“طفرة الميم” الحالية .. لماذا تختلف عن حمى 2021؟

  • محللون يرون أن طفرة الميم الحالية تختلف عن عام 2021 لأن صناديق التحوط تعلمت الدرس
  • من غير المحتمل أن تصل أسهم الميم إلى ذروة المكاسب المسجلة قبل 3 أعوام
  • مزيج معدل الفائدة المرتفعة وزيادة المضاربة من قبل المستثمرين الأفراد نذير شؤم لسوق الأسهم

عادت أسهم الميم-Meme من جديد إلى دائرة الضوء ونجحت في جذب انتباه المستثمرين والمحللين في وول ستريت، بعد 3 سنوات من السبات العميق الذي أوحى بأن الطفرة التي حققتها هذه الأسهم انتهت إلى زوال.

منذ منتصف الشهر الماضي، بدأت أسهم الميم في تسجيل قفزات كبيرة والتي في عٌرف السوق هي ارتفاعات جنونية، لكن بالنسبة لهذه الفئة من الأسهم فهي مكاسب تقليدية.

وكالعادة قاد سهم GameStop فورة المكاسب، إذ قفز 340% على مدار آخر 10 جلسات  تداول حتى منتصف مايو أيار، والسبب منشورات لحساب مرتبط بكيث جيل على X والذي يعد شخصية محورية وراء القفزة الجنونية السابقة لأسهم الميم.

وبالتبعية ارتفعت أسهم شركات أخرى مثل شركة دور العرض السينمائي AMC وشركة سماعات الرأس Koss، وشركة المنتجات المنزلية Tupperware.

وبعد تضاءل حدة هذه الارتفاعات -رغم استمرارها- خلال الفترة المتبقية من مايو أيار، عادت الارتفاعات من جديد هذا الأسبوع، إذ قفز سهم شركة ألعاب الفيديو GameStop بنحو 90% يوم الإثنين قبل أن يقلص مكاسبه إلى 21% عند إغلاق نفس الجلسة. وكان السبب هذه المرة هو أن كيث جيل نشر لقطة لشاشة لما يمكن أن تكون محفظته التي تحتوي على عدد كبير من الأسهم في GameStop.

ولمعرفة أهمية هذه الأسهم في وول ستريت، وهل ارتفاعاتها الجنونية والسريعة خطر يجب التحوط منه والاستعداد له أم لا، لا بد في البداية أن نعرف ما هي أسهم الميم.

 “منصات التواصل الاجتماعي ” .. كلمة السر

باختصار، أسهم الميم هو مصطلح يشير إلى أسهم الشركات التي اكتسبت شعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتخصص هذه المجتمعات الرقمية أبحاث مكثفة تجاه سهم محدد، وغالباً ما يتم إجراء تحليلات ونقاشات حول هذه الأسهم على مواقع التواصل الاجتماعي مثل X وFacebook وReddit.

وعلى الرغم أن البعض يعتقد أن مجتمعات أسهم الميم تنسق جهودها للتأثير على أسعار أسهم هذه الشركات، فإن حاملي تلك الأسهم هم عادة مجموعة غير منظمة من الأفراد المستقلين لكل منهم تفضيلات ووجهات استثمارية منفصلة.

في عام 2020 ظهرت أسهم الميم بشكلها الحالي، ويعد سهم GameStop هو الأول في هذه الفئة. وفي عام كورونا الأول، شارك عدد من المستثمرين الأفراد مثل جيل في الترويج لفكرة أن هذه الأسهم أصبحت مقومة بأقل من قيمتها بسبب مواطن الضعف في نماذج أعمالهم.

ووسط تراجع أرباح هذه الشركات، اتخذ عدد من صناديق التحوط مراكز بيع على المكشوف على هذه الشركات. وفي ظل الاعتقاد بأنه من الممكن دفع أسعار هذه الأسهم نحو الارتفاع عبر الضغط على هذه المراكز البيعية، انطلقت رحلة أسهم الميم.

