الدولار يتراجع عن قمة 9 أشهر في ظل تحسن المعنويات بفضل ارتفاع الأسهم

تراجع الدولار الأميركي، والذي يُعتبر ملاذا آمنا، عن أعلى مستوياته في أكثر من تسعة أشهر مقابل منافسيه الرئيسيين الاثنين23 أغسطس، إذ أدت قفزة في الأسهم الآسيوية إلى تحسن المعنويات، على الرغم من استمرار انتشار السلالة المتحورة دلتا من فيروس كورونا.

وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات منافسة، بنحو 0.19% إلى 93.311 مقارنة مع يوم الجمعة، حين ارتفع إلى 93.734 للمرة الأولى منذ الرابع من نوفمبر.

ويأتي تحرك الدولار في الوقت الذي انتعشت فيه الأسهم في المنطقة، وارتفعت أسعار المعادن الأساسية، إذ زادت الآمال في تحسن الطلب بعد أن أعلنت الصين، أكبر مستهلك في العالم للمعادن، عن عدم تسجيل إصابات جديدة ناجمة عن عدوى محلية بكوفيد-19 وذلك لأول مرة منذ شهر يوليو.
كما تعززت المعنويات بفضل إغلاق قوي لـ Wall Street يوم الجمعة.

وقادت العملات المرتبطة بالسلع الأولية كالدولارين الأسترالي والكندي الانتعاش أمام نظيرهما الأميركي، عقب انخفاضات كبيرة سجلاها الأسبوع الماضي.

وارتفع الدولار الأسترالي 0.29% إلى 0.71575 دولار أميركي، بعد أن بلغ أدنى مستوى في تسعة أشهر ونصف الشهر عند 0.71065 دولار يوم الجمعة.

ومقابل الدولار الكندي، هبط الدولار الأميركي 0.25% إلى 1.2776 دولار كندي.

وارتفع الدولار الأميركي لأعلى مستوى في ثمانية أشهر مقابل نظيره الكندي عند 1.2949 دولار كندى في نهاية الأسبوع الماضي.

من جهة أخرى، تجاوزت بتكوين، العملة الرقمية المشفرة، 50 ألف دولار للمرة الأولى منذ منتصف مايو، وسجلت في أحدث تعاملات ارتفاعا 2.06% لتصل إلى 50333.24 دولار.

وتلقى الدولار هذا الشهر الدعم من البحث عن الملاذات الآمنة في ظل تهديد السلالة دلتا سريعة الانتشار بإخراج التعافي الاقتصادي العالمي عن مساره، في الوقت ذاته الذي يلمح فيه مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى تقليص التحفيز في وقت مبكر ربما هذا العام.

واستقر الدولار النيوزيلندي عند 0.68385 دولار أمريكي، قرب أدنى مستوى في تسعة أشهر ونصف الشهر البالغ 0.6807 الذي سجله يوم الجمعة، في ظل خضوع البلاد لإجراءات عزل عام إذ تكافح لاحتواء تفشي للسلالة دلتا.

واستقر الين، وهو ملاذ آمن آخر، إلى حد كبير دون تغيير عند 109.85 للدولار.

وارتفع اليورو 0.18% إلى 1.17195 دولار، ليبتعد عن أدنى مستوى في تسعة أشهر ونصف الشهر الذي سجله يوم الجمعة والبالغ 1.1664 دولار.

وأضاف الجنيه الإسترليني 0.18% ليبلغ 1.36475 دولار، مرتفعا من أدنى مستوى في شهر البالغ 1.3602 دولار الذي سجله في نهاية الأسبوع الماضي.

بافيت: هذه الشركات هي الأفضل أداء خلال فترة التضخم المرتفع

من السيارات المستعملة إلى الوقود والبقالة، يستمر التضخم في رفع أسعار السلع في الولايات المتحدة، التي تشهد فترة يسودها التعافي التدريجي من جائحة كورونا وما يصاحبها من ارتفاع ملحوظ في معدل التضخم، وسط محاولات من جانب المستثمرين لاغتنام الزخم الذي يحدث بعد فترة كساد نتيجة تطبيق إجراءات الإغلاق في العام الماضي.

وقفز مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) بنسبة 5.4% الشهر الماضي بالمقارنة مع يوليو 2020، وهذا أكبر ارتفاع منذ عام 2008.

