موجة مخاوف كبيرة تجتاح اقتصادات العالم

تجتاح موجة مخاوف كبيرة اقتصادات العالم، من تحقق الركود، الذي يعني تراجع النمو في النشاط الاقتصادي، جراء الأزمات المتلاحقة، وآخرها أزمة أوكرانيا المستمرة في بث التداعيات على أسواق الطاقة، وأسواق السلع الغذائية الأساسية وبخاصة محاصيل الحبوب.

تخشى الدول من الوقوع في مصيدة الركود، الذي يعرف تقليديا بأنه تفوق الإنتاج على الاستهلاك في الاقتصاد، وذلك نظرا لمخاطره الوخيمة على الحالة العامة للاقتصاد والوظائف والأداء العام للقطاعات الصناعية والزراعية والعملة وغيرها من المؤشرات الأساسية.

لكن المفاهيم والتحديات الحديثة بدلت الحال إلى مخاوف أكثر وضوحا أبرزها التخلف عن سداد الديون بالنسبة للدول، وعدم القدرة على توليد الوظائف الجديدة، وقفزات في مؤشر التضخم الذي يعبر عن حالة الغلاء التي بات يعاني منها المستهلكون في معظم دول العالم، ما يثير القلق أن الوجه الجديد للركود سيحمل معه مخاطر حقيقية ربما لن تتمثل في انهيار الدول، لكن ستشكل ضغوطا مباشرة على جيوب المستهلكين جراء موجة الغلاء، وربما تتفاقم في حال تعطل سلاسل إمداد الغذاء، وبدأت بعض السلع العالمية بالاختفاء من على منصات المتاجر.

وبرغم أن مستوى الديون أو التعثر عن سدادها لا علاقة مباشرة له بالنشاط الاقتصادي، إلا أن الدول التي باتت تعاني من أزمات مزمنة، أجبرتها على التخلف عن سداد الديون، لن يكون بمقدورها تخصيص ميزانيات لدعم النمو الاقتصادي عبر المشاريع الكبرى أو الخطط التنموية، التي كانت أبرز منقذ لتحريك النشاط الاقتصادي في حال انكمش أداء القطاع الخاص.

يظل الركود الاقتصادي، هاجس يهدد خطط المستثمرين ويستنفر صناع السياسات النقدية والمالية، وتتردد أصداءه بوضوح في بورصات العالم من أسهم وعملات ونفط وحتى أسعار المعادن التي لم تسلم من ذلك وجميعها تقلبت ونزفت بنفس الإيقاع، فالارتفاعات التاريخية لأسعار الغاز واستقرار أسعار النفط فوق مستويات المئة دولار وما رافقها من خفض سريع وحاد للإمدادات القادمة من روسيا، جميعها مؤشرات امتزجت مع بعضها البعض وبعثت برسالة واحدة أن الركود قادم لا محالة.

أزمة الطاقة

وأشعلت أزمة الطاقة التضخم ودفعت به لمستويات لم تستطيع البنوك المركزية حول العالم ضبطها حتى الآن، واستنزفت جيوب المواطنين الذين ارتفعت تكلفة المعيشة عليهم لمستويات هي الأعلى في نصف قرن، كما أن خطر قطع إمدادات الطاقة القادمة من روسيا أصبح يهدد مصانع أوروبا وينذر بضياع الآلاف من فرص العمل.

وأمام هذا الواقع الصعب، بدأت التقييمات تنهال من كل جانب وأجمعت جميعها على أن اقتصادات منطقة اليورو وبريطانيا وكندا وكوريا الجنوبية باتت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الركود، في حين أن الولايات المتحدة قد تتجنب الركود جزئيا هذا العام متسلحة بقوة سوق العمل والسيولة الضخمة التي تستحوذ عليها الشركات، لتبقى بارقة الأمل الوحيدة كالعادة من الصين التي يتوقع أن يتماسك اقتصادها وتشهد وتيرة متسارعة في النمو مع رفع قيود كورونا.

“وول ستريت”

هذه المخاوف انعكست على اليورو الذي هوى لأدنى مستوياته في 20 عاما أمام الدولار، تبعه تراجعات حادة في أسواق الأسهم الأوروبية وامتدت هذه التراجعات إلى وول ستريت التي نزفت بشدة، وعمقت من جراحها خسائر اسواق النفط التي تراجعت بقوة هذا العام، مما تسبب بضغوط بيعية عنيفة على أسهم الطاقة.

