فقد صعود مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) الزخم في ظل تعرض سهم “إنفيديا كورب” لضغوط بيعية أفقدته أكثر من 6% من سعره. والخبر السار: صعدت أسعار معظم الأسهم الأميركية.
مدعومة بالبيانات التي تظهر صمود الاقتصاد، وطمأنة مجموعة من مراقبي السوق المستثمرين بأن آفاق نمو “إنفيديا” لا تزال سليمة، ارتفعت أسعار غالبية مجموعات الأسهم بمؤشر “إس آند بي 500”. وبينما تراجعت أسهم التكنولوجيا بسبب شركة تصنيع الرقائق الكبرى، صعدت أسعار خمس شركات في مجموعة “العظماء السبعة”. وارتفع مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة بنحو 1%.
وقال مات مالي، من شركة “ميلر تاباك+كو” (Miller Tabak+Co): “طالما أن قطاع التكنولوجيا يمكنه تجنب التعرض لضربة قوية، فيمكنه أو ينبغي عليه إبقاء سيناريو (التناوب) قائماً. نظراً لأن شركات التكنولوجيا الكبرى لها وزن كبير جداً في المؤشرات، فإن الانخفاض الكبير للمجموعة سيؤدي إلى هبوط السوق. ولكن طالما أنها قادرة على الصمود، فقد يسمح ذلك باستمرار حركة “التناوب” الأخيرة، ومساعدة سوق الأسهم على الصعود خلال الأسابيع المقبلة”.
بيانات اقتصادية قوية
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 3% خلال الفترة من أبريل إلى يونيو، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 2.8%. ونما محرك النمو الرئيسي للاقتصاد –الإنفاق الشخصي– بنسبة 2.9%، مقابل التقدير السابق البالغ 2.3%. وأظهر تقرير حكومي منفصل صدر يوم الخميس، أن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة استقرت عند مستوى 231 ألفاً.
يرى ستيف سوسنيك من “إنتر أكتف بروكرز” (Interactive Brokers)، أن “المستثمرين قد يتساءلون: إذا انخفضت أسعار أسهم (إنفيديا) إلى هذا الحد، فكيف سيشكل هذا ارتياحاً للأسواق؟”. وأضاف: “رغم أن الشركة لم تحقق (الأرقام الأكثر تفاؤلاً)، إلا أنها لم تذكر أي شيء من شأنه أن يبطل حب المستثمرين للتكنولوجيا الضخمة وكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي”.
تحرك مؤشر “إس آند بي 500” بالقرب من مستوى 5590 نقطة. وتكبدت سندات الخزانة خسائر بعد مزاد ضعيف لبيع سندات بآجال سبع سنوات بقيمة 44 مليار دولار. وارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 3.86%. وقلص متداولو عقود المقايضة رهاناتهم على التيسير النقدي بشكل طفيف، بينما ما زالوا يتوقعون تخفيضات لأسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس لعام 2024. وارتفع سعر مزيج برنت صوب مستوى 80 دولاراً.
تراجع سعر سهم “إنفيديا”
ينبغي أن يكون تقرير نتائج أعمال “إنفيديا” مثالياً للسهم الذي أضاف ما يقرب من تريليوني دولار لقيمته السوقية العام الماضي. في النهاية، لا يزال التفوق على التوقعات على نطاق واسع يثير عمليات بيع.
قال جون هيغينز من “كابيتال إيكونوميكس”: “هبوط سعر إنفيديا بعد صدور أحدث نتائج أعمالها -التي فاقت الإجماع- يعزز الاعتقاد بأن السعر كان مثالياً. لكن هذا لا يعني أن الحفلة انتهت، أو أن فقاعة الذكاء الاصطناعي آخذة في الانفجار”.
بالنسبة لجيمس ديميرت من “مين ستريت ريسرتش” (Main Street Research)، فإن تراجع سعر “إنفيديا” بعد الأرباح مدفوعاً إلى حد كبير بارتباك المستثمرين، والخوف من أن سعر السهم ارتفع بسرعة كبيرة منذ أدنى مستوى سجله في أوائل أغسطس، لكن قوة نتائج الأعمال الفصلية أظهرت أن تقييمها له ما يبرره. وقال: “إن تراجع سعر (إنفيديا) هو فرصة للمستثمرين لشراء السهم”.
وفي سوق السندات، ترك الارتفاع في العائدات إلى ترك الفارق الذي كان مراقباً عن كثب، قريباً من استعادة ميله الطبيعي الإيجابي.
تضاءل الفارق الذي تتجاوز به عوائد السندات الأميركية لأجل عامين عوائد نظيرتها لأجل عشر سنوات إلى نحو ثلاث نقاط أساس. قبل عام، كان العائد على السندات لأجل عامين أعلى بنحو 80 نقطة أساس من نظيرتها لمدة 10 سنوات، مما يعكس التوقعات بأن رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة فوق 5% من شأنه أن يؤدي إلى ترويض التضخم وربما يسبب الركود.
نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أقوى قليلاً في الربع الثاني مما تم الإبلاغ عنه في البداية، مما يعكس مراجعة صعودية للإنفاق الاستهلاكي عوضت النشاط الأضعف في الفئات الأخرى.
قال كريس لاركين، من “إي تريد” (E*Trade) التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “رسالة البيانات الواردة اليوم هي: (يبقى الحال على ما هو عليه)، لا يبدو أن الاقتصاد يتجه نحو الهاوية، وفي السوق الحالية، الأخبار الجيدة جيدة. ولم يكن هناك ما يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة التفكير في خطته لخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل”.
يرى بريت كينويل من “إي تورو” (eToro)، أن أحدث البيانات ساعدت في طمأنة المستثمرين بأن الاقتصاد “لا ينزلق إلى الهاوية”، وأوضح: “رغم أننا لم نخرج بالضرورة من الأزمة، إلا أن الاقتصاد الأميركي أقوى مما يعتقد الكثيرون. يجب أن يمنح تقرير اليوم المستثمرين الثقة في أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال قادراً على إدارة هبوط سلس”.