انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد نشر بيانات أظهرت مزيداً من التباطؤ في سوق العمل الأميركية، مما عزز رهانات وول ستريت على خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. فيما تخلت مؤشرات الأسهم عن مكاسبها السابقة مع تراجع سهم “إنفيديا”.
قبل أيام قليلة فقط من صدور تقرير الوظائف، جاءت بيانات الوظائف الشاغرة متخلفة عن التقديرات ووصلت إلى أدنى مستوى منذ 2021. وأثارت الأرقام رد فعل فوري في سوق السندات، ليهبط عائد السندات الأميركية لأجل عامين إلى ما دون نظيرتها لأجل 10 سنوات لفترة وجيزة وسط تكثيف المتداولين رهاناتهم على إجراء خفض كبير في أسعار الفائدة هذا الشهر.
من جهة أخرى، أظهر تقرير “بيج بوك” الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي تراجع النشاط الاقتصادي الأميركي.
حجم الخفض الأول للفائدة
قال كريس لاركين من “إي*تريد” (E*Trade) التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “قد لا تكون الأسواق متوترة كما كانت قبل شهر، لكنها لا تزال تبحث عن تأكيد بأن الاقتصاد لا يهدأ أكثر مما يجب. وحتى الآن هذا الأسبوع، لم يحصلوا عليه”.
مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة في غضون أسابيع قليلة، فإن السؤال الرئيسي الآن هو ما حجم التخفيض الأول؟ من المحتمل أن تحدد بيانات كشوف الأجور الشهرية المقرر صدورها يوم الجمعة الإجابة.
يسيطر الترقب على المستثمرين منذ صدور تقرير الوظائف الشهر الماضي والذي أثار مخاوف النمو. وأوضح جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن المركزي أصبح الآن أكثر قلقاً بشأن المخاطر التي تتعرض لها سوق العمل من التضخم، وأن تقريراً سيئاً آخر من شأنه أن يعزز الحجة الداعية إلى خفض كبير في أسعار الفائدة.
قال نيل دوتا من “رينسانس ماكرو ريسرش”: “يبدو أن الأسواق حائرة بين خفض الفائدة 50 نقطة أساس أو 25 نقطة أساس في سبتمبر. أعتقد أن رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس قد يؤدي إلى نفس رد فعل السوق مثل تخطي (خفضها في) اجتماع يوليو. سيكون الأمر على ما يرام حتى تجعل البيانات التالية المستثمرين يخمنون القرار مرة أخرى، مما يزيد الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي متخلف عن السوق” ونصح الفيدرالي بخفض الفائدة “50 نقطة أساس عندما يكون بالإمكان، وليس عندما يضطر لذلك”.
انخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار سبع نقاط أساس إلى 3.76%. ويتوقع متداولو عقود خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بالكامل في سبتمبر، واحتمال أن يزيد عن 30% لخفض بواقع نصف نقطة مئوية. ومن المتوقع أن يتم تيسير السياسة النقدية بأكثر من 100 نقطة أساس في الاجتماعات الثلاثة المتبقية هذا العام.
تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.2%. وتكبد سعر سهم “إنفيديا كورب” أسوأ انخفاض له لمدة يومين منذ أغسطس 2022. وقالت الشركة إنه لم يتم استدعاؤها من قبل وزارة العدل الأميركية رداً على تقرير نشرته بلومبرغ نيوز يوم الثلاثاء.
سوق العمل
يرى كريشنا جوها من “إيفركور” أن أحدث أرقام فرص العمل كانت “تميل للضعف”، لكنها لا تشير إلى أي تدهور سريع في سوق العمل.
وقال جوها: “إن المستوى المنخفض لتسريح العمال وزيادة التعيينات يشير إلى أن سوق العمل لا تتصدع. وبشكل إجمالي، نعتقد أن تقرير الوظائف الشاغرة يدعو لخفض التطلعات حيال ما قد يحتاج تقرير الوظائف المنتظر يوم الجمعة للكشف عنه حتى يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، ولكن ليس بشكل جذري”.
قد تتجه سوق الأسهم نحو التصحيح إذا جاءت بيانات الوظائف ضعيفة يوم الجمعة، وفق سكوت روبنر من “غولدمان ساكس غروب”. وكتب روبنر أن عملاء البنك يستعدون بالفعل لإعداد فني سلبي لأسعار الأسهم في النصف الثاني من سبتمبر، مضيفًا أنه يتوقع أن تبدأ حركة العزوف عن المخاطرة في 16 سبتمبر، وكتب “تصحيح السوق ربما يزداد قوة إذا جاءت أرقام كشوف الأجور ضعيفة”.
ضغوط بيعية على الأسهم الأميركية
كان عملاء “بنك أوف أميركا كورب” بائعين صافين للأسهم الأميركية للأسبوع الثاني على التوالي، مسجلين أكبر صافي بيع للأسهم منذ أواخر 2020 مع تزايد عدم اليقين حول التوقعات الاقتصادية.
قال الاستراتيجيون الكميون بقيادة جيل كاري هول يوم الأربعاء في مذكرة يوم الأربعاء إن عملاء المؤسسات وصناديق التحوط والأفراد قاموا بالتخلص من الأسهم الأميركية، حيث بلغ صافي المبيعات 8 مليارات دولار في الأسبوع المنتهي في 30 أغسطس.
يستعد تجار السندات لتقلبات سوقية أقوى في الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا، وسط مؤشرات على تعثر أكبر اقتصاد في العالم.
وتتوقع كريستينا هوبر من “إنفيسكو” أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة 25 نقطة أساس فقط، لكن يُتوقع أن يكون ذلك مجرد بداية لما من المحتمل أن يكون “دورة تيسير نقدي مهمة للغاية”.
في سياق مواز، يرى استراتيجيو “سيتي غروب” أن المخاطرة/العائد جذاب للتأهب لعمليات بيع في أسعار الفائدة الأميركية عبر خيارات الدافع، كما يقول الاستراتيجيون بما في ذلك جاباز ماثاي وجيسون ويليامز في مذكرة. وأوضحوا: “وجهة نظرنا العامة بشأن العائدات هي أن السوق لديها مجال أكبر للانخفاض من هنا بالنظر إلى أن أحدث البيانات لا تشير إلى ضعف كبير في النشاط، لكننا كنا أقل ميلاً للبيع بشكل مباشر”.