ولم تسلم أسعار الذهب من هذا القلق فقد سجلت أدنى مستوياتها في ستة أشهر، كما أن معظم الأصول أصبحت غير جذابة باستثناء الدولار الأميركي الذي واصل نجمه باللمعان وحافظ على أعلى مستوى في 20 عاماً مستفيدا من موجة زيادة اسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

ما رأي المعنيين؟

عبرت عدة مؤسسات عالمية عن قلقها من الركود الاقتصادي، وتخطت ذلك إلى التحذير من الركود التضخمي، الذي يجمع حالة متناقضة من تباطؤ النمو في النشاط الاقتصادي، مترافقة مع حالة من ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم.

بدورها قالت كريستالينا غورغيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، إن توقعات الاقتصاد العالمي “ساءت كثيرا” منذ أبريل وإنها لا يمكنها استبعاد إمكانية حدوث ركود عالمي في العام المقبل في ظل المخاطر الضخمة القائمة.

أضافت أن صندوق النقد سيخفض خلال الأسابيع المقبلة توقعاته لنمو نسبته 3.6 بالمئة في الاقتصاد العالمي لثالث مرة هذا العام، مضيفة أن الاقتصاديين في الصندوق ما زالوا يعدون النسب الجديدة النهائية.

من المتوقع أن ينشر صندوق النقد الدولي توقعاته المحدثة لعامي 2022 و2023 في أواخر يوليو بعد أن قلص توقعه بنسبة تقترب من واحد بالمئة في أبريل. وكان الاقتصاد العالمي قد حقق نموا في 2021 معدله 6.1 بالمئة.

سداد الديون

خفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني توقعاتها بشأن الديون السيادية، بسبب مخاوف بشأن ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية واحتمال حدوث موجة جديدة من حالات التخلف عن السداد.

وأكدت وكالة “فيتش”، التي تراقب أكثر من 100 دولة، أن الحرب في أوكرانيا تؤجج مشاكل مثل ارتفاع التضخم واضطرابات التجارة وضعف الاقتصادات، وهي مشكلات تضر الآن بظروف الائتمان السيادي.

وفي الوقت الذي سيستفيد فيه مصدرو السلع الأساسية من ارتفاع الأسعار، فإن أولئك الذين يتعين عليهم استيراد الجزء الأكبر من الطاقة أو المواد الغذائية سيعانون.

ويبلغ عدد البلدان في قائمة الدول المتخلفة عن السداد أو التي تشير عائدات سنداتها في الأسواق المالية إلى حدوث ذلك 17 بلدا وهو مستوى قياسي.

وهذه الدول هي باكستان وسريلانكا وزامبيا ولبنان وتونس وغانا وإثيوبيا وأوكرانيا وطاجكستان والسلفادور وسورينام والإكوادور وبليز والأرجنتين وروسيا وبيلاروسيا وفنزويلا.