وعلى الرغم من أن بعض الاقتصاديين وغيرهم من الخبراء الماليين يقولون إن معدل التضخم الحالي لا يدعو للقلق، يرى الرئيس التنفيذي لشركة Berkshire Hathaway، وارن بافيت، أن هناك بعض الشركات سيكون بإمكانها النجاح بصورة أكثر من غيرها، في ظل فترة يسودها ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الذي انقسم الخبراء حول ما إذا كان مؤقتا أم مستداما.

وفي المؤتمر السنوي لـ”Berkshire Hathaway” عام 2015، سُئل “بافت” أي من حيازاته في الشركات كانت الأفضل خلال الفترة التي تشهد ارتفاعا في التضخم.

وأجاب وقتها بأن أفضل عمل يمكن الاستثمار به هو الذي لا يتطلب إعادة مستمرة في الاستثمار لأنه يصبح أعلى تكلفة مع انخفاض قيمة الدولار.

وأضاف: “أفضل استثمار خلال التضخم هو الذي تشتريه مرة واحدة، ولا تضطر لمواصلة الاستثمارات الرأسمالية به فيما بعد، إذ تصبح أي استثمارات رأسمالية كبيرة أعمالاً فقيرة من حيث القيمة خلال الفترات التي يسودها ارتفاع التضخم”.

وشدد بافيت على قطاعات المرافق وطرق السكك الحديدية بأنها تتسبب في تآكل المزيد من المال ولا تحقق ربحية بذلك القدر، وفي المقابل يفضل بافيت العلامات التجارية التابعة لقطاع التجزئة خلال تلك الفترة، والتي هي قطاعات مرتبطة بحياة الناس اليومية.

وتابع: “امتلاك حصة في شركة رائعة أمر مفيد لأنه بصرف النظر عما يحدث لقيمة الدولار سيظل منتج الشركة مطلوبا”، كما أشار إلى أهمية امتلاك عقارات في أوقات التضخم لأن المستثمر يدفع قيمته مرة واحدة فقط كما أن لديه ميزة تتمثل في القدرة على إعادة بيعه.

وأشار حكيم أوماها إلى أن أفضل مسار عمل لمعظم المستثمرين ليس اختيار الأسهم الفردية التي يعتقدون أنها ستحقق أداء جيدا، لكن الاستثمار في صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة والتي تكون أقل خطورة بكثير.

ولطالما أوصى بافيت بأن يضع المستثمرون أموالهم في هذه الصناديق، التي تحتفظ بكل سهم في المؤشر، مما يجعلها متنوعة تلقائيًا. على سبيل المثال مؤشر S&P 500، ويشمل الشركات ذات الأسماء الكبيرة مثل Apple و Coca-Cola و Google.

وأخبر بافيت شبكة CNBC سابقا أنه بالنسبة للأشخاص الذين يتطلعون إلى بناء مدخراتهم التقاعدية، فإن صناديق المؤشرات المتنوعة “هي الأكثر منطقية من الناحية العملية طوال الوقت”.

وكان بافيت قد قال في عام 2017: لبناء الثروة ، يجب على المستثمرين “شراء صندوق مؤشر S&P 500 منخفض التكلفة باستمرار”. “استمر في شرائه في السراء والضراء ، وخاصة في السراء”.

