متابعة قراءة البتكوين ترتفع فوق 21000 للمرة الأولى لها في شهرين
الأرشيف اليومي: 14/01/2023
مارك كوبان: لا أحتاج إلى ملياراتي وسوف أكون سعيدًا بنسبة 1٪ من ثروتي
التغيّرات أو التقلُّبات أو التلاعب بسعر الصرف
الحديث عن تغيّرات أو تقلّبات سعر الصرف، مبنّي على عوامل تقنية لم تعد مناسبة، لأنّ الحقيقة المرّة والكلمة المناسبة هي حقيقة التلاعب بسعر الصرف وبحياة اللبنانيين، ونسبة عيشهم.
من الجهة التقنية، ترتبط التغيّرات بسعر الصرف في كل بلدان العالم بالعرض والطلب، والتوازن بين العملة الوطنية والعملات الصعبة، والاستيراد والتصدير، والكتلة النقدية، وبعض الأمور التقنية. لكن ما نشهده اليوم في أرض الواقع، لا يُشبه العوامل التقنية الدولية، إنما هي لعبة بكرة نار يتقاذفونها، ويتلاعبون بها لأسباب غامضة وتخريبية.
لماذا نسمّيها «تلاعب»؟ لأنّ هذه التغيّرات لا تلحق أي منطق تقني أو اقتصادي. والبرهان الأول هو حين أبصرت النور منصة صيرفة منذ سنة تقريباً، وضُخّت بعض السيولة من العملات الصعبة، حيث ارتفع سعر السوق السوداء، عوضاً أن ينخفض بحسب المنطق المالي والتقني، والمفاهيم الاقتصادية والمالية والنقدية. وقد حُفرت فجوة متعمدة بين منصة صيرفة والسوق السوداء.
ومن ثم بعد اتفاق سياسي، وتمهيداً للإنتخابات النيابية في العام الماضي، إنخفض سعر السوق السوداء، بنحو 10 آلاف ليرة، في بضع ساعات.
التفسير المباشر لهذه التقلّبات غير النمطية، أنّ هناك أيادي سوداء وبعض حيتان الصيرفة، يعملون ليلاً نهاراً وراء الستائر لخلق فجوة مستدامة ما بين السوق السوداء ومنصة صيرفة، بهدف أن يكون هؤلاء الموردون والبائعون الأكثر أهمية، يتحكّمون بسعر الصرف بعيداً من أي منصة رسمية.
البرهان الثاني الذي يُضاف إلى هذا التلاعب المتعمّد، هو حين زار لبنان مطلع صيف 2022، أكثر من مليون و800 ألف مغترب، حيث جرى ضخ حوالى 3 إلى 4 مليارات دولار، في السوق المحلية. إذ عوضاً من أن ينخفض سعر سوق الصرف، إرتفعت السوق السوداء بطريقة وهميّة، وغير منطقية. وهناك أمثلة كثيرة تُبرهن أنّ تقلبات سعر الصرف لها أسباب مختبئة وهمية وغير نمطية.
إضافة إلى ذلك، ليس سرّاً، أنّ سعر صرف السوق السوداء، يُلاحق على بعض التطبيقات الإلكترونية (Applications)، ولا نعرف مَن وراءها، أو من يُديرها، وبأي منطق تقني تتفاعل مع الأسواق. لكن المضحك المبكي، أنّ هذه السوق والتطبيقات الوهمية تعمل أكثر من بورصتي نيويورك أو لندن، وتعمل 24/24 ساعة، و7 أيام /7. فمن لم يستيقظ فجراً على رنة هاتفه ليُفاجأ بسعر الإرتفاع المذهل تحت ضوء القمر؟ ومَن لا يُفاجأ بالرنة عينها، يوم الأحد تُعلمه عن ارتفاع أو انخفاض الأسعار من دون سبب أو تفسير؟ فالواضح أنّ هناك مَن يتلاعب بذكاء اللبنانيين، لكن أيضاً بحياتهم ونسبة عيشهم ويشنّ عليهم حرباً نفسية.
