تسعير النفط… سياسة أم اقتصاد؟

تسعير النفط موضوع معقد جداً فوق ما يتوقعه الجميع. أولاً هناك العديد من الخامات التي تختلف نوعياتها بين الثقيلة والخفيفة والحامضة والحلوة. وكل خام يختلف عن الآخر بشكل جذري من ناحية قيمته عند التكرير؛ بحيث لو تم تغيير نوع الخام؛ فإن المصفاة لن تتمكن من إنتاج الكمية المطلوبة من الديزل أو وقود الطائرات.
هذا الأمر بالتحديد كان عاملاً مؤثراً في كل مرة تُفرض فيها عقوبات على النفط الإيراني، حيث إن المصافي التي تعمل بهذا النوع من النفط لم تتمكن من إيجاد النوع الملائم الذي يعوضها عن نفط إيران، ولهذا لجأت إلى أقرب شيء له مثل «خام الأورال» الروسي، وهذا عزز موقف خام روسيا في أوروبا؛ حيث إن روسيا لديها موثوقية أعلى ونفطها يتدفق بلا توقف إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية نظراً لأن النفط يُنقل بالأنابيب وليس بالسفن.
ولهذا؛ فإن تسعير النفط وتسويقه مسألة سياسية في بعض الأحيان؛ حيث تلعب العوامل الجيوسياسية دوراً عند التفاوض مع البائعين من الدول المضطربة سياسياً والمعرضة للعقوبات أو الانقطاعات.
في الوقت ذاته؛ لم تتمكن المصافي الأوروبية من تعويض الخامات الليبية، مثل «خام السدرة»، والتي تمتاز بجودة عالية من ناحية الحلاوة (مستوى الكبريت في النفط) ومن ناحية الثقل (مدى كثافة ولزوجة النفط)؛ إذ إنها خامات حلوة وخفيفة يصعب جداً تعويضها عند أي انقطاعات لها، والأقرب لها هي الخامات الأميركية التي تُنتَج من النفط الصخري، وهذا مما جعل النفط الأميركي يصل إلى أوروبا في السنوات الأخيرة؛ حيث يجري تعويض ارتفاع تكاليف الشحن من الأطلنطي إلى القارة الأوروبية من خلال الحصول على شحنات ثابتة.
هذه العوامل تؤثر كثيراً في كيفية تسعير النفط؛ إذ إن لكل نوع من النفط سعراً بحسب كمية المنتجات التي تُشتق منه، وبحسب السوق وطبيعتها. ولنضرب مثالاً على ذلك؛ فإن الهند سوق كبيرة للديزل، ولهذا لا ترغب المصافي الهندية في النفوط الخفيفة؛ بل تميل إلى النفوط الثقيلة والمتوسطة؛ لأنها عند التكرير تعطي كميات أعلى من الديزل. بينما في اليابان السوق هناك تحتاج لخامات خفيفة؛ إذ إنهم يحتاجون إلى النافثا (أحد مشتقات النفط الخفيفة) بشكل كبير لاستخدامه في عمليات أخرى كلقيم لمصانع البتروكيماويات، حيث تعتمد هذه الصناعة هناك على اللقيم السائل أكثر من الغاز.
وفي كل شهر ميلادي تستخدم شركات النفط الحكومية معادلات معقدة جداً لتسعير النفط، تُبنى على معطيات كثيرة معقدة. فعلى سبيل المثال؛ عندما يريد مشترٍ في الولايات المتحدة شراء نفط الآن من «أرامكو السعودية» في أغسطس (آب)؛ فإنه سيشتريه بناء على تحميله في سبتمبر (أيلول) بناء على الأسعار المعلنة في أغسطس لشهر سبتمبر. ولكن حتى تصل شركة حكومية للمعادلة المناسبة؛ فعليها تقييم فرق السعر بين شهر سبتمبر وشهر نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ إن النفط سيصل إلى البائع ويتم تفريغه في أكتوبر (تشرين الأول)، ويكرَّر ويباع منتجات في نوفمبر.
هذه التعقيدات كلها سبب في تعقيد التسعير وقيام سوق العقود الآجلة وظهور المشتقات، مما يجعلنا لا نستطيع النظر إلى الأسعار بمعزل عن السياسة. والخلاصة هنا أن سوق النفط وأسعاره عملية معقدة وفنية وحساسة، ولهذا؛ فإن العوامل السياسية تجعل بيعه وتسعيره وتسويقه أمراً صعباً أو سهلاً. وعندما لا تستطيع المصافي حساب مخاطرها وتكاليفها بشكل جيد؛ فإن هذا ينعكس على سعر بيع المنتجات، وهو مما يجعل الدول تضغط سياسياً من أجل البحث عن بدائل للنفط أو الحصول على شحنات مستقرة إما عن طريق الاتفاقيات السياسية؛ وإما عن طريق الاستيلاء على الحقول عنوة مثل ما حدث في دول كثيرة منذ زمن الاستعمار حتى اليوم. ولكن لا يوجد بديل حقيقي للنفط، ولهذا سيظل الصراع قائماً لفترة طويلة.