تسعير النفط… سياسة أم اقتصاد؟

تسعير النفط موضوع معقد جداً فوق ما يتوقعه الجميع. أولاً هناك العديد من الخامات التي تختلف نوعياتها بين الثقيلة والخفيفة والحامضة والحلوة. وكل خام يختلف عن الآخر بشكل جذري من ناحية قيمته عند التكرير؛ بحيث لو تم تغيير نوع الخام؛ فإن المصفاة لن تتمكن من إنتاج الكمية المطلوبة من الديزل أو وقود الطائرات.
هذا الأمر بالتحديد كان عاملاً مؤثراً في كل مرة تُفرض فيها عقوبات على النفط الإيراني، حيث إن المصافي التي تعمل بهذا النوع من النفط لم تتمكن من إيجاد النوع الملائم الذي يعوضها عن نفط إيران، ولهذا لجأت إلى أقرب شيء له مثل «خام الأورال» الروسي، وهذا عزز موقف خام روسيا في أوروبا؛ حيث إن روسيا لديها موثوقية أعلى ونفطها يتدفق بلا توقف إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية نظراً لأن النفط يُنقل بالأنابيب وليس بالسفن.
ولهذا؛ فإن تسعير النفط وتسويقه مسألة سياسية في بعض الأحيان؛ حيث تلعب العوامل الجيوسياسية دوراً عند التفاوض مع البائعين من الدول المضطربة سياسياً والمعرضة للعقوبات أو الانقطاعات.
في الوقت ذاته؛ لم تتمكن المصافي الأوروبية من تعويض الخامات الليبية، مثل «خام السدرة»، والتي تمتاز بجودة عالية من ناحية الحلاوة (مستوى الكبريت في النفط) ومن ناحية الثقل (مدى كثافة ولزوجة النفط)؛ إذ إنها خامات حلوة وخفيفة يصعب جداً تعويضها عند أي انقطاعات لها، والأقرب لها هي الخامات الأميركية التي تُنتَج من النفط الصخري، وهذا مما جعل النفط الأميركي يصل إلى أوروبا في السنوات الأخيرة؛ حيث يجري تعويض ارتفاع تكاليف الشحن من الأطلنطي إلى القارة الأوروبية من خلال الحصول على شحنات ثابتة.
هذه العوامل تؤثر كثيراً في كيفية تسعير النفط؛ إذ إن لكل نوع من النفط سعراً بحسب كمية المنتجات التي تُشتق منه، وبحسب السوق وطبيعتها. ولنضرب مثالاً على ذلك؛ فإن الهند سوق كبيرة للديزل، ولهذا لا ترغب المصافي الهندية في النفوط الخفيفة؛ بل تميل إلى النفوط الثقيلة والمتوسطة؛ لأنها عند التكرير تعطي كميات أعلى من الديزل. بينما في اليابان السوق هناك تحتاج لخامات خفيفة؛ إذ إنهم يحتاجون إلى النافثا (أحد مشتقات النفط الخفيفة) بشكل كبير لاستخدامه في عمليات أخرى كلقيم لمصانع البتروكيماويات، حيث تعتمد هذه الصناعة هناك على اللقيم السائل أكثر من الغاز.
وفي كل شهر ميلادي تستخدم شركات النفط الحكومية معادلات معقدة جداً لتسعير النفط، تُبنى على معطيات كثيرة معقدة. فعلى سبيل المثال؛ عندما يريد مشترٍ في الولايات المتحدة شراء نفط الآن من «أرامكو السعودية» في أغسطس (آب)؛ فإنه سيشتريه بناء على تحميله في سبتمبر (أيلول) بناء على الأسعار المعلنة في أغسطس لشهر سبتمبر. ولكن حتى تصل شركة حكومية للمعادلة المناسبة؛ فعليها تقييم فرق السعر بين شهر سبتمبر وشهر نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ إن النفط سيصل إلى البائع ويتم تفريغه في أكتوبر (تشرين الأول)، ويكرَّر ويباع منتجات في نوفمبر.
هذه التعقيدات كلها سبب في تعقيد التسعير وقيام سوق العقود الآجلة وظهور المشتقات، مما يجعلنا لا نستطيع النظر إلى الأسعار بمعزل عن السياسة. والخلاصة هنا أن سوق النفط وأسعاره عملية معقدة وفنية وحساسة، ولهذا؛ فإن العوامل السياسية تجعل بيعه وتسعيره وتسويقه أمراً صعباً أو سهلاً. وعندما لا تستطيع المصافي حساب مخاطرها وتكاليفها بشكل جيد؛ فإن هذا ينعكس على سعر بيع المنتجات، وهو مما يجعل الدول تضغط سياسياً من أجل البحث عن بدائل للنفط أو الحصول على شحنات مستقرة إما عن طريق الاتفاقيات السياسية؛ وإما عن طريق الاستيلاء على الحقول عنوة مثل ما حدث في دول كثيرة منذ زمن الاستعمار حتى اليوم. ولكن لا يوجد بديل حقيقي للنفط، ولهذا سيظل الصراع قائماً لفترة طويلة.

