في بداية العام، كان الكل يتحدث عن نمو متوقع في الطلب على النفط من الصين سيساعد أسعاره في التحسن.
ثم تحول هذا التفاؤل إلى تشاؤم وتوقعات بتباطؤ الاقتصاد الصيني على خلفية الأرقام المخيبة للآمال حول الإنتاج الصناعي والاستثمارات الصناعية وسوق العقار.
ليس هذا وحسب، بل هناك مخاوف من أن تدخل الصين في النفق نفسه الذي دخلت فيه اليابان، التي عانت من انكماش وتباطؤ اقتصادي طويل بعد عقود من النمو السريع.
لكن مع كل ما نسمعه عن ضعف الاقتصاد الصيني وهو ما يؤثر بصورة مستمرة سلباً على أسعار النفط، فإن الطلب على النفط من الصين لا يزال ينمو.
واردات الصين من النفط السعودي والروسي هذا العام في ارتفاع، وليس ذلك وحسب بل وارداتها من نفط إيران وصلت مؤخراً إلى أعلى مستوى في 10 سنوات، بحسب بيانات شركة «كبلر» لتتبع الناقلات (إذا صدقت أرقام كبلر).
السؤال هنا: هل وصل الطلب على النفط من الصين إلى ذروته هذا العام أم هناك مجال لمزيد من الطلب؟!
جهات عديدة مثل «إنرجي أسبكتس» وغيرها تتوقع أن الطلب على النفط من الصين وصل إلى ذروته بالفعل في الربع الثاني عند 16.4 مليون برميل يومياً، وسيهبط إلى 15.8 مليون برميل يومياً في الربع الثالث، قبل أن يرتفع إلى 16.2 مليون برميل يومياً في الربع الرابع.
ماذا يعني كل هذا؟! أن أسعار النفط هي الأخرى وصلت إلى ذروتها.
إذاً أين يذهب كل هذا النفط الذي تستورده الصين إذا كان الاقتصاد يتراجع والمخاوف حول نموه تتزايد؟!
الواضح أنه يذهب إلى المخزونات وليس المصافي لتحويله إلى وقود للسيارات والطائرات والمصانع.
ما الذي يدفع الصين للتخزين؟ قد تكون مخاوف من ارتفاع أسعار النفط في الفترة المقبلة، ما يجعلها تفضّل الأسعار الحالية.
أو قد تستفيد الصين من الخصومات التي تحصل عليها من روسيا وإيران.
زيادة التخزين اليوم تعني أن الطلب لن ينمو في الفترة المقبلة، خصوصاً إذا ما ظلت البيانات الصينية تظهر ضعفاً مستمراً.
ولهذا لا أستغرب أن تواصل السعودية تخفيض إنتاجها طوعياً حتى نهاية العام حتى لا تواصل المخزونات التجارية في الصين نموها، وتجبر هوامش التكرير التي تحسّنت مؤخراً مصافيها على إنتاج المزيد من الوقود وتصديره بدلاً من تخزين النفط.
اقترب العام على نهايته وما زلنا ننتظر ضعفاً في الطلب ونسمع عنه ولا نراه، ومن الأفضل أن نتمسك بالتفاؤل مع خطط تحفيز الصين لاقتصادها وقد نُفاجأ في الربع الرابع.
وائل مهدي