الأسهم الأوروبية ترتد عن 4 جلسات من الخسائر بدعم من مكاسب لأسهم شركات النفط والبنوك

أغلقت  سوق  الأسهم الأوروبية  مرتفعة اليوم الاثنين للمرة الأولى في خمس جلسات بدعم من مكاسب لقطاعات البنوك والنفط والمرافق بفعل آمال بأن تعافيا اقتصاديا قويا لمنطقة اليورو سيطغى على مخاطر من تباطؤ عالمي.

وأنهى المؤشر ستوكس 600 الأوروبي جلسة التداول مرتفعا 0.3% بعد أن سجل الأسبوع الماضي أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع.

لكن الأسهم الآسيوية هبطت في أعقاب أنباء عن حملة تنظيمية جديدة على

الشركات الصنيية.

وارتفعت أسهم القطاعات الحساسة للاقتصاد، ومن بينها البنوك والنفط والغاز والتشييد والمواد الأولية، ما بين 0.9% و2.8% في حين صعدت أسهم شركات المرافق 1.6%.

وتترقب الأسواق بيانات أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة التي ستصدر غدا الثلاثاء بعد أن أثارت قفزة في أسعار المنتجين الأسبوع الماضي شكوكا بشأن رأي الفدرالي الأميركي بأن التضخم مؤقت.

متابعة قراءة الأسهم الأوروبية ترتد عن 4 جلسات من الخسائر بدعم من مكاسب لأسهم شركات النفط والبنوك

جنون الـ«NFTs»