وائل مهدي

مؤشر اعتماد العملات المشفرة يقفز بـ 881% .. فيتنام والهند وباكستان في الصدارة

  • اعتماد العملات المشفرة انطلق عالميا العام الماضي، وسجل هذا العام قفزة بـ 881%، مع احتلال فيتنام والهند وباكستان الصدارة بقوة، بحسب بيانات جديدة من Chainalysis.
  • هذه هي السنة الثانية التي تصدر فيها بيانات مؤشر تبني التشفير العالمي، والذي يصنف 154 دولة وفقا لمقاييس مثل أحجام التداول المتبادلة من نظير إلى نظير(أو ما يعرف بأسلوب الند للند).
  • المؤشر يقيس النشاط في سوق العملات المشفرة، لتحديد مدى انتشار هذه العملات في أوساط المستثمرين غير المحترفين.


أظهرت بيانات جديدة من Chainalysis، أن اعتماد العملات المشفرة قد ارتفع عالمياً بين المستثمرين العاديين بأكثر من 881% العام الماضي مقارنة بعام 2020، مع احتلال فيتنام والهند وباكستان الصدارة بقوة، بحسب شبكة CNBC.

وهذا ما يفسر الارتفاع الحاد في أسعارها وتسجيلها مستويات قياسية غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، وسط الاقبال الكبيرة على حيازتها خلال فترة الجائحة.

وهذه هي السنة الثانية التي تصدر فيها Chainalysis مؤشر اعتماد التشفير العالمي، والذي يصنف 154 دولة من خلال مقاييس رئيسية مثل حجم التبادل التجاري والقيمة المستلمة، وجاءت فيتنام والهند وباكستان وأوكرانيا من أوائل الدول في الترتيب التي يتبنى أفرادها التشفير الرقمي، في حين كان للاستثمار المؤسساتي الدور الأكبر في دعم هذا النوع من العملات في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وآسيا الشرقية خلال العام الماضي.

وبينما ترى Chainalysis أن الأسواق المهنية والمؤسساتية محور بالغ الأهمية، إلا أنها تسعى إلى تسليط الضوء على البلدان التي تتمتع بأكبر قدر ممكن من تبني العملة المشفرة من قبل المستثمرين الأفراد، مع التركيز على حالات الاستخدام المرتبطة بالتحويلات والادخار الفردي، بدلاً من التداول والمضاربة.

 

احتلت عدة دول في الأسواق الناشئة مرتبة عالية على المؤشر، حيث تصدرت فيتنام قائمة الاعتماد العالمي لهذه العملات، بينما احتلت كينيا المرتبة الخامسة وفنزويلا السابعة، فمعظم البلدان العشرين الأولى هي اقتصادات ناشئة، بما في ذلك توغو وكولومبيا وأفغانستان.

وفي الوقت نفسه، تراجعت الولايات المتحدة من المركز السادس إلى المركز الثامن، وانخفضت الصين، التي شنت حملة على العملات المشفرة هذا الربيع، من المركز الرابع إلى المركز الثالث عشر.

وبحسب التقرير، فإن في الأسواق الناشئة، يلجأ الكثير من الأفراد إلى العملات المشفرة للمحافظة على مدخراتهم في مواجهة انخفاض قيمة العملة، وإرسال واستقبال التحويلات، وتنفيذ المعاملات التجارية.

 

وقال معد التقرير في Chainalysis، كيم غراور، إنه عادة ما ركزت المناقشة حول نمو العملة المشفرة خلال العام الماضي على الاعتماد المؤسسي.. لكننا أردنا أيضاً دراسة كيفية استخدام العملة المشفرة من قبل الأشخاص العاديين في جميع أنحاء العالم”.

وأشار إلى أن النتائج التي توصلنا إليها تظهر وجود مجتمع قوي من المستخدمين في أماكن مثل فيتنام وباكستان وكينيا، مما يدل على أن العملة المشفرة عالمية حقاً.

ووفقًا للتقرير، فإن تبني العملات المشفرة في الاقتصادات النامية مدفوع بالنشاط في البورصات التي لديها حواجز دخول أقل من نظيراتها المركزية، وتسمح للمستخدمين بمبادلة العملات مباشرة.

وتوقع التقرير بأن يؤدي تخفيض قيمة العملة والحاجة إلى إجراء مدفوعات دولية سريعة ومنخفضة التكلفة، إلى الدفع بالمستثمرين في الاقتصادات الناشئة نحو استثمار أموالهم بشكل جماعي في هذه السوق.

