تراجع إقبال الصين على شراء النفط مع مخزون قياسي يحميها من ارتفاع الأسعار

قال متعاملون ومحللون إن الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تسحب كميات قياسية من المخزون الذي تراكم في وقت سابق من العام الجاري مع تقليص المصافي (TADAWUL:2030) حجم مشترياتها بعد أن أدت تخفيضات تحالف أوبك+ للإمدادات إلى ارتفاع الأسعار العالمية فوق 80 دولارا للبرميل.

وكونت مصافي التكرير الصينية فائضا من المخزون مستعينة بسعة تخزين ضخمة بُنيت على مدى العقد الماضي مما منح المشترين مرونة في زيادة المشتريات عندما تكون الأسعار منخفضة وتقليلها عندما يرتفع ثمن النفط.

وذكر محللون أن قدرتها على الاستفادة من المخزونات الضخمة قد تقوض جهود كبار الدول المنتجة، بقيادة السعودية العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الرامية لتقليص الإمدادات ودعم الأسعار.

ويمكن أن يؤثر ضعف الطلب الصيني أكثر على أسعار النفط مع انخفاض خام برنت أربعة بالمئة من أعلى مستوى في ستة أشهر البالغ 87.55 دولار في أوائل أغسطس آب متأثرا بالمخاوف من ضعف الاقتصاد الصيني.

وأظهرت البيانات، التي جمعتها شركتا كبلر وفورتكسا لتحليل البيانات، أن مخزون النفط الخام في الصين ظل يرتفع منذ مارس آذار، ليلامس مستوى تاريخيا عند مليار برميل تقريبا في أواخر يوليو تموز. وقال متعاملون إن ذلك سببه انخفاض الأسعار والتفاؤل بشأن تعافي الطلب على الوقود بعد رفع قيود كوفيد-19 في آواخر العام الماضي.

وأظهرت بيانات كبلر وفورتكسا حدوث بعض السحب في الربع الأول من العام.

وبلغ إنتاج الصين من النفط الخام في الأشهر السبعة الأولى من العام 14.69 مليون برميل يوميا، أي أقل من كمية مجمعة من 11.22 مليون برميل يوميا من الواردات و4.21 مليون برميل يوميا من إنتاج الخام المحلي.

ومع ذلك، جاء الطلب مخيبا للأمل، مما دفع المصافي إلى زيادة مخزون الخام وصادرات الوقود.

وقال فيكتور كاتونا المحلل في كبلر “كونت الصين المخزون لتسحب منه وقتما تشاء لتجنب زيادة الأسعار في السوق خلال شهري يوليو وأغسطس”.

وأضاف “نجح ذلك بشكل جيد كخطوة تكتيكية لأنهم تجنبوا وضعا يصل فيه السعر إلى 85 دولارا للبرميل فأكثر عند الشراء بكميات كبيرة”.

وقدر أدي إمسيروفيتش المدير لدى شركة (سوري كلين إنرجي) لاستشارات الطاقة أن الصين كانت تشتري نحو 750 ألف إلى مليون برميل يوميا من الخام في النصف الأول من عام 2023 لتخزينها فقط.

وقال “مع وصول الأسعار إلى 85 دولارا على الأقل أو أكثر، لن تشتري الصين من أجل التخزين”.

وأضاف “هذا سيلغي تماما ما يفعله السعوديون”.

ومددت السعودية خفضا طوعيا إضافيا للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا للشهر الثالث حتى سبتمبر أيلول، وقالت إنها قد تمدد الخفض مرة أخرى أو تزيده.

لكن الصين تسحب الآن من المخزون مع زيادة المصافي للإنتاج وخفض الواردات في يوليو تموز. وتشير أرقام كبلر وفورتكسا إلى انخفاض المخزون بما يتراوح بين 13 و30 مليون برميل من ذروة يوليو تموز. ومع ذلك، لا يزال المخزون أعلى من مستوياته قبل عام بمقدار 30 مليون برميل على الأقل.

وتظهر بيانات رسمية أن واردات الصين من الخام بلغت أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات لتصل إلى 12.67 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران. ويتوقع محللون من بنك سيتي أن تتراجع الواردات إلى ما بين 11 و12 مليون برميل يوميا.

وقال متعاملون إن من المقرر أن تقل طاقة التكرير الصينية بنحو مليون برميل يوميا تقريبا بسبب أعمال الصيانة في الربع الأخير، مما يضعف الإقبال على الخام.

3 دلائل على أن الركود قادم

توقعات بدخول الركود ثم الركود المتوسط ثم اللاركود، هذه كانت توقعات الفدرالي الأميركي تباعًا.

الأسواق تفاءلت بأن الأسوء قد مرّ، وبأن مرحلة الركود المتوقعة باتت في غياهب الماضي، كل شيء كان مبنياً على أن المكونات الأساسية للاقتصاد أصبحت أفضل من المتوقع في الأشهر الآخيرة على الرغم من وتيرة عمليات رفع الفائدة.

إن الأرقام الاقتصادية الآخيرة تثير التساؤلات والانقسام حول الركود القادم. لذلك انتهز الفرصة للنظر في الأدوات الرئيسية القادرة على توقع مرحلة الركود.

الأداة الأولى

العلاقة بين مؤشر S&P 500 ومكون التوظيف في مؤشر التصنيع مهم جداً لمعرفة حالة الركود وتوقعاته بناء على التاريخ، حيث أن احتمال حدوث الركود بناءً على معطيات المؤشرات هو 52%، حيث انخفضت القراءة في الربع الثاني من 55% في الربع الأول. لكن تبقى القراءة أعلى من 50% لأربعة من الأرباع الخمسة الماضية زمنياً.
إن التاريخ يذكر بأن المؤشر عندما يتجاوز 50%، فإن الاقتصاد يشهد مرحلة الركود خلال الأرباع الأربعة التالية.

وبناء على الأداة الأولى، يبقى شبح الركود مرجحاً خلال العام القادم.

الأداة الثانية

هي الفرق بين عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات و 1 سنة. حيث أنه من الطبيعي في عوائد السندات أن يكون العائد للسندات الأطول فترة زمنية أكبر، وعندما يبدأ منحنى العوائد بالتحول ويصبح الاقتصاد يوفر عائداً أكبر للسندات الأقصر زمنياً، يصبح هناك فوراق بين السندات، ما يطلق عليه “انقلاب منحنى العوائد”.
إن انقلاب منحنى عوائد السندات استطاع توقع جميع مراحل الركود العشرة الماضية، بمتوسط انتظار منذ بداية انقلاب المنحنى حتى 12 شهر لدخول مرحلة الركود.
إن الأداة الثانية تعطي انطباع على أن عوائد السندات بين 10 أعوام وعام قد وصل إلى -162 نقطة أساس في يونيو الماضي مما يشير إلى أن الركود فعلاً لا يزال في الأفق.

الأداة الأخيرة

هي مقارنة عائد سندات الخزانة لمدة عشر أعوام وسعر الفائدة على الأموال الفدرالية. في بيئة ارتفاع سعر الفائدة ومع تشديد السياسة النقدية بشكل متتالي، فقد وصلت سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 5.25%-5.50%، بينما عائد السندات لأجل العشر أعوام حالياً يحوم حول مستويات 4%.

إن إشارة الركود هي عندما تتجاوز دورة سعر الفائدة أدنى عائد لمدة 10 سنوات في تلك الدورة، فهي إشارة ممكنة لحصول الركود في الأشهر الثمانية عشر القادمة. وقد تجاوز سعر الفائدة تلك المستويات في مارس 2022 عندما بدأت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة دورة التشديد.

نعم، النمو الاقتصادي في منطقة إيجابية وقراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني عند مستويات 2.4%، مما يعطي الأسواق حالة من التفاؤل بأننا بعيدين عن مرحلة الركود والتي يعرّفها الاقتصاد بشكل كلاسيكي بأنه ربعين متتالين من نمو اقتصادي سلبي، مما أعطى التفاؤل بأن الركود بعيد المنال. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإشارات التي ناقشناها سابقاً أعطت جدوتها بتتبع حالة الركود سابقاً. فالركود لايزال ممكناً في عام 2024، والتاريخ قد يعيد نفسه!

بقلم أحمد عزام