في مارس (آذار) الماضي، قامت دار «كريستر» للفنون، وهي دار للمزايدات يزيد عمرها على 220 سنة ببيع لوحة فنية رقمية للفنان مايك وينكلمان المعروف بـ«بيبل» بسعر زاد على 69 مليون دولار، وهو أعلى سعر على الإطلاق للوحة رقمية. هذه اللوحة ليست إلا صورة رقمية يمكن حفظها من محركات البحث، ويمكن لأي شخص أخذ نسخة منها واستخدامها في مواقع التواصل أو غيرها، إلا أن ما قامت «كريستر» ببيعه في الواقع، هو رمز مميز يعرف بـ«Non-Fungible Token» يمكّن المشتري من إثبات ملكيته لهذه اللوحة الرقمية، فما هي «Non-Fungible Tokens» التي سمحت ببيع ملكيات المنتجات الرقمية؟
تعرّب «Non-Fungible Tokens» أو «NFTs» بالرموز غير القابلة للاستبدال، أو الرموز غير المُثلى، وهي رموز مميزة مشفرة باستخدام تقنية «البلوك تشين». واستخدمت هذه الرموز مؤخراً لربط وتمييز الفنون الرقمية مثل الصور، أو مقاطع الفيديو أو الموسيقى أو غيرها، ويمكن النظر إليها بصفتها وثيقة ملكيّة لهذه الفنون، ويمكن بموجبها بيع وشراء المنتجات الرقمية وإثبات ملكيتها للأفراد. ويتم ربط المنتجات الرقمية برمز مميز منفرد، يستحيل تزييفه نظراً لاستخدامه نظام التشفير الذي تتيحه تقنية «البلوك تشين»، تماماً كما هي الحال للعملات الرقمية مثل بتكوين وإيثريوم وغيرهما. ويمكن بذلك اعتبار «NTFs» كنوع من أنواع الأصول الرقمية التي تستخدم لإثبات ملكية «المقتنيات الرقمية»، إذا صح التعبير.
وعلى الرغم من أن هذه الرموز (وما تمثله من مقتنيات رقمية) تتشابه مع العملات المشفرة في كونها أصولاً رقمية تعتمد على تقنيات «البلوك تشين»، فإنها تختلف عن العملات المشفرة في عدد من النقاط، وأول هذه الاختلافات هو تميزها، ففيما يوجد آلاف العملات من البتكوين ويمكن استبدال أي عملة بتكوين بأخرى، فلا يوجد لكل «NTFs» إلا رمز واحد فقط يمثل منتجاً رقمياً، وهو ما يزيد قابلية زيادة أسعارها بسبب هذا التفرّد. كما أن هذه الرموز ليست قابله للتجزئة، كما هي الحال مع العملات الرقمية التي يمكن شراء نصفها أو ربعها. وبينما تبدو «NTFs» منطقية من ناحية إيجادها حلاً لملكية المنتجات الرقمية كالصور والأغاني وغيرها، بعد عقود من عدم قدرة إثبات الملكية، إلا أن ما حدث في أسواقها هو أمر أشبه بالجنون، فما الذي يجعل شخصاً يدفع ملايين الدولارات لقاء صورة رقمية؟ وعلى الرغم من أن أسعار الفنون المادية كاللوحات الزيتية والتحف وغيرها تزيد على أسعار «NTFs»، فإنها قطع مادية لا يوجد لها بديل آخر، بينما يمكن نسخ الفنون الرقمية بكل بساطة إلى عدد غير منتهٍ من النسخ. قد يكون جواب ذلك أن الرغبة البشرية بالتملك في كلا النوعين من الفنون هي الرغبة ذاتها، فكثير من مشتري الفنون المادية يرغبون بالمفاخرة بامتلاكهم قطعاً فنياً، وتبدو الحال كذلك لكثير من ملّاك الفنون الرقمية.
وتمثل هذا الجنون في كثير من منصات بيع «NTFs»، فقام العديد من الجهات المعتبرة مثل شبكة «CNN» للأخبار واتحاد كرة السلة الأميركية وغيرهما ببيع كثير منها وجني الملايين منها. كما قامت شركة «فيزا» بشراء صورة بلغ سعرها 150 ألف دولار، وأصدرت الشركة بياناً توضح فيه أنها تريد أن تكون جزءاً من هذه السوق الواعدة. كما شارك كثير من المشاهير في الشراء والتسويق لهذه الرموز، ما تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، في اندفاع يمكن وصفه بالهوس.
وفي تقرير نشر في مارس الماضي (أي قبل 6 أشهر)، وصفت إحدى وسائل الإعلام الاندفاع نحو هذه الرموز بالجنون، بعد أن تضاعفت التداولات فيه لعام 2020 لتصل إلى 250 مليون دولار! ولكن هذا الرقم لا يعد جنوناً إذا قورن بالرقم في الشهر الماضي، ففي أغسطس (آب)، بلغت التداولات في منصة «أوبن سي» أكثر من 3.4 مليار دولار، أكثر بعشرة أضعاف من الشهر الذي سبقه، وقد يصبح هذا الرقم أضحوكة في المستقبل إذا قورن بالأسعار التي يمكن الوصول إليها.
ويرى المشككون في هذه السوق أن ما وصلت إليه الأسعار هو نتيجة امتلاك عدد من الناس لوقت ومال وفيرين، لا سيما عند النظر فيما أحدثته الجائحة من وقت فراغ طويل، وتأثيرها كذلك على ارتفاع الادخار لدى الكثيرين. كما يرى أحد المحللين أن زيادة السيولة بسبب الدعم الحكومي العالمي للجائحة كانت لها أثر في زيادة السيولة لدى الأفراد دون وجود فرص استثمار حقيقية، إضافة إلى انخفاض أسعار الفائدة الذي سهل الحصول على قروض.
وإن ما يحدث الآن في «NTFs» هو هوس عالمي، يشابه كثيراً ما حدث في 2017 عند موجات الطرح الأولي للعملات الرقمية الذي انتهى بخسارة الكثير لأموالهم في عملات لا تستند إلى شيء. إلا أن هذه الرموز قد تؤثر كثيراً على المقتنيات الرقمية، وقد تفتح أسواقاً جديدة في العالم الرقمي، لا سيما في أسواق الألعاب والفنون. وبينما قد تنفجر فقاعة الأسعار الحالية عند انطفاء حماسة الناس لها، إلا أن فائدتها قد تستمر في حفظ الملكيات الرقمية التي طالما ضاعت في العالم الرقمي.