وحدد جيل المسار في أغسطس آب 2020 عبر فيديو على اليوتيوب بأنه من الممكن دفع أسهم GameStop للارتفاع مع 5 دولارات إلى 50 دولاراً أو أعلى من ذلك، وكان جيل والمستثمر النشط ريان كوهن هم الشخصيات الرئيسية وراء تحفيز مجتمع المتداولين عبر الإنترنت لشراء والاحتفاظ بسهم GameStop ورفع سعره.

لماذا طفت أسهم الميم إلى السطح من جديد؟

تظل مواقع التواصل الاجتماعي السبب الأبرز وراء انطلاق الموجات الصعودية لأسهم الميم، فمثلما كانت هذه المواقع هي السبب في ظهورها لأول مرة، كانت هي السبب أيضاً في ارتفاعها مجدداً منذ أقل من شهر.

وللمرة الأولى منذ يونيو حزيران 2021، نشر حساب مرتبط بجيل على X منشوراً سرعان ما حصد تفاعلاً كبيراً إذ نشر صورة لرجل على كرسي ويميل إلى الأمام، لكن ذلك كان كافياً لإثارة جنون الشراء بين المتداولين الهواة. وانتقلت حمى الارتفاع تدريجياً إلى الأسهم الأخرى المرتبطة بجنون الميم.

ومجدداً نشر الحساب لقطة لشاشة لما يمكن أن تكون محفظته التي تحتوي على عدد كبير من الأسهم في GameStop. وكذلك صورة غامضة لبطاقة عكسية في لعبة “Uno” على X، والتي حصدت بسرعة عشرات الآلاف من الإعجابات.

كما شهد الثاني من يونيو حزيران عودة كيث جيل إلى حسابه المعروف باسم Roaring Kitty على Reddit من جديد ومن خلاله كشف عن أنه يمتلك 5 ملايين سهم من GameStop بقيمة 115.7 مليون دولار اعتبارًا من سعر الإغلاق يوم الجمعة الماضي.

العودة إلى الضوء .. ما الاختلاف عن طفرة 2021؟

على الرغم من حركة الرواج غير التقليدية لأسهم الميم في آخر 3 أسابيع، إلا أن هذه المكاسب ما هي إلا جزء بسيط من التدفقات النقدية اليومية التي حققتها GameStop وAMC في مطلع 2021، وفقاً لشركة الأوراق المالية Vanda.

وأرجعت الشركة السبب وراء المكاسب الجديدة التي حققتها أسهم الميم إلى المستثمرين الأفراد، لكنهم شككوا في الوقت ذاته في أن تصل الذروة الجديدة إلى المكاسب المسجلة في 2021.

والسبب وراء ذلك هو أن العديد من صناديق التحوط تعلمت من الدرس في 2021، وأصبحوا أكثر استعداداً الآن لـShort squeeze (ارتفاع حاد قصير الأجل أي زيادة سريعة في سعر السهم لفترة لا تدوم طويلاً نتيجة فائض البيع المكشوف للسهم، وليس بسبب أساسي غير مكشوف. ويحدث الارتفاع الحاد قصير الأجل عند قلة العرض ووجود زيادة وفائض من الطلب لسهم ما بسبب حاجة البائعين لشراء أسهم لتغطية مراكزهم المكشوفة).

ويحدث البيع على المكشوف عندما يراهن مستثمر على أن سعر سهم ما سيتراجع في المستقبل، فيقوم باقتراض أسهم وبيعها، وفي حالة تحقق التوقعات يمكن لمستثمر البيع على المكشوف إعادة شراء الأسهم وإعادة الأسهم المقترضة والاستفادة من الفارق السعري، لكن في حالة حدوث عكس ذلك يواجه مستثمرو البيع على المكشوف صعوبة للتخارج من تداولاتهم ويمكنهم القيام بذلك فقط من خلال شراء الأسهم وهو ما قد يؤدي إلى دفع الأسهم نحو مزيد من الارتفاع.

ووفقاً لتقديرات Vanda، فإن بعض صناديق التحوط ستشارك في الارتفاع الحاد قصير الأجل لدى أسهم الميم، وتتخارج من مراكزها قبل أن يبيع المستثمرين الأفراد أسهمهم.

