في مذكرة لعملائه، نصح محللو جولدمان ساكس (Goldman Sachs) -أحد أكبر المصارف الاستثمارية عالمياً- بعدم الخروج باستنتاجات بناءً على بياناتٍ مستمدّة من دورات تنصيف بيتكوين السابقة نظراً لتغير عوامل الاقتصاد الكليّ.
يُذكر أن حدث “التنصيف” -المنتظر خلال يومين- يقع كلَّ 4 سنواتٍ وينتج عنه خفض مكافآت تعدين كتلة معاملات بيتكوين (Bitcoin-BTC) إلى النصف؛ وهذه المرّة سيتم خفضها من 6.25 إلى 3.125 عملة BTC، ليتراجع معدل إصدار عملاتٍ جديدة منها إلى النصف، ما سيُكسبها ندرةً ويرفع الطلب عليها، وقد سبق تاريخياً مرور بيتكوين بموجات ارتفاعاتٍ هائلةٍ استمرّت لعدة أشهر، وهو ما تؤمن مجتمعات الكريبتو بأنه سيتكرّر.
ويتفهّم محللو مؤسسة جولدمان ساكس في تقريرهم الخاص بالعملات والسلع الأساسية والأسهم (FFIC) -الصادر بتاريخ 14 نيسان/أبريل- ذلك بقولهم: “تاريخياً، أعقبت دورات التنصيف السابقة الثلاثة ارتفاعاتٌ سعريةٌ لعملة بيتكوين، إلا أن المدة التي استغرقها السعر لتسجيل قيم عليا جديدة تباينت كثيراً”.
وأعربَ هؤلاء المحللون عن تشككهم هذه المرة، محذّرين عملاءهم من أنه “يجدر بهم توخّي الحذر عند الخروج باستنتاجاتٍ بناءً على دورات التنصيف السابقة وتأثير خفض المكافآت إلى النصف نظراً لتباين معطيات الاقتصاد الكليّ”. وتنبع شكوكهم من اختلاف عوامل الاقتصاد الكليّ الحالية عمّا كانت عليه خلال دورات التنصيف السابقة، وأبرزها ارتفاع معدلات التضخم والفائدة، وهي مؤشرات لا ينبغي إغفالها
فخلال العام الماضي، ارتفع مؤشر التدفقات النقدية (M2) للبنوك المركزية الكبرى -بما فيها بنك الشعب الصيني، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك اليابان، والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي- بسرعةٍ لافتةٍ، لتبقى معدلات الفائدة الخاصّة بالدول المتقدمة صفريةً أو سلبيةً، ما شجّع على الاستثمار في أصول المخاطرة عبر الأسواق المالية بما فيها أسواق الكريبتو؛ ويرى البنك أن توفر عوامل اقتصاد كليّ مشابهةٍ تُعَد ضروريةً لتشجيع المخاطرة حتى تتكرّر ذات النتائج خلال هذه الدورة.
لكنّ الأحوال تبدلت اليوم، حيث فاقت قراءة معدلات الفائدة داخل الولايات المتحدة -أكبر الاقتصادات العالمية- علامة 5% مع تبدّد الآمال بخفضها قريباً، حيث يقدر المتداولون احتمالية خفضها في حزيران/يونيو بنسبة 20.6% فقط، مقارنة بـ 45.9% في شهر أيلول/سبتمبر، تبعاً لأداة FedWatch من بورصة شيكاغو (CME)، وهي النظرة السلبية التي يُشاركه فيها آخرون ممّن أصدروا تحذيراتٍ مشابهةً مثل Bitwise.
جولدمان ساكس يُقرّ بقاء بصيص أمل
حافظ بنك جولدمان على تفاؤله رغم عدم توفير عوامل الاقتصاد أجواءَ ملائمةً كي يواصل قطاع الكريبتو نموّه، موضّحاً أن التنصيف يُعتبر مجرّد “تذكير نفسيّ للمستثمرين بثبات معروض بيتكوين الأقصى”، وأن تحديد التوقعات متوسطة المدى سيكون عبر مدى رواج الاستثمار عبر صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة (Bitcoin ETFs).
“من المرجّح مواصلة سعر عملة BTC أداءه مدفوعاً بآليات العرض والطلب المذكورة واستمرار رواج الاستثمار في صناديق Bitcoin ETFs، والتي تُعَد -بالتوازي مع طبيعة الاستجابة الذاتية لأسواق الكريبتو- المحرّك الأساسيَّ لتحركات سعر بيتكوين الفورية”؛ بحسب محللي البنك.
يُذكر أنه خلال آخر 6 أشهر، تنامت استثمارات صناديق Bitcoin ETFs داخل الولايات المتحدة بمعدل 130%. ووفقاً لوكالة بلومبيرج فإن الصناديق المتداولة في البورصة الأحد عشر التي تم إطلاقها قبل ثلاثة أشهر تدير الآن أصولًا بقيمة 59.2 مليار دولار. لذا، يعتقد بعض المحللين أن غالبية الارتفاعات التي عادةً ما تعقب التنصيف قد تحققت، ما قد يؤدي إلى تراجعٍ ناتج عن “الشراء عند ظهور شائعة، والبيع عند تحققها” عقب وقوع التنصيف المنتظر بتاريخ 20 نيسان/أبريل، وفقاً لتقرير جولدمان ساكس.
فوجهة النظر هذه يدعمها تباطؤ ورود استثماراتٍ إلى صناديق Bitcoin ETFs، رغم اكتسابها استثماراتٍ فاقت 12 مليار دولار منذ موافقة لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) في كانون الثاني/يناير على إطلاقها. وبينما تدفقت غالبية هذه الاستثمارات خلال الربع الأخير، إلا أنها فقدت زخمها هذا الشهر.
وكان ماركوس ثيلين (Markus Thielen)-مؤسس موقع 10x Research- قد أشار إلى تأثير عامل “الضجة الأولية المثارة حول ظهور حدثٍ جديد، حيث تميل الاستثمارات الواردة إلى صناديق ETFs للتباطؤ نظراً لعدم مواصلة الأسعار ارتفاعها، وهو ما يشير إليه الوضع منذ أوائل شهر آذار/مارس”.