د. عبد الله الردادي

رسائل ما وراء النهر

تذكر بلاد ما وراء النهر عند استدعاء تاريخ عصور الفتوحات الإسلامية الأولى للأراضي الواقعة بين نهري جيحون أمور داريا جنوباً وسيحون سار داريا شمالاً في آسيا الوسطى، وتشمل اليوم أوزبكستان وطاجيكستان وجنوب كل من كازاخستان وقرغيزستان. كما تتردد أسماء حواضرها وبواديها عند تناول أعمال كبرى لأعلام في علوم الدين والدنيا مثل الترمذي والبخاري والفارابي والخوارزمي والبيروني وابن سينا. ومنذ أيام استضافت طشقند عاصمة أوزبكستان الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإسلامي، فترددت أسماء هؤلاء العلماء النوابغ وغيرهم في مداخلات المشاركين، وفي كلمة رئيس البلد المضيف شوكت ميرزوييف نوه بإسهاماتهم في الحضارة الإنسانية بفخر مستحق.
وقد أحسن البنك الإسلامي للتنمية، الذي يقع مقره الرئيسي في جدة، بأن جعل استضافة الاجتماعات السنوية لدوله الأعضاء السبع والخمسين بالتناوب بين أعضائه، بما يتيح فرصاً لمشاركة أكبر للمجتمع المدني والقطاع الخاص المحلي. فضلاً عما تتيحه هذه الاستضافات من تعرف على الثقافات المختلفة والمعالم المميزة للدول الأعضاء وإعطاء لمحات عن مشروعات البنك في الدولة المضيف وفرص التمويل والاستثمار والمشاركة فيها. وكان هناك حرص على أن تكون الاجتماعات بالحضور الشخصي، وهو أمر لم يعد مألوفاً منذ بداية جائحة كورونا العام الماضي، وكان لافتاً للانتباه الاستجابة العالية للمشاركة على مستوى رفيع من التمثيل لوفود الدول والمنظمات الدولية والقطاع الخاص بما يعكس اهتماماً بدور البنك وتقديراً للدولة المضيف، رغم ما في السفر من مشقة في ظل قيود التوقي من الوباء.
وتأتي اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية هذا العام في ظل أجواء اقتصادية عالمية عالية المخاطرة وتطورات سياسية دولية شديدة الخطورة. ولا يمكن بحال تجاهل الأبعاد الإقليمية لهذه التطورات، خاصةً أن مناقشات المجتمعين تدور في أحد بلدان الجوار لأفغانستان. وبمتابعة للمناقشات ومن خلال مشاركتي بإحدى الجلسات التي خصصت لمناقشة دور القطاع الخاص يمكن استخلاص خمس رسائل:
الرسالة الأولى: أن التباعد الاقتصادي بين الدول في ازدياد. فبعدما يقترب من العقدين من التقارب الاقتصادي بارتفاع معدلات نمو الدول النامية عن تلك المتقدمة حدث تراجع منذ عام 2014، وهو ما يفسره الاقتصادي الأميركي جيفري فرانكل بانحسار فرص التجارة وثبات نسبتها من النواتج المحلية الإجمالية للدول النامية بعدما كان نمو التجارة يبلغ ضعف نمو اقتصاد هذه الدول قبل الأزمة المالية العالمية في 2008. واليوم بعد أزمة كورونا تزداد مشكلة التباعد حدة؛ ففي حين يقدر النمو الاقتصادي العالمي لهذا العام بحوالي 6، نجد أن نمو أغلب اقتصادات الدول النامية والأسواق الناشئة التي تنتمي لها الدول الأعضاء ببنك التنمية الإسلامي يقل عن متوسط النمو العالمي. ويرجع ذلك إلى قدرة الدول المتقدمة في ضخ تسهيلات مالية وتقديم تيسيرات كبيرة لدعم اقتصاداتها وما قامت به من عمل ضخم لتوفير اللقاح لمواطنيها. فرغم أن دول المجموعة تشكل 25 في المائة من سكان العالم إلا أن نصيبها من اللقاحات يقل عن 10 في المائة من إجمالي جرعات اللقاح، بما يرسخ التفاوت ويزيد من تباين فرص التعافي.