يُذكر أنه قد ارتفع الاهتمام بصعود العملات المشفرة وأسعارها الصاروخية في العام الماضي، فقد تضاعفت عملة بتكوين أكثر من 3 أضعاف خلال الـ 12 شهراً الماضية، في حين ارتفعت قيمة ثاني أكبر عملة مشفرة إيثر بنحو 7 أضعاف، كما سجلت العديد من العملات المشفرة الأخرى مكاسب قوية أيضاً.

عن تكاثر الشائعات والتضليل في عصر المعلومات

هناك مقولة قديمة يتداولها المتعاملون في بورصات الأسواق المالية مفادها «اشتر عندما تصلك شائعة وبع عندما يأتيك الخبر اليقين». وهذه مقولة تستوجب استخداماً حكيماً من محترفي التعامل في البورصات وكانت محل دراسات تطبيقية مدققة. كأن يشيع احتمال زيادة إيرادات شركة متداولة قبل أن يصدر تقرير معتمد لقوائمها المالية، فيقوم المضارب في البورصة بشراء أسهمها آملاً في تحقق هذه الشائعة محققاً مكسباً إذا صادفت الشائعة الحقيقة فيزيد إقبال المستثمرين على شراء سهم الشركة أو يمنى بخسائر فادحة إذا ما جاءت النتائج الفعلية على خلاف الشائعات. نحن هنا لسنا بصدد استغلال معلومات داخلية وهو ما تجرمه كافة القوانين المنظمة للبورصات، فالمضارب في هذه الحالة لا علم له إلا بما هو متاح للكافة من معلومات موثقة ولكنه تجاوزها بمطاردته للشائعات، وهي معلومات أيضاً ولكنها غير موثقة، أملاً في الكسب الذي قد ينتهي إلى خسارة.
وفي واقعة رصدها الاقتصادي ماركوس برونيرمير في دراسة منشورة عام 2001 عن إحدى شركات الخدمات البترولية التي حققت خسائر في عام 1993 ولكن قبل أن تنشر هذه الخسائر رسمياً بلغ بعض المضاربين شائعة الخسائر فقاموا بالبيع المبكر محققين مكاسب بالبيع قبل انخفاض السهم ثم بعدما ازداد السعر انخفاضاً بعد تداول المعلومات الموثقة قاموا بالشراء. أي أنهم حققوا مكاسب من ذات السهم مرتين مستفيدين من السبق في البيع ثم لمعرفتهم العامة بأن بعض حملة السهم قد يبالغون في رد الفعل بالبيع بأسعار أقل من السعر العادل للسهم. وانتهت الدراسة بتوصيات مهمة مساندة لجهات الرقابة والسلطات التشريعية لتشديد القيود الملزمة للتعامل مع المعلومات الداخلية وتغليظ العقوبات على استغلالها كجريمة ذات آثار وخيمة على الاقتصاد وحقوق المستثمرين.
وفي دراسة للبنك الفيدرالي الأميركي عن الآثار الممتدة للشائعات والمعلومات المضللة نشرت عام 2011، وخلاصتها أنه في عام 2008 انتشر على شبكة المعلومات – الإنترنت خبر قديم يعود لست سنوات سابقة عن تقديم الشركة الأم لخطوط طيران يونايتد لطلب بإجراءات إفلاسها بما سبب انخفاض سعر سهمها بأكثر من 75 في المائة في دقائق معدودة. وبعد إيقاف تداول السهم من قبل سلطات بورصة ناسداك وتصحيح المعلومات وتكذيب الأخبار المغلوطة عمداً تحسن سعر السهم ولكن أقفل اليوم بأقل من سعره السابق بنحو 11 في المائة وظل السهم لفترة يعاني من نقصان سعره بسبب تطاير هذه الشائعة المستندة لخبر قديم دس عمداً للتأثير على سعر السهم.
أؤكد أن ما يمكن للقانون منعه وتجريمه هو استغلال المعلومات الداخلية قبل اتخاذ إجراءات إتاحتها لعموم المستثمرين بشفافية والتزام، ولكن يعجز أي قانون عن منع الشائعات كمعلومات غير موثقة وإن كانت جهات الرقابة المالية والمسؤولون المعنيون بالشركات المتداولة مخاطبة بقوانين تحث على المواجهة المبكرة للشائعات بمعلومات وافية وفقاً لقواعد الإفصاح والشفافية المتعارف عليها وتتسلح بترسانة من العقوبات المغلظة في حالات التجاوز، ولكن الشائعات لا مانع لها إذا ما انطلقت ومن موضوعاتها المتداولة ما لا يخضع لسلطات الشركة أو جهات الرقابة عليها كأن يشيع خبر عن تغير معدلات الضرائب أو أسعار الصرف أو رسوم الجمارك أو مستجدات سياسية تؤثر في النهاية على أسهم الشركة، وبالتالي فالمخاطب بالإفصاح والشفافية ليس الشركة المعنية فقط ومراقبيها ولكن عموم أطراف الشأن العام. وبما أننا لن نصل لحالة مثالية من شفافية واكتمال المعلومات وإتاحتها للكافة بافتراض أنهم سيتعاملون معها بكفاءة، فستظل الشائعات محل تداول وتزداد انتشاراً محققة لمكاسب وخسائر لمستغليها وضحاياها.