سكاي نيوز

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

تغيرت أولويات البشرية خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب المعاناة من الأوبئة والمجاعات التي غيرت الكثير من المفاهيم حول أولويات الإنسان للحياة، وأضيفت لهذه المعاناة مؤخراً حرب أوكرانيا ومآسيها. ورغم أن هذه النكبات ليست جديدة على الإنسانية، إلا أن ما يميزها هذه المرة هو مسلسل وقوعها الواحدة تلو الأخرى. كان التصور الشائع أن العالم قد تقدم علمياً واقتصادياً، بحيث إنه من المستطاع حل كثير من المشاكل بسرعة، وعدم السماح لأكثر من مليون وفاة للجائحة. كما ساد التوقع أيضاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أن الحرب بين المعسكرين الشرقي والغربي قد انحسرت إلى غير رجعة، بالذات على الساحة الأوروبية.
بدأت ردود الفعل الحتمية لهذه المآسي المتتالية تبرز تباعاً، ويتبين أن التحديات مستمرة. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمة ألقاها عن بعد لمؤتمر استضافته برلين الأسبوع الماضي شاركت فيه قرابة 45 دولة ومنظمة إنسانية ووزراء خارجية «مجموعة السبع»، حذر العالم من «خطر مجاعة غير مسبوقة».
أدت هذه التطورات المأساوية، والأولويات العالمية السائدة خلال الأعوام الماضية، إلى بروز أزمة طاقة غير مسبوقة منذ حوالي نصف قرن، مردها تبني شعارات إيجابية في ظاهرها لكن بأجندات غير واقعية. والمثال على ذلك الموافقة الجماعية في مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ في باريس 2015 بتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050 لأجل التمكن من إنقاذ الكرة الأرضية من الكوارث المناخية والبيئية. وإلا، فإنه سيكون من الصعب جداً معالجة مشاكل الكرة الأرضية البيئية والمناخية بعد ذلك التاريخ.
الصعوبة الرئيسة التي واجهت قرار تصفير الانبعاثات منذ يومه الأول، هو معاداته ومحاولات تهميشه لأي شيء له علاقة بصناعات الوقود الأحفوري (النفط، الغاز، الفحم) التي توفر حالياً الأغلبية الساحقة من الطاقة للعالم. قادت الحركات المناخية والبيئية والدول الأوروبية بالذات هذه الحملة.
ورغم الأخذ بنظر الاعتبار وجهة النظر أن الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري ضارة صحياً، إلا أنه يجب التنبيه إلى أن الأجندة للتخلص السريع وغير الواقعي من الانبعاثات قد رسمت من قبل الدول الأوروبية لتعكس أولوياتها وإمكاناتها التنفيذية لسن القوانين المناخية ومصالحها الاقتصادية والبيئية، وذلك بغض النظر عن مصالح الدول الأخرى ذات الاقتصادات المختلفة والمتخلفة، كما ناهيك عن الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية توالي الكوارث المتوالية على البشرية لسنوات متتالية، مما يتطلب تخصيص مليارات الدولارات لتفادي نتائج هذه الكوارث.
أغلقت الحركات البيئية والأقطار الأوروبية المجال لمناقشة موضوعية حول إمكانية تنفيذ الأجندات المطروحة لتصفير الانبعاثات في المواعيد المحدد لها، أو إعارة الانتباه اللازم لتوفير المليارات من الدولارات لبعض الدول في تنفيذ هذه الأجندات في الأوقات المحددة.
لقد أهملت الحركات المناخية إمكانية الاستفادة من الإمكانات والمنشآت الموجودة عالمياً، وذلك ضمن حملتها الهادفة والمعادية للهيدروكربونات.
كان من الممكن الاستمرار بهذه السياسة لولا الكوارث العالمية، التي لا يزال يشكل البعض منها خطراً مستقبلياً على العالم. أدت المآسي المستمرة خلال الأعوام القريبة الماضية إلى تغيير الأجندات والأولويات، لكن ليس أهداف مسيرة تصفير الانبعاثات. فمقاطعة الوقود الروسي كشفت حقيقة الاعتماد الواسع للأقطار الأوروبية على مختلف أنواع الوقود الأحفوري، الذي كانت تستورد معظمه من روسيا. لقد أدت حرب أوكرانيا إلى بدء بعض الأقطار الأوروبية، رغم حماسها البيئي المشهود، وقبل غيرها، بسبب محاولة تلافي انقطاع الطاقة الكهربائية في الأشهر المقبلة أو ارتفاع أسعار الكهرباء إلى مستويات قياسية. بدأت هذه الدول (ألمانيا والنمسا وهولندا) التغاضي عن بعض القوانين التي دافعت عنها عالمياً وشرعتها محلياً، بإعادة الاعتماد على الفحم الحجري، رغم تلوثه. كما تتفاوض السوق الأوروبية وأقطارها لاستيراد إمدادات جديدة من الغاز، رغم القوانين الأوروبية نفسها بتخفيض استهلاك الغاز ما بين الأعوام 2030 – 2035.
من نافل القول إن المآسي العالمية الأخيرة ستتطلب مليارات الدولارات لتغطية المشكلات الناتجة عنها. ومن المتوقع أن تحصل هذه المليارات على الأولوية في موازنات الدول، وستحل محل الأولويات السابقة لتصفير الانبعاثات، التي بدأت تعد نوعاً من «الترف» في عالم غير مستقر.
هذا لا يعني بتاتاً غض النظر عن سياسات تصفير الانبعاثات. لكن الواقع الأليم سيفرض مراجعة الأولويات والأجندات. هذا التغيير في الاهتمامات والأولويات يتطلب أيضاً من الدول الأوروبية وحركات مكافحة التغير المناخي الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية الاستفادة من الصناعة البترولية المساهمة الفعالة في استعمال تقنياتها وبناها التحتية والوقود الأخضر، في تصفير الانبعاثات بدلاً من نبذها أو مقاطعتها.
تبلغ قيمة أصول الشركات البترولية العالمية المليارات من الدولارات. وبنجاح الأبحاث في تدوير صناعة واقتصاد الكربون، يصبح من الممكن استعمال بعض هذه الأصول في تنمية طاقات جديدة، كالهيدروجين الأزرق، ناهيك عن إضافة الوقود الأخضر إلى سلة الطاقات المعتمدة بحلول عام 2050.