الرسالة الثانية: أن تداعيات التباعد الاقتصادي لن تكون محلية فحسب. إن مشكلة التباعد ليست مجرد إحصاءات تنشر، ولكنها ذات أبعاد مؤثرة على الحياة والتنمية داخل الدول وعلاقاتها الخارجية. فهي تعني زيادة مؤشرات الفقر المدقع الذي وقع في براثنه أكثر من 120 مليون في الدول النامية، 80 في المائة منهم في دول متوسطة الدخل. كما تعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات التعليم والرعاية الصحية وتفشي الأوبئة وتحور فيروساتها المعدية التي لا تعترف بالحدود الدولية، وإن حصنت مداخلها.
كما تؤثر على معدلات البطالة، إذ تقدر منظمة العمل الدولية بقاء 200 مليون متعطل خارج سوق العمل، بما يدفع زيادة حالات الهجرة غير المشروعة، فضلاً عن ارتفاع احتمالات الاحتقان الداخلي والنزاعات عبر الحدود.
الرسالة الثالثة: أن مخاوف الركود التضخمي تعقد من مشكلة المديونية العالمية. لا يمكن إلقاء اللوم على الجائحة في تفاقم المديونيات العالمية فقد كثر الحديث عن موجة رابعة للديون قد تنتهي بأزمة في نهاية عام 2019، ثم ازدادت بعدها باقتراض مدعوم بتيسير نقدي سخي في الدول المتقدمة وببعض من المساندة المحلية في الدول النامية. ولكن نسبة عالية من هذه الديون الحكومية انتهت في محافظ البنوك المحلية بما لا يقل عن 60 في المائة في الدول النامية، بينما تحملت البنوك المركزية دور الدائن الأكبر للحكومات في الدول المتقدمة بنسبة لا تقل عن 20 في المائة. وسيكون لذلك تبعات في عمليات إدارة الديون والتخارج منها. ومنع حدوث أزمات سيولة أو تعثر في السداد. ومن الملاحظ ارتفاع معدلات التضخم بسبب سرعة تعافي جانب الطلب، متزامناً ذلك مع تعثر في جانب العرض وارتباكه بسبب اختناقات سلاسل الإمداد ونقصان مداخل الإنتاج، بما يجعل صانعي السياسة الاقتصادية في مأزق الوقوع في ركود تضخمي يقيد من مرونة استخدام الأدوات النقدية والمالية خشية معالجة بالتضخم على حساب مزيد من البطالة المستشرية أو العكس، وهو ما يستلزم حنكة في صياغة السياسات العامة وتحديد أولوياتها وشرحها لعموم الناس.
الرسالة الرابعة: أن القطاع الخاص يستطيع أن يكون جزءاً مهماً من الحل. ولكن هذا يتطلب تدابير عاجلة لتيسير عمله كمشغل أكبر للعمالة في الاقتصاد، تبدأ بتدعيم الثقة في مناخ الأعمال والاستثمار، والامتناع عن القرارات المرتجلة من دون دراسة أو تشاور مع المعنيين، وزيادة فرص المشاركة الفعلية بين القطاعين الخاص والحكومي في مشروعات البنية الأساسية والتكنولوجية والتحول للاقتصاد الأخضر ودفع توطين التنمية المستدامة مع إعطاء الأولوية للتعليم والرعاية الصحية.
