أظهر محضر اجتماع مسؤولي الفدرالي الأميركي حذراً شديداً بشأن خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة جداً، في إشارة حاسمة للتكهنات تؤكد عدم حصول الخفض في وقت قريب.
أشار معظم مسؤولي البنك الشهر الماضي إلى المخاوف بشأن التحرك بسرعة كبيرة جداً لخفض أسعار الفائدة، مما يشير إلى أن هذه المخاطر تفوق إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة طويلة جداً.
وفي موقف يقطع خيوط الأمل التي نسجتها الأسواق، أشار مسؤولو الفدرالي في اجتماعهم الأخير إلى أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم لرفع أسعار الفائدة، وأعربوا عن تفاؤلهم وحذرهم في آن واحد بشأن التضخم، وفقاً لمحضر الجلسة الذي صدر الأربعاء.
تأتي هذه الآراء، في وقت لم يقرر فيه صناع السياسة ترك سعر الفائدة الرئيسي على الاقتراض دون تغيير فحسب، بل قاموا أيضاً بتغيير بيان ما بعد الاجتماع للإشارة إلى أنه لن يتم إجراء أي تخفيضات حتى تكتسب لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تحدد سعر الفائدة “ثقة أكبر” في تراجع التضخم.
وأشار ملخص الاجتماع إلى شعور عام بالتفاؤل بأن تحركات سياسة الفدرالي الأميركي نجحت في خفض معدل التضخم الذي بلغ منتصف عام 2022 أعلى مستوى له منذ أكثر من 40 عاماً.
وعلى الرغم من هذا التفاؤل، أشار المسؤولون إلى أنهم يريدون رؤية المزيد قبل البدء في تخفيف السياسة، بينما قالوا إن رفع أسعار الفائدة قد انتهى على الأرجح.
وجاء في المحضر: “عند مناقشة توقعات السياسة النقدية، رأى المشاركون أن سعر الفائدة من المحتمل أن يكون قد وصل ذروته خلال دورة التشديد هذه”. ولكن أعقبوا بأنهم لا يرون أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفدرالية حتى يكتسبوا ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%.
قبل الاجتماع، أظهرت سلسلة من التقارير أن التضخم، رغم أنه لا يزال مرتفعاً، كان يتحرك نحو هدف الفدرالي البالغ 2%. وبينما قيّم المحضر “التقدم القوي” الذي تمّ إحرازه، نظرت اللجنة إلى بعض هذا التقدم على أنه “مدفوع بأسباب خاصة” وربما بسبب عوامل لن تدوم.
اتجاهات التضخم الضارة بالأسر
ونتيجة لذلك، قال الأعضاء إنهم سوف “يُقيّمون بعناية” البيانات الواردة للحكم على الاتجاه الذي يتجه إليه التضخم على المدى الطويل. وأشار المسؤولون إلى امخاطر الصعود والهبوط على حد سواء وأعربوا عن قلقهم بشأن خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة.
وجاء في المحضر أن المسؤولين “ما زالوا قلقين من أن التضخم المرتفع يواصل الإضرار بالأسر، خاصة تلك التي لديها وسائل محدودة لاستيعاب الأسعار المرتفعة”.
وتابع المسؤولون”بينما أشارت البيانات إلى تراجع كبير في التضخم في النصف الثاني من العام الماضي، لاحظ المشاركون أنهم سيقيمون البيانات الواردة بعناية للحكم على ما إذا كان التضخم يتحرك نحو الانخفاض بشكل مستدام نحو 2%”.
وجاء في الملخص: “سلّط المشاركون الضوء على حالة عدم اليقين المرتبطة بالمدة التي سيلزم فيها الحفاظ على موقف السياسة النقدية التقييدية”. “أشار معظم المشاركين إلى مخاطر التحرك بسرعة كبيرة لتخفيف موقف السياسة وشددوا على أهمية التقييم الدقيق للبيانات الواردة للحكم على ما إذا كان التضخم يتحرك بشكل مستدام إلى 2%”.
ومنذ الاجتماع الذي انعقد يومي 30 و31 يناير/ كانون الثاني، أثبت النهج التحذيري أن له دواعٍ حقيقية، حيث أظهرت قراءات منفصلة لأسعار المستهلكين وأسعار المنتجين أن التضخم أصبح أكثر سخونة من المتوقع وما زال متقدماً بفارق كبير عن هدف الفدرالي البالغ 2% لمدة 12 شهراً.
نقاش أعمق في مارس
وفي موعد جديد سترافقه التكهنات مجدداً، أشار المحضر إلى أنه سيتم إجراء مناقشة أكثر تعمقاً في اجتماع مارس/ آذار. كما أشار صناع السياسات في اجتماع يناير/كانون الثاني إلى أنهم من المرجح أن يتبعوا نهجاً بطيئاً في عملية يطلق عليها “التشديد الكمي”.
والسؤال المهم هنا هو “إلى أي مدى يجب أن تكون الاحتياطيات مرتفعة لتلبية احتياجات البنوك؟”. في حين يصف الفدرالي المستوى الحالي بأنه “وفير”.
وجاء في المحضر: “لاحظ بعض المشاركين أنه بالنظر إلى حالة عدم اليقين المحيطة بتقديرات المستوى الوافر من الاحتياطيات، فإن إبطاء وتيرة جولة الإعادة يمكن أن يساعد في تسهيل الانتقال إلى هذا المستوى من الاحتياطيات أو قد يسمح للجنة بمواصلة جولة إعادة الميزانية العمومية لفترة أطول”. وتابع “بالإضافة إلى ذلك، أشار عدد قليل من المشاركين إلى أن عملية إعادة الميزانية العمومية يمكن أن تستمر لبعض الوقت حتى بعد أن تبدأ اللجنة في خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفدرالية.”
ويرى مسؤولو الفدرالي أن السياسة الحالية مقيدة، وبالتالي فإن السؤال الكبير في المستقبل هو إلى أي مدى سوف تحتاج إلى تخفيفها لدعم النمو والسيطرة على التضخم.
إلى ذلكن لا تزال المخاوف من بطء النمو ماثلة. في حين ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.1% على أساس 12 شهراً في يناير / كانون الثاني 3.9% باستثناء المواد الغذائية والطاقة، والتي سجلت الأخيرة انخفاضاً كبيراً خلال الشهر. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الثابت، والذي يؤثر على أسعار الإسكان والأسعار الأخرى التي لا تتقلب كثيراً، بنسبة 4.6%، وفقاً للفدرالي في أتلانتا. كما صعدت أسعار المنتجين بنسبة 0.3% على أساس شهري، وهو أعلى بكثير من توقعات وول ستريت.