ورغم التشدق بأننا نعيش في عصر المعلومات والمنصات الرقمية التي تتدفق من خلالها البيانات بسرعات وكميات غير مسبوقة، وتتباري جهات تدقيق وتحليل البيانات في النشر والإفصاح، تتكاثر الشائعات كمعلومات غير موثقة ويروّج لها باحث عن اهتمام أو صاحب مصلحة، وتتداولها جلسات الثرثرة بين الناس ويزيدها انتشاراً منصات التواصل الاجتماعي. وإن كنت قد أشرت لأمثلة معاصرة لتأثير الشائعات على البورصات والاستثمار والاقتصاد، فجدير بالإشارة أن الشائعات منذ القدم تحمل ما يستعد المتلقي لتصديقه. وقد تحمل أملاً أو تحذر من مكروه وإن كان الإصدار المنظم لها عادة ما يقصد به التضليل والإلهاء. وفي حالات المنافسة العاتية والنزاع تستخدم الشائعات كأداة من أدوات إلحاق الضرر بالخصوم، وهي من أشد الأسلحة فتكاً في حالات الصراع والحروب لإحداث الفوضى في صفوف العدو وجبهته الداخلية.
وقد أوضحت كيلي بورن المديرة التنفيذية لمركز جامعة ستانفورد للسياسات السيبرانية ما قامت به بعض الدول من تعديلات قانونية لتغليظ العقوبات المالية على شركات ومنصات تداول المعلومات في حالة عدم إزالتها في خلال 24 ساعة أي محتوى غير قانوني أو مضلل، وبلغت العقوبة المالية 60 مليون دولار في حالات التحريض والتسبب في أذي من خلال خطابات الكراهية والعنصرية والعنف. ولكنها توضح ست عقبات في سبيل فاعلية إجراءات الرقابة المانعة للتضليل وسوء استخدام المعلومات الضارة بالمجتمع والاقتصاد. العقبة الأولى ترتبط بانتشار وتنوع مصادر المعلومات بمختلف درجاتها من الدقة والمصداقية فأي شخص أو جهة بحساب على شبكات التواصل بقدر معقول من المتابعين يمكن أن يروج المعلومات وإن كان في هذا الأمر من منافع غير منكورة إلا أنها لا تخضع لقواعد التدقيق والمراجعة التي كانت منوطة بالصحف ووكالات المعلومات الرصينة.
العقبة الثانية: أن نشر هذه المعلومات لم يعد مكلفاً، فلا يحتاج الأمر لتكلفة تذكر لكي تصل المعلومة الصائبة أو المغلوطة لجموع القراء والمشاهدين، وقد كان قيد التكلفة في السابق يستلزم تدقيقاً في ما إذا كانت المعلومة تستحق النشر والتوزيع فيما قبل العصر الرقمي.
العقبة الثالثة: أن مصدر المعلومة بات مشتبهاً بين المصادر ذات المصداقية والاحتراف وأخرى مدعية ولا تتمتع بمهنية علاوة على من يتعمد الإيذاء والتضليل، وفي دراسة لمعهد الإعلام الأميركي اتضح أن مصدر المقال أو المعلومة أصبح أقل أهمية من المجموعة التي تقوم بتوزيع الرابط للمقال، وقد يكون مصدر المقال الأصلي أحد أنصار نظريات المؤامرة وهم كثر.
العقبة الرابعة تتمثل في مجهولية مصدر المعلومة وموزعها في أحوال كثيرة بغض النظر عن طبيعة الموضوع وحساسيته.
العقبة الخامسة هي القدرة الفائقة لوسائل توزيع المعلومات على استهداف وتصميم المعلومة وفقاً لمتلقيها من خلال التعرف على المتلقين وهواياتهم وتفضيلات حياتهم بما يسهل اختراق سلوكهم والتأثير في تصرفاتهم، بما يصعب معه حمايتهم من المعلومات المضللة.
العقبة السادسة أن وسائط تداول المعلومات في العصر الرقمي كمنصات التواصل الاجتماعي لا تخضع فعلياً إلا لنوع من أنواع الرقابة الذاتية وفقاً لميثاق للسلوك تتبناه وفقاً لما تراه مناسباً لها. وقد عانت دول مثل الولايات المتحدة لسنوات في محاولة إرساء معايير يتم التوافق لحملات الدعاية الانتخابية ومصادر تمويلها.
وكما ذكرت جيلان تيت الكاتبة في «الفاينانشيال تايمز» البريطانية إذا ما سئل قراء صحيفة رصينة كصحيفتها هل يستطيعون التفرقة بين الأخبار الصادقة والأخبار الملفقة، فسيجيبون بـ «نعم». ولكن دراسة تطبيقية لمركز أبحاث بجامعة نيويورك أفصحت أن المشاركين في الاستقصاء أثبتوا قدرة طيبة على التعرف على الأخبار الصادقة، ولكن قدرتهم على التعرف على الأخبار المزيفة أو الملفقة لم تكن جيدة على الإطلاق.
لم يختلف الأمر إذن في نتيجته سواء في عصر المعلومات، الذي نعيشه اليوم عن عصور سابقة عانت من حجب المعلومات، فالحصول على المعلومة الدقيقة ليس أمراً سهلاً. وعلى من أراد الحقيقة وتنقيتها من التضليل وشوائب الشائعات أن يبذل جهداً في الوصول إليها بالاحتكام إلى العقل واستفتاء القلب، ويعين على هذا استثمار لا ينقطع في إتاحة المعلومات المدققة من مصادرها وتبسيطها، ولا بأس أبداً بتطوير سبل عرضها وسردها لتنافس الشائعات انتشاراً، فهي لا تخلو عادة من طرافة وجاذبية حتى يتداولها الناس بشغف.
وعلى سبيل التمرين للتعرف على الحقائق من المعلومات المضللة أطرح هذه الأسئلة البسيطة:
هل هناك وباء فعلاً تعاني منه البشرية أم هذا محض ادعاء؟
هل لقاح «كورونا» أكثر ضرراً من فيروس «كورونا»؟
هل تغيرات المناخ حقيقة مهددة للبشرية ومستقبل الأرض؟