الرسالة الخامسة: الدور الجديد المرتقب لبنك التنمية الإسلامي. للبنك تمويل هام وأنشطة مساندة للمشروعات العامة والخاصة من خلال برامج التمويل وضمانات الاستثمار وتحجيم مخاطره والتأمين على أنشطته ودفع تمويل التجارة خاصةً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وقد تناول الرؤساء التنفيذيون للأذرع المساندة للقطاع الخاص بالبنك في الجلسة المشار إليها برامج التمويل المتاحة، واستخلصت من مداخلاتهم إدراكاً عالياً للدور المنوط بمؤسساتهم في ظل أجواء المخاطر الراهنة، وكذلك الفرص الكامنة من خلال التمويل بالمشاركة والاستثمار المباشر كبديل عن الإفراط في الاقتراض.
وأؤكد أن من مزايا عمل البنك قدرته على دمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للتنمية وتطبيقها في مناطق وقطاعات يحجم عنها الآخرون، من خلال شبكة متميزة للمشاركات. كما أن عمل البنك سيزداد أثره التنموي من خلال زيادة نطاق تمويله مع سرعة أكبر في إنجاز مراحل البت في تمويل مشروعات التنمية وتقديم الاستشارات والمساعدات الفنية. وفي هذا الشأن سعدت بما أعلنه رئيس البنك الجديد واسع الخبرة الدكتور محمد الجاسر من موافقة مجلس المحافظين على زيادة رأسماله، بما سيمكنه من تعزيز قدراته وحشد موارد مطلوبة من الأسواق المالية وتوجيهها أينما تحتاجها أولويات التنمية. وأحسب أن البنك، وفقاً لما ذكره رئيسه من أولويات سبعة أوردها في كلمته، سيساند جهود الدول في تعاف أكثر شمولاً واعتماداً على التحول الرقمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تراجعت مؤشراتها في جل الدول الأعضاء بعد الجائحة، وقد كانت متواضعة الأداء فيها قبلها إلا قليلاً.
كما أعتقد أن البنك سيركز على أهمية صياغة حلول تتوافق مع متطلبات التنمية المحلية، وأنه من خلال تأثيره كعضو رئيسي في تجمع بنوك التنمية العالمية سيعلي من قيمة الارتكاز على بيانات مدققة ومعلومات تفصيلية ومعرفة شاملة بأولويات عموم الناس في مناطق عمليات تمويل التنمية، بانياً في هذا الشأن على نهج فاعل للتعاون زرع جذوره رئيس البنك الأسبق الدكتور العتيد أحمد علي ونمى ثماره الرئيس السابق الدكتور بندر الحجار بدعم مخلص من إدارة البنك العليا وخبرائه. وأنه في ذلك كله سيستمر في إعلاء قيمة العلم في متابعة المستجدات وتقديم الحلول العملية وتفعيل منصات إدارة المعرفة والاستفادة من آليات المشاركة والتعاون بين الدول الأعضاء ومؤسساتها والمنظمات الدولية وبيوت الخبرة العالمية. ومع التباين في الأوضاع الاقتصادية للدول الأعضاء ومستويات دخولها بين دول غنية وأخرى فقيرة، يبقى عامل مشترك حرج فيها جميعاً وهو إيجاد العمل اللائق للشباب إناثاً وذكوراً، وهو ما لن يتحقق إلا بنمو شامل للكافة في اقتصاد متنوع الأنشطة محقق لقيمة مضافة في عالم شديد التغير. فسواء كان المرء وراء النهر أو أمامه، فإنه لن يستحم فيه مرتين، كما قال الفيلسوف اليوناني هيراقليطس، فماء النهر دائم التغير وما زادته أحوال اليوم إلا شدة في التغير.

