الذعر يلف مستثمري الكريبتو بعد اعتقال مؤسس “تيليغرام”

يتردد صدى اعتقال مؤسس “تيليغرام” بافيل دوروف في قطاع رأس المال الجريء الذي يستثمر في العملات المشفرة، حيث استثمر بعض أكبر الكيانات في رمز رقمي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطبيق المراسلة.

تعد شركات “بانتيرا كابيتال مانجمنت” (Pantera Capital Management) و”أنيموكا براندز” (Animoca Brands) و”ميرانا فينتشرز” (Mirana  Ventures) ضمن أكثر من 12 شركة استثمرت في “تونكوين” (Toncoin)، والتي تستخدم سلسلة الكتل (بلوكتشين) الخاصة بها على “تيليغرام” للتعامل مع أمور مثل المدفوعات الفورية. وقال شخص مطلع على الأمر إن “بانتيرا”، وهو أحد أكبر صناديق رأس المال الجريء في قطاع العملات المشفرة، استثمر أكثر من 100 مليون دولار في “تونكوين” في وقت سابق من هذا العام.

اجتُذبت الأموال من خلال فكرة استحوذت على اهتمام قطاع العملات المشفرة، ومفادها أن “تيليغرام” سوف يتحول إلى “تطبيق خارق” للأصول الرقمية يشبه “وي تشات” (WeChat) في الصين، حيث يعتمد 900 مليون مستخدم على “تونكوين” في كل شيء من المدفوعات إلى ممارسة الألعاب التي تعتمد على “بلوكتشين”. ارتفعت قيمة الرمز الرقمي بمقدار أربعة أضعاف من فبراير إلى أوائل يوليو، وتجاوزت قيمة الأصول المحجوزة على سلسلة الكتل الخاصة به، “تون” (TON)، لفترة وجيزة مليار دولار.

لكن اعتقال دوروف بتهمة عدم بذله جهداً كافياً لمكافحة الجريمة على “تيليغرام” كشف هذه المخاطر. فقد اتُهم دوروف يوم الأربعاء بالتواطؤ في نشر صور جنسية للأطفال وجرائم أخرى منها الاتجار بالمخدرات على التطبيق. قال التطبيق في بيان يوم الأحد إنه يلتزم بالقوانين الأوروبية.

تراجع حاد

تراجعت قيمة “تونكوين” 20% بعد اعتقال دوروف خارج باريس في 24 أغسطس قبل أن تقلص بعض تلك الخسائر. وانخفضت القيمة الإجمالية المحجوزة على “تون” إلى 573 مليون دولار، وفق مزود البيانات “ديفيلاما” (DefiLlama).

وقال لاسي كلوسن، الشريك المؤسس في شركة “1كيه إكس” (1kx) لرأس المال الجريء للعملات المشفرة: “أعتقد غالبية المستثمرين أن التطبيق نفسه من الواضح أنه سيعزز ويشجع، أو على الأقل يؤسس، لاعتماد شبكة  تونكوين. والآن لدينا حالة تواجه فيها الشركة نفسها ومؤسسها ظروفاً غير متوقعة، وقد يثير ذلك بعض الأسئلة حيال المستقبل”.

تمثل القيمة الإجمالية المحجوزة مؤشراً على مقدار استخدام سلسلة كتل لغرضها المعلن عنه، سواء كان ذلك الألعاب أو تطبيقات التمويل اللامركزي.

ويحاول مستثمرو رأس المال الجريء الذين ضخوا الأموال في “تونكوين” (غالباً باتفاقيات عدم البيع لعام على الأقل) الآن تقييم ما إذا كانت خطوة فرنسا ضد دوروف قد تتسبب في فرار المستخدمين من “تيليغرام”. وأصبح التطبيق شائعاً في دوائر التشفير إلى حد بعيد بسبب النهج المتساهل للغاية في الإشراف الذي أوقعه في مشكلة قانونية.

وصف صندوق “بانتيرا” عملة “تونكوين” بأنها أكبر استثمار له، دون الكشف عن  حجم هذا الاستثمار. لم يرد المتحدث باسم الشركة التي يقع مقرها في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، والتي تشرف على ما يقرب من 5 مليارات دولار، على رسائل بالبريد الإلكتروني والمكالمات التي تطلب التعليق. قالت “تون فاونديشن” (TON Foundation)، التي تدير سلسلة الكتل، في رسالة بريد إلكتروني إنها لم تجمع أموالاً قط. لم تعلق “أنيموكا براندز” (Animoca Brands) على استثمارها ولم ترد “ميرانا فينتشرز” بعد على استفسار في هذا الصدد.

