لماذا مجلس النقد قد يكون الحل؟

هناك وقائع وتحديات تواجهنا، أقلّه في سنوات الخمس المقبلة. وللذين يراهنون على انتخابات نيابية أو رئاسية نقول لهم: قد تكون الأيام المقبلة أصعب ممّا نعتقد، وقد تأتي خياراتهم خاطئة وحساباتهم مغلوطة.

 

نعيش في هذه المرحلة ضمن وقائع لا يمكن التغاضي عنها، وهي موثقة كالتالي:

 

-1 لبنان يعيش واحدة من أسوأ ثلاث أزمات مالية واقتصادية منذ منتصف القرن التاسع عشر (البنك الدولي 2021)

-2 حوالى 77 في المئة من الأسَر في لبنان غير قادرة على تأمين حاجتها الغذائية كاملة (الأمم المتحدة 2021)

 

-3 معدل الفقر يتخطى 50 في المئة (البنك الدولي 2021)

-4 أكثر من 71 في المئة من سكان البلاد لم يعد باستطاعتهم الحصول على مياه صالحة للشرب (يونيسف 2021)

 

-5 هناك نقص حاد في الإمدادات الطبية في الصيدليات، والمستشفيات على شفير الإنهيار (care 2021)

-6 فقدان العملة الوطنية أكثر من 90 في المئة من قيمتها الشرائية منذ العام 2019

-7 لبنان لديه أدنى حد للأجور في العام بما معدّله 29 دولاراً في الشهر، بحسب (care 2021).

 

كلها وقائع موثقة ولا يمكن التغاضي عنها، وحلولها لن تكون إلا جذرية ومحاولة التعاطي مع الأمور لغايات انتخابية، نيابية كانت أم رئاسية، قد تؤدي الى الهلاك وانهيار آخر عمود في دولة باتت في الحضيض. ولمَن يحاول الدفاع عن الدعم، إن كان فيولاً أو أدوية أو مواد غذائية كالطحين مثلاً، فإمّا حساباته خاطئة أو أنه يحاول جذب الرأي العام، ونحن في وضعية لا تحتمل هكذا أمور.

 

وكما سبق وذكرنا، إنّ الحل الأمثل هو في الجلوس مع صندوف النقد الدولي والخضوع لشروطه من خصخصة ورفع دعم وترشيق القطاع العام الذي أصبح يعاني تضخماً أتى نتيجة محسوبيات انتخابية مناطقية.

 

وهنا لا أستثني أحداً «كلن يعني كلن»، وقد نذهب بالأمور إلى أبعد من ذلك. وقد تكون الحلول في إنشاء مجلس نقد يساهم إلى حد بعيد في ضبط الإنهيار والحد من التضخم وإعادة ما تبقى من الإقتصاد إلى المسار الصحيح. والسؤال الذي نطرحه والكثير منّا لا يعلم ما هي مهمة مجلس النقد ولماذا مجلس النقد بدل البنك المركزي؟ وما هي خبرات الدول معه؟

 

أولاً بأوّل يقدّم مجلس النقد أسعار صرف مستقرة ما يعزّز التجارة والإستثمار، وهذا الانضباط يقيّد تصرفات الحكومات غير المسؤولة ولا يعود باستطاعتها طباعة النقد لسداد العجز، وأهم ميزات مجالس النقد هي أنه يعزّز الإستقرار والنمو وهذا الأمر قد يكون من أكبر الحوافز للتوجّه نحو مجلس النقد.

 

والسؤال المطروح: لماذا تتبنّى بعض الدول النامية مجلس النقد؟ قد يكون الجواب أنّ مجالس النقد تعمل مكان البنك المركزي وتتحكّم في التضخم عن طريق الحد من طباعة النقد من قبل بعض الحكومات. وتتبنى بعض الدول النامية مثل هذه المجالس، لأن بنوكها المركزية غير قادرة على الإحتفاظ بالإستقلال السياسي الضروري للتشغيل الفعال للنظام النقدي. ولبنان في هذا المجال، يشكو من تعاطي غير منظور من قبل المنظومة الحاكمة في أعمال مصرف لبنان إمّا عن طريق الإستدانة المفرطة أو عن طريق الهندسة المالية التي وُضِعَت ليستفيد منها السياسيون وأصحاب المصارف.