وليد خدوري

كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة

مجموعة بريكس

عندما تأسست مجموعة (بريكس) بشكل رسمي عام 2009 كان الهدف منها واضحاً، وهو الحاجة إلى وجود صوت للاقتصادات الناشئة في المجتمع الدولي. بدأت المجموعة حينها بأربع دول، وهي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وانضمت جنوب أفريقيا بعد ذلك بعام ممثلة قارة أفريقيا، ليكتمل عقد دول (بريكس) الذي يعبر اسمها عن أول حرف من كل دولة من الدول الخمس رغبة هذه الدول في الحصول على نفوذ في المجتمع الدولي. وهي مجتمعة تشكل 41 في المائة من سكان العالم، أي أكثر بتسع مرات على الأقل من سكان الولايات المتحدة، وتُشكل مساحتها نحو 29 في المائة من مساحة العالم، وهي كذلك دول أعضاء في مجموعة العشرين التي تمثل أقوى اقتصادات العالم. و(بريكس) في الأساس فكرة غربية، ذكرت لأول مرة في ورقة نشرت لبنك (غولدمان ساكس) عام 2000 ناقشت فيها أهم الدول ذات الاقتصادات الناشئة، ولكنها طرحت للنقاش بين هذه الدول في 2006، وتبلورت وانطلقت بعد ذلك بثلاثة أعوام.
ولكن وضعها وأهميتها اختلف كثيرا منذ ذلك الحين، فعند تأسيسها، كان الناتج القومي لدول (بريكس) مجتمعة لا يتعدى 10 تريليونات دولار، وهو آنذاك يمثل أقل من 12 في المائة من الناتج القومي العالمي. أما اليوم، فناتجها القومي يزيد على 27 تريليون دولار، أي نحو ربع الناتج القومي العالمي. ولمقارنة ضخامة هذه المجموعة، يمكن مقارنتها بدول مجموعة السبع (وهي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، واليابان، وألمانيا، وكندا، وإيطاليا). فالناتج القومي لمجموعة السبع 34 تريليون دولار، وتشير التوقعات إلى أن العقد القادم سيشهد زيادة الناتج القومي لمجموعة (بريكس) ليصل إلى نصف الناتج القومي العالمي، أي أنه سيتفوق على اقتصاد مجموعة السبع. كما أن عدد سكان (بريكس) البالغ 3.2 مليار نسمة (وهم في ازدياد) أكثر من ثلاثة أضعاف عدد سكان مجموعة السبع البالغ 987 مليون نسمة.
وترى دول (بريكس) عدم عدالة تأثيرها ونفوذها الدولي، فالصين والهند هما ثاني وخامس أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، ومع ذلك فإن تأثيرهما وتمثيلهما في المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يقارن بالدول الأوروبية، ويقاس على ذلك بقية دول (بريكس). ونظرة (بريكس) في هذا الشأن واضحة، وهي أن هذه المنظمات أنشئت من قوى غربية، ولذلك فإن توجهها ونفوذها يدعم الدول الغربية أكثر من غيرها. وكرد فعل لذلك، فقد أنشأت دول (بريكس) منظمة سمتها «بنك التنمية الجديد» أو (NDB) عام 2015 برأس مال بلغ 50 مليار دولار، وبحصص متساوية بين الدول الخمس. ويهدف هذا البنك إلى دعم مشاريع البنى التحتية في هذه الدول، وقد دعم خلال الخمس سنوات الأخيرة 70 مشروعا للبنى التحتية بأكثر من 25 مليار دولار. يتضح من ذلك أن التزام دول (بريكس) بوعودها عالية جدا، وتشير الدراسات إلى أن هذه النسبة تقارب كثيرا نسبة التزام دول السبع.
وتنبع أهمية (بريكس) في هذا الوقت تحديدا مع بروز فكرة الفصل بين الشرق والغرب، ويدعم ذلك عدة نقاط. أولها انعقاد الاجتماع الرابع عشر في الصين أواخر الشهر الماضي، تزامنا مع انعقاد اجتماع الدول السبع في ألمانيا، واجتماع حلف الناتو في إسبانيا. فالاجتماع الأخير أكد على أن الصين تُشكّل تحدياً أمنياً، وهذه أول مرة يذكر فيها حلف الناتو ذلك على الإطلاق. الثاني أن الحرب الروسية الأوكرانية أكدت وبشكل واضح أن الصين والهند لن تقفا مع الغرب ضد مصالحهما. وكلتا الدولتين تشتري حاليا النفط من روسيا بأسعار مخفضة عن الأسواق العالمية، وقد ذكر الرئيس الروسي (بوتين) في اجتماع (بريكس) الشهر الماضي أن التبادل التجاري بين روسيا ودول (بريكس) زاد بنسبة 38 في المائة مؤخرا. الثالث هو أن هذه المجموعة أصبحت أقوى من ذي قبل، بدليل طلب العديد من الدول الانضمام إليها، وهو ما قد يزيد القلق الغربي منها.
إن مجموعة (بريكس) رغم أهميتها الحالية على المستوى الدولي، ليست حتى الآن على قلب رجل واحد، فالخلافات بين دولها عديدة وتحديدا بين أكبر دولتين فيها وهما الصين والهند، فالصين قلقة من متانة العلاقات بين الهند والولايات المتحدة، والهند ليست سعيدة بالشراكة بين الصين وباكستان في طريق الحرير. كما أن نفوذ الصين في هذه المجموعة لا يمكن إغفاله، فهي تشكل 70 في المائة من الناتج القومي للمجموعة، وأقرب دولة لها هي الهند بـ13 في المائة فقط! ومع أن انضمام دول جديدة إلى المجموعة قد يزيد المجموعة قوة، فإنه قد يضعف موقف الدول الحالية ضمن المجموعة، حتى مع وجود شرط الإجماع لانضمام أي دولة للمجموعة! هذه الخلافات قد تكون حاسمة في مستقبل المجموعة، لا سيما إذا ما استغلتها القوى الغربية في التفريق بينها.