محمود محي الدين

سلامة: تستطيعون تأميم الأموال ولكن…

 

كان الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، ومن باب التهكّم يسأل: اذا اتصلتُ وطلبتُ التحدّث الى الاتحاد الاوروبي، من يجيبني؟ وكان بسؤاله يريد تسليط الضوء على انّه لا وجود لوضعية حقيقية (Status) لهذا الاتحاد. السؤال نفسه تستطيع ان تطرحه الدول الراغبة في الاتصال بالدولة اللبنانية، من سيجيب؟

أصبح واضحاً انّ الأخطر والأبشع والأقسى من الكارثة المالية والاقتصادية والحياتية التي وصل اليها اللبنانيون، هو غياب أي نوع من أنواع الادارة للأزمة. وقد تقلّصت طموحات الناس اليوم، ولم يعد المطلوب معالجة الفاجعة بل فقط ادارتها لتخفيف المآسي. واذا كان نجاح أي خطة إنقاذ مالي يستند الى مبدأ العدالة في توزيع الخسائر، فإنّ تحاشي الانفجار الاجتماعي، والانهيار الكامل يستند الى مبدأ العدالة في توزيع الاضرار. هذا التوزيع لا يمكن ان يتمّ سوى من خلال خلية أزمة تدير الكارثة بانتظار الفرج.

المطلوب اليوم، جهة مسؤولة تتولّى اتخاذ القرار في كيفية ادارة الوضع المالي بانتظار موعد الخطة الإنقاذية، والتي لا يبدو انّها ستبدأ قبل الانتخابات النيابية المقبلة، بما يعني انّ امامنا عام كامل تقريباً ينبغي ان نجتازه بأقل أضرار ممكنة.

