وضعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نفسها في موقف صعب من ناحية النفط عندما قررت تأجيل خطط إعادة ملء مخزونات النفط الاستراتيجية مجدداً، بحسب ما نقلته بلومبرغ عن مصادر وصفتها بالمطلعة، والسبب في ذلك أن أسعار النفط الحالية مرتفعة.
إدارة بايدن فوّتت على نفسها فرصاً في بداية العام عندما كانت أسعار النفط دون الـ80 دولاراً ووصلت إلى مستويات الستينات، ولا أعلم من الذي يخطط لهذه الإدارة في مجال الطاقة، ولكن واضح جداً أن من يخططون لا يدركون حركة أسعار النفط.
من شبه المستحيل أن تترك «أوبك بلس» أسعار النفط تنزلق إلى مستويات متدنية لأن ميزانيات هذه الدول ستضرر بشكل كبير ولا أحد يريد أن يرى تراجعاً في الأسعار وسط تراجع في الإنتاج وتخفيضات طوعية وغير طوعية بملايين البراميل يومياً.
ومن غير المتوقع أن تظل الأسعار متدنية في وقت المعروض النفطي فيه يتراجع عالمياً مع ازدياد الطلب، ولنضع جانباً التكهنات حول ركود عالمي إذ نسمع عنه ولا نراه منذ أشهر.
نحن في عصر ما بعد كورونا، والذي يسافر إلى أي مكان في العالم فسيرى الطلب الهائل على وقود الطائرات والنقل وسط هذه الإجازات وتعافي قطاع السفر.
عموماً طمع الإدارة الأميركية في الحصول على أسعار نفط أقل مما كانت عليه سيجعلها تذعن لشراء النفط بأسعار فوق 80 دولاراً لأن النفط دون 70 دولاراً هو أمر قد لا يحدث.
ما أهمية كل هذا ولماذا على إدارة بايدن ملء الاحتياطي الاستراتيجي؟ الولايات المتحدة بلد يعتمد على النفط بشكل كبير والهدف من هذا الاحتياطي هو التحوط ضد أي انقطاع كبير في الإمدادات عالمياً.
الاحتياطي الأميركي الآن عند أدنى مستوى له في 40 عاماً عند 347 مليون برميل، بينما كان في بداية 2022 عند مستوى 594 مليون برميل. لكن قدرة الخزانات تحت الأرض تصل إلى 714 مليون برميل، وحتى تصل الولايات المتحدة إلى ملئها مجدداً لكامل طاقتها الاستيعابية، فالموضوع سيتطلب سنوات ومبالغ كبيرة.
عندما ملأت الحكومة الأميركية الخزانات في السابق كان متوسط سعر شراء البرميل 29 دولاراً، واليوم نحن نتكلم عن نفط عند 80 دولاراً. وفي الوقت ذاته، ستحتاج الحكومة لإنفاق مليارات على صيانة الكهوف الملحية تحت الأرض حيث تخزن النفط الاستراتيجي.
حتى اليوم أنفقت الحكومات الأميركية المتعاقبة ما يقرب من 25 مليار دولار على الصيانة وملء المخزون ولكن هذا الرقم سيتضاعف الآن.
ولن تكون إدارة بايدن قادرة على فعل شيء، وسترحل المشكلة للإدارة القادمة التي ستبحث عن طرق لخفض أسعار النفط وهذا سيتطلب مزيداً من الإنتاج الأميركي أو الطلب من «أوبك» والسعودية خفض الأسعار من خلال ضخ مزيد من النفط. وفي كلتا الحالتين، الأمر صعب على بايدن وعلى من سيأتي بعده.
وفوق كل هذا، تواجه إدارة بايدن اتهامات من الجمهوريين بأن المخزون الاستراتيجي الذي تم سحبه العام الماضي خلال حرب أوكرانيا والبالغ 180 مليون برميل استُخدم لأغراض سياسية بهدف خفض أسعار الوقود على المواطنين، وبالتالي الفوز في الانتخابات النصفية، بينما الهدف من المخزون هو مواجهة نقص الإمدادات.
مأزق سياسي ونفطي لحكومة تعهدت منذ البداية بمحاربة النفط وعدم السماح لأميركا بإنتاج المزيد منه.
وائل مهدي