د. عبد الله الردادي

باحث سعودي متخصص في الإدارة المالية

المودعون ينتظرون الفائض…«النَطرَة طويلة شوي»

الشرط الأساسي للنجاح في أي مشروعٍ أو خطة للتعافي، والخروج التدريجي من الانهيار، يكمن في عودة الانتظام إلى المالية العامة، وإلى وقف مسلسل العجز السنوي في الموازنة، والتحوّل إلى فائض يتيح استخدام المزيد من الأموال في دعم الاقتصاد. فهل الوصول إلى مرحلة الفائض من الأمور المُتاحة، وما هو الثمن المطلوب لذلك؟

من خلال مشروع موازنة العام 2022، ومن خلال المواقف النيابية المواكبة لهذا المشروع، يتضح كم سيكون صعباً إقرار موازنات تتماهى والأرقام المطلوبة للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. والإشكالية المحيطة بهذا الموضوع ترتبط بجوانب تقنية واجتماعية وسياسية، كلها معقّدة.

 

من الملفت انّ الاقتراحات الجديدة التي قدّمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتُضاف إلى خطة الإنقاذ القائمة، تستند إلى مبدأ ربط تغذية «صندوق التعافي» بفائض الموازنة. لكن الملفت اكثر، انّه تمّ تحديد الفائض الاولي كمعيار لتغذية الصندوق المقترح، وليس الفائض الإجمالي، وهذا الأمر يدعو إلى طرح اكثر من علامة استفهام. فهل انّ الوصول إلى تحقيق فائض أولي، يكفي للبناء عليه لرسم مخططات دعم الاقتصاد، وتسديد مستحقات؟ وهل الفائض الأولي هو تحصيل حاصل في الموازنات المقبلة؟ وما هي «التضحيات» المطلوبة لبلوغ هذه المرحلة؟

 

في الواقع، هناك مجموعة معطيات قد تساهم في بلوغ حقبة الفائض الأولي في الموازنة، من ضمنها ما يلي:

 

اولاً- يبدو في احتساب الارقام، انّ مالية الدولة ستكون في وضع مريح اكثر من السابق، أي قبل الانهيار، حيث انّ الحكومة ستشطب القسم الأكبر من الديون، بما سيدفع نسبة الفوائد في الإنفاق العام، والتي كانت تشكّل حوالى 30 الى 35%، إلى التراجع إلى ما دون الـ10%، بما فيها الفوائد التي ستُدفع مقابل القرض الذي قد يُفرج عنه صندوق النقد الدولي تباعاً، في حال الوصول إلى اتفاق نهائي معه.