 

لذلك، إنه بديل للبنك المركزي وفي النظرية التقليدية يُعيد مجلس النقد العملة من أوراق نقدية وعملات محلية، والتي ترتبط بعملة أجنبية يُشار إليها بإسم العملة الإحتياطية. والعملة الأساسية هي عملة قوية يتم تداولها دولياً (عادة الدولار أو اليورو أو الجنيه الإسترليني)، وترتبط قيمة واستقرار العملة المحلية بقيمة واستقرار العملة الأجنبية الأساسية.

 

وبالتالي، إن سعر الصرف في نظام لوحة العملات ثابت بشكل صارم. هكذا نرى أن مجلس النقد يجمع بين عناصر ثلاث:

 

-1 سعر الصرف الثابت على “عملة ثابتة” وقابلية التحويل التلقائي (أي الحق في تبادل العملة المحلية بهذا السعر الثابت كلما رغبت بذلك).

-2 إلتزام طويل الأجل بالنظام، والذي غالباً ما يتم تحديده مباشرة في قانون البنك المركزي.

والسبب الرئيسي الذي يدفع البلدان النامية إلى التفكير بمجلس النقد هو اتّباع سياسة واضحة لمكافحة التضخم.

 

وللذي يقول انّ مجلس النقد لم يعد نافعاً في أيامنا هذه، فالجواب عكس ذلك تماماً، إذ أن مجلس النقد والذي، بحسب بعضهم، يعتبر ارتداداً إلى الحقبات الإستعمارية، كما قيل انّ مثل هذا الترتيب الصارم لم يكن مناسبا للإقتصادات المتنوعة التي طوّرت السلطات فيها مهارات مختلفة في الإدارة النقدية. كل هذه الادعاءات تبين انها غير صحيحة. لكنّ الجدير بالقول انه يمكن تنفيذ انشاء صندوق للنقد في ظروف دقيقة جداً (في العام 1960 كانت 38 دولة تعمل في ظل مجلس النقد، وبحلول العام 1970 كان هناك 20 دولة، وبحلول أواخر الثمانينات 9 دول).

 

وهنا لا أعتقد أن ظروفنا ليست بالدقيقة في ظل انهيار شامل لمختلف القطاعات، لا سيما القطاع المصرفي، والذي يتطلب مبالغ هائلة لإعادة هيكلته، علماً أنه فقد الشيء الأهم وهو ثقة المودع إن كان لبنانياً أو مغترباً.

 

لذلك، قد يكون مجلس النقد صالحاً في وضعيتنا، كاقتصادات صغيرة مفتوحة وتجد صعوبة في الحفاظ على السياسة النقدية المستقلة.

 

ما يعني أنه وَجُبَ على أصحاب الشأن، وهنا أعني صندوق النقد الدولي، التفكير جدياً في هذه الإمكانية كونها تستوفي الشروط لحل مشاكل بلدٍ يَشكو العجز والتضخّم ونظاماً مافيوياً بائساً.​

