وبعد كل ما تقدم ، فقد وقفت مليا أمام آحصاء بلغني من قبل أحد المهتمين بواحد من البرامج التي اسهبنا في الحديث عنها في المقالتين السابقتين ، ودققت النظر في النتائج التي حققها هذا البرنامج والتي تشمل سنتين اثنتين من العمل ، فلفتت نظري أمور عديدة لا بدّ من التوقف عندها .
1 – ان واحدا من هذه البرامج – وهو يعتبر من أشهرها ويصح أخذه نموذجا عنها كلها – قد حقق على اليورو دولار :
في العام 2003 نتيجة قاربت ال 3000 نقطة .
في العام 2004 نتيجة قاربت ال 2000 نقطة .
بينما حقق على اليورو ين نتيجة :
في العام 2003 بلغت ال 2000 نقطة .
في العام 2004 نتيجة بلغت 1800 نقطة .
نعم ،أخي المهتم بهذا الآلي العبقري . ان أخذت نتيجة السنتين لليورو دولار تجد انها بلغت 5000 نقطة . وان انت حولتها الى عملة تكون 50.000 دولارا بعقد واحد فقط يحتاج للانطلاق به حسابا يمكن ان يقتصر على 2000 دولار فقط .
لا شك أنها مغريات هائلة ، وهي قد تصح . ولكن !
ان انت حوّلت هذه النتيجة الى نتيجة شهرية يتبين لك ان ما تحقق في الشهر وبالحساب النسبي كان 200 نقطة فقط .
وان انت عدت الى اليورو ين ، لوجدت ان النتيجة الشهرية كانت 150 نقطة فقط .
150 او حتى 200 نقطة في الشهر ، لفظة أقل لمعانا ، وأخف تأثيرا ، وأضعف آغراء من لفظ ال 5000 . هذا لا شك فيه على الاطلاق .
والنقاط المذكورة هذه ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، هي أقصى ما يمكن لهذا البرنامج تحقيقه . هذا ما لا يجب أن ننساه أبدا . إن انت نجحت ، أخي المتعامل ، في فتح كل الصفقات التي حدّدها خلال الشهر ، وبالتالي خلال السنتين . أي بمعنى آخر : قد تحقق نتيجة أقلّ من هذه المعلنة بكثير ، ولا يمكن لك باية حال أن تحقق نتيجة أفضل من هذه المذكورة .
والنقاط هذه ، أخي المتعامل ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، يسهل عليك أنت ، كما يسهل على كل واحد أن يحققها ، إن هوعمل على صقل قدراته الذاتية ، وتنمية امكاناته الفكرية ، وتطبيق قناعاته المنطقية ، واحترام معطياته الموضوعية ، وترويض انفعالاته العاطفية ، ولجم اندفاعاته المتسرعة .
والنقاط هذه ، أخي المتعامل ، سواء كانت 200 او 150 نقطة ، يسهل عليك أنت ، كما يسهل على كل واحد أن يحققها ، إن هو ابتكر لنفسه برنامجا ميكانيكيا بسيطا ، مرتكزا على أي مؤشر من المؤشرات التقنية كمثل :
التقاطع بين خطين متوسطين انسيابيين كخط ال 10 وال 50 وحدة ، او كخط ال 20 وال 100 وحدة ايضا ، على سبيل المثال لا الحصر .
الاعتماد على مؤشر ال RSI مثلا في حالات انخفاضه الى قيمة تتجاوز ال 30 ، أو في حالة ارتفاعه الى قيمة تتجاوز ال 70 . أو في حالات التعاكس في الاتجاه بينه وبين وجهة السوق لزوج من الازواج المذكورة سواء كان اليورو دولار او غيره .
الاعتماد على تقنية التحليل المرتكز على أشكال الشموع اليابانية الشهيرة ، واختيار مواضع يصح اعتبارها اشارات شراء او بيع مشجعة .
الاتكال على ال MACD في حالات التقاطع بين خطيه من الاسفل الى الاعلى ، او من الاعلى الى الاسفل .
أخي المتعامل !
ان تحقيق 150 نقطة شهريا من الوجهة النظرية ، هو أمر يسير حدوثه الى درجة السلاسة ، بالاستناد على أية طريقة من طرق التحليل ، كما بالاستناد على أية طريقة لم يسبقك أحد غيرك على ابتكارها .
ولكن تحقيق ال 150 نقطة بموجب طريقة نظرية ، لا تعني تحقيق 1500 دولارا في الشهر بطريقة تلقائية تطبيقية .
ان ال 150 نقطة قد تتحول الى 1500 دولارا ، هذا أمر ممكن ، ولكن !
عليك أن تشتري كل الصفقات ( ليلا نهارا ) . كل الصفقات التي أوحى لك بها البرنامج – الذي ابتكرته انت او الذي اشتريته من مبتكره – ، عليك ان تنفذها دون أي تردد ، ودون أي شك ، ودون أي خوف ، ودون أية خشية ، ودون أي طمع ، ودون أية رجفة يد ، ودون أية رفة جفن ، ودون أية دقة قلب .
دون أي تشاطر على البرنامج ، ودون أي تدخل في عمله ، ودون أي عطل للانترنت ، ودون أي توقف للجهاز ، ودون أي انقطاع للتيار .
