مشبوه والوسيلة مُتسخة.
أخي القارئ.
إن الذي يقول لك إفتح حسابا بمئتي دولار وستجد فيه مئة إضافية إنما هو يجذبك جذبا ويشدك شدا إلى عمل لم تبلغ حدّ النضج فيه بعد ليكون عملك. هو يجذبك الى هذا العمل عارفا وواثقا بانه سيسترد المئة دولار التي منحك إياها، وسيسلبك أيضا المئتي دولار التي دفعتها انت.
أخي القارئ.
دأبنا في بورصة إنفو منذ أول عهدنا بالسوق على التنوير والتوضيح ، ولا زال هذا في المرتبة الأولى بين سلسلة أهدافنا.
إن المبلغ الاول الذي تودعه في حساب للعمل في الفوركس سيكون ثمنا للتدرب والتعلم كخميرة صغيرة تثمر وتنبت لك أرباحا كثيرة.
الأرباح ستكون في أول عهدك دربة وتعلما، إلى ان يشتد مراسك ويصلب عودك فتستطيعَ حينها المقارعة وتحقيق الربح.
قد تحتاج الى إيداع مئتي دولار بعد مئتين وبعد مئتين ( وقد تكون بعد ألفين وبعد ألفين ) حتى تتمكن من تثبيت قدميك وبلوغ مرحلة الإنتاج…
إن من يعطيك مئة أو مئتي دولار زيادة على المئتين التي دفعتها إنت إنما يمارس عليك لعبة مكشوفة . هو يعطيك بيده اليسرى ليسترد بيده اليمنى ما إعطاك وما أودعت، خلال يومين أو ثلاثة .
أخي القارئ.
إذا كنت واعيا لهذه الحقيقة، وشئت الدخول في تجربة بحثا عن متعة بيع وشراء بعض العمليات فهذا شأنك ولن أسعى الى إدانتك. أما إن كنت داخلا ومصدقا بأن المئة دولار الموهوبة – إو حتى الالف أو الألفي دولار الموهوبة – هي فعلا لك، فأنا أدعوك للتفكر والتبصر وإعادة الحسابات.
كنت لأقبل بهذه الوسيلة من التسويق المشبوه لو أن صاحبها كلّف نفسه مشقة التنوير والتوضيح، فزاد عبارة صغيرة على عرضه المُفخخ . كنت لأقبل بها لو أن الإعلان جاء على النحو التالي : أودع معنا مئتي دولار وسنهبك نحن مئة إضافية، ولكن إنتبه فإن الخطر بخسارة المئات الثلاث كبير جدا جدا في بداية عهدك بالفوركس.
أما وقد تعمّد أصحاب الإعلان الجذب والإغراء والتعتيم، فلا أملك سوى أن أقول:
** لا أرمي لتكوين جبهة اعتراض واسعة. أبغي استدراج الجميع الى ساحة الشرف الفسيحة. هي شديدة الإتساع ومن المفترض أن تكون قادرة على استيعاب الجميع.
** مُطالبون بحسن قراءة الرسالة التي توجهها كل يوم دموع وجراح العديد من الوافدين على السوق ممن تنقصهم التجربة اللازمة.
** مُتهمون بالتحايل – حتى لا يكون سهمي أكثر إيلاما فأقول الإحتيال – ، دافعوا عن أنفسكم !
لو استطعتم الى ذلك سبيلا!
للتواصل مع كاتب المقال: