“لا دولارات اليوم”.. مكاتب الصرافة تقاوم مسعى لبنان لاستقرار العملة

اصطدمت مساعي لبنان لكبح جماح سوق موازية مزدهرة للدولار ووقف تراجع علمته الليرة بعقبة يوم الأربعاء عندما رفض تجار العملة بشكل كبير البيع بسعر جديد أقل جرى الاتفاق عليه مع البنك المركزي.

لبنان في خضم أزمة اقتصادية عميقة دفعت البنوك التي تخشى نزوح رؤوس الأموال إلى فرض قيود صارمة على سحب الدولار، مما يجبر الجميع بدءا بكبار المستوردين وحتى المواطنين إلى اللجوء لمكاتب الصرافة لتلبية احتياجاتهم.

ومنذ اندلاع احتجاجات حاشدة في أكتوبر تشرين الأول ضد النخب في البلاد، يرتفع سعر الدولار في هذه السوق الموازية، إذ بلغ 2500 ليرة لبنانية للدولار مقابل سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 القائم منذ 1997، مما تسبب في زيادة الأسعار.

يأمل لبنان أن تستعيد حكومة جديدة شُكلت الثلاثاء الثقة للحصول على أموال من الخارج هو في أمس الحاجة إليها وتحقيق الاستقرار لعملته وبنوكه.

وسعيا لوقف هبوط العملة، قالت نقابة الصرافين في لبنان بعد وقت قصير من إعلان تشكيل الحكومة إنه جرى الاتفاق مع البنك المركزي على تحديد سعر شراء عند ألفي ليرة لبنانية للدولار بحد أقصى.

وقالت إن المخالفين سيكونون ”تحت طائلة عقوبات إدارية وقانونية“ لم تحددها.

والدولار، الذي كان يوما ما سهل الحصول عليه بمكاتب الصرافة التي لا تهدأ في بيروت، أضحى صعب المنال اليوم، وهو ما قد يشكل تحديا جديدا للبنانيين الذين يعانون ضغوطا مالية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.

خسائر

وقال ثمانية من عشرة مكاتب صرافة زارتها رويترز إنه ليس لديها دولار للبيع، لكنها مستعدة للشراء بالسعر الجديد عند ألفي ليرة لبنانية. وشوهد العديد من العملاء وهم يبيعون الدولار بالسعر الجديد.

وقال متعاملون آخرون إن تقييد السعر سيدفع السوق نحو العمل في الخفاء ويخرج التعاملات من مكاتب الصرافة.

وقال متعامل ثان ”سيخلق سوقا ثالثة، سوقا موازية للسوق الموازية. إنه ليس واقعيا.“

وبينما كان مكتبان في منطقة الحمرا ببيروت يبيعان كميات صغيرة من الدولار لعملاء بسعر عند 2050 و2075 ويشتريان بسعر ألفين، كانت خمسة مكاتب أخرى تصرف الزبائن بالعبارة الموجزة: ”لا دولارات اليوم.“

وقال بعض المتعاملين إن القرار الذي اتُخذ على عجل بفرض سقف سعري يعني تكبدهم خسائر في الدولارات التي اشتروها قبل يوم واحد بسعر أعلى يبلغ 2170 و2180 ليرة.

وقال أحد المتعاملين ”لا أحد يبيع اليوم لأننا نحاول جمع الدولارات بسعر ألفين لبيعها… يجب تهدئة السعر قبل أن يتسنى لنا البيع عند نحو ألفين“.

وثبط وزير المالية الجديد غازي وزني الآمال في إمكانية عودة الليرة إلى مستويات ما قبل الأزمة، إذ قال لتلفزيون إل.بي.سي اللبناني إن ”من المستحيل“ عودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه من قبل في السوق الموازية.

ويصر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على التزام لبنان، شديد الاعتماد على الاستيراد، بربط العملة، مبررا ذلك بالحاجة إلى وضع أسعار السلع الأساسية مثل الوقود في الحسبان.