في اول تحرّك رسمي للحكومة الجديدة تجاه الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمرّ بها البلاد، عُقدت امس ورشة مالية – اقتصادية في السراي برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، الذي، وبعد الاطلاع على حقيقة الاوضاع، طالب بإعداد خطة، بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف.
خرج رئيس الوزراء حسان دياب في نهاية الورشة المالية – الاقتصادية بانطباع انّ الصورة السوداوية غير صحيحة بل غير دقيقة، وانّ الإنقاذ لا يزال ممكناً وبهامش واسع من المعالجات الجدّية. واعتبر «انّ الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب، لذلك يجب أن تكون لدينا رؤية علمية وواقعية».
وعُلم انّ اجواء اللقاء المالي ايجابية وجدّية، بحيث من المتوقع ان تنعكس ارتياحاً في الاسواق في الفترة المقبلة. وفي معلومات لـ«الجمهورية»، فقد جرى الاتفاق على السير بتسهيلات مصرفية لناحية الحصول على الدولار والليرة، كما جرى التوافق على بعض التسهيلات المتعلقة بالتحويلات إلى الخارج، على ان تدخل هذه الاجراءات حيز التنفيذ خلال النصف الاول من الشهر المقبل.
اللقاء الذي شارك فيه وزراء التنمية الادارية دميانوس قطار، المال غازي وزني، الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، والصناعة عماد حب الله، ما لبث ان انضم إليهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، بما اعطى انطباعاً بأنّ اللقاء تركّز على الحلول المالية ودور المصارف فيها.
وفي هذا الاطار، رأى الخبير المصرفي مروان مخايل، انّ اللقاء مع المصارف لا يعني مطلقاً انّها مستهدفة، لكن لا شك انّ هناك جزءاً من الحلول مرتبط بها. وشدّد مخايل عبر «الجمهورية»، انّ الامور الملحة حالياً هي كيفية التعامل مع سندات اليوروبوند التي تستحق في آذار، واتخاذ القرار في ما خصّ إعادة هيكلة الدين، علماً انّ السير بإعادة الهيكلة سيؤثر على رساميل المصارف. كما من المُلِح البحث في كيفية الخروج من الأزمة وتحديد الاجراءات التي يُفترض اتخاذها وابرزها:
– قوننة القيود على الرساميل للحدّ من استنسابية المصارف في التعاطي مع الايداعات.
– وقف تحويل الودائع من الليرة الى الدولار، لأنّ هذا الإجراء يفاقم من نقص السيولة بالدولار.
– خفض الفائدة الى ما بين 0.5 و 1% على الدولار و2% على الليرة اللبنانية، ومن شأن هذا التدبير تخفيف الكلفة على الدولة وعلى القطاع الخاص.
واعتبر مخايل انّ ليس بالضرورة ان ترتبط هذه الحلول بالبيان الوزاري الذي يتمّ اعداده، بل الافضل اتخاذ هذه الاجراءات بأسرع وقت ممكن.
وقال: «يجب على لبنان ان يعدّ خطته الإنقاذية بما يراه مناسباً ليفاوض بعدها صندوق النقد. فالصندوق لا يفرض شروطاً غير قابلة للتطبيق، كما هو لن يفرض ضرائب اضافية على المواطنين في هذه الظروف الاقتصادية. اذ لا يمكن فرض ضرائب على اقتصاد يعاني ركوداً، لأنها لن تؤمّن الايرادات المرجوة».
واشار الى انّ المطلوب من لبنان ان يقدّم لصندوق النقد مجموعة إصلاحات بنيوية اساسية مثل حلول لأزمة الكهرباء، عبر رفع التعرفة على بعض الشطور، خفض النفقات، تحديد سعر لصفيحة البنزين على ان تستفيد الدولة من ذلك عندما يتراجع سعر النفط عالمياً، بدل ان تخفض السعر، تؤمّن بالوفر ايرادات الى الخزينة، الى جانب إعادة النظر بحجم القطاع العام. فالموظفون وبنتيجة التضخم خسروا جزءاً من قيمة رواتبهم، ولتخفيف أعدادهم قد تضطر الدولة الى رفع جزء منهم الى التقاعد مع اعادة النظر بنظام التقاعد الحالي.
«وضع اليد على الجرح»
وكان دياب أكّد خلال افتتاحه الورشة في السراي، انّها «تهدف الى وضع اليد على الجرح، أو الجروح المالية والاقتصادية، والأزمة التي يمرّ بها البلد. هذه الورشة هي جزء مكمّل لصوغ البيان الوزاري، لأنّ هذا الجانب يجب أن يكون هو الأساس في البيان، بل والجزء الطاغي، بسبب دقة المرحلة وتعدّد وجوه الأزمة المالية وتداعياتها على مختلف الصعد. الوضع لا يتحمّل نظريات وتجارب. لذلك يجب أن تكون لدينا رؤية علمية وواقعية».
أضاف دياب: «الانطباعات الأولى التي سمعتها من مختلف الأطراف، من حاكم البنك المركزي ومن رئيس جمعية المصارف وغيرهما، توحي بأنّ الأفق غير مقفل على المخارج. فالصورة السوداوية التي نسمعها، وطبعاً التي يسمعها الناس، غير صحيحة أو غير دقيقة. هذا لا يعني أنّ الحلول سهلة، لكن الانطباعات الموجودة في البلد أدّت إلى فقدان الثقة بالدولة ومصرف لبنان وكل القطاع المصرفي. لذلك طلبت إعداد خطة، بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف، بهدف استعادة الحد الأدنى من الثقة، التي هي حجر الزاوية في معالجة الأزمة، وخصوصاً أنّ الأرقام التي إطلعت عليها أستطيع القول عنها إنّها تسمح بهامش واسع من المعالجات الجدية والتي تساعد في تبريد حرارة الأزمة، تمهيداً لإطفائها».
وختم: «أعلم أنّ الاجتماعات الكثيفة مرهقة، لكن الظروف لا تسمح بوقت فراغ. وهنا لا أستطيع إلّا أن أنوّه بالجهود التي يبذلها الوزراء من أجل بلوغ هدفنا».
سلامة
وخلال الورشة، قدّم حاكم مصرف لبنان عرضاً للواقع المالي في البلاد، مشيراً الى «انّ هذا الوضع ليس سوداوياً بل انّ هناك بعض الايجابيات».
صفير
اما رئيس جمعية المصارف سليم صفير فعرض الواقع المصرفي والحلول المقترحة للأزمة الحالية.
وفد البنك الدولي
وتابعت الورشة لقاءاتها في السراي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، حيث عقد اجتماعاً مع وفد من البنك الدولي برئاسة ساروج كومار جاه، شارك فيه نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني زينه عكر عدرا والوزراء: قطار، وزني، حب الله، ريمون غجر، حمد علي حسن، ميشال نجار، راوول نعمه، رمزي مشرفية، وطارق المجذوب ورئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر.
وفي هذا السياق، اوضح وزير الاشغال العامة والنقل ميشال نجار لـ«الجمهورية»، انّ هذه الجلسة مع البنك الدولي كانت من اجل اجراء مراجعة للمشاريع التي سبق وقدّمها البنك الدولي للبنان، وما اذا كانت هناك عقبات امام هذه المشاريع.
وأكّد نجار انّ كل المشاريع التي يقدّمها البنك الدولي والتي تمّت مناقشتها خلال اللقاء هي مشاريع انمائية، تهدف الى النهوض بالاقتصاد.
ايفا ابي حيدر