كما يجدر الإشارة إلى أن هناك سبب أساسي وراء طفرة أسهم الميم في 2021 لم يعد متاحاً الآن، وهو أن ارتفاعات فترة الوباء كان وراءها عدد لا بأس به من متلقي التحفيزات المالية خلال الجائحة.

علاوة على ذلك، فإن شركات أسهم الميم لديها أسهم متداولة في السوق الآن أكثر مما كانت عليه عام 2021، مما قد يقلل من فرص الارتفاع الحاد قصير الأجل، وفقاً لمدير معلومات السوق لدى Tastylive نك باتيستا.

وبلغ عدد الأسهم المتداولة لدى GameStop حوالي 305.9 مليون سهم في مارس آذار، وهو مستوى أكبر 4 مرات بالمقارنة بمارس آذار 2021. وتستدعى هذه الزيادة الحاجة إلى ارتفاع النشاط اللازم لرفع سعر سهم GameStop وغيره من الأسهم.

وبطريقة أخرى، فإن الارتفاع الأخير في أسهم مثل GameStop وAMC قد يكون أقصر وأقل دراماتيكية مقارنة بعام 2021.

الارتفاع .. نذير شؤم

يرى كبير استراتيجي الأسهم العالمية لدى JPMorgan ماركو كولانوفيتش أن تجدد مكاسب أسهم الميم هو إشارة سيئة بالنسبة لسوق الأسهم.

ولدى كولانوفيتش واحداً من أقل المستهدفات لمؤشر S&P500 عند 4200 نقطة وهو مستوى أقل بنحو 20% من المستويات الحالية. وقال محلل JPMorgan: من الممكن -لكنه من غير المحتمل تاريخياً وإحصائياً- أن تكون تلك الفترة مختلفة، وأن تكون التقييمات المرتفعة لتلك الأصول الخطرة مبررة.

وأرجع كولانوفيتش السبب لتلك النظرة المتشائمة إلى مزيج من نشاط تداول الأفراد شديد المخاطرة في العملات المشفرة وأسهم الميم، بجانب البيانات الاقتصادية المقلقة وارتفاع معدل الفائدة.

لكن بالرغم من ذلك أشار إلى أن المختلف تلك المرة هو أن للمستثمرين مخاوف أقل بشأن تقييمات الأصول على الرغم من المستويات المرتفعة لمعدل الفائدة واتضح ذلك في الزيادة الأخيرة في أسهم الميم ونشاط تداول العملات المشفرة، وقيم أسهم التكنولوجيا. وإن كان قد حذر من أن ذروة النشاط المضارب في أسهم الميم قد يؤدي إلى اضطرابات في سوق الأسهم الأوسع نطاقاً.

هل سهم GameStop يستحق الشراء؟

وفي السياق ذاته، حذر مؤسس Bone Fide Wealth دوغلاس بونبارس من أنه حينما يتعلق الأمر بسهم GameStop على المستثمرين التفكير في السبب الذي يدفعهم نحو الاستثمار به. وأضاف في تصريحاته لـCNBC Make It: على المستثمرين الأفراد أن يقلقوا.

وتابع: هل الذي يقودك الخوف من تفويت الفرصة .. أم هناك فرصة عظيمة؟. وشدد على أهمية الإجابة على هذا السؤال قبل بدء الاستثمار في أي سهم وليس أسهم الميم فقط.

كما شدد على أهمية أن يبحث المستثمرون عن نموذج الأعمال الأساسي للشركة وكذلك عوامل مثل كيف تخطط لزيادة إيراداتها على المدى الطويل. وبالنسبة لسهم GameStop، أكد بونبارس على أن الشركة نجحت في تغيير اتجاهها والتحول من شركة متعثرة إلى أخرى تعمل بشكل أفضل بكثير.

وواصل: مستثمرو سوق الأسهم سيكونون أذكياء عند التفكير في المدى الطويل وتجنب محاولة استخدام أداء الشركة على المدى القصير للتنبؤ بكيفية تصرفها في المستقبل.

 

نهى النحاس