د. محمود محي الدين

السعر الجديد لسحب الدولار وفق تقديرات أولية

مع اقتراب موعد «انتهاء صلاحية» التعميم 151 الذي حدّد بموجبه مصرف لبنان سعر سحب الدولار من المصارف بـ3900 ليرة، يرتفع منسوب الادرينالين لدى المودعين الصغار، بانتظار تصاعد الدخان الابيض إيذاناً برفع سعر السحب الى 10 آلاف ليرة للدولار. هل تبدو المسألة محسومة؟ وما هي المعوقات اذا كان كل الأفرقاء المعنيين بالموضوع موافقين على تغيير نسبة الهيركات الاجباري؟

مع دخول المجلس النيابي على خط سعر سحب الدولار من المصارف، في المرة الاولى من خلال إيراد بند رفع السعر الى 10 آلاف ليرة في مشروع قانون الكابيتال كونترول، وفي المرة الثانية خلال الايام الماضية مع تخصيص جلسة للجنة المال والموازنة لمناقشة هذا الموضوع، اتخذ الملف منحى شعبياً، وبدأ المودعون الصغار يهتمون بمتابعة الموضوع، بعدما شعروا بأنّه قابل للتنفيذ.

لكن، وللدقة والموضوعية، تنبغي الاشارة الى انّ المعوقات لا تزال قائمة، وهي ترتكز على نقطة محورية: هل يمكن تنفيذ خطوة رفع السحب من دون المجازفة بزيادة حجم الكتلة النقدية بالليرة، والتسبّب بارتفاع سريع لسعر صرف الدولار؟

في المبدأ، اعتبر النواب الذين اقترحوا الإبقاء على سقوفات السحب بالليرة كما هي، انّهم أمّنوا الحماية ضدّ التضخّم في الكتلة النقدية، على اعتبار انّ المودع سيسحب من المصرف المبلغ نفسه الذي كان يسحبه على تسعيرة الـ3900 ليرة، وبالتالي، لا حاجة الى تكبير الكتلة بالليرة لتأمين السحب على 10 آلاف ليرة. لكن هذه الحسابات ليست دقيقة تماماً، وهناك حسابات معقّدة يجريها مصرف لبنان حالياً، لاستشراف تأثيرات أي قرار على التضخّم.

وقبل تشريح نوعية الحسابات التي يقوم بها المركزي، لا بدّ من الاشارة الى انّ كل الاطراف المعنية بمسألة تعديل سعر السحب موافقة على المبدأ، بما فيها المصارف، والتي قد تكون عملياً المتضرر الأساسي من رفع سعر السحب. وقد أبلغت المصارف لجنة المال والموازنة النيابية، ومصرف لبنان، انّها موافقة على اي قرار يتخذه المركزي بالتنسيق مع وزارة المال. وبالتالي، يمكن الاستنتاج بأنّ هناك موافقة جماعية على المبدأ، لكن ما يعيق اتخاذ القرار، هي التفاصيل التي يعتبر مصرف لبنان نفسه معنياً بها دون سواه.

في التفاصيل التي يدرسها المجلس المركزي في مصرف لبنان، المسألة التالية:

اذا افترضنا انّه تمّت الموافقة على رفع سعر السحب الى 10 آلاف ليرة، مع الإبقاء على سقف السحوبات بالليرة ثابتاً، ما هو المبلغ الإضافي المطلوب تأمينه بالليرة؟

رداً على هذا السؤال، ينبغي ان يعتمد المركزي وحدة زمنية لاستخدامها في قياس النتائج. وبالتالي، الحسابات تتمّ على اساس سنة كاملة من بدء تنفيذ أي قرار جديد. وعلى هذا الاساس، واذا افترضنا انّ معدل سقف السحوبات الحالي هو 5 ملايين ليرة بالشهر، (يتفاوت السقف بين مصرف وآخر) اي ما يساوي حوالى 1300 دولار على تسعيرة 3900، فهذا يعني انّ كل مودع يملك في حسابه المصرفي 6500 دولار وما دون، سوف ينفد رصيده في غضون 5 اشهر، ويكون قد تقاضى حوالى 25 مليون ليرة. في المقابل، هذا المودع نفسه، وفي حال تمّ تطبيق تسعيرة الـ10 آلاف ليرة، لن يستهلك رصيده في 5 أشهر، بل سيستمر بالسحب طوال العام، وسيتمكّن من سحب حوالى 65 مليون ليرة، أي بزيادة نسبتها حوالى 160%. طبعاً النسبة هنا ليست لبّ المشكلة، بل الكمية التراكمية على مجموع المودعين الصغار. اذ ينبغي إحصاء هذه الفئة من المودعين، لمعرفة الرقم النهائي الذي سترسو عليه كمية السحب الإضافي للعملة اللبنانية. وإذا اعتبرنا انّ التعميم 158 أظهر انّ حوالى 800 الف مودع سوف تنتهي أرصدة حساباتهم في سنة، فهذا يعني انّ مجموع المودعين الذين لا تزيد أرصدتهم عن 6500 دولار قد لا يقلّ عن 500 الف مودع. وبالتالي، ينبغي إجراء دراسة مفصّلة عن هذه الفئة، لمعرفة كمية النقد الاضافية التي سوف تُسحب. وفي التقديرات الاولية، انّها قد لا تقلّ عن 10 آلاف مليار ليرة. وبما انّ الكتلة النقدية بالليرة وصلت اليوم الى حوالى 43 الف مليار ليرة، فهذا يعني انّ رفع سعر السحب الى 10 آلاف سيزيد الكتلة حوالى 10 آلاف مليار ليرة. هذا الرقم لا يمكن هضمه مالياً، لأنّه سيساهم في دفع الليرة الى الانهيار السريع. بالإضافة طبعاً، الى انّ المركزي قد يضطر الى تكبير حجم الكتلة بالليرة، حتى لو لم يتمّ رفع سعر السحب، بما يعني ايضاً، انّ الكتلة النقدية بالليرة ستنتقل من 43 الفاً الى حوالى 60 أو 65 الف مليار ليرة في سنة، وهذا الامر غير مساعد لسعر صرف الليرة. كما انّ قرار زيادة سعر السحب الى 10 آلاف ليرة قد يدفع غالبية المودعين الصغار الى التراجع عن الاستفادة من التعميم 158 لمصلحة التعميم 151 بطبعته الجديدة.