هذا الغياب التام لأي نوع من انواع الإدارة للأزمة، يفسّر ما جرى في ملف رفع الدعم عن المحروقات. وبرغم انّ رفع الدعم مطلوب، وقد تبيّن انّ القسم الاكبر من الاموال يسرقها المهرّبون، لأهداف تجارية كانت أو سياسية، لكن ذلك لا يمنع انّ وقف الدعم اليوم من دون إجراءات رديفة تواكبه، سيشكّل كارثة اجتماعية لا قدرة للعائلات على تحمّلها. وبالتالي، لا بدّ من إجراءات مواكبة تأخذ في الاعتبار ما يلي:

اولاً- ايجاد طريقة لتأمين الكهرباء للمواطن بكلفة منطقية قادرٌ على تحمّلها. وهناك مجموعة افكار مطروحة، سواء على مستوى كهرباء المولّد، او بالنسبة الى مؤسسة كهرباء لبنان، التي تؤكّد انّها قادرة على زيادة ساعات التغذية بواقع الضعفين في حال تأمّن الفيول. وهذا الامر يستتبع زيادة التعرفة، لخفض حجم خسائر المؤسسة.

ثانياً- تأمين نقليات مخفّضة لموظفي القطاع العام والخاص من خلال، زيادة بدل النقل اليومي، أو خلق نظام بطاقة تُوزّع على السيارات بواقع صفيحتين في الشهر للسيارة، بما يعني تأمين تمويل الخطوة بحوالى 300 مليون دولار سنوياً.

ثالثاً- تعويض مالي لتحسين القدرة الشرائية للمواطن من خلال البطاقة التمويلية التي ينبغي ان تسدّ قسماً كبيراً من ارتفاع اسعار كل السلع ربطاً بارتفاع اسعار المحروقات بواقع اربعة أضعاف تقريباً (400%). وتشير التقديرات الى انّ السلة الاستهلاكية قد ترتفع بين 30 و40%، وهي نسبة لا قدرة للبناني على تحمّلها.

إلى جانب هذه الاجراءات المطلوبة، ينبغي حسم ملفات حيوية اخرى ترتبط بالقطاع الصحي، وتأمين حدٍ معين من الادوية، وضمان وصول الرغيف الى المواطن. كل هذه الإجراءات لا تحتاج الى اجتراح العجائب بل الى هيئة مسؤولة لديها سلطة التقرير والتنفيذ.

إذا نجحت مساعي تشكيل الحكومة ينبغي ان تتحول الحكومة نفسها الى خلية أزمة، وان تتحمّل مسؤولياتها في ادارة الوضع لمنع الانفجار الاجتماعي. واذا لم تنجح المساعي، لا شيء يمنع تشكيل خلية أزمة مكوّنة من وزراء في حكومة تصريف الاعمال، قضاة، أمنيين واقتصاديين… لأنّ ما يجري أخطر من أن نهمل مواجهته بذريعة أنّ الدستور لا يسمح، والاصول لا تتيح…

البلد اليوم، ورغم مأساته يمتلك حوالى 31 مليار دولار غبّ الطلب. وهذا احتياطي ليس للتبذير كما حصل حتى اليوم في الدعم، بل انّه في خدمة منع زوال وطن، بانتظار الإنقاذ. وهذا مضمون الرسالة التي حاول حاكم المركزي ايصالها الى من يعنيهم الامر: الاموال الموجودة في المركزي، الدولارات والسبائك الذهبية، مقدّسة ولا يمكن هدرها على السماسرة والمهرّبين وأصحاب الغايات السياسية الكبرى. تستطيعون تشريع قانون لتأميم الاموال واستخدامها بالقوة، لكن اعلموا انّ المركزي انفق 850 مليون دولار في فترة قصيرة لدعم البنزين والمازوت، ليتبيّن له انّ المواطن محروم من البنزين والمازوت. فهل هذا هو مفهومكم للاستمرار في الدعم؟

البلد يواجه أزمة تفكير.لا أحد يفكر، بل هناك فقط من يقرّر من دون ان يفكّر، والنتيجة نلمسها كل يوم، وآخرها في بلدة التليل في عكار، والحبل على الجرار.

انطوان فرح