أزمة لبنان المالية: تراجُع الدولار مقابل الليرة “وهْم”… حتى إشعار آخر

إستفاقت الأسواق المالية أمس على مفاجأة تراجُع سعر الدولار مقابل الليرة في السوق الثانوية، بنسبة تجاوزت لغاية ساعات الظهر 12 في المئة. فبعد انخفاض غير مسبوق لسعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ التسعينات لامس 2500 ليرة، عاد وارتفع سعر صرفها إلى 2170 ليرة مقابل الدولار.

الصدمة الإيجابية التي خلقها التحسّن النسبي في سعر الصرف، وتحديداً لمن يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية، أثار تساؤلات أكثر مما قدّم أجوبة. فهذا الإرتفاع أعقب موجة من الإحتجاجات الشعبية عمّت مختلف المناطق اللبنانية، كان من المفروض أن يكون وقعها سلبياً على الليرة، وليس العكس.

أما التحسن المفاجئ فمن الممكن أنه يعود، بحسب رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني إلى الأسباب التالية:

– بدء مفاعيل تطبيق تعميم مصرف لبنان القاضي بسداد الحوالات الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الأموال نقداً بالدولار الأميركي. وهذا من شأنه ضخ كميات من الدولار في الأسواق كانت قد تراجعت أخيراً بنسبة كبيرة، بسبب القيود المصرفية وإجبار شركات التحويل الإلكتروني على الدفع بالليرة فقط.

– شعور المواطنين بأن مصرف لبنان عاد بعد اجتماعه مع الصرافين واتفاقهم على “عقلنة سعر الصرف”، إلى مسك زمام الأمور.

– إحتمال تدخل مصرف لبنان ببيع الدولار مباشرة للصرافين على سعر 2000 ليرة كي يزيد العرض بسعر مقبول، ويخفّ الضغط عن الليرة اللبنانية. هذا الإرتفاع في سعر الصرف لا يعوّل عليه إن لم يستمر لفترة أقلها شهر من الزمن. إذ إن الإرتفاع الهائل في الطلب على الدولار لأغراض الإستيراد، في ظل توقف المصارف عن تأمين العملة الخضراء، وإجبار التجار على إحضار الدولار الطازج، سيزداد ولن يتقلص. إلا انه، بحسب مارديني فان “الحسنة الوحيدة لاستقرار سعر الصرف لفترة، هي في تخفيف حدة المضاربة على العملة الوطنية، والتي لم تعد محصورة بكبار التجار والمضاربين، إنما في الأفراد ايضاً الذين يعمدون إلى شراء الدولار مراهنين على ارتفاعه في المستقبل القريب وتحقيق الأرباح”.

الدولار والأسعار

التغيرات الكبيرة والسريعة في سعر الصرف تشكّل عامل ضغط على القطاع التجاري وتحديداً في ما خص آلية التسعير. كما انها تثير مخاوف المواطنين من عدم تراجع أسعار السلع والبضائع بنفس النسبة التي ارتفعت فيها نتيجة إنخفاض سعر الصرف. ولكن نقيب أصحاب السوبر ماركت د. نبيل فهد يؤكد أن “من الطبيعي ان تلحق الأسعار تغير سعر الصرف، ذلك لان آلية التسعير واضحة وشفافة. أما عن الوقت الذي يتطلبه التخفيض فهو مرهون بأنواع السلع”.

تقسم السلع إلى 3 فئات:

الأولى، أصناف مسعرة من قبل الدولة لم يطرأ عليها أي تبديل مثل الدخان والخبز…

الثانية، أصناف تتغير أسعارها سريعاً نتيجة سرعة الطلب عليها مثل الحبوب…

الثالثة، أصناف تتطلب بعض الوقت ليطاولها تغير الأسعار سواء كان ارتفاعاً أو إنخفاضاً، مثل المعلبات وأدوات التنظيف.

ويلفت فهد إلى أن “تغيّر سعر الصرف سنلاحظه في الأسواق في غضون أيام قليلة، شرط ان يبقى مستقراً لفترة مقبولة”.

تعطّل الرقابة… والدعم

إستمرار التفاوت في سعر الصرف سيخلق “إرباكاً كبيراً في التسعير والرقابة. حيث يلجأ البعض من التجار إلى تغيير الأسعار بوتيرة يومية، كما يعمد قسم منهم إلى إزالة الأسعار عن المنتجات، وهو مخالف لقانون حماية المستهلك”، تقول نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك د. ندى نعمة. ومن خلال مراقبة الجمعية للأسواق ترى نعمة أن “الكثير من الأصناف التي يرتفع سعرها لا يعاود إلى الإنخفاض حتى لو انتفى المبرر. وعادة ما تترافق هذه الحالات مع ضعف الرقابة وتدخل موضعي ضعيف للدولة، من خلال تنظيمها مخالفات ومحاضر ظبط بحق المخالفين، وعدم التشدد في كسر الإحتكارات”.

مواجهة تقلّبات أسعار سعر الصرف والمواد الغذائية يجب أن تواجه، بحسب جمعية “حماية المستهلك”، بتثبيت أسعار 6 أصناف أساسية من أجل تأمين الامن الغذائي للمواطنين وهي: “اللحوم، الألبان والأجبان، الحبوب، الغاز والدواء”.

لا ثبات!

ويشير أحد المصرفيين إلى أن سعر الصرف سيُعاوِد صعوده قريباً لسببين أساسيين:

– غياب السلطة القادرة، وعجزها عن القيام بواجبها.

– تراجع احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية الذي يسمح له بالتدخل بقوة لضبط تفلت سعر الصرف. وعليه فإن ارتفاع سعر الصرف لن يكون ثابتاً ولا مستقراً بل سيبقى عرضة للتقلبات.​

خالد ابو شقرا.

