الفيدرالي حائر في خفض الفائدة بوتيرة لا تفسد مستهدفاته للتضخم وسوق العمل

يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قراراً صعباً بشأن ما إذا كان سيخفض أسعار الفائدة الأميركية بمقدار نصف نقطة مئوية أكبر من المتوقع الأسبوع المقبل، أو يتحرك بمقدار ربع نقطة مئوية، في الوقت الذي يتصارع فيه المسؤولون بشأن السرعة التي يمكن بها تخفيف السياسة النقدية.

وتأتي التساؤلات حول حجم الخفض في الوقت الذي تتوقع فيه أسواق العقود الآجلة بشكل متزايد خفضاً متواضعاً بنحو ربع نقطة مئوية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي عندما يختتم اجتماعه المحوري يوم الأربعاء.

وسيكون أي خفض في أسعار الفائدة الأسبوع المقبل هو الأول للبنك المركزي منذ أكثر من أربع سنوات، وبعد الإبقاء على أسعار الفائدة عند أعلى مستوى في 23 عاماً عند 5.25% إلى 5.5% منذ يوليو تموز الماضي، سيأتي قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني.

أيد كبار المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، وسط مؤشرات على تراجع التضخم، بينما يركزون على منع الضرر الاقتصادي غير المبرر الناجم عن إبقاء تكاليف الاقتراض أعلى من اللازم.

والسؤال التالي الذي يتعين عليهم الإجابة عليه هو مدى السرعة التي يمكن بها العودة إلى المستوى «المحايد» الذي لا يعيق النمو.

إن خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر أيلول من شأنه أن يسمح لبنك الاحتياطي الفيدرالي بإعادة تكاليف الاقتراض إلى مستوياتها الطبيعية بسرعة أكبر، وهو ما من شأنه أن يزيل القيود المفروضة على الاقتصاد ويحمي سوق العمل من المزيد من الضعف.

وبحسب صحيفة فايننشال تايمز، قال كريشنا جوها، نائب رئيس شركة إيفركور آي إس آي، إن التحرك بنصف نقطة مئوية الأسبوع المقبل «سيكون أقل خطورة في ظل الهبوط الناعم».

وقال دونالد كوهن، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، إنه حتى لو اختار البنك المركزي التحرك ببطء الأسبوع المقبل فإنه قد يعدل السياسة بسرعة، كما فعل عندما ثبت أن التضخم أكثر ضرراً من المتوقع في عام 2022.

وقال «إنهم لديهم الفرصة للتعويض إذا انتظروا لفترة طويلة، من خلال السرعة التي يخفضون بها الإنتاج والطريقة التي يشيرون بها إلى التخفيضات المستقبلية».

ولم يُبدِ صناع السياسات أي قلق بشأن التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، لكنهم حذروا من تزايد المخاطر السلبية.

وأظهرت محاضر الاجتماع أن العديد منهم رأوا أنه من «المعقول» خفض أسعار الفائدة في الاجتماع الأخير، ومنذ ذلك الحين أصبحت بيانات الوظائف والتضخم أكثر دعماً لخفض أسعار الفائدة.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الشهر الماضي، إن البنك المركزي «سيفعل كل ما في وسعه لدعم سوق العمل القوية مع تحقيق المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار».

وقال محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، يوم الجمعة الماضي، إنه «منفتح الذهن بشأن حجم ووتيرة التخفيضات» وسيدعم خفضاً أكبر «إذا أشارت البيانات إلى الحاجة إلى ذلك»، لكنه قال إنه يتوقع أن تتم أي خطوة «بحذر».

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز يوم الجمعة الماضي إنه لم يتخذ قراراً بعد بشأن حجم التخفيضات هذا الشهر، لكنه أضاف أن البنك المركزي «في وضع جيد» لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم والوظائف.

وقال للصحفيين عن حجم التخفيضات الأولى «سنجتمع ونقوم بتحليل كل شيء ومناقشة ذلك بالطبع».

ومع ذلك، فإن أي خفض أكثر عدوانية بمقدار نصف نقطة مئوية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر من شأنه أن يجلب معه المخاطر.

كانت البيانات الأخيرة مختلطة، حيث أظهر أحدث تقرير للوظائف تباطؤ النمو الشهري، لكن أيضاً انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأجور، وأظهرت بيانات التضخم هذا الأسبوع أن ضغوط الأسعار كانت تتراجع حتى مع ثبات المقياس «الأساسي» لمؤشر أسعار المستهلك الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة.

كما أن التحرك بمقدار نصف نقطة مئوية قد يثير المخاوف من تزايد قلق البنك المركزي بشأن التوقعات الاقتصادية، وقد يدفع الأسواق المالية إلى تسعير خفض أكثر دراماتيكية في أسعار الفائدة، بما يتجاوز وتيرة التيسير التي يخطط لها بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وقالت لوريتا ميستر، التي تقاعدت من منصب رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند في يونيو حزيران: «يمكن تقديم حجة لصالح 50 [نقطة أساس]، لكن الاتصالات حول ذلك معقدة وليس هناك سبب مقنع لقبول هذا التحدي».

وقال ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق الذي يعمل الآن في شركة بيمكو، إن التخفيضات التي تصل إلى نصف نقطة مئوية «لا تضمن بالضرورة أن تحظى بقبول جيد أو تغرس الثقة»، مضيفاً «قد تؤدي إلى إثارة الرأي القائل: واو، ما الذي يعرفونه ولا نعرفه؟».

كما أن أي خفض أعمق من المتوقع من شأنه أن يثير مخاطر ردود فعل سياسية سلبية، نظراً لأن المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب حذر بنك الاحتياطي الفيدرالي من أي خفض في سبتمبر أيلول، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.

وقال باول مؤخراً إن بنك الاحتياطي الفيدرالي «لن يستخدم أدواتنا أبداً لدعم أو معارضة حزب سياسي أو سياسي أو أي نتيجة سياسية».

وتشير أسواق العقود الآجلة إلى أن البنك المركزي سوف يخفض أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية بحلول نهاية العام، ما يشير إلى خفض بمقدار نصف نقطة مئوية في أحد الاجتماعات الثلاثة المتبقية.