وائل مهدي

مؤشر اعتماد العملات المشفرة يقفز بـ 881% .. فيتنام والهند وباكستان في الصدارة

  • اعتماد العملات المشفرة انطلق عالميا العام الماضي، وسجل هذا العام قفزة بـ 881%، مع احتلال فيتنام والهند وباكستان الصدارة بقوة، بحسب بيانات جديدة من Chainalysis.
  • هذه هي السنة الثانية التي تصدر فيها بيانات مؤشر تبني التشفير العالمي، والذي يصنف 154 دولة وفقا لمقاييس مثل أحجام التداول المتبادلة من نظير إلى نظير(أو ما يعرف بأسلوب الند للند).
  • المؤشر يقيس النشاط في سوق العملات المشفرة، لتحديد مدى انتشار هذه العملات في أوساط المستثمرين غير المحترفين.


أظهرت بيانات جديدة من Chainalysis، أن اعتماد العملات المشفرة قد ارتفع عالمياً بين المستثمرين العاديين بأكثر من 881% العام الماضي مقارنة بعام 2020، مع احتلال فيتنام والهند وباكستان الصدارة بقوة، بحسب شبكة CNBC.

وهذا ما يفسر الارتفاع الحاد في أسعارها وتسجيلها مستويات قياسية غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، وسط الاقبال الكبيرة على حيازتها خلال فترة الجائحة.

وهذه هي السنة الثانية التي تصدر فيها Chainalysis مؤشر اعتماد التشفير العالمي، والذي يصنف 154 دولة من خلال مقاييس رئيسية مثل حجم التبادل التجاري والقيمة المستلمة، وجاءت فيتنام والهند وباكستان وأوكرانيا من أوائل الدول في الترتيب التي يتبنى أفرادها التشفير الرقمي، في حين كان للاستثمار المؤسساتي الدور الأكبر في دعم هذا النوع من العملات في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وآسيا الشرقية خلال العام الماضي.

وبينما ترى Chainalysis أن الأسواق المهنية والمؤسساتية محور بالغ الأهمية، إلا أنها تسعى إلى تسليط الضوء على البلدان التي تتمتع بأكبر قدر ممكن من تبني العملة المشفرة من قبل المستثمرين الأفراد، مع التركيز على حالات الاستخدام المرتبطة بالتحويلات والادخار الفردي، بدلاً من التداول والمضاربة.

 

احتلت عدة دول في الأسواق الناشئة مرتبة عالية على المؤشر، حيث تصدرت فيتنام قائمة الاعتماد العالمي لهذه العملات، بينما احتلت كينيا المرتبة الخامسة وفنزويلا السابعة، فمعظم البلدان العشرين الأولى هي اقتصادات ناشئة، بما في ذلك توغو وكولومبيا وأفغانستان.

وفي الوقت نفسه، تراجعت الولايات المتحدة من المركز السادس إلى المركز الثامن، وانخفضت الصين، التي شنت حملة على العملات المشفرة هذا الربيع، من المركز الرابع إلى المركز الثالث عشر.

وبحسب التقرير، فإن في الأسواق الناشئة، يلجأ الكثير من الأفراد إلى العملات المشفرة للمحافظة على مدخراتهم في مواجهة انخفاض قيمة العملة، وإرسال واستقبال التحويلات، وتنفيذ المعاملات التجارية.

 

وقال معد التقرير في Chainalysis، كيم غراور، إنه عادة ما ركزت المناقشة حول نمو العملة المشفرة خلال العام الماضي على الاعتماد المؤسسي.. لكننا أردنا أيضاً دراسة كيفية استخدام العملة المشفرة من قبل الأشخاص العاديين في جميع أنحاء العالم”.

وأشار إلى أن النتائج التي توصلنا إليها تظهر وجود مجتمع قوي من المستخدمين في أماكن مثل فيتنام وباكستان وكينيا، مما يدل على أن العملة المشفرة عالمية حقاً.

ووفقًا للتقرير، فإن تبني العملات المشفرة في الاقتصادات النامية مدفوع بالنشاط في البورصات التي لديها حواجز دخول أقل من نظيراتها المركزية، وتسمح للمستخدمين بمبادلة العملات مباشرة.

وتوقع التقرير بأن يؤدي تخفيض قيمة العملة والحاجة إلى إجراء مدفوعات دولية سريعة ومنخفضة التكلفة، إلى الدفع بالمستثمرين في الاقتصادات الناشئة نحو استثمار أموالهم بشكل جماعي في هذه السوق.

يُذكر أنه قد ارتفع الاهتمام بصعود العملات المشفرة وأسعارها الصاروخية في العام الماضي، فقد تضاعفت عملة بتكوين أكثر من 3 أضعاف خلال الـ 12 شهراً الماضية، في حين ارتفعت قيمة ثاني أكبر عملة مشفرة إيثر بنحو 7 أضعاف، كما سجلت العديد من العملات المشفرة الأخرى مكاسب قوية أيضاً.