ماذا سيحدث لطفرة الذكاء الاصطناعي إذا غزت الصين تايوان؟

هناك الكثير من الأشياء التي تتطور في صناعة الرقائق يوماً بعد يوم، بينما بعض الأشياء تظل كما هي.
ما يتغير هو التقدم الذي تواصل رقائق الذكاء الاصطناعي إحرازه في تدريب نماذج أكبر حجماً على المزيد والمزيد من البيانات… أما الأشياء الثابتة فعلى رأسها الهشاشة المقلقة لسلسلة توريد أشباه الموصلات، بحسب تقرير حديث لـ”بيزنيس إنسايدر”.
وتعتمد كل من آبل وإنفيديا وكوالكوم وإيه إم دي ومعظم مصممي الرقائق الآخرين على شركة “تي إس إم سي” (اختصاراً لاسم شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات Taiwan Semiconductor Manufacturing Company) لتصنيع هذه المكونات الحاسمة، خاصة أن الأخيرة هي شركة التصنيع الأكثر تقدماً.

لكن موقع الشركة على جزيرة تايوان، التي تدعي الصين ملكيتها، يضع صناعة التكنولوجيا ومستقبل الذكاء الاصطناعي في وضع جيوسياسي محفوف بالمخاطر.
ويبدو أن كريس ميلر، وهو مؤلف كتاب “حرب الرقائق: القتال من أجل التكنولوجيا الأكثر أهمية في العالم” الصادر عام 2022، قد تنبأ مبكراً بالأمر.

العائد على الذكاء الاصطناعي
وحول ما إذا كان العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مهم على المدى الطويل، يؤكد ميلر لـ”بيزنيس إنسايدر” أن “مستوى الاستثمار لن يكون مستداماً إلا إذا كان هناك استثمار في المنتجات التي يتم إنتاجها بكل هذه الحوسبة. أنا شخصيًا أشعر بالقلق قليلاً بشأن حجم الاستثمار نسبة إلى ما يمكن استثماره اليوم. وأعتقد أن شركات التكنولوجيا الكبرى التي تستثمر 10 مليارات دولار ربع سنوياً في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي – سيكون لديها عام آخر على الأقل، وربما أطول قليلاً، قبل أن يبدأ مستثمروها في السؤال، “ما هو العائد على كل هذا الإنفاق الرأسمالي؟” ولكن في مرحلة ما، سيتم طرح هذا السؤال بطريقة يتعين عليهم الإجابة عليها أو سيتعين عليهم إبطاء الإنفاق الرأسمالي”.
وحول السيناريوهات السيئة المحتملة، يقول ميلر: “ليس لدي أدنى شك في أننا سنستخدم الكثير من الذكاء الاصطناعي في العديد من الأمور على مدار العقد القادم. لكن أعتقد أن السيناريو الواقعي السلبي هو أننا قمنا ببعض “الاستثمار الزائد”، وربما نضطر إلى الانتظار لدورة أو دورتين قبل أن نبني جولتنا التالية من مراكز البيانات، وهذا سيبدو قبيحاً جداً لصانعي الرقائق. ولست أتوقع أن يتحقق هذا، لكن هذا ما يقلقني – أن منحدر خط الاستثمار مرتفع للغاية”.
وتابع محذراً: “في الوقت الحالي، دورة الاستثمار في فترة صعودية شديدة الحدة، ودائماً ما تشعر بالرضا عندما تكون في هذه المرحلة… لكن يجب أن نتذكر أنه دائماً دورة، ونسأل متى ستتحرك صعوداً وهبوطاً؟”.

احتمالات غزو الصين لتايوان
وحول توقعاته لأسوأ السيناريوهات الممكنة، ومدى احتمالية غزو الصين لتايوان حالياً مقارنة بالاحتمالات قبل 18 شهراً، يقول ميلر: “لا أعتقد أنه أقل احتمالية. أعتقد أن الوضع الدولي على نطاق واسع أكثر قتامة مع روسيا وأوكرانيا وكل ما يحدث في الشرق الأوسط. إذا نظرت إلى ما تفعله الصين الآن في بحر الصين الجنوبي، فيما يتعلق بالفلبين، فإنها تفعل ذلك جزئياً لأنها تعلم أنها تستطيع الإفلات من العقاب لأن الولايات المتحدة منهكة. ولا أرى ديناميكية تتغير فيها حقيقة أن الولايات المتحدة منهكة في الأمد القريب. وأعتقد أن هذا واضح للجميع، بما في ذلك الناس في بكين. وهذا سبب للقلق الشديد”.

وحول تبعات هذا السيناريو على شركة الرقائق الأخطر عالمياً، يشير ميلر إلى أنه “في اللحظة التي يبدأ فيها الصراع في مضيق تايوان، عليك أن تفترض أن شركة “تي إس إم سي” ستغلق أبوابها بسرعة كبيرة جداً بغض النظر عما يقرر أي من اللاعبين القيام به؛ وبغض النظر عما إذا كان أي شخص ينتوي تعطيل سلسلة التوريد أو تدمير هذا أو ذاك أم لا”.

مواد تصنيع الرقائق
وفي تفسير ذلك، فإن تايوان تستورد جزءاً كبيراً من احتياجاتها من الطاقة، فيما تحتاج صناعة الرقائق الإلكترونية لطاقة كثيفة. وهناك مجموعة من المواد الكيميائية والمواد الحيوية التي يتم استيرادها إلى تايوان، والتي ستتوقف بدورها إذا ما حدث غزو. علاوة على ذلك، لا يمكنك إخراج السفن من تايوان إذا كانت هناك حرب جارية. وبالتالي فإن الحافز لإنتاج كميات كبيرة من الرقائق سينخفض بسرعة كبيرة أيضاً إذا لم تتمكن من بيع الرقائق أو إخراجها من الجزيرة. ووفقا لميلر، فإن “سلسلة التوريد ستكون في النهاية أكثر هشاشة مما يدركه الكثير من الناس”.

وأضاف أنه من ناحية مواد تصنيع الرقائق، هناك الكثير من المواد الأساسية المستخدمة في تصنيع الرقائق، مثل المقاوم الضوئي على سبيل المثال، والعديد من المواد الأخرى التي ينتجها الموردون اليابانيون على وجه الخصوص… ويعد وجود إمداد ثابت من تلك المواد أمراً بالغ الأهمية لصناعة الرقائق؛ ولن يتم شحنها إذا كانت هناك حرب قائمة.
وهنا يوافق ميلر على حجم الصدمة من مدى خطورة وضع صناعة الرقائق عالميا نظرا لحساسية وضع شركة واحدة وهي “تس إس إم سي”، وأضاف: “كلما أدركت أن كل شيء يعتمد على الحفاظ على السلام في مضيق تايوان، فهذا يوضح فقط المخاطر. هذا نزاع يشمل كل جانب من جوانب الاقتصاد الأميركي بطريقة كارثية محتملة. لا يوجد جانب مشرق، وهذه هي الحقيقة، إنه وضع مظلم ومخاطره عالية”.