أما في الموضوع التقني، فحجم اقتصادنا الذي كان يشكّل نحو 55 مليار دولار، تدهور إلى نحو 25 ملياراً بحسب مرصد البنك الدولي، وهذا يعني أنّ حجم اقتصادنا انخفض بنسبة 50%. فإذا بقيت التحويلات بالعملات الصعبة من الخارج تتمحور ما بين نحو 7-8 مليارات دولار سنوياً، وحتى لو وصلت إلى 10 مليارات دولار، ثمة فجوة كبيرة حيال الطلب والحاجة إلى الورقة الخضراء. فالحل الوحيد لنصل إلى بعض التوازن هو من جهة، إستقطاب عملات صعبة إضافية، ومن جهة أخرى إرتفاع سرعة التبادل بالعملات الصعبة في السوق المحلية.
كذلك هناك عامل واضح، أنّ جزءاً من العملات الصعبة التي تدخل البلاد، تُسحب إلى سوريا، جرّاء العقوبات وخصوصاً «قانون قيصر». فالسيولة الآتية إلى لبنان لن تكفي اقتصادنا المهترئ، فكيف يمكن أن تكفي إقتصادين وشعبين تحت الضغط الاقتصادي والاجتماعي؟
في الخلاصة، لا شك في أنّ هناك أسباباً تقنية ومالية ونقدية، وخسارة تامة في التوازن بين العرض والطلب. لذا فإنّ الفجوة كبيرة بينهما في السوق المحلية، لكن في الوقت عينه، شئنا أم أبينا، تُنتج هذه الفجوة تغيّرات وتقلّبات في أسعار الصرف، لكن الأسباب الأكثر أهمية هي من جهة، تهريب العملات من بلدنا، ومن جهة أخرى، التلاعب بأسعار الصرف بمنصّات وهميّة وبأهداف تخريبية ومدمّرة، وأرباح فادحة تتحقق في كل ساعة وفي كل يوم، من خلال هذه الأيادي السود والسوق السوداء، وجرّ اللبنانيين إلى المجهول.
د. فؤاد زمكحل
اليوان في أسواق النفط
ساهمت زيارة الرئيس الصيني شي جينييغ إلى السعودية الشهر الماضي واجتماعاته في الرياض مع قادة ثلاث قمم: «السعودية، وأقطار مجلس التعاون الخليجي، والأقطار العربية»؛ حيث وقعت اتفاقات ثنائية شملت الطاقة، والبنى التحتية، والتمويل، والتعليم والتكنولوجيا. واتفقت السعودية والصين على تحويل علاقاتهما الثنائية إلى «شراكة تعاونية شاملة»، على خطى الإمارات وإيران ومصر والجزائر. وقررتا عقد اجتماعات بين قادة الدولتين مرة كل سنتين، مما يفتح المجال لتوطيد العلاقات مستقبلاً. كما أعربت السعودية عن اهتمامها الكبير بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، و«مواءمتها» مع خطط «رؤية السعودية 2030».
نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» الأسبوع الماضي مقالاً حول دفع ثمن النفط بالدولار وعلاقته بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الصورة في سنة 2023 باتت مختلفة، «حيث إن نظام طاقة عالمي جديد ما بين الصين والشرق الأوسط بدأ يأخذ شكلاً جديداً»، وأخذ يعرف نظام الطاقة الجديد بما يسمى «ولادة البترويوان»، بمعنى أن الصين تريد إعادة صياغة سوق الطاقة العالمي كجزء من محاولة أوسع لتقليص دور الدولار في مجموعة «بريك» (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين)… ودول أخرى تأثرت بتسييس الدولار كجزء من احتياطاتهم المالية جراء غزو روسيا لأوكرانيا. يعني هذا عملياً أنه ستكون هناك زيادة في استعمال العملة الصينية في التجارة العالمية للنفط. فقد أعلن الرئيس الصيني أن بلاده لن تزيد فقط استيرادها من النفط، بل ستعمل أيضاً لزيادة «جميع أنواع التعاون في مجالات الطاقة». وهذا قد يعني، مثلاً، الاستكشاف والإنتاج المشترك في مناطق جديدة، كبحر جنوب الصين، بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مصافي التكرير والمصانع الكيميائية والبلاستيكية.