السندات الانتقالية

هدف السندات الانتقالية إلى تمويل الشركات الملوّثة للبيئة والتي ترغب في الانتقال بأنشطتها وتطويرها لتكون أقل تأثيراً على البيئة. وتعد السندات الانتقالية شكلاً من أشكال السندات الموضوعية، والتي ترتبط بمستهدفات محددة عند إصدار السند. ومن أمثلة السندات الموضوعية، السندات الخضراء التي تموّل المشاريع الصديقة للبيئة، والسندات الزرقاء التي تموّل المشاريع الصديقة للبحار والمحيطات، والسندات الطبيعية التي تمول مشاريع التنوع الأحيائي، وتقع جميع هذه الأنواع تحت مظلة السندات المستدامة. كما تقع السندات الاجتماعية تحت مظلة السندات الموضوعية كذلك، ومنها تموّل المشاريع ذات الأهداف الاجتماعية، كان منها تمويل الاتحاد الأوروبي لحزم المساعدات الاجتماعية في أثناء الجائحة.
وتعد السندات الانتقالية –أو السندات البُنيّة كما يطلق عليها أيضاً– جديدة نسبياً مقارنةً بغيرها من السندات، وتصدرها تلك الشركات التي قد لا تتأهل للسندات الخضراء بسبب سوء سمعتها لدى المتحمسين للبيئة، أو بسبب ممارستها لأنشطة ملوّثة للبيئة بشكل أو بآخر. ومنها الشركات الصناعية الكبيرة، وشركات الطيران والشحن، وشركات الصناعات الكيميائية، وشركات النفط والغاز. وتعد هذه السندات شكلاً من أشكال الاستفادة من أدوات الدين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تحفيز الشركات على الانتقال لممارسات أقل ضرراً على البيئة، ولتخفيض الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري.
وفيما بدأ مفهوم السندات الانتقالية في الانتشار، والهدف منه هو مساعدة تلك الشركات لتقوم بدورها في الحفاظ على البيئة، تشكك الكثيرون حول مصداقية هذه السندات. ويرى الكثير من المتحمسين للبيئة أن هذه السندات ما هي إلا ذريعة للبنوك لتقوم بتمويل الشركات الملوثة للبيئة، وأن هذا التمويل هو أشبه بما يسمى «الغسيل الانتقالي»، تقوم به الشركات بالحصول على تمويل، وفي ذات الوقت تحسّن سمعتها بأنها مهتمة بالحفاظ على البيئة. والواقع أن هذا الاتهام ليس دقيقاً، فالسندات الانتقالية مربوطة بمستهدفات واضحة ومحددة، وفي حال لم تحقق الشركات هذه المستهدفات، فقد تُلزم بدفع فائدة إضافية على التمويل، كعقوبة لها على عدم الالتزام بهذه المستهدفات. وقد يفشل إصدار السند في حال لم يقتنع المستثمرون بمستهدفات الشركة، ولعل أقرب مثال على ذلك ما حدث لشركة «تيكاي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وهي من كبرى شركات الشحن في العالم، حين حاولت إصدار سندات مماثلة، إلا أن السند لم يغطّ لعدم إيمان المستثمرين بنيات الشركة، مما أدى إلى فشل الإصدار. وتدقق الكثير من السندات المستدامة بشكل مستمر من مراجعين ماليين مستقلين للتأكد من الالتزام بالمستهدفات المشروطة.
والسبب الرئيسي في هذا التشكك، هو عدم وجود معايير دولية محددة ومعتمدة من جهة معتبرة، توضح المقصود بالأنشطة الانتقالية لتخفيف الانبعاثات الكربونية، ويمكن للمستثمرين على أساسها تقييم السندات المصدّرة ومعرفة مدى مصداقيتها. ويهدف كثير من المنظمات الدولية إلى إنشاء قواعد عامة للسندات الخضراء ذات الطابع الانتقالي، ويعمل الاتحاد الأوروبي مع الصين لإنشاء فهرس يوضح هذه المعايير. ويُتوقع أن يُعرض عمل مماثل لذلك خلال قمة العشرين المقبلة في أكتوبر لأخذ مرئيات الدول الأعضاء. إلا أن بعض الدول لم تنتظر لحين إصدار معايير دولية، بل أطلقت معايير ترتبط بالأهداف البيئية المحلية والمشكلات التي تستدعي معالجة عاجلة، ومن هذه الدول ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وكذلك الصين.
ولا تزال السندات الانتقالية حتى الآن في بداية انطلاقتها، فلم يصدر منذ عام 2017 إلا 16 سنداً فحسب، بمبلغ لم يزد على 7.5 مليار دولار، وهو دلالة على عدم حماسة السوق لها حتى وقتنا الحاضر. وتوقعت «ستاندرد آند بورز» أن يصل حجم التمويل الانتقالي إلى تريليون دولار في المستقبل القريب. وهو رقم قد يسهم في تحقيق الأهداف طويلة المدى، لا سيما أن المبلغ المطلوب سنوياً لتحقيق هذه الأهداف هو 1.6 ترليون دولار، حسب «بنك سيتي» الأميركي.
إن زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، قد يجعل السندات الانتقالية تلعب دوراً مهماً في المستقبل كأداة مالية تساعد الشركات في المساهمة في تخفيف انبعاثات الكربون، وهي في أصلها فكرة رائعة قد تشكل للشركات فرصة للنمو المستدام. إلا أن هذه السندات قد تفشل فشلاً ذريعاً في حال حاولت المنظمات البيئية الضغط على الشركات في تغيير أنشطتها بشكل سريع، أو بشكل لا يتناسب مع أنشطتها، وقد تنتهي هذه الموجة من السندات قبل أن تبلغ قمتها في حال لم يُنظر إلى مساهمة الشركات في الحفاظ على البيئة بشكل واقعي. فالشركات وإن رغبت في الحفاظ على البيئة، فإنها لن تغيّر نشاطاتها بين عشيّة وضحاها، بل ستغيّر هذه النشاطات على مدى طويل، بما يحافظ على ربحيتها واستدامتها.

