بدأ العد العكسي في أميركا لعملية تخلف محتملة عن سداد الديون.
جانيت يلين وزيرة الخزانة تواظب على إصدار تصريحات متكررة كل يومين تقريباً وتحمل رسالة واحدة: “أميركا قد تتخلف عن سداد الديون اعتباراً من يونيو حزيران المقبل”.
وكانت أميركا قد وصلت إلى سقف الدين في يناير كانون الثاني عند مستويات 31.4 تريليون دولار، وبدأت وزارة الخزانة بعد ذلك في تطبيق إجراءات استثنائية.
وحذرت الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفدرالي من كارثة اقتصادية إذا فشل الكونغرس في رفع سقف الدين، مع توقعات باستنفاد التدابير الاستثنائية بعد أسبوعين من الآن.
وأكدت يلين على أن المساس بالتصنيف الائتماني لأميركا أو التخلف عن السداد سيكون له تأثير سلبي على الدولار كعملة احتياطي.
ومما يزيد من قتامة آفاق التوقعات هو إخفاق الكونغرس في التوصل لاتفاق حول سقف الدين، إذ تأجل اجتماع كان مقرراً لمناقشة تلك المسألة نهاية الأسبوع الماضي بين بايدن وكبار قادة الكونغرس إلى مطلع هذا الأسبوع.
وفي ظل تلك الأوضاع ووسط تحذيرات يلين من أن الإخفاق في الوفاء بالتزامات الحكومة سيتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه بالنسبة للاقتصاد الأميركي وحياة جميع الأميركيين وكذلك للاستقرار المالي العالمي..ماذا سيحدث إذا تخلفت أميركا بالفعل عن سداد ديونها؟
كانت المرة الأخيرة التي وصلت فيها الولايات المتحدة إلى سقف الدين عام 2011 وتسبب ذلك في هزة للأسواق وتحديداً الأسهم، كما أثر على مدخرات التقاعد.
وكانت تلك هي أول مرة تشهد فيها أميركا خفضاً لتصنيفها الائتماني.
وعلى الرغم من نجاح الحكومة في تجنب التخلف عن السداد، وجدت الوزارة أن التأخير في رفع السقف أضر بالاقتصاد واستغرقت الأزمة أشهر للتعافي.
هروب السيولة لأسواق أجنبية..واهتزاز الأسواق العالمية
قد يدفع ارتفاع مخاطر التخلف عن السداد (كما هو الوضع حالياً) بعض المستثمرين لنقل أموالهم نحو أسهم وسندات الحكومات الأجنبية.
وكان Goldman Sachs قد كشف أن مؤشر S&P500 تراجع بنحو 15% خلال أزمة 2011.
ومن المرجح ألا يقتصر الأمر فقط على السوق الأميركي، فتخلف أميركا عن سداد الديون سيرسل موجات صدمة نحو الأسواق المالية العالمية، إذ سيفقد المستثمرون الثقة في قدرة أميركا على سداد سنداتها التي ينظر إليها على أنها أكثر الاستثمارات أماناً.
وقال ديفيد كيلي كبير الاستراتيجين العالميين لدى J.P. Morgan Asset Management في تصريحات نقلتها رويترز، إن تلك الأزمة قد تتسبب في بعض الندوب الدائمة بما في ذلك زيادة دائمة في تكلفة تمويل الديون الفدرالية.
فيما صرح جيمي ديمون رئيس JPMorgan بأن الأسواق ستصاب بالذعر مع اقتراب أميركا من التخلف عن سداد ديونها السيادية.
وأضاف: كلما اقتربت من ذلك، ستشعر بالذعر في صورة تقلبات سوق الأسهم والاضطراب في سندات الخزانة”.
ومن المتوقع ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأميركية لتعويض المخاطر المتزايدة والمتمثلة في عدم حصول حاملي السندات على الأموال المستحقة من الحكومة.
كما ستواجه العائلات والشركات أيضا وقتاً أكثر صعوبة للحصول على الموافقة على خطوط الائتمان إذ سيتعين على البنوك أن تكون أكثر انتقائية بشأن من تقرض الأموال.
عشرات الملايين سيتضرروا بطرق مختلفة..
تخلف أميركا المحتمل عن سداد ديونها قد يؤدي إلى تسريح الملايين من الموظفين عن عملهم.
كما قد يؤدي إلى وضع حداً مؤقتاً لعملية استرداد الضرائب والضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
ويتلقى حوالي 66 مليون متقاعد وعامل معاق وآخريين استحقاقات الضمان الاجتماعي الشهري، وستتأخر تلك المدفوعات في حالة أن لم يكن لدى وزارة الخزانة الأموال الكافية والتي تقدر بـ25 مليار دولار في الأسبوع.
ومن المتوقع تفشي تلك التأخيرات في المدفوعات في الاقتصاد إذ سيصبح لدى المستهلكين أموالاً أقل لإنفاقها وستتزعزع ثقتهم.
كما من المحتمل أن تنقطع الطوابع الغذائية وإعانات البطالة.
ركود اقتصادي وانهيار ثروات الأسر
كشفت تقديرات لـMoody’s أن الأسهم قد تفقد نحو ثلث قيمتها مما قد يمحو 12 تريليون دولار من ثروة الأسر.
أما التأثير الأوسع نطاقاً فهو ركود سيشمل الاقتصاد العالمي وخسائر حادة في الوظائف.
وأكدت يلين على أن التخلف عن سداد الديون قد يهدد المكاسب المحققة خلال فترة التعافي من وباء كورونا.
وبحسب سيناريو لـMoody’s يشمل تخلف أميركا عن سداد ديونها لعدة أشهر، فإنه من الممكن أن يفقد 7.4 مليون شخص وظيفتهم، فيما قد يؤدي لانكماش الاقتصاد بنسبة تتجاوز 4%.
ارتفاع حاد في تكاليف الإسكان
وكما قالت يلين من قبل، فإن سوق الإسكان لن يسلم من الكارثة الاقتصادية لتخلف الحكومة الأميركية عن سداد الديون.
ووفقاً لتقديرات Zillow فإن تكاليف الإسكان قد تقفز 22%، فيما ستنخفض مبيعات المنازل القائمة بنحو 23%.
إلى أي مدى سيستمر الضرر؟
ستعتمد المدة الزمنية للأضرار التي ستنجم عن تخلف أميركا عن سداد الديون على مدة استمرار الأزمة.
ففي حالة تخلف أميركا عن سداد الديون لمدة أسبوع، سيفقد حوالي مليون شخص وظيفته، وسيتضرر القطاع المالي بشدة وسط انخفاض متوقع لسوق الأسهم.
وبحسب تقديرات لـMoody’s، فإن معدل البطالة قد يقفز لـ5%، وسينكمش الاقتصاد بنحو نصف بالمائة.
أما في حالة استمرار الأزمة لمدة 6 أسابيع، سيفقد أكثر من 7 ملايين شخص وظيفتهم وسيرتفع معدل البطالة أعلى مستويات 8% وسط انكماش الاقتصاد بأكثر من 4.%