أعلنت الحكومة البريطانية بصورة مفاجئة إجراء الانتخابات العامة في البلاد يوم الرابع من يوليو المقبل، وهو القرار الذي شكل مفاجأة للأسواق وفتح الباب واسعاً أمام التساؤل عن التأثير المحتمل لهذه الانتخابات على الاقتصاد البريطاني، خاصة مع التوقعات بأن يخسر حزب المحافظين الحاكم أغلبيته في البرلمان، وربما ينتهي به الأمر إلى عدم تشكيل الحكومة أصلاً.
وقال تقرير نشره موقع “إنفيستورز كرونيكال” المتخصص بالشؤون الاقتصادية، واطلعت عليه “العربية Buisness”، إن “إلقاء نظرة فاحصة على البيانات الاقتصادية يساعد في تفسير سبب قرار رئيس الوزراء التحرك الآن نحو الانتخابات”.
ولفت التقرير إلى أنه قبل ساعات فقط من إعلان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن موعد الانتخابات المبكرة، أظهرت البيانات الاقتصادية أن التضخم في بريطانيا انخفض إلى حدود هدف التضخم البالغ 2%، وبما أن أحد تعهدات سوناك الرئيسية كان “خفض التضخم إلى النصف”، فإن أحدث الأرقام كانت في ظاهرها بمثابة قصة إخبارية جيدة للحكومة.
لكن في الوقت نفسه، كشفت أرقام المالية العامة لشهر أبريل أن السنة المالية بدأت بداية هشة، وجاء الاقتراض أعلى من توقعات مكتب مسؤولية الميزانية، في حين من المتوقع أن يؤثر ركود النمو الاقتصادي وتباطؤ نمو الأجور على إيرادات الضرائب خلال الأشهر المقبلة.
كما ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 20 عاما (المستخدم للتنبؤات طويلة الأجل) من 4.4% في وقت ميزانية الربيع إلى 4.6% يوم الخميس.
وذكر التقرير لأن “هذا ترك للمستشار جيريمي هانت مساحة أقل لخفض الضرائب المحتمل في وقت لاحق من العام، فيما يبدو أن المحافظين قد توصلوا إلى أن الاقتصاد ربما لن يصبح أكثر إشراقاً خلال الأشهر القليلة المقبلة”.
وبفضل الميراث الاقتصادي الصعب، تعهد كل من حزبي المحافظين والعمال بإلزام أنفسهم بقواعد مالية للحد من الاقتراض والديون. ونتيجة لذلك، يتوقع الاقتصاديون أن ينتهي الموقف العام للسياسة المالية إلى التشابه الشديد مع من سيفوز في يوليو المقبل.
لكن تقرير “إنفيستورز كرونيكال” يؤكد أنه “لا يزال هناك مجال للفوارق الدقيقة بين الحزبين، حيث يعتقد المحللون في شركة كابيتال إيكونوميكس أن حزب العمال قد يثبت نجاحه الأكبر في زيادة بناء المنازل، في حين يمكن لحزب المحافظين العمل على زيادة الإنتاجية بشكل أكبر”.
وقال بول ديلز وروث جريجوري من كابيتال إيكونوميكس: “في كلتا الحالتين، فإن توقعاتنا بأن معدل النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة سوف يتسارع في ثلاثينيات القرن الحالي تعتمد على فوائد الذكاء الاصطناعي بدلاً من الإصلاحات الحكومية”.
ويقول المحللون إن هناك أيضاً مجالا لتشكيل حكومة جديدة لتعزيز الثقة في اقتصاد بريطانيا، حيث لم يعد سلوك ادخار الأسر إلى طبيعته بعد الوباء، ويشير التحليل الذي أجرته مؤسسة القرار إلى أن الأسر ادخرت حوالي 54 مليار جنيه إسترليني في العام الماضي أكثر مما فعلته بمعدلات عام 2019. وإذا أدى تغيير الحكومة إلى تعزيز الثقة بما يكفي لتشجيع الإنفاق والاستثمار، فيمكننا أن نرى تأثيراً إيجابياً على الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة يقول التقرير إن “من غير المتوقع أن تغير نتيجة الانتخابات مسار السياسة المالية، وهذا يعني أنه من المفترض أن يكون لها تأثير ضئيل على معدل التضخم، وبالتالي لا يوجد حجة لتأخير تخفيضات أسعار الفائدة بسبب الانتخابات المقبلة”.