 

ثانياً- نسبة الإنفاق الحالي على الرواتب والاجور في القطاع العام وصلت الى حوالى 10% مقارنة مع الإنفاق العام المُقدّر للعام 2022. هذه النسبة صارت مقبولة، وتتماهى والمعايير المالية المعتمدة في الدول التي لا تعاني من عجوزات في موازناتها. في حين انّ كتلة الرواتب والأجور تجاوزت الـ35% في الموازنات التي سبقت الانهيار في نهاية العام 2019.

 

ثالثاً- حجم الإنفاق العام في الدولة، وفق ما هو مرسوم في مشروع موازنة العام 2022، يبلغ حوالى 49 الف تريليون ليرة، محتسبة على سعر صرف لا يتجاوز الـ20 الف ليرة للدولار الواحد. أي انّ الإنفاق يصل الى حوالى 2,5 مليار دولار. وهذا يعني انّ الإنفاق العام يوازي حوالى 12% من حجم الـGDP المقدّر بـ22 مليار دولار. هذه النسبة تُعتبر جيدة في المعايير المالية، على اعتبار انّ الإنفاق العام في الموازنات قبل العام 2019، وصل إلى ما نسبته 30 إلى 35% من الناتج المحلي.

 

لكن هذه الأرقام لا تعني انّ تحقيق فائض أولي صار من الامور السهلة، بدليل انّ مشروع موازنة 2022 نفسه، يعترف بعجز قدره 20,8%، في حين انّ التقديرات تشير إلى عجز حقيقي سيتجاوز هذا الرقم. وبالتالي، يتطلّب العبور من العجز إلى الفائض، واحداً من أمرين: إما خفض الإنفاق بنسبة إضافية كبيرة، وإما زيادة الإيرادات بنسبة كافية لتغطية العجز. وبما أنّ الإنفاق وصل إلى الحدّ الأدنى الذي لا يمكن النزول تحته، بل من المرجّح ان تكون هناك ضرورة إلى إدخال تعديلات ترفع بعض الشيء مستوى الإنفاق، لضمان تسيير عجلة الدولة بالحدّ الأدنى.

 

لذلك، يبقى المخرج المُتاح مرتبطاً بزيادة الإيرادات. هذا المخرج يزداد ضيقاً وصعوبة كلما مرّ الوقت، وتدهور الوضع المالي العام أكثر. ولأنّ تغيير النظام الضرائبي لن يكون مجزياً في هذه الحقبة من الانهيار القائم، فإنّ الحلول تبقى محصورة في ناحيتين: إستيفاء الرسوم والضرائب على سعر صرف جديد، بما يعني عملياً رفع الضرائب والرسوم بنسبة لا تقلّ عن 1500%، ولو انّ الحكومة لا تسمّي ذلك رفعاً، بل تعتبره تصحيحاً للاقتراب من سعر صرف الدولار الذي ارتفع حوالى 2000% (20 ضعفاً). ولكن التسميات لا تؤثر على المضمون، والذي يعني انّ الاستحقاقات على المواطن سترتفع بنسبة كبيرة، في حين انّ المداخيل بالكاد ارتفعت بما يوازي 10% قياساً بانهيار الليرة.

 

انّها المعادلة الصعبة التي ستواجه السلطة، خصوصاً انّ الإجراءات المواكبة، والمتعلقة بمكافحة الاقتصاد الأسود والتهريب والتهرّب الضريبي، كلها ملفات متشابكة يسهل الحديث عنها والمطالبة بها، ويكاد يستحيل تطبيقها في ظلّ المناخ السياسي السائد.

 

اما الناحية الثانية التي قد تشكّل مخرجاً جيداً لإشكالية تحقيق الفائض السريع في الموازنة، فترتبط بإمكانية إنجاز ترسيم الحدود البحرية، والبدء في الإفادة من الثروة الغازية. وهذا الملف ايضاً متشابك سياسياً، ومن غير الواضح بعد، إذا ما كان سيتجّه الى الحلحلة السريعة، أم سيبقى في قمقم التجاذبات المحلية والإقليمية والدولية.

 

وعليه، سيكون الحديث عن فائض، ضمن المعطيات الحالية على الأقل، من باب التمنيات ليس إلّا.

انطوان فرح

سياسة شينزو آبي “آبينوميكس” .. التي عبرت باليابان لبر الأمان .. فما هي ؟

بينوميكس هو لقب السياسة الاقتصادية والنقدية في اليابان عام 2012 عندما تولى رئيس الوزراء شينزو آبي السلطة للمرة الثانية، فما مضمونها ؟

يشير مصطلح آبينوميكس إلى السياسات الاقتصادية لسياسي معين، بنفس الطريقة التي يشير إليها ريغانوميكس أو كلينتونوميكس ( أي السياسات التابعة للرئيس ريغان والرئيس كلينتون)، حيث تم الترويج لآبينوميكس كطريقة لإخراج الاقتصاد الياباني من فترة النمو الضئيل والانكماش العام.

وتعود المشاكل الاقتصادية في اليابان إلى التسعينيات، حيث كانت فترة من الركود الاقتصادي الملحوظ في اليابان، بعد انفجار فقاعة العقارات الهائلة في الثمانينيات، وانفجار فقاعة أسعار الأصول اليابانية في أوائل التسعينيات.

آبينوميكس هي مجموعة من السياسات الاقتصادية التي دافع عنها رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، عندما تولى السلطة للمرة الثانية في عام 2012، والتي تم وصفها على أنها نهج اقتصادي من 3 مراحل:

1- زيادة المعروض النقدي:

عن طريق طباعة العملة، ما بين 60 تريليون ين إلى 70 تريليون ين، وذلك لجعل الصادرات اليابانية أكثر جاذبية وتوليد تضخم متواضع.

2- القيام بالإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد:

وذلك لتحفيز الطلب والاستهلاك، إضافةً لتحفيز النمو قصير الأجل وتحقيق فائض في الميزانية على المدى الطويل.

3- إجراء إصلاحات اقتصادية وتنظيمية:

وذلك عن طريق إصلاح الأنظمة المختلفة لجعل الصناعات اليابانية أكثر تنافسية ولتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص، إضافةً لإصلاح حوكمة الشركات، وتخفيف القيود على تعيين موظفين أجانب في مناطق اقتصادية خاصة، وتسهيل قيام الشركات بفصل العمال غير الفعالين، وتحرير قطاع الصحة، وتنفيذ تدابير لمساعدة رواد الأعمال المحليين والأجانب، إضافةً لإعادة هيكلة صناعات المرافق والصناعات الدوائية وتحديث القطاع الزراعي، وذلك لجعل اليابان أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية.

وتطورت سياسة آبينوميكس مع استمرار رئيس الوزراء آبي في الحكم، والذي سعى لتوظيف الإناث، والنمو المستدام، ومفهوم يُعرف باسم “المجتمع 5.0” والذي يهدف إلى زيادة رقمنة اليابان.

الذهب يرتفع مع انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية

ارتفع الذهب على نحو طفيف الجمعة 8 يوليو تموز مع انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية، لكن قوة الدولار وضعت الأسعار على مسار أكبر خسارة أسبوعية في 8 أسابيع بعدما قوضت الطلب على المعدن النفيس.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 1744.07 دولار للأونصة، وارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة 0.1% إلى 1740.50 دولار.

وانخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 أعوام بعد مكاسب في الجلستين السابقتين وهو ما دعم الذهب الذي لا يدر فائدة ثابتة.

واستقر الدولار قرب أعلى مستوياته منذ 2002، الأمر الذي أبقى الذهب المقوم بالدولار قرب أدنى مستوى في 9 أشهر الذي بلغه يوم الأربعاء.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2% إلى 19.23 دولار للأونصة وارتفع البلاتين 0.2% إلى 874.52 دولار للأونصة، لكن كليهما يتجه صوب خسائر أسبوعية.

وارتفع البلاديوم 0.5% إلى 2000.68 دولار للأونصة وارتفع بنحو 2% خلال الأسبوع.

متابعة قراءة الذهب يرتفع مع انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية