خفض الفيدرالي الفائدة بشكل استثنائي أمر مستبعد.. لماذا؟

غطى اللون الأحمر سوق الأسهم لليوم الثاني على التوالي مع تزايد التساؤلات حول ما إذا كان الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بعد تقرير الوظائف الضعيف الصادر يوم الجمعة.

ويشعر المستثمرون بأمل متزايد في أن يدفع ذلك مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الاجتماع بشكل طارئ وإنقاذهم بخفض أسعار الفائدة، ولكن من المرجح أن هذا لن يحدث.

يقول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن غولسبي، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، نُشرت يوم الاثنين «لم يتم تكليف بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتأكد من راحة مستثمري سوق الأسهم».

بالطبع هناك سبب قوي يدعو إلى خفض البنك المركزي سعر الإقراض القياسي، ولو كان المسؤولون يعرفون أن معدل البطالة سيرتفع من 4.1 في المئة في يونيو إلى 4.3 في يوليو قبل اجتماع الفيدرالي الأسبوع الماضي، ربما كانوا سيقتنعون بأن الاقتصاد الأميركي يضعف بما يكفي بحيث تفوق فوائد خفض أسعار الفائدة مخاطر القرار.

لكن الدعوة إلى اجتماع استثنائي الآن لخفض أسعار الفائدة قبل الاجتماع المقبل للبنك المركزي، والذي سيُعقد بعد أكثر من ستة أسابيع، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية، ويتسبب في مزيد من الذعر.

التخفيضات الطارئة نادرة

تجتمع لجنة تحديد أسعار الفائدة التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي ثماني مرات في السنة للتصويت على القيمة التي يعتقد المسؤولون أنه يجب أن تكون عليها أسعار الفائدة لتعزيز أقصى قدر من التشغيل مع ضمان استقرار الأسعار.

لكن إذا حدث شيء ما بين تلك الاجتماعات يغيّر وجهات نظرهم بشأن المستوى المثالي لأسعار الفائدة، فيمكن للمسؤولين عقد اجتماع «طارئ» غير مُجدول.

كانت آخر مرة تشهد الولايات المتحدة مثل هذا الاجتماع في بداية انتشار جائحة كوفيد- 19، عندما صوّتوا على خفض أسعار الفائدة بنصف نقطة في 3 مارس، ثم بعد أقل من أسبوعين من ذلك اجتمعوا مرة أخرى لخفض الأسعار بنقطة كاملة إلى مستويات قريبة من الصفر.

في هذه اللحظة كانت الأمور واضحة والانحدار سريعاً، ولم يكن على المسؤولين الأميركيين أن يفكروا إذا ما كانت قراراتهم قد تسبب ذعراً في المجتمع الأميركي، الذي كان مذعوراً بالفعل.

قبل تلك التخفيضات، كانت آخر مرة تم فيها اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة بشكل طارئ في خريف 2008، عندما تعمقت الأزمة المالية العالمية، وانهار بنك ليمان براذرز.

تجنب الذعر

آخر ما يريده بنك الاحتياطي الفيدرالي هو أن يعتقد الناس أن الاقتصاد الأميركي على وشك الدخول في ركود محتمل، فهذه المعتقدات يمكن أن تتحول إلى واقع حتى لو لم تكن صحيحة.

في عام 2008 قال تشارلز بلوسر، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا آنذاك، في اجتماع البنك المركزي الطارئ الذي عقد في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2008 «بشكل عام، أنا لا أحب تخفيض أسعار الفائدة بين الاجتماعات، أعتقد أنها تشير إلى الذعر أكثر مما تشير إلى الاستقرار»، ولكنه «على مضض» أعلن اتفاقه على تخفيض طارئ لأن البنوك المركزية الأخرى تفعل ذلك.

يذكر أن كل البنوك المركزية التي خفّضت أسعار الفائدة مؤخراً، بما في ذلك بنك كندا والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، قامت بذلك في اجتماعات مقررة مسبقاً.

لذا إذا ما قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي المضي قدماً في طريق الخفض الطارئ، فإن الناس سوف يتساءلون حتماً: ما الذي يعرفه البنك المركزي الذي يمثّل أكبر اقتصاد في العالم ولا يعرفه الجميع؟

وهذا بالضبط ما عبّرت عنه رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو جانيت يلين في اجتماع غير مقرر عقده بنك الاحتياطي الفيدرالي في التاسع من يناير كانون الثاني 2008.

وقالت يلين، التي تشغل الآن منصب وزيرة الخزانة، وفقاً لنص الاجتماع «أخشى أن يُنظَر إلى هذا الأمر باعتباره إشارة إلى الذعر من قِبَل اللجنة، وأن يشير ذلك بطريقة خاطئة إلى أن لدينا معلومات داخلية تظهر أن الأمور أسوأ مما تعرفه الأسواق بالفعل»، كما أعربت عن قلقها من أن يُنظَر إلى الخفض الطارئ باعتباره «رد فعل مبالغ فيه على تقرير التوظيف»، في إشارة إلى تقرير الوظائف في ديسمبر كانون الأول 2007 الذي صدر قبل خمسة أيام من اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأظهر أن معدل البطالة في البلاد قفز بنسبة 0.3 في المئة إلى 5 في المئة.

وفي نهاية المطاف، انتظر المسؤولون حتى اجتماع غير مجدول آخر بعد أسابيع لخفض أسعار الفائدة.

هل يساعد الخفض الفوري؟

في اجتماع أكتوبر تشرين الأول 2008، حذّر بلوسر من أن خفض أسعار الفائدة على الفور لن «يجعل الشهرين المقبلين أقل إيلاماً».

إلى حد ما لن يكون من المهم في الأمد القريب حجم التخفيض الذي سيقرره مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي وتوقيته، لأن الأمر قد يستغرق عاماً تقريباً حتى يشعر الاقتصاد بأي تحركات في أسعار الفائدة.

وبالفعل تراجعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية تحسباً لخفض مرتقب في أسعار الفائدة، ولأنها تعمل كمؤشر لأسعار الفائدة التي يدفعها الأمريكيون على القروض، فقد يساعد الانخفاض على تخفيف العبء المالي الذي يواجه المقترضين حالياً.