الصين وأمريكا توقعان اتفاقا تجاريا مبدئيا لكن الشكوك والرسوم لا تزال قائمة

 

سترفع الصين قيمة مشترياتها من البضائع والخدمات الأمريكية بمقدار 200 مليار دولار على مدار عامين في مقابل إلغاء بعض الرسوم الجمركية وذلك بموجب اتفاق تجاري مبدئي وقعه أكبر اقتصادين في العالم واحتوى نزاعا تجاريا قائما منذ 18 شهرا أحدث اضطرابا في الأسواق العالمية.

وارتفعت مؤشرات رئيسية بأسواق الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية بعد توقيع الاتفاق يوم الأربعاء لكنها تباطأت في وقت لاحق بفعل مخاوف من ألا يهديء الاتفاق توترات التجارة لمدة طويلة مع وجود الكثير من القضايا الشائكة التي لم تُحل بعد.

وظلت سوق العملات في حالة استقرار وترقب للمستجدات.

وأقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة إجراء مزيد من المفاوضات مع الصين لحل مجموعة من المشاكل الأخرى، لكنه رحب بالاتفاق واعتبره فوزا للاقتصاد الأمريكي ولسياسات إدارته فيما يخص التجارة.

وقال ترامب في تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض وإلى جانبه مسؤولون أمريكيون وصينيون يوم الأربعاء ”معا، نصحح أخطاء الماضي ونحقق مستقبلا من العدالة والأمن الاقتصادي للعمال والمزارعين والأسر الأمريكية“.

وتلا نائب رئيس الوزراء الصيني ليو خه رسالة من الرئيس شي جين بينغ أشاد فيها بالاتفاق بوصفه مؤشرا على أن بإمكان البلدين حل خلافاتهما من خلال الحوار.

وقال البيت الأبيض إن محور الاتفاق هو تعهد الصين بشراء منتجات زراعية أمريكية وبضائع وخدمات أخرى إضافية بقيمة 200 مليار دولار على الأقل على مدار عامين تضاف إلى مشتريات أساسية بقيمة 186 مليار دولار في 2017.

وأفادت وثائق الاتفاق التي أصدرها البيت الأبيض ووزارة المالية الصينية أن الالتزامات تشمل مشتريات إضافية للصين من الطاقة الأمريكية بقيمة 54 مليار دولار، وزيادة قدرها 78 مليار دولار في مشتريات السلع المصنعة، ومشتريات إضافية من المنتجات الزراعية بقيمة 32 مليار دولار، وزيادة مشتريات الخدمات بواقع 38 مليار دولار.

وقال ليو إن الشركات الصينية ستشتري منتجات زراعية أمريكية بقيمة 40 مليار دولار سنويا خلال العامين المقبلين ”على أساس ظروف السوق“ مما قد يفرض توقيت المشتريات في أي سنة محددة.

وكانت الصين في السابق تمتنع عن الالتزام بشراء كميات محددة من السلع الزراعية الأمريكية، ووقعت عقودا جديدة لشراء فول الصويا من البرازيل منذ اندلاع الحرب التجارية.

وقال ليو لاحقا إن الاتفاق لن يؤثر على ”مصالح أطراف ثالثة“، في إشارة على ما يبدو إلى صفقات مع موردين آخرين للسلع الزراعية.

وأضاف في تصريحات للصحفيين نقلها التلفزيون المركزي الصيني (سي.سي.تي.في) أن الشركات الصينية ستستورد سلعا زراعية أمريكية بحسب حاجة المستهلكين والطلب والعرض في السوق.

وقد يمثل الاتفاق دفعة للمزارعين ومصنعي السيارات والمعدات الثقيلة الأمريكيين، لكن بعض المحللين شككوا في قدرة الصين على إبدال واردات شركاء آخرين في التجارة بمزيد من الواردات الأمريكية.

وارتفعت أسعار النفط بدعم من توقعات بزيادة مشتريات الصين من النفط والغاز من الولايات المتحدة.

وقال ترامب إن بكين تعهدت باتخاذ إجراءات لمواجهة مشكلة البضائع المقرصنة أو المقلدة، وذكر أن الاتفاق يشمل حماية قوية لحقوق الملكية الفكرية.

وقالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي في بيان إن استراتيجية ترامب تجاه الصين ”ألحقت ضررا كبيرا طويل الأجل بالزراعة الأمريكية وهزت اقتصادنا في مقابل مزيد من التعهدات التي حنثت بكين بها لسنوات“.

* الرسوم الجمركية باقية

ألغى اتفاق المرحلة 1 رسوما جمركية أمريكية مزمعة على الهواتف المحمولة والألعاب وأجهزة الكمبيوتر الشخصية الصينية الصنع وخفض معدل الرسوم الجمركية إلى النصف ليبلغ 7.5 بالمئة فيما يتعلق بسلع صينية أخرى قيمتها حوالي 120 مليار دولار بما في ذلك الشاشات التلفزيونية المسطحة وسماعات البلوتوث والأحذية.

لكنه أبقى على رسوم نسبتها 25 بالمئة على منتجات صينية بقيمة 250 مليار دولار وتشمل سلعا ومكونات يستخدمها المصنعون الأمريكيون، وأبقى على رسوم فرضتها الصين في المقابل على بضائع أمريكية تزيد قيمتها عن مئة مليار دولار.

وقال ترامب، الذي وصف اتفاق المرحلة 1 بأنه أحد أعمدة حملته الانتخابية في 2020، إنه سيلغي الرسوم الجمركية المتبقية بمجرد أن يكمل البلدان التفاوض على ”المرحلة 2“ من الاتفاق.

وقال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس ”بدأنا بالفعل المباحثات بشأن اتفاق المرحلة 2“.