دون أي تأخر في تنفيذ صفقة من قبل البرنامج ، ودون أي امتناع عن إجراء طلب من قبل الشركة ( خاصة في وقت صدور البيانات الحساسة ) .
أخي المتعامل !
هل لاحظت معي دقة الموقف ؟
في تأملي لنتيجة حققها واحد من هذه البرامج في شهر واحد كمثال على عمله ، تبين لي انه حقق النتائج التالية :
0 / +40 / + 5 / +165 / + 135 / – 100 / 0 / + 55 / + 85 / -10 / +40 / +10 / – 100 / 0 / +15 /+ 45 / +75 / +181 / – 110 / 0 / 35 +/ +159 .
ان ما يهمني من هذه النتيجة هي الارقام التالية :
165 / 135 / 181 / 159 .
والسؤال هنا هو :
ماذا لو ان واحدة من هذه الصفقات الاربع فاتتك لسبب من الاسباب ؟
الجواب هو واضح وأكيد :
لقد تحولت نتيجة الشهر الى الصفر .
وان فاتت هذه الصفقة لسبب ما ، فقد اختلّ اتزانك الفكري ، وتعطلت ثقتك الراسخة ، وشككت بكل شيء سبق واعتمدته كواجب لوجود أكيد . وها أنت تتراجع عن إجراء ما تبقى من صفقات ، فتترك البرنامج . وان انت لم تتمالك اعصابك ، فسترى نفسك منجرا تحت تأثير الصدمة النفسية الى لعن البرنامج وصاحبه ومعرفك عليه في آن .
وقد يقول قائل :
ولكن هناك ال -100 / -100 / -110 / .
فقد يفوتني منها ايضا شيْ واكون من الرابحين بتوفير الخسارة . وتزداد ثقتي ، وتتقوى قناعتي ، وأبلغ أفضل مما خططتت له .
الجواب هو واضح وأكيد :
نعم هذا ممكن . ولكنه نادر الحدوث .
وان هو حدث ، فان تاثيره الايجابي على النفس يبقى قاصرا عن تعويض صدمة سببتها عرقلة في تنفيذ صفقة كان ربحها وفيرا . إن كل تفويت لصفقة رابحة ، تحتاج الى تفويت لاجراء 3 صفقات خاسرة أو اكثر ، لتترسخ الثقة ، ويصفو الوجدان ، وتشتد العزيمة ، وتتزن النفس ، وتشعر بالاطمئنان الى حسن سير العمل في مثل هذه البرامج .
وفي آخر المطاف ، وفي سؤال بدا لي ساذجا ، فضحكت كثيرا له ، وسخرت من نفسي لمجرد التفكير به . ولكنني رغم ذلك لم أقو على طرده من مخيلتي ، فهو لا يزال يراودني ، ويضحكني .
ماذا لو أن واحدا من هذه البرامج أثبت عبقريته الفائقة ؟
ماذا لو أن اعتماده تم عالميا ؟
ماذا لو ذاع صيت هذا العبقري ووصل الى أسماع القيمين على البنوك ؟
ماذا لو قرر هؤلاء الاستغناء عن مئات وألوف الترايدرز المحنكين عندهم ، واستبدالهم بالسيد عبقر ؟
ماذا لو وقع مسؤولو البنوك المركزية في غرام السيد عبقر ، والكل يعرف انهم تجار اساسيون في سوقنا هذا ؟
ماذا لو حصل كل هذا ، اخي المتعامل ؟
هل تعرف ماذا سيحصل إذذاك في سوق العملات العالمي ؟
أنا سأقول لك :
كل المتعاملين سيكونون من الرابحين ، كلهم على السواء ، كبارا وصغارا ، لن يكون هناك خاسرين .
وستنصرف مطابع البنوك المركزية الى طبع العملات ( ورقا ملونا مزخرفا ) وضخها في السوق ، لتغطية ارباح المتعاملين .
وحدهم سيكونون متضررين : مزورو العملات . فقد سلبتهم الان البنوك المركزية كل حقوقهم ، وها هي تمارس المهنة نيابة عنهم .
وسيعمّ الخير ، وتنتشر النعمة ، ويسيطر السلام على المعمورة .
وستبلغ معضلة فلسطين نهايتها السعيدة ، وكذلك معضلة العراق ، فلا يبقى مبرر للصراع على آبار النفط فالمال أهم من النفط ، والمال بات متوفرا فعلامَ الصراع .
وستتساوى البلدان العربية المنتجة للنفط والمنتجة للفقر .
ولن يبقى شيئا يستحق الصراع من اجله .
ليتك تتساذج معي أخي المتعامل ، ونتضاحك سوية لبرهة .
على ماذا ؟
على كل شيء ، وعلى لا شيء .
على سذاجتي ، وعلى سذاجتك .
أخي المتعامل ، تعالى نتضاحك ، ونتساذج ، ونتمازح ، وان شئت تعالى نتساخف !
لا بأس في ذلك ، ولكن !
إياك أن تستخف في الامور المصيرية !
هل تريد تحقيق ربح في هذا السوق ؟
أنت من سيحقق هذا الربح .
لا أحد غيرك .
أنت وهو وأنا .
نحن .