كل الأنظار تتجه إلى اجتماع مجلس السياسة النقدية في الفدرالي الأميركي لتبيان طبيعة القرارات التي سيتخذها حول أسعار الفائدة هذا الأسبوع، ولكن في النهاية قد لا ينتهي به الأمر إلى القيام بخطوات مغايرة بشكل جذري عن الاجتماع السابق حول مستقبل السياسة النقدية.
لكن بأقل تقدير، سيصدر الفدرالي الأميركي نظرته بشأن سعر الفائدة بعد اختتام الاجتماع يوم الأربعاء، وتحديداً سيحدّث توقعاته الاقتصادية بالإضافة إلى توقعاته غير الرسمية لاتجاه أسعار الفائدة على مدى السنوات القادمة.
وبغياب اليقين، ومع تأرجح التوقعات بشكل حاد هذا العام بشأن الاتجاه الذي يتجه إليه الفدرالي الأميركي، فإن جلسة لجنة السوق المفتوحة الفدرالية التي تستمر يومين هذا الأسبوع سوف تخضع للتدقيق في الأسواق الأميركية والعالمية بحثاً عن أي دلالات حول اتجاه أسعار الفائدة.
لكن الأجواء الضبابية لن تدوم إلى الأبد، وثمة انطباع عام أن صناع السياسات سوف يلتزمون برسائلهم الأخيرة، والتي شددت على اتباع نهج صبور قائم على البيانات مع عدم العجلة في خفض أسعار الفائدة حتى تتكوّن رؤية أكبر بشأن التضخم.
حول هذا الشأن، قال كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتيكس مارك زاندي، إن صناع السياسة النقدية “سيوضحون أنهم غير مستعدين لخفض أسعار الفائدة. وأنهم بحاجة إلى المزيد من نقاط البيانات ليشعروا بالثقة في أن التضخم يتجه مرة أخرى إلى الهدف”. وتابع “أتوقع أن يعيدوا التأكيد على ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة هذا العام، لذلك فإن ذلك يشير إلى أن أول خفض لأسعار الفائدة سيكون في يونيو/ حزيران”.
بالنسبة للأسواق فقد قامت بتأجيل التوقيت المتوقع لخفض أسعار الفائدة حتى يونيو/حزيران على الأقل، مع توقع ثلاثة تخفيضات فقط من النطاق المستهدف الحالي الذي يتراوح بين 5.25% و5.5% لسعر الفائدة القياسي على الاقتراض لليلة واحدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وسيجعل التأرجح في التوقعات كيفية إيصال الفدرالي الأميركي رسالته هذا الأسبوع أكثر أهمية.
توقيت باول
قبل أسبوعين، توقع رئيس الفدرالي الأميركي، جيروم باول، أن تبدأ معدلات الفائدة في الانخفاض هذا العام إذا حصل الفدرالي على إشارات تدل على تباطؤ التضخم، لكنه أبقى على الأمر ضبابياً من دون جدول زمني محدد.
ويبلغ التضخم وفقاً للمقياس المفضل لدى الفدرالي حالياً 2.4%، ليظل أعلى من مستهدف الفدرالي البالغ 2%.
في اجتماعه في يناير/ كانون الثاني، أبقى الفدرالي معدلات الفائدة ثابتة في نطاق يتراوح بين 5.25% إلى 5.5%.
بالنقاط
إنها سياسة النقاط، حيث ينظر المستثمرون في الكيفية التي سيشير بها أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة التسعة عشر، سواء من الناخبين أو غير الناخبين، إلى توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة حتى نهاية العام وحتى عام 2026 وما بعده.
في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، أشارت النقاط التي وضعتها اللجنة إلى ثلاثة تخفيضات في عام 2024، وأربعة في عام 2025، وثلاثة أخرى في عام 2026، ثم تخفيضين آخرين في مرحلة ما لخفض سعر الفائدة على الأموال الفدرالية طويلة المدى إلى حوالي 2.5%، وهو ما يعتبره الفدرالي رقماً “محايداً” لا يعزز النمو ولا يقيده.
إذابة جليد التوقعات
ستجري اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تصويتاً أكاديمياً حول ما يجب فعله بأسعار الفائدة الآن.
لكن هذا التصويت مستبعد في هذا الأسبوع. لقد استبعد البيان الصادر عن الاجتماع الأخير أي تحرك وشيك، كما استبعدت التصريحات العامة الصادرة عن كل المتحدثين باسم الفدرالي الأميركي منذ ذلك الحين حدوث انخفاض.
لكن البيان المنتظر قد يُذيب جليد التوقعات ويتيح تعديل مستوى البيانات الاقتصادية لتبرير التخفيضات المستقبلية.
في هذا الشأن، كتب كبير الاقتصاديين في أميركا الشمالية في كابيتال إيكونوميكس بول أشوورث: “ما زلنا نتوقع أن يخفض مجلس الفدرالي أسعار الفائدة في يونيو/ حزيران، على الرغم من أننا لا نتوقع أن يقدم المسؤولون توجيهاً قوياً سواء مع أو ضد بعد اجتماع مارس/ آذار”.
نظرة عامة على الاقتصاد
بخلاف الإشارات إلى مستقبل أسعار الفائدة، سيصدر الفدرالي الأميركي تحديثه ربع السنوي عن الاقتصاد، وخاصة فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي والتضخم ومعدل البطالة. وتعرف التقديرات مجتمعة باسم ملخص التوقعات الاقتصادية، أو SEP.
بهذا الشأن، كتب الخبير الاقتصادي في بنك أوف أميركا مايكل جابن: “في حين أن التضخم قد أصبح حجر عثرة في الطريق، فإن بيانات النشاط تشير إلى أن الاقتصاد لا يعاني من فرط النشاط”.
وتابع “نعتقد أن مجلس الفدرالي سيظل يتوقع ثلاثة تخفيضات هذا العام، لكنها دعوة قريبة جداً”.
ويعتقد معظم الاقتصاديين أن مجلس الفدرالي قد يرفع توقعاته للناتج المحلي الإجمالي مرة أخرى، وإن لم يكن بشكل كبير، في حين أنه من المحتمل أن يعدل توقعات التضخم إلى الأعلى قليلاً.
معظم البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تأخذ إشاراتها من الفدرالي الأميركي. وعندما يقول واضع السياسة النقدية في الدولة الأكثر تأثيراً في العالم، إنه يتحرك بحذر لأنه يخشى أن التضخم قد يرتفع مرة أخرى إذا خفف في وقت مبكر للغاية، فإن نظراءه في العالم قد يحذون حذوه.
ومع تصاعد المخاوف بشأن النمو في معظم أنحاء العالم، يرصد محافظو البنوك المركزية أيضاً إشارات الفدرالي الأميركي، في وقت تضغط أسعار الفائدة المرتفعة على العملات وأسعار السلع والخدمات.
حول هذا الأمر، قال الخبير الاقتصادي في وكالة موديز زاندي،: “إن بقية العالم ينتظر الفدرالي الأميركي. إنهم يفضلون عدم انخفاض قيمة عملاتهم وممارسة المزيد من الضغوط التصاعدية على التضخم. لذا فإنهم يرغبون حقاً في أن يبدأ في قيادة الطريق”.