انطلاقاً من هذه الارقام والحقائق، يدرس المركزي الملف، وهو يركّز على السعر الذي يمكن اعتماده من دون التسبّب بكارثة في سعر الصرف. وفي الترجيحات الاولية، انّ السعر الجديد المعتمد للسحب، لن يتجاوز الـ7 آلاف ليرة، والأرجح انّه قد يستقر على 6 آلاف ليرة للدولار، بحيث لا يضطر المركزي الى تكبير الكتلة النقدية سوى بمعدل بسيط، قادر على ضبطه.

ويبقى سؤال كبير هو لماذا لا يتم اعتماد بطاقات الدفع الالكترونية في جزء كبير من التعاملات المالية بدل الاستسلام للاقتصاد النقدي (cash economy) الذي يعمق الازمة المالية والاقتصادية اكثر فاكثر؟

انطوان فرح

النفط يصعد إلى 73 دولارا بفضل نقص الإمدادات الأميركية ومكالمة بايدن وشي

ارتفع النفط اليوم الجمعة وتجاوز لبعض الوقت 73 دولارا للبرميل مدعوما بمؤشرات متزايدة على تقليص الإمدادات في الولايات المتحدة بسبب الإعصار أيدا ومع تلقي الأصول الأعلى مخاطرة دفعة من آمال تتعلق بالتجارة بين الولايات

المتحدة والصين.

 

وارتفع خام برنت عند التسوية 1.47 دولار، بما يعادل 2.3 بالمئة، إلى 72.92 دولار. وكانت ذروة الجلسة عند 73.15 دولار للبرميل.

وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.58 دولار، بما يعادل 2.3 بالمئة إلى 69.72 دولار.

وسجل الخامان مكاسب صغيرة خلال الأسبوع. وارتفع برنت 41 بالمئة هذا العام بفضل تخفيضات إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وبعض التعافي في الطلب من الجائحة.

وتلقت أسواق النفط والأسهم أيضا دعما من أنباء عن مكالمة هاتفية بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن أثارت آمالا في تحسن العلاقات ومزيد من التجارة العالمية وفقا لمحللين.

وقالت بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن الولايات المتحدة زادت عدد حفارات النفط في أحدث أسبوع، مما يشير إلى أن الإنتاج قد يرتفع في الأسابيع القادمة.

وسينصب التركيز الأسبوع المقبل على مراجعات لتوقعات الطلب على النفط للعام 2022 من أوبك ووكالة الطاقة الدولية. وقال مصدران من أوبك+ إن من المرجح أن تعدل أوبك بالخفض توقعاتها يوم الاثنين.