لدى الأسواق المالية طريقة غريبة للاستجابة للفوضى، إذ يعرف المتداولون كيف يكسبون المال من المآسي، ففي 6 يناير كانون الثاني 2021، عندما كان يعج مبنى الكابيتول بالفوضى أغلق مؤشر داو جونز عند مستوى قياسي مرتفع، كما حقق أصحاب الأسهم مكاسب هائلة وهم يذرفون الدموع حين قتل فيروس «كوفيد-19» الملايين ودمر الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.
هذا ليس لأن وول ستريت تمتلئ بالمرضى النفسيين الذين يريدون مشاهدة العالم يحترق، أو على الأقل ليس هذا هو السبب الوحيد.
حين تكون المأساة في خلفية المشهد يقوم المستثمرون بإجراء حسابات باردة لحظة بلحظة للإجابة عن سؤال واحد: كيف ستؤثر المأساة على محفظة الأسهم الخاصة بي؟
إذن، ما الذي ينبغي لنا أن نفهمه من ارتفاع سوق الأسهم في أول يوم تداول بعد إطلاق النار على أحد المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة؟
تراهن بعض مؤسسات الاستثمار على احتمالية وصول ترامب إلى البيت الأبيض، ولكن كبير الباحثين الاستراتيجيين في شركة إنترأكتيف بروكرز، لي ستيف سوسنيك يشير إلى أن متداولي الأسهم سيئون جداً في توقع الأحداث السياسية، بينما الشيء الذي يجيدونه هو معرفة كيفية تأثير الأحداث الجيوسياسية على الإيرادات والأرباح والتدفق النقدي.
ويضيف سوسنيك «في حالة استهداف ترامب، ليس من الواضح حقاً كيف سيؤثر الحادث على نتائج أعمال الشركات، لقد ارتفعت أسهم شركة أبل بنسبة 2 في المئة، فهل لذلك علاقة بما حدث لترامب؟ أنا لا أعتقد ذلك».
اعتقد العديد من المتداولين بشكل غريزي أن محاولة اغتيال ترامب ستحسن فرصه في الفوز في نوفمبر، مثل ما حدث لريغان في عام 1981، حسب ما قال محللو شركة ماكواري للخدمات المالية في مذكرة بحثية يوم الاثنين.
بطبيعة الحال لا تتماشى المقارنة بريغان تماماً، فقد كان الرئيس السابق في وقت مبكر من ولايته الأولى، وكان مصاباً بجروح أكثر خطورة، وكانت الانقسامات السياسية- التي كانت قائمة قبل أربعة عقود- أقل خطورة بكثير.
رغم هذه الاختلافات فقد اغتنم بعض المتداولين الفرصة لمضاعفة ما يسمى بـ«تداولات ترامب».
وبطبيعة الحال، كما لاحظ محللو «ماكواري»، لا يشير هذا إلى أن العنف السياسي مفيد بأي حال من الأحوال للأسواق، التي تميل إلى الأداء بشكل أفضل عندما لا تهاجم المؤسسات الديمقراطية عند كل منعطف.
وبينما قال سوسنيك إنه لا يرى الكثير من ردود الفعل في سوق الأسهم على حادثة ترامب، إلا أن هناك مقياساً واحداً مرتبطاً بتزايد احتمالات إعادة انتخاب ترامب، وهو منحنى العقود الآجلة للخزانة.
ويشير محللو ماكواري إلى أن المتداولين يتوقعون أن تفرض إدارة ترامب الثانية سياسات تؤدي إلى ارتفاع التضخم واتساع العجز، ما يعني ضمناً المزيد من إصدار السندات.