وبالفعل، نجد أن بعض هذه الاستثمارات المشتركة في قطاعات التكرير والبتروكيماويات قد أصبحت قائمة بالفعل بالذات مع الشركات السعودية الكبرى، بالإضافة إلى شركات بترولية خليجية أخرى. وتأمل الصين أن استثماراتها في هذه المشاريع سيتم تسديدها بالعملة الصينية «ريمينبي»، الذي سيتم التعامل بها في بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي، بحلول عام 2025.
ستترك هذه السياسة بصماتها على تجارة الطاقة العالمية، إذ إن روسيا وإيران وفنزويلا تشكل بمجموعها نحو 40 في المائة من احتياطي مجموعة «أوبك بلس»، كما أنها جميعاً تُصدّر النفط للصين بحسومات. هذا، بينما يشكل احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي 40 في المائة أيضاً للاحتياطي النفطي لمجموعة «أوبك بلس»، فيما تشكل الدول الأخرى الـ20 في المائة من الاحتياطي المتبقي، وهو يكمن في دول ذات علاقات جيدة مع روسيا والصين.
إن التنافس بين الدول الكبرى حول النفط ليس بالشيء الجديد، فقد ترافقت الصراعات الجيوسياسية تاريخ الصناعة النفطية طوال القرن العشرين. لكن الجديد في الأمر الآن، هو محاولات بعض الدول الكبرى تهميش الصناعة النفطية بحجة مكافحة تغير المناخ من جهة واستعمال «سلاح» النفط في حرب أوكرانيا بقرارات الحظر والمقاطعة ووضع سقف سعري لأسعار الصادرات النفطية الروسية من جهة أخرى.
من ثم، نحن في مرحلة جديدة من تاريخ الصناعة النفطية: التشريعات لتهميش الصناعة من ناحية، ومحاولة الضغط على الدول النفطية لاتخاذ مواقف جيواستراتيجية في النزاع الكوني للدول الكبرى، دون الأخذ بنظر الاعتبار المصالح الأمنية والاستراتيجية للدول النفطية، أكان ذلك في ردع محاولات تهديد المصالح الأمنية لهذه الدول، أو الضغط عليها لكي لا تتخذ قرارات اقتصادية – نفطية تعكس مصالحها وتساعد على تطوير صناعاتها البترولية وأسواقها الدولية.
لذا، بدأت الدول النفطية تتخذ مواقف متوازنة ما بين النزاعات القائمة، التي لا علاقة مباشرة لها بها، كما التي لا توفر نهجاً واضحاً للتعامل مع مصالحها الأمنية والاقتصادية.
وفي ضوء التجارب الحالية، من المتوقع استمرار سياسة التوازن ما بين الدول الكبرى في المستقبل المنظور. وبما أن الصين من أكبر الدول المستهلكة والمستوردة للطاقة في الوقت الحاضر، فمن الضروري أخذ هذه المعطيات بنظر الاعتبار عند رسم سياسات الدول المصدرة للنفط، ومن أهم هذه المعطيات أننا في «عالم متعدد الأقطاب».
وبالفعل، لقد تطورت علاقات الصين مع الدول النفطية العربية منذ عقود، بحيث أصبحت أغلبية الصادرات النفطية الخليجية منذ عقد التسعينات تتجه إلى شرق آسيا، وبالذات الصين، كما أن هناك شركات صينية عاملة في جميع الدول النفطية العربية. وتشير دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أنه قد توسعت تجارة الصين للسلع والخدمات والتكنولوجيا والدفاع مع الدول العربية. وتعتبر السعودية في صلب هذه التوجهات، حيث فاقت قيمة التجارة ما بين الصين والسعودية 80 مليار دولار في عام 2021، وبلغت قيمة الاستيرادات الصينية من النفط السعودي في عام 2021 نحو 44 مليار دولار، ما يمثل حوالي 77 في المائة من إجمالي واردات الصين من السلع السعودية.
وليد خدوري