ويرى بعض داعمي “تونكوين” في انهيار أسعارها فرصة سانحة للشراء. قال المؤسس المشارك يوجين نغ إن “دي دبليو إف لابس” (DWF Labs)، وهي شركة من صناع سوق العملات المشفرة التي استثمرت في الرمز، أنفقت “ملايين” الدولارات لشراء “تونكوين” في السوق المفتوحة في مطلع الأسبوع بعد انهيار سعرها.

صفقات الرموز وصناديق السيولة

تسمى الاستثمارات التي تنفذها شركات رأس المال الجريء وصناديق التشفير الأخرى خارج البورصة في مشروعات مثل “تون” بـ”صفقات الرموز” لأن المستثمرين يتلقون الرموز بدلاً من الأسهم التقليدية، وهي فريدة من نوعها في عالم العملات المشفرة. ولتنفيذها، غالباً ما يقوم مستثمرو رأس المال الجريء بإنشاء أدوات منفصلة تُعرف باسم صناديق السيولة المصممة للاحتفاظ بالأصول لفترة زمنية أقصر. ونظراً لأن العديد من صفقات الرموز تتم على المستوى الثنائي (بين الوسيط والمتعامل)، فلا توجد تقديرات موثوقة لانتشارها.

هناك العديد من المزايا لشركات رأس المال الجريء ومستثمريها، وأبرزها أن الرموز تميل لأن تشتمل على تخارج أسرع. وأحد الهياكل الشائعة هو أن الرموز تبدأ في أن تصبح مقفلة بعد 12 شهراً، وبعد ذلك يمكن للمستثمرين بيعها تدريجياً. وقال كلاوسن إن التقلبات في الرمز تمنح الداعمين أيضاً صورة أحدث عن كيفية أداء المشروع.

أضاف: “إذا كنت من مستثمري رأس المال الجريء التقليديين في الأسهم، فإن الأمر يستغرق حوالي ثمانٍ إلى عشر سنوات لتكوين كيان راسخ، وبالتالي لديك حقاً سنوات عديدة حيث تقوم الشركة بعملها”.

يمكن أن تنطوي صفقات الرموز أيضاً على خصومات كبيرة. قال الشخص المطلع، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأن الشروط سرية، إن “بانتيرا” اشترت “تونكوين” بسعر أقل 40% من سعر السوق في ذلك الوقت. باستخدام متوسط ​​السعر البالغ 6.32 دولار لشهر مايو، عندما أُعلن عن الصفقة، فإن الاستثمار لا يزال مربحاً للغاية.

أضاف الشخص المطلع أن “بانتيرا” تخضع لحظر في التصرف في حيازاتها من “تونكوين” لمدة عام، قبل أن تتمكن من التخلص منها على دفعات على مدار عدة سنوات.

الجانب الآخر للاستثمار في الرموز هو أن الأصول متقلبة للغاية، وعندما يسوء الاستثمار، يتضح ذلك على الفور. عادة ما تقيّم الصناديق حيازاتها بالسعر السوقي على أساس منتظم، مما يعني أن الانخفاض الكبير يظهر على الفور في التقارير المقدمة إلى الشركاء المحدودين.

وهناك حالات قليلة توضح هذا الخطر بشكل أفضل من انهيار مشروع “تيرا يو إس دي” (TerraUSD) المستقر التابع لدو كوون في مايو 2022. وقبل أشهر فقط، اشترى مستثمرون بينهم “ثري أروز كابيتال” (Three Arrows Capital) و”جامب كريبتو” (Jump Crypto) أكثر من مليار دولار من “لونا” (Luna)، وهو رمز يُستخدم لجعل “تيرا يو إس دي” مستقرة. وعندما انهارت “تيرا يو إس دي”، أصبحت “لونا” بلا قيمة. وأفلست “ثري أروز” بعد فترة وجيزة، مما أدى إلى سلسلة من الإخفاقات في جميع أنحاء صناعة التشفير.