العملات المشفرة ومضخة الأموال الرخيصة

لولا موجة الأموال الرخيصة في فترة كورونا، وأسعار الفوائد المتواضعة، لما كان بالإمكان تشكيل تلك الفقاعة السعرية للعملات المشفرة بهذه السرعة. لكن أبعاد تلك الفقاعة، تمددت في الكثير من المفاصل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الاستهلاكية.

وإنها حمى البحث عن ثروة سريعة وسهلة، قد يكون ذلك تلخيصاً مبسطاً لكيفية الإقبال على العملات المشفرة. بحيث لا يمكن إغفال حجم التقلبات الهائل الذي طالها خصوصا في فترة كورونا. الأمر الذي أدخل الكثيرين في دوامة القروض المرهقة لسنوات طويلة قادمة.

وتضافرت كذلك عوامل عديدة في إشعال نار المضاربات في تلك السوق، منها إطلاق بعض المشاهير لعملاتهم الرقمية والترويج لها تحت مسميات براقة للفت الانتباه. كان ذلك بمثابة فخ وقع العديد بشباكه، فبعد أن جمع هؤلاء الأشخاص من الوجوه المعروفة ما تيسر لهم من أموال قاموا ببيع عملاتهم الرقمية وتلاشوا عن الأنظار، تاركين خلفهم رصيداً صفرياً في قيمة ما يتم تسميته مجازياً “عملات”!

وهذا يأخذنا إلى تحليل هذه التسمية، هل فعلاً البتكوين وأخواتها تمتلك المعاييرلأن تكون عملات صالحة للتبادل؟

وقد يلجأ البعض إلى تعريفها على أساس أنها “مقتنيات” أو “أدوات للمضاربة” لكن القيمة الأساسية التي يمكن الانطلاق منها “صفرية”. تلك الأدوات، لا تشبه مثلاً أسهم الشركات. فشراء سهم بشركة ما، يؤهل الشخص لأن يكون مشاركاً بجزء من نشاط تجاري. تلك الأدوات لا تشبه  حتى ما يمكن تسميته بالأصول، مثل منزل أو قطعة أرض أو مجوهرات، أو أي شيء مادي يمكن لمسه أو رؤيته. لكن ملكية المرء للبتكوين مثلاً، يعني ببساطة أن الملكية تنحصر بجزء من رمز حاسوبي ، لا يمكن استخدامه، في أيّ شيء على الإطلاق، باستثناء تحفيز شخصٍ آخر ليدفع مقابله.

لكن كيف تشكلت تلك الفقاعة وما هو المسار المتوقع لها؟

وقد يكون من ضمن أهم الأسباب في تشكيل الفقاعة الأخيرة للعملات المشفرة، أموال التحفيز الحكومية بسبب جائحة كورونا. ففي ربيع 2020 تم ضخ تريليونات الدولارات التي وجدت طريقها إلى جميع أنواع الأصول.

وهنا شهدنا التضخم يشق طريقه صعوداً في أسعار الأسهم والعقارات، فقاعات هائلة في كل مكان تقريباً. غذّت تلك الموجة الهائلة من السيولة شرايين المخاطرة في ذلك السوق المعتمد على تقنية متقدمة للغاية تسمى البلوكتشين.

وتحول الوضع لما يشبه إلى حد ما، حمى البحث عن الذهب في العالم الجديد، فهناك ثروات تم تشكيلها بلمح البصر وبدون أدنى جهد أو حتى محاولة جادة للبحث عما يبرر ارتفاع الأسعار.

وبات البعض يلهث وراء ذلك الثراء السحري، في تحول واضح بثقافة الاستثمار، بعيداً عن متناول قبضة الضرائب على الثروات الكبيرة، ومرونة بالتصرف بالأموال بدون رقابة حكومية.

وتشير الكثير من الدراسات أن بعض الناس يشترون العملات المشفرة لأنّهم يعتقدون بأنّها الطريقة المثلى للثراء السريع. ويصفها بعض الخبراء المعنيين بأنها تذكرة يانصيب حديثة. لكن في حين أنّ تذاكر اليانصيب لا تكلف سوى القليل في كلّ مرّة، فالعملات المشفرة ستتضخم وتصطدم بالحضيض بطريقة أكثر تدميراً، بكل مرّة بحسب أراء الخبراء.

كما أن الاستثمار بتلك العائلة من “المشفّرات”، يتخطى بكثير مجرد كونه استثماراً، إنه ببساطة يجسد “فرصة”، وإمكانيات لا محدودة لتغيير الحالة الاقتصادية. إذ يلمح بعض علماء السلوكيات الاجتماعية، أن الكثيرين ممن يقبلون على شراء العملات المشفرة، هم مجموعة ممن خابت آمالهم من قبل بتحقيق نوع بسيط من الثراء. لكن المشكلة التي يبدو أن لامفر من مواجهتها هي عندما تخسر تلك الشريحة مواردها المالية، عندما تتوالى انفجارات فقاعات العملات المشفرة، حينها لن يكون بإمكانها العودة مجدداً لمنظومة العمل التقليدية، بما يتطلبه ذلك من تعب وجهد.

والعالم تغير كثيراً فهناك لا مساواة هائلة في مستويات الدخل ، الكثير من الحكومات بدأت تتخلى تدريجياً عن أنظمة الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية. انتهى عصر الأسرة التي يستطيع فرد واحد بمدخول محدود أن يعيلها.

ودخلت قواعد جديدة إلى مفاهيم الاقتصاد، منها الوظائف المؤقتة، والنقابات العمالية شبه المشلولة ببلدان كثيرة، ومديونية هائلة بأعناق الأفراد والأسر للتعليم أو لتأمين الحاجيات الضروروية.

فقاعة الكريبتو واخواتها تخفي هشاشة أوضاع البشر اجتماعياً ونفسياً التي تنفجر يومياً بدون رحمة، مخلفة سيلاً جارفاً من المآسي.

بقلم نهى علي

اليورو يهوي لأدنى مستوى في عقدين مع تنامي مخاوف الركود

دفع طلب للاستثمار الآمن الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته منذ عام 2002 في حين هوى اليورو إلى أدنى مستوى في عقدين بينما غذت أحدث قفزة في أسعار الغاز الأوروبية مخاوف الركود.

وصعد مؤشر الدولار 1.6% في إحدى مراحل الجلسة وهبط اليورو بما يصل إلى 1.75% ، مسجلاً أدنى مستوياته منذ أواخر 2002. وهذا أكبر هبوط ليوم واحد للعملة الأوروبية وأكبر مكاسب ليوم واحد للدولار منذ أن عصفت جائحة كوفيد-19 بالأسواق في مارس آذار 2020.

وتراجع الين الياباني إلى أدنى مستوياته في حوالي 24 عاماً، وسجل الدولار الكندي أضعف مستوى في 19 شهراً، وهبطت الكرونة النرويجية أكثر من 2% مع بدء عمال النفط والغاز اضراباً عن العمل.

وتزايدت مخاطر انزلاق أوروبا إلى ركود بعد قفزة بلغت 17% في أسعار الغاز الطبيعي في كل من أوروبا وبريطانيا من المنتظر أن تدفع التضخم إلى مزيد من الارتفاع.

وهوى الجنيه الاسترليني لأدنى مستوى في عامين أمام الدولار متضرراً من أزمة في حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وتراجع الاسترليني في وقت سابق إلى 1.1929 دولار وهو أدنى مستوى له منذ عام 2020. ثم استرد بعض خسائره ليجري تداوله في أواخر التعاملات عند 1.195 دولار.

وهبط الدولار الاسترالي على الرغم من زيادة قدرها 50 نقطة أساس في أسعار الفائدة لثاني شهر على التوالي. وتراجع الأوسي 1.4% إلى 0.677 دولار أمريكي.

والدولار الاسترالي الآن منخفض حوالي 7% عن مستواه في بداية العام.

ودفعت قوة الدولار العملة اليابانية إلى أدنى مستوى في 24 عاماً قبل أن تسترد بعض خسائرها. وسجلت في أواخر التعاملات 135.70 ين للدولار.

بنك إنكلترا يحذر من “عاصفة اقتصادية”

حذر بنك إنكلترا من “عاصفة اقتصادية”، داعياً البنوك لـ”تكثيف رؤوس الأموال الاحتياطية لضمان قدرتها على تحمل العاصفة”.

تحذيرات البنك صدرت، يوم أمس الثلاثاء، بسبب سوء الآفاق الاقتصادية لبريطانيا والعالم، التي شهدت انحدارا بمستوياتها منذ بداية العام.

وأعلنت عدد من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن “بريطانيا أكثر عرضة للركود والتضخم المرتفع باستمرار من الاقتصادات الغربية الأخرى، والتي تتصارع جميعها مع صدمات أسواق الطاقة والسلع العالمية”.

وقال محافظ بنك انكلتراأندرو بايلي في مؤتمر صحفي، بعد أن نشر بنك انكلتراتقرير الاستقرار المالي نصف السنوي (FSR)، إن “لقد تدهورت التوقعات الاقتصادية العالمية بشكل ملحوظ”، بحسب ما نقلت “رويترز”.

وأضاف البنك المركزي أن “البنوك البريطانية في وضع جيد لمواجهة حتى تباطؤ اقتصادي حاد، على الرغم من أنه قال إن نسب رأس المال – رغم أنها لا تزال قوية – من المتوقع أن تنخفض بشكل طفيف في الفصول القادمة”.

وأكد أعضاء لجنة السياسة المالية أن “بنك انكلتراسيضاعف معدل احتياطي رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية إلى 2%، وقال بنك انكلتراإن هذه الزيادة تعني أن البنوك ستحتاج إلى 11 مليار جنيه إسترليني (13.2 مليار دولار) إضافية من رأس المال”.

كما أعرب البنك المركزي عن “عدم ارتياحه بشأن صحة الأسواق المالية الأساسية – مثل سندات الحكومة الأمريكية والبريطانية – والتي كانت موضوع اندفاعة للحصول على النقد” في آذار 2020.​