د. عبد الله الردادي

تراجع الدولار مثابل الليرة… لا يُعَوَّل عليه!

لا صوت يعلو فوق صوت تراجع سعر صرف الدولار، إلا بث التطمينات “المصطنعة” بانخفاضات دراماتيكية سيشهدها الدولار من الآن وصاعدًا أمام الليرة. فالآمال المبنية على التغيرات السياسية، تقودها منصات بدأت تتوضج تبعيتها الفعلية. لكن ماذا عن الوقائع النقدية والمالية، وماذا لو لم تنجح الحكومة العتيدة في إطلاق قطار الإصلاحات وعقد اتفاقيات المساعدات الدولية، هل يتابع سعر الصرف مساره الإنحداري أو يعود ويرتفع مسببًا خيبة أمل كبيرة؟

المسار التراجعي الذي سلكه الدولار مع تكليف الرئيس سعد الحريري في تشرين الأول من العام الماضي “ماشياً”، يعود اليه اليوم “مهرولاً”. والفرق بين التجربتين كبير. فالحكومة الحالية “عقدت” وانجزت بيانها الوزاري سريعاً من بعد ما “أزهرت” تكليفاً قبل نحو شهر ونصف الشهر. وشاء القدر تلقيها “هدية” بقيمة 1.135 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. مما سمح بأوسع حملة تسويق إيجابية عن المرحلة المقبلة، عكستها المنصات سريعاً بتخفيض سعر الصرف، لتتكفل هجمة “المكتنزين” على بيع ما بحوزتهم أو جزء منه بالباقي. من دون أن يعني ذلك في المقابل بيع الصرافين لما بحوزتهم من دولارات مجمّعة. ما يعكس حالة عدم اليقين واحتمال ارتفاع سعر الصرف بوتيرة سريعة مجدداً، وفي أمد ليس ببعيد.

الارتفاع محتوم

بالاضافة إلى انعكاس العامل النفسي الذي رافق تشكيل الحكومة على انخفاض سعر الصرف، يرى المستشار المالي ميشال قزح أن “منع مصرف لبنان المصارف التجارية من شراء الدولار من السوق الموازية بواسطة التعميم 159 الصادر في 17 آب الماضي كان عنصراً مساعداً أيضاً في تخفيف المضاربة وانفخاض السعر”. من بعدها بأقل من شهر أتى توقيع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة، لتكر “سبحة” بيع المواطنين ما في جعبتهم من دولار، متأثرين بمنصات التسعير التي تخفض سعر الصرف مساء عندما لا يكون هناك عرض أو طلب حقيقيان. إلا أنه بمجرد رفع الدعم عن المحروقات فإن “من اشترى ليرة بما كان من حوزته من دولار، سيعود ويشتري العملة الصعبة وسيعاود الدولار مساره الارتفاعي”، برأي قزح. و”اذا كانت اسعار الصرف التي شهدناها سابقاً من 23 و20 و18 ألف ليرة ليست حقيقية، فمن المقدر أن يضبط السعر في المرحلة اللاحقة بين 13 و16 ألف ليرة. وفي حال استطاعت الحكومة القيام بالاصلاحات المطلوبة ودخلت في برنامج مع صندوق النقد عندها قد نشهد المزيد من التراجعات في سعر الصرف”. وبحسب قزح فان “السلطة النقدية تطبق أجندة صندوق النقد من دون أن يتم الافصاح عنها، وهي تتلخص بـ: ضرورة تأمين شبكة الأمان الاجتماعي، رفع الدعم، وتوحيد سعر الصرف. وفي النقطة الأخيرة يحاول مصرف لبنان أن يخفف من عدد أسعار الصرف المتعددة وتحويل مهمة “المنصة” (sayrafa) من بيع الدولار فقط إلى الشراء أيضاً. لنصل في مرحلة لاحقة إلى سعرين فقط للدولار على غرار مصر والدول المجاورة”. فيكون لدينا سعرالسوق الموازية وسعر المصرف. وهذا ما سيترافق مع “حتمية اقرار الكابيتال كونترول”، من وجهة نظر قزح، و”اعطاء الودائع بنفس السعر وضمن سحوبات محددة بالليرة التي تكفي حاجات الاستهلاك”.

المستفيد الأكبر

اذاً، تقاطع الجو الإيجابي مع “بانيك” المواطنين وتعمد البيع خوفاً من المزيد من التراجعات، خفّضا السعر. و”هذا ما صب في مصلحة مصرف لبنان أولاً، والاقتصاد ثانياً”، يقول المستشار المالي د. غسان شماس، فـ”الأخير حقق زيادة في الناتج المحلي بنحو 30 في المئة مرة واحدة، فيما مصرف لبنان أصبح يشتري الدولار لتأمين سعر المحروقات بدفع كميات أقل من الليرات. الأمر الذي يؤثر ايجاباً على حجم الليرة في السوق ويساعد على خفض الدولار الذي يعتبر ضرورة كبيرة جداً”. إلا انه في المقابل يرى شماس أن ما يحصل شهدناه في أكثر من مرحلة ولعلّ أبرزها انخفاض سعر الصرف مع اطلاق منصة مصرف لبنان على سعر 12 ألف ليرة عندما طاول سعر الصرف في السوق الموازية 13 ألفاً. فشهدت الاسواق هجمة لبيع الدولار مع التوقع أن يتراجع السعر إلى 10 آلاف. وهذا ما لم يحصل. من هنا نستطيع الاستنتاج أن المعطيات الاقتصادية ما زالت لا تسمح بان يكون الدولار عند هذا المستوى من الاسعار المنخفضة؛ ولو تجمعت المعطيات الايجابية وفي مقدمها: حصول لبنان على SDR، وتدفق النفط من أكثر من مصدر، والاتفاق على البيان الوزاري سريعاً.

المخاطر ما زالت مرتفعة

في الوقت الذي يرى فيه الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري أن “التوقعات الإيجابية من دون خطط واستراتيجيات ملموسة تحمل مخاطرة عالية لمن يستند حصراً إليها في إدارة ثروته صغيرة كانت أم كبيرة”، تُظهر توقعات المرحلة المقبلة وجود أكثر من عنصر أن سعر الصرف سيكون أعلى ومنها:

– حتمية رفع أجور الموظفين وهذا ما أكد عليه وزير المال السابق غازي وزني من خلال رصد زيادة على الأجور بنسبة 50 في المئة في موازنة 2022، ورفع بدل النقل من 24 ألف ليرة إلى 64 ألفاً.

– حتمية تسديد الدولة لديونها بالعملتين الأجنبية واللبنانية.

– إستمرار العجز في ميزان المدفوعات حتى لو تقلص بالنسبة إلى السنوات الماضية وتحديداً العام 2020 عندما فاق 10.5 مليارات دولار.

– وجوب رفع الدعم وتحول التجار إلى طلب الدولار من الأسواق.

– الاحتمال المرتفع لتسديد البطاقة التمويلية بالليرة وبحسب سعر منصة صيرفة التي ستصبح قريبة من سعر السوق.

هذه العوامل مجتمعة ستزيد الطلب على الدولار في المرحلة القادمة وسنشهد نوعاً آخر من العجز سيتسبب باستمرار تدهور سعر الصرف؛ هذا إن قامت الحكومة بالاصلاحات المطلوبة ولم تخيب آمال المجتمع المحلي والدولي كما حدث مع الحكومة السابقة.

في غضون أقل من 10 أيام انخفض الدولار بنسبة 68 في المئة متراجعاً من حدود 20 ألف ليرة إلى 13600 ليرة. أمر إن دل على أن الانخفاض غير المبني على الأرقام عادة ما يكون وهمياً وسرعان ما تزول آثاره عند أول تطور سلبي، سيؤدي حتماً إلى انخفاض مختلف الاسعار وتحديداً المحروقات ويجعل تقبلها ممكناً من قبل المستهلكين بعد رفع الدعم. كما أنه قد يؤدي إلى عدم تعديل مصرف لبنان لسقف السحوبات من الودائع بالدولار بناء على التعميم 151، والابقاء على سعر 3900 ليرة بحجة أن سعر السوق الموازية ينخفض.

خالد ابو شقرا