تشهد العديد من السلع الأساسية المتداولة والمواد الخام الأخرى مكاسب كبيرة خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي لم يقتصر على الذهب فقط الذي يسجل أعلى مستوياته حالياً، بل قد يتضمن سلعاً أخرى مثل النحاس والكاكاو وعدد من المعادن الصناعية الأخرى.
قال الرئيس التنفيذي لشركة Apex Trader Funding، داريل مارتن، إن تداول السلع ازدهر في الأشهر الأخيرة، حيث أصبح كل شيء أكثر سخونة، بدءاً من المعادن الصناعية وحتى النفط.
وأضاف مارتن، لموقع Business Insider: “إن تقلبات السوق الناجمة عن هذه التحركات الكبيرة تخلق الكثير من الفرص”. “إنها تخلق الكثير من التقلبات خلال اليوم، وهو أمر مذهل بالنسبة للمتداولين. إنه يمنحهم الكثير من الفرص للدخول وتحقيق الدخل بهذه الطريقة”.
ارتفع مؤشر S&P GSCI القائم على السلع بنسبة 12.8% منذ بداية العام الجاري، متجاوزاً مكاسب مؤشر الأسهم S&P 500 بنسبة 7%. وحققت أكبر أربع شركات تجارية خاصة صافي 50 مليار دولار منذ عام 2022، بحسب ما نقله Business Insider.
يقول خبراء السوق إن هناك موضوعين رئيسيين وراء الارتفاعات الأخيرة في أسواق السلع الأساسية.
نقص المعروض
انخفاض العرض هو القضية المركزية التي تدفع المكاسب في السلع مثل النحاس، والكاكاو.
وقال Bank of America في مذكرة الاثنين 8 أبريل: “هناك أزمة في إمدادات النحاس.. نقص الإمدادات من المناجم يقيد بشكل متزايد الإنتاج”.
وقال البنك إنه من المتوقع أن يصل المعدن إلى 5.44 دولار للرطل بحلول عام 2026، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 27% عن سعره الحالي البالغ 4.28 دولار للرطل.
وارتفعت الأسعار بنسبة 11.6% هذا العام حتى الآن، وهي طفرة ربطها كل من مارتن، وجيف كوري من Carlyle بانتعاش الإنتاج بعد وباء كوفيد 19. ولكن من وجهة نظر Bank of America، فإن النحاس هو أيضاً مركز تحول الطاقة، وسيستفيد بشكل أكبر مع توسع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
هناك قصة مماثلة بالنسبة للكاكاو، حيث أدت حالات الجفاف والمحاصيل السيئة إلى ارتفاع أسعار مكونات الكاكاو إلى مستويات قياسية. على مدى الأشهر الـ 12 الماضية، ارتفعت العقود الآجلة للكاكاو بنسبة 256%، وبلغ سعر الطن المتري رقماً قياسياً بلغ 10900 دولار.
ورغم أن هذا قد يبدو وكأنه نوبة من سوء الحظ بين الدول المنتجة، فإن تغير المناخ قد يسبب نقصاً في المحاصيل في المستقبل، حسبما أشارت صحيفة Wall Street Journal في مقال نشر مؤخراً. يمكن أن تواجه حبوب البن المصير نفسه هذا العام.
الشكوك العالمية
وفي حين أن اختلال التوازن بين العرض والطلب يمتد أيضاً إلى النفط الخام، فإن توقعات الاقتصاد الكلي المتأرجحة تشكل عاملاً آخر يمثل الزخم في النفط والذهب.
وقال مارتن إن المعدن الأصفر ارتفع حتى الآن هذا العام بنسبة 15% تقريباً، على الرغم من أن جزءاً من نجاحه ينبع من الأداء الضعيف لعام 2023.
وسجل الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2424 دولاراً للأونصة خلال تداولات الجمعة 12 أبريل/ نيسان.
أدى التضخم الثابت، وعمليات الشراء الضخمة من البنوك المركزية، والاضطرابات الجيوسياسية إلى ارتفاع الملاذ الآمن. ولهذه الأسباب، يرى مارتن أن سعر الذهب سيتضاعف أربع مرات في غضون من ثلاث إلى خمس سنوات.
لم تكن التقديرات الأخرى جريئة جداً، لكن محللين مثل إد يارديني وديفيد روزنبرغ يتوقعون أن يرتفع الذهب بنسبة 50% و30% في السنوات المقبلة. ويتوقع يارديني أيضاً أن يصل سعر خام برنت إلى 100 دولار للبرميل إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط.
كانت أسعار خام برنت ارتفعت مؤخراً إلى مستويات فوق 90 دولاراً للبرميل مع زيادة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
في حين أن عام 2024 كان بمثابة نعمة لتجار السلع، إلا أن البعض يحذر من التأثير الكلي لارتفاع الأسعار. يقول خبراء السوق أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية سيؤدي إلى ارتفاع جديد في التضخم، مما يقلل من فرص تغيير سعر الفائدة بالفدرالي الأميركي.
وقال كوري: “إذا خفضوا أسعار الفائدة، فإن [السلع] سترتفع، لكنهم لا يخفضون أسعار الفائدة لأن أسعار